المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌7 - عدم اشتراط النص على الإمام: - تعدد الخلفاء ووحدة الأمة فقها وتاريخا ومستقبلا

[محمد خلدون مالكي]

فهرس الكتاب

- ‌الإهداء

- ‌خطبة الكتاب

- ‌خطة البحث:

- ‌منهج البحث:

- ‌صعوبات البحث:

- ‌الدراسات السابقة:

- ‌الباب الأولتعاريف ومقدمات فقهية لا بد منها

- ‌الفصل الأولالتعاريف

- ‌المبحث الأول:‌‌ تعريف الخليفة لغةًوشرعاً

- ‌ تعريف الخليفة لغةً

- ‌تعريف الخليفة شرعاً:

- ‌هل يشترط فيمن يخلف شخصاً آخر أن يستخلَفه الأولُ حتى يطلق عليه اسم خليفة أو لا

- ‌المعنى العام لكلمة خليفة (ما نفهمه من كلمة خليفة):

- ‌المبحث الثاني:‌‌ تعريف الخلافة لغةوشرعاً

- ‌ تعريف الخلافة لغة

- ‌تعريف الخلافة شرعاً:

- ‌المبحث الثالث:‌‌ تعريف الإمام لغةوشرعاً

- ‌ تعريف الإمام لغة

- ‌تعريف الإمام شرعاً:

- ‌الفصل الثانيمقدمات فقهية لا بد منها

- ‌المبحث الأول: حكم إقامة الخلافة ودليله

- ‌1 - من قال بوجوب إقامتها:

- ‌من الذي يجب عليه إقامة الخلافة وما مصدر هذا الوجوب:

- ‌أدلة وجوب نصب الإمام:

- ‌2 - من قال بعدم وجوب إقامة الخلافة:

- ‌دليل من لم يقل بوجوب الخلافة:

- ‌دليل اللُّطف على وجوب الإمامة عند الشِّيعة:

- ‌ اللُّطف عند أهل السُّنَّة

- ‌دليل الشِّيعة على مسألة اللُّطف:

- ‌المبحث الثانيهل الخلافة من مباحث علم الكلام أو من فروع الفقه

- ‌1 - الاتجاه الأول: من اعتبر الإمامة من فروع الفقه:

- ‌2 - الاتجاه الثاني: من اعتبر الإمامة من مباحث علم الكلام:

- ‌3 - الاتجاه الثالث: من اعتبر الإمامة ومباحثها أمراً دنيوياً لا علاقة له بالدين:

- ‌المبحث الثالث: عمن تكون الخلافة

- ‌الرأي الأول: القائل إنَّ الخلافة عن الله تعالى

- ‌ الرأي الثاني: القائل بأنَّ الخلافة إنَّما هي خلافة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌ الرأي الثالث: القائل إن الخلافة هي عن الله ورسوله معاً:

- ‌ الرأي الرابع: القائل إنَّ الخلافة هي خلافة عن الأمة:

- ‌مناقشة هذا الرأي:

- ‌ الرأي الخامس: القائل إنَّ الخلافة هي خلافة عن الخليفة السَّابق

- ‌ الرأي السادس: فهو في الخلافة العامة لكل البشر

- ‌الباب الثانيتعدد الخلفاء من المنظور الفقهي

- ‌الفصل الأول: التمهيد

- ‌المبحث الأول: معنى الخلافة الكاملة والخلافة الناقصة

- ‌المبحث الثاني:دلالة حديث: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين»

- ‌المبحث الثالث: الأحداث التي اعتمد عليها الفقهاء في مسألة التعدد:

- ‌أولاً: ما قبل خلافة سيدنا علي رضي الله عنه

- ‌1 - طريقة انتخاب عثمان رضي الله عنه للخلافة:

- ‌2 - الأحداث في خلافة سيدنا عثمان رضي الله عنه

- ‌الانتقاد الأول:

- ‌الانتقاد الثاني:

- ‌ثانياً: الأحداث في خلافة سيدنا علي رضي الله عنه

- ‌تفاصيل الفتنة بين علي ومعاوية رضي الله عنهما:

- ‌أهداف سيدنا علي رضي الله عنه من حروبه في خلافته:

- ‌ثالثاً: الخلاف بين الحسن بن علي ومعاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهم

- ‌من بدأ بعرض الصلح:

- ‌شروط الصلح:

- ‌ما يستخلص من مجمل الأحداث في عهد الحسن بن علي رضي الله عنهما:

- ‌الفصل الثانيالشروط والواجبات ونظرية الضرورة

- ‌المبحث الأول: الشروط الواجب توفرها في الخليفة

- ‌ الشروط المتفق عليها

- ‌1 - الإسلام:

- ‌2 - العقل:

- ‌ الشروط المختلف فيها ولا قيمة للخلاف فيها

- ‌1 - الحرية:

- ‌2 - الذكورة:

- ‌3 - البلوغ:

- ‌4 - أن يكون سليم الحواس والأعضاء إلى درجة ما:

- ‌5 - عدم اشتراط أن يكون الإمام هاشمياً:

- ‌6 - عدم اشتراط العصمة:

- ‌7 - عدم اشتراط النصِّ على الإمام:

- ‌8 - عدم اشتراط أن يكون من نسل الحسن والحسين (علوياً):

- ‌9 - عدم اشتراط أن يكون صاحب كرامات:

- ‌10 - عدم اشتراط (الدعوة) أن يخرج داعياً إلى نفسه:

- ‌ الشروط المختلف فيها بناء على الدليل

- ‌1 - النسب القرشي:

- ‌أدلة من قال باشتراط القرشية:

- ‌أدلة من قال بعدم اشتراط القرشية:

- ‌2 - الاجتهاد:

- ‌3 - العدالة:

- ‌4 - أفضل أهل زمانه:

- ‌5 - الكفاءة:

- ‌6 - أن يكون مطاع الأمر نافذ الحكم في محل ولايته:

- ‌المبحث الثاني: واجبات الخليفة أو الأحكام المنوطة به

- ‌المبحث الثالث:نظريَّة الضرورة وبعض تطبيقاتها السياسية

- ‌تعريف الضرورة لغة واصطلاحاً:

- ‌مستند نظرية الضرورة من القرآن:

- ‌مستند النظرية من الحديث:

- ‌نظرية الضرورة في علم الأصول:

- ‌الضرورة في القواعد الفقهية:

- ‌المحرمات التي تبيحها الضرورة:

- ‌وللضرورة السياسية أمثلة منها:

- ‌من له حق تقدير الضرورة:

- ‌أحكام الضرورة:

- ‌الفصل الثالثحكم تعدد الخلفاء

- ‌المبحث الأول: من لم يجوز تعدد الخلفاء أو أجازه بشروط

- ‌أولاً: حكم تعدد الخلفاء بالنظر إلى المكان:

- ‌القسم الأول: حكم تعدد الخلفاء في البلد الواحد:

- ‌القسم الثاني: حكم تعدد الخلفاء في البلدان القريبة:

- ‌القسم الثالث: حكم تعدد الخلفاء في البلدان البعيدة:

- ‌ثانياً: حكم تعدد الخلفاء بالنظر إلى الزمان:

- ‌القسم الأول: حكم مبايعة خليفتين معاً بنفس الوقت:

- ‌القسم الثاني: حكم مبايعة خليفتين على التعاقب:

- ‌1 - الحالة الأولى: تعدد الخلفاء عند معرفة الخليفة الأول:

- ‌عقوبة من يطلب الخلافة مع وجود خليفة:

- ‌2 - الحالة الثانية: تعدد الخلفاء عند جهل تاريخ مبايعة كل منهما:

- ‌معيار الاختيار بين من يصلح للخلافة عند وجود أكثر من واحد:

- ‌المبحث الثاني: من أجاز تعدد الخلفاء مطلقاً

- ‌المبحث الثالث: الأدلة

- ‌أولاً: أدلة من لم يجوز التعدد:

- ‌ثانياً: أدلة من أجاز التعدد:

- ‌الترجيح:

- ‌الباب الثالثتعدد الخلفاء في التاريخ الإسلاميوالتكييف الفقهي لذلك

- ‌الفصل الأولالخلاف بين عبد الله بن الزبير رضي الله عنه والأمويين

- ‌1 - عبد الله بن الزبير ويزيد بن معاوية

- ‌تحليل الأحداث:

- ‌حكم خلافة يزيد بن معاوية:

- ‌2 - عبد الله بن الزبير ومروان بن الحكم

- ‌حكم خلافة مروان بن الحكم:

- ‌3 - عبد الله بن الزبير وعبد الملك بن مروان

- ‌المواجهة الأولى:

- ‌المواجهة الثانية:

- ‌المواجهة الثالثة والأخيرة مع ابن الزبير:

- ‌حكم خلافة عبد الملك بن مروان:

- ‌أسباب فشل ابن الزبير وعودة الخلافة للأمويين:

- ‌بعض من اعتزل الفتنة:

- ‌الفصل الثانيالخلافة العباسية والخلافة الفاطمية والخلافة الأموية في الأندلس

- ‌تمهيد:

- ‌المبحث الأول: الخلافة العباسية

- ‌نظرة عامة للخلافة العباسية:

- ‌سقوط الدولة الأموية وقيام الدولة العباسية:

- ‌سياسة العباسيين في قمع الأمويين واستئصال شأفتهم:

- ‌الفقهاء والخلافة العباسية:

- ‌سياسة العباسيين تجاه العلويين:

- ‌ثورة الحسين بن علي بالمدينة وموقعة فخ سنة 169 ه

- ‌المبحث الثانيالخلافة الفاطمية في المغرب ومصر

- ‌مدخل:

- ‌بدايات الدولة الفاطمية:

- ‌المقاومة السُّنية للنفوذ الفاطمي والمدِّ الشيعي في المغرب:

- ‌التوجه الشرقي للخلافة الفاطمية والتفكير في فتح مصر:

- ‌الفاطميون في طريقهم إلى فتح مصر:

- ‌الخليفة المعز لدين الله وتحقيق هدف الفاطميين في فتح مصر:

- ‌أسباب نجاح الفاطميين في فتح مصر:

- ‌السياسة المذهبية للفاطميين ومحاولة تحويل مصر إلى المذهب الإسماعيلي:

- ‌استجابة بعض المصريين للمذهب الإسماعيلي:

- ‌المقاومة السُّنية للمدِّ الشيعي في مصر:

- ‌أ- إظهار الشعائر السُّنية:

- ‌ب- الطعن في المذهب الإسماعيلي والتشكيك فيه:

- ‌ج- التصدي لغلو الإسماعيلية:

- ‌د - ازدهار الدراسات السُّنية:

- ‌المواجهة والصراع بين الخلافتين العباسية والفاطمية:

- ‌موقف العباسيين من الأطماع الفاطمية:

- ‌اضمحلال الخلافة الفاطمية وسقوطها:

- ‌موقف المصريين من سقوط الخلافة الفاطمية:

- ‌المبحث الثالثالخلافة الأموية في الأندلس

- ‌تمهيد:

- ‌أولاً - الأندلس من قبيل الفتح حتى نهاية عصر الولاة:

- ‌ثانياً - الأندلس في عصر الإمارة الأموية:

- ‌محاولات العباسيين استرداد الأندلس من أمراء بني أمية:

- ‌1 - المحاولة الأولى: ثورة العلاء بن المغيث على عبد الرحمن الداخل سنة 147هـ/764 م:

- ‌2 - المحاولة الثانية: مؤامرة مشتركة من أربعة أطراف بالاتفاق مع المهدي سنة 161 هـ/778 م:

- ‌دور العلماء في الأندلس في التمهيد لإعلان الخلافة:

- ‌ثالثاً - الأندلس في عصر الخلافة الأموية:

- ‌مستند فقهي لشرعية إعلان الخلافة في الأندلس:

- ‌دور العلماء في بقاء الخلافة الأموية في الأندلس:

- ‌علاقة الأمويين في الأندلس بالفاطميين:

- ‌1 - ثورة معلم الصبيان (شقنا) في عهد الداخل:

- ‌2 - ثورة الحسين بن يحيى والي سرقسطة:

- ‌محاولة أخرى:

- ‌رد فعل الأمويين في الأندلس على الدعوة الفاطمية:

- ‌الصراع المباشر بين الأمويين والفاطميين في المغرب:

- ‌ما نستنتجه من هذا الفصل:

- ‌الباب الرابع: التعدد والوحدة في المستقبل

- ‌تمهيد:

- ‌الفصل الأول: منظمة المؤتمر الإسلامي

- ‌ تعريف منظمة المؤتمر الإسلامي:

- ‌مراحل إنشاء منظمة المؤتمر الإسلامي:

- ‌جذور منظمة المؤتمر الإسلامي:

- ‌ميثاق منظمة المؤتمر الإسلامي:

- ‌هيئات منظمة المؤتمر الإسلامي:

- ‌الأمانة العامة

- ‌ مؤتمر الملوك والرؤساء:

- ‌ الأجهزة المتفرعة عن منظمة المؤتمر الإسلامي:

- ‌ مركز البحوث الإحصائية والاقتصادية والاجتماعية والتدريب:

- ‌ مركز البحوث والتاريخ والفنون والثقافة الإسلامية:

- ‌ الجامعة الإسلامية للتكنولوجيا:

- ‌ المركز الإسلامي لتنمية التجارة:

- ‌ مجمع الفقه الإسلامي:

- ‌ صندوق التضامن الإسلامي

- ‌ الجامعة الإسلامية في النيجر

- ‌قضية العضوية في منظمة المؤتمر الإسلامي:

- ‌منظمة المؤتمر الإسلامي والتجارة البينية:

- ‌مظاهر اهتمام منظمة المؤتمر الإسلامي بالتجارة:

- ‌من إنجازات المنظمة:

- ‌ محكمة العدل الإسلامية

- ‌تشكيل المحكمة:

- ‌اختصاص المحكمة:

- ‌النقد الذي وجه لمحكمة العدل الإسلامية:

- ‌ مشكلات الأقليات المسلمة:

- ‌ المنظمة ومسلمو بلغاريا:

- ‌ المنظمة ومسلمو تراقيا:

- ‌ مشكلة مسلمي الفلبين:

- ‌مقر منظمة المؤتمر الإسلامي:

- ‌تقييم عام لمنظمة المؤتمر الإسلامي:

- ‌أولاً: المجال السياسي:

- ‌ثانياً: مجال حماية الأقليات:

- ‌ثالثاً: الفرق بين منظمة المؤتمر الإسلامي ومؤسسة الخلافة

- ‌الفصل الثاني: جامعة الدول العربية

- ‌ظهور فكرة الجامعة العربية:

- ‌المشاورات التمهيدية لجامعة الدول العربية:

- ‌الأساس غير الوحدوي لبروتوكول وميثاق جامعة الدول العربية:

- ‌أجهزة جامعة الدول العربية:

- ‌1 - مجلس الجامعة:

- ‌2 - أمانة الجامعة:

- ‌3 - المنظمات العربية المتخصصة:

- ‌نماذج من أنشطة الجامعة العربية:

- ‌1 - اتفاقية الدفاع العربي المشترك:

- ‌الأجهزة المتعلقة بالأمن العربي:

- ‌التقييم:

- ‌2 - المجلس الاقتصادي:

- ‌3 - السوق العربية المشتركة:

- ‌تقييم عام لجامعة الدول العربية:

- ‌ الأسباب المتعلقة بالميثاق:

- ‌ أسباب تتعلق بالدول العربية:

- ‌ المتغيرات العالمية:

- ‌الفصل الثالث: رابطة العالم الإسلامي

- ‌مقدمة:

- ‌تعريف رابطة العالم الإسلامي:

- ‌تأسيس رابطة العالم الإسلامي:

- ‌ميثاق رابطة العالم الإسلامي:

- ‌الهيكل التنظيمي لرابطة العالم الإسلامي:

- ‌1 - المؤتمر الإسلامي العام:

- ‌2 - المجلس التأسيسي:

- ‌3 - الأمانة العامة:

- ‌هيئات الرابطة:

- ‌1 - المجمع الفقهي الإسلامي:

- ‌2 - الهيئة الإسلامية العالمية للاقتصاد والتمويل:

- ‌الأهداف:

- ‌ بعض إنجازات رابطة العالم الإسلامي في المجال الاقتصادي:

- ‌1 - المشاركة في المؤتمرات الاقتصادية الدولية:

- ‌2 - الدعوة لتطبيق قواعد الاقتصاد الإسلامي:

- ‌3 - العلاقة مع المؤسسات الاقتصادية والإسلامية:

- ‌4 - الإسهام في الاقتصاد عن طريق المجمع الفقهي:

- ‌5 - محاولة إنشاء السوق الإسلامية المشتركة:

- ‌6 - التأكيد على المشروعات المشتركة:

- ‌7 - دعم برامج التنمية الريفية والاجتماعية والاقتصادية:

- ‌تقييم عام لرابطة العالم الإسلامي:

- ‌سبل تحقيق الوحدة (الواقع والتوصيات):

- ‌1 - واقع الوحدة:

- ‌ واقع الوحدة الاجتماعية:

- ‌ واقع الوحدة الاقتصادية:

- ‌ واقع الوحدة السياسية:

- ‌ واقع الوحدة العسكرية:

- ‌2 - التوصيات:

- ‌1 - من الناحية الاقتصادية:

- ‌2 - من الناحية الاجتماعية:

- ‌3 - من الناحية السياسية:

- ‌4 - من الناحية العسكرية:

- ‌خاتمة

- ‌ملحق رقم (1)قائمة بأسماء أمراء الأندلس وخلفائها مع سنوات حكم كل منهمفي عهدَي الإمارة والخلافة

- ‌ملحق رقم (2)نص الوثيقة التي أعلن الناصر نفسه خليفة فيها سنة 316 ه

- ‌وثائق هامة

- ‌وثيقة أخرى

- ‌فهرس المصادر والمراجع

الفصل: ‌7 - عدم اشتراط النص على الإمام:

بالرجوع إلى المجرَّد من الخطأ وهو المعصوم، فلو جاز الخطأ على الإمام لاحتيج إلى إمام آخر، فإن كان معصوماً وإلا لزم التسلسل، وأما الدور فلحاجة الإمام إذا لم يكن معصوماً للرعية لترده إلى الصواب مع حاجة الرعية إلى الاقتداء به (1). كما ربطوا اللُّطف بالعصمة فقالوا لأن الإمام إذا لم يكن معصوماً لم يحصل به المقصود من اللُّطف (2).

وأول من ابتدع القول بالعصمة هو عبد الله بن سبأ اليهودي (3) الذي أظهر الإسلام وأراد فساد دين الإسلام، كما أفسد بولص دين النصارى، وقد أراد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه قتْلَه لما بلَغَهُ أنَّه يسبُّ أبا بكر وعمر رضي الله عنهما حتى هرب منه (4).

ولا حاجة بالنبوة لأي امتداد لها، فقد كَمُلت الشريعة بنزول قوله عز وجل:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} المائدة/آية 3. وقد ردَّ أهل السُّنَّة على اشتراط هذا الشرط بردود عديدة (5).

وكل من قال بالاختيار لم يَقُل بالعصمة لأنَّ الاختيار يكون من أناسٍ غيرِ معيَّنين، ولا يمكن أن يكونوا جميعاً معصومين، لذا ارتبط القول بالعصمة مع القول بالنصِّ على إمامٍ بعينه (6).

‌7 - عدم اشتراط النصِّ على الإمام:

اختلفت المذاهب حول مسألة النصِّ على الإمام إلى اتجاهين رئيسين (7)؛ اتجاهٌ قال بأنَّ تحديد الإمام يكون بالاختيار أو بالتغلب أو بالنصِّ، وهو رأي جمهور أهل

(1) الشافي في الإمامة للشريف المرتضى: 1/ 36 الحاشية (2) للمحقق. عقائد الإمامية لمظفر: ص 54. النكت الاعتقادية للشيخ المفيد: ص 40. الأربعين للرازي: 2/ 263 - 267.

(2)

طوالع الأنوار للبيضاوي: ص 237. سبق الحديث عن دليل اللُّطف على وجوب الإمامة عندهم. انظر ص 44 وما بعدها من هذه الأطروحة.

(3)

انظر ترجمة عبد الله بن سبأ في فهرس التراجم: رقم (84).

(4)

مجموع فتاوى ابن تيمية: 4/ 407 مسألة المفاضلة بين أبي بكر وعمر وعلي.

(5)

انظر مصادر الحاشية (6) ص (127).

(6)

كشف المراد للحلي: ص 343. الألفين للحلي: ص 50.

(7)

ذكرهما الأشعري ولم يبين أصحاب كل اتجاه. انظر: مقالات الإسلاميين: ص 459. وسيأتي بيانهما.

ص: 130

السُّنَّة ومن معهم (1)، واتجاهٌ قال إن تحديد الإمام لا يكون إلا بالنصِّ ولكن اختلفوا إلى فرقتين: العباسية أو الراوندية (2)، والإمامية (3).

وأما البكرية (4) ومن معهم - كابن حزم (5) - فيمكن تصنيفهم مع القائلين بالاختيار لأنهم قالوا بالنصِّ على أبي بكر رضي الله عنه فقط وليس لهم قولٌ فيمن بعده.

وبانقراض البكرية والعباسية - أو الراوندية - انحصر الخلاف بين جماهير أهل السُّنَّة وبين الشِّيعة الإماميَّة واستمر إلى اليوم، وهو يعتبر حداً فاصلاً بين الطرفين، فمن قال إن الإمامة تثبت بالاتفاق والاختيار قال بإمامة كلِّ من اتفقت عليه الأمَّة، وخاصَّة الخلفاء الراشدين الثلاثة الأُول، وقال بإمامة معاوية رضي الله عنه وأولاده، وبعدهم بخلافة مروان بن الحكم وأولاده، ومن قال: إنَّ الإمامة لا تكون إلا بالنصِّ وهي في علي رضي الله عنه، وألغوا الشورى من أصلها، فَهُمْ من المشكِّكِين بخلافة أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم، المناهضين لحكم بني أمية الدَّاعين للثورة عليهم (6).

فمحصِّلة الأقوال في المسألة أربعة:

(1) قال الإمام الرازي: «اتفقت الأمة على أنه لا مقتضى لثبوت الإمامة إلا أحد أمور ثلاثة: النصُّ والاختيار والدعوة (أي التغلب) ولا نزاع لأحد في أن النص طريق إلى إمامة المنصوص عليه (وهو ما سماه أهل السنة والجماعة بالاستخلاف، كما نصّ أبو بكر رضي الله عنه على عمر رضي الله عنه) وأما الطريقان الآخران فنفاهما الإمامية، واتفق أصحابنا والمعتزلة والخوارج والصالحية من الزيدية على أن الاختيار طريق إليها أيضاً، وذهب سائر الزيدية إلى أن الدعوة أيضاً طريق إليها» . معالم أصول الدين للرازي: ص 136. الأربعين للرازي: 2/ 268، 269.

(2)

أضاف العباسية الميراث إلى النص كما في كشف المراد للحلي: ص 392. والبحر الزَّخَّار لابن المرتضى: 5/ 379. والحور العين لنشوان الحميري: ص 153. والشافي في الإمامة للشريف المرتضى: 1/ 7.

(3)

انظر ترجمة الإمامية في فهرس الفرق: رقم (4). وسيأتي بيان قولهم بعد قليل.

(4)

انظر ترجمة البكرية في فهرس الفرق: رقم (6). وسيأتي بيان قولهم بعد قليل.

(5)

الفصل في الملل لابن حزم: 4/ 88، 120، 127. المسايرة ومعه المسامرة رسالة دبلوم لحسن عبيد: ص 304. شرح النووي على مسلم: 12/ 206. الشافي في الإمامة للشريف المرتضى: 1/ 7. وقد ذكر الشريف البكريةَ كفرقة ثالثة، ولكني رأيت أن القائلين بالنص فرقتان فقط لما سبق بيانه أعلاه.

(6)

الملل والنحل للشهرستاني: 1/ 28 وما بعدها. وقد اختلف الشيعة بعد الإمام علي رضي الله عنه اختلافاً كبيراً فمنهم من قال بالنصِّ على الحسن والحسين ثم اختلفوا، ومنهم من قال: إنَّ الإمام علياً نصَّ على ابنه محمَّد بن الحنفيَّة وهم الكيسانيَّة، ثمَّ اختلفوا بعده، وهم متفقون في سوق الإمامة إلى جعفر بن محمد الصادق ويختلفون بعده. أصول الدين للبغدادي: ص 285. فرق الشيعة للنوبختي: ص 23 - 112.

ص: 131

1) ذهب إلى القول: إن التعيين للإمام لا يثبت بالنصِّ فقط بل بالاختيار والتغلب أيضاً جمهورُ أهل السُّنَّة (1)، والسليمانيَّة (أو الجريرية)(2)، والصالحية (أو البترية)(3) من الزيدية (4)، وسائر الزيدية بعد الأئمة الثلاثة علي وابنيه رضي الله عنهم ولكنَّهم يحصرونها في أولاد فاطمة (5) -

(1) المواقف للإيجي: 3/ 589. شرح المواقف للجرجاني: 8/ 351، 353 - 354. مقالات الإسلاميين للأشعري: ص 459. أصول الدين للبغدادي: ص 279، 285. التمهيد في الرد على الملحدة للباقلاني: ص 164 - 165، 178. تمهيد الأوائل للباقلاني: ص 442. نهاية الإقدام للشهرستاني: 480 - 481. الملل والنحل للشهرستاني: 1/ 102. الفصل في الملل لابن حزم: 4/ 130 - 131. الخلافة والإمامة للخطيب: ص 243. الإمامة للآمدي: ص 87، 88 - 89. الصواعق المحرقة للهيتمي: 1/ 26. شرح المقاصد للتفتازاني: 5/ 233. مآثر الإنافة للقلقشندي: 1/ 39 وما بعدها. الاقتصاد في الاعتقاد للغزالي: ص 279. طوالع الأنوار للبيضاوي: ص 238. شرح منح الجليل لعليش: 9/ 196. مقدمة ابن خلدون: ص 210. حاشية الدسوقي: 4/ 298. تفسير القرطبي: 1/ 269. الأحكام السلطانية للماوردي: ص 5، ولم يْشر إلى التغلب. منهاج الطالبين للنووي: 3/ 196. روضة الطالبين للنووي: 10/ 43 - 46 كتاب الإمامة وقتال البغاة. الإنصاف للمرداوي: 10/ 310 كتاب الديات، باب قتال أهل البغي. كشاف القناع للبهوتي: 6/ 159. الأحكام السلطانية للفرَّاء: ص 23. شرح منتهى الإرادات للبهوتي: 6/ 274. المبدع لابن مفلح: 10/ 10 - 11. منهاج السنة النبوية لابن تيمية: 1/ 329. الألفين للحلي: ص 45. البحر الزَّخَّار لابن المرتضى: 5/ 376. السيل الجرَّار للشوكاني: 3/ 706. وانظر على الإنترنت: الخلافة والملك لعبد السلام ياسين. معالم الخلافة للدكتور الخالدي: ص 124. الموسوعة الفقهية: 6/ 220 - 222.

(2)

انظر ترجمة السليمانية (أو الجريرية) في فهرس الفرق: رقم (13).

(3)

انظر ترجمة الصالحية (أو البترية) في فهرس الفرق: رقم (15).

(4)

المواقف للإيجي: 3/ 677. شرح المواقف للجرجاني: 8/ 351، 392. الفَرْق بين الفِرَق للبغدادي: ص 23. الملل والنحل للشهرستاني: 1/ 159. محصل أفكار المتقدمين للرازي: ص 360. الإمامة من كتاب المغني للقاضي عبد الجبار: ص 423. الألفين للحلي: ص 45.

(5)

البحر الزَّخَّار لابن المرتضى: 5/ 375، 376. قواعد العقائد للطوسي: ص 121. المواقف للإيجي: 3/ 677 وقد عزا إلى الجارودية فقط وليس إلى سائر الزيدية. أصول الدين للبغدادي: ص 280. شرح المواقف للجرجاني: 8/ 353. الملل والنحل للشهرستاني: 1/ 154 - 155. مقدمة ابن خلدون: ص 197 - 198، 200 حيث قالوا: «إن التعيين للإمام علي رضي الله عنه كان بالوصف لا بالشخص» وحاصل هذا الكلام أنه لا تعيين. التمهيد في الرد للباقلاني: ص 165. المعتمد في أصول الدين للفرَّاء: ص 223 حيث ذكر القول دون أن ينسبه للزيدية. غاية المرام للآمدي: ص 377. أوائل المقالات للشيخ المفيد: ص 35، 37، 40. كشف المراد للحلي: ص 392. الفصل في الملل لابن حزم: 4/ 76. شرح المقاصد للتفتازاني: 5/ 254. الألفين للحلي: ص 45. الفكر السياسي عند الماوردي لبسيوني: ص 120. شرح الأصول الخمسة للقاضي عبد الجبار: ص 761. المنية والأمل لابن المرتضى: ص 96.

ص: 132

والمعتزلة (1) ومن قال بوجوب الإمامة من الخوارج كالمُحَكِّمة (2).

2) وذهب إلى القول بالنصِّ على الإمام - دون الاختيار- وأنَّ المنصوص عليه هو الإمام علي رضي الله عنه الإماميةُ (3) وقالوا: إن النص مستمر بعده إلى الإمام الثاني

(1) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: مج 1/ 11. الإمامة من كتاب المغني للقاضي عبد الجبار: ص 43 وذكر أنهم - أي المعتزلة - يثبتون النَّص على الصِّفة دون العين، والقول بالنَّص على الصِّفة هو قولٌ بعدم النَّص والتعيين. شرح الأصول الخمسة للقاضي عبد الجبار: ص 753. الحور العين لنشوان الحميري: ص 150. الأساس لعقائد الأكياس للقاسم بن محمد: ص 174. شرح المواقف للجرجاني: 8/ 351، 354. التمهيد في الرد على الملحدة للباقلاني: ص 165 ونسب هذا القول إلى معتزلة البغدادين. أصول الدين للبغدادي: ص 279. المعتمد في أصول الدين للفرَّاء: ص 223. غاية المرام للآمدي: ص 377. شرح العقيدة الطحاوية: 2/ 699. الصواعق المحرقة للهيتمي: 1/ 69. الملل والنحل للشهرستاني: 1/ 84. أوائل المقالات للشيخ المفيد: ص 37، 40. البحر الزَّخَّار لابن المرتضى: 5/ 376. نصرة مذاهب الزيدية لابن عباد: ص 147. الألفين للحلي: ص 45. الفكر السياسي عند الماوردي لبسيوني: ص 114. تطور الفكر السياسي لِيوجَه سوي: ص 129.

(2)

أوائل المقالات للشيخ المفيد: ص 37، 40. المسايرة ومعه المسامرة رسالة دبلوم لحسن عبيد: ص 303. أصول الدين للبغدادي: ص 279. الصواعق المحرقة للهيتمي: 1/ 69. الألفين للحلي: ص 45. الملل والنحل للشهرستاني: 1/ 116.

(3)

الألفين للحلي: ص 43 - 44. المسلك للحلي: ص 214. كشف المراد للحلي: ص 392 - 393. تذكرة الفقهاء للحلي: 1/ 453. أوائل المقالات للشيخ المفيد: ص 37، 38، 40. عقائد الإمامية لمظفر: ص 66، 74. رسائل المرتضى: 2/ 264. الشافي في الإمامة للشريف المرتضى: 1/ 7. وقد أنكر الشريف المرتضى من الإمامية في كتابه الشافي: 2/ 86 أنكر النصَ الجلي وقال: «لأنا لا نذهب إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم نص على أمير المؤمنين عليه السلام النص الذي نسميه الجلي، الذي علم حاضروه مراده منه باضطرار بحضرة جميع الأمة، بل نذهب إلى أنه وقع بمشهد ممن تقوم الحجة بنقله» . وانظر ما قاله الرازي عن الشريف المرتضى في محصل أفكار المتقدمين للرازي: ص 363. الفصول المهمة للحر العاملي: ص 384 - 386 باب (90) أنه لا يجوز للرعية اختيار إمام بل لا بد فيه من النص من الإمام السابق أو الاعجاز رقم (515). الكافي للكليني: 1/ 198 - 201، كتاب الحجة، باب نادر جامع في فضل الإمام وصفاته، الحديث رقم (1) و: 1/ 203 حديث رقم (2). علل الشرائع للقمي: 1/ 166 باب العلة التي من أجلها أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى علي رضي الله عنه دون غيره رقم (131). وانظر: الحور العين لنشوان الحميري: ص 157. البحر الزَّخَّار لابن المرتضى: 5/ 375. المنية والأمل لابن المرتضى: ص 89، 102. الغنية في أصول الدين لعبد الرحمن المتولي النيسابوري: ص 180. غاية المرام للآمدي: ص 374. الإمامة للآمدي: ص 87. غياث الأمم للجويني: ص 30. الإرشاد للجويني: ص 419. أصول الدين للبغدادي: ص 279. الفَرْق بين الفِرَق للبغدادي: ص 340. الإمامة من كتاب المغني للقاضي عبد الجبار: ص 417. شرح الأصول الخمسة للقاضي عبد الجبار: ص 761. المسايرة ومعه المسامرة رسالة دبلوم لحسن عبيد: ص 304. طوالع الأنوار للبيضاوي: ص 238. مقالات الإسلاميين للأشعري: ص 16 - 17، 459. المواقف للإيجي: 3/ 589، 678. شرح المواقف للجرجاني: 8/ 351، 358. الملل والنحل للشهرستاني: 1/ 28، 146، 162. الفصل في الملل لابن حزم: 4/ 76. = = المعتمد في أصول الدين للفرَّاء: ص 223. منهاج السنة النبوية لابن تيمية: 3/ 9 ناقلاً قول الحلي. تفسير القرطبي: 1/ 265. تطور الفكر السياسي لِيوجَه سوي: ص 143. مقدمة ابن خلدون: ص 196. نصرة مذاهب الزيدية لابن عباد: ص 147. التنبيه للملطي: ص 25.

ص: 133

عشر، والإسماعيليَّةُ (1) وقال بعضهم: انقطع النص عند الإمام السابع، بينما استمر لدى بعضهم الآخر، والنظَّام من المعتزلة (2)، وقالوا: بتواتر النصَّ على خلافة علي رضي الله عنه (3) وأن هذا فرض من الدين وأنَّ أكثر الصحابة ارتدُّوا!!، وأن أبا بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم ضُلالٌ فاسقون وفي النار مخلدون (4). ولكن تختلف الإسماعيليَّة عن الإماميَّة - الذين تنتقل الإمامة عندهم من الإمام والقائم بالأمر إلى مَن بعده باللفظ والإشهاد - بأنها تنتقل عندهم من الآباء إلى الأبناء فالقول بأنَّ الإمامة عندهم بالوراثة، أولى من القول بالتنصيص (5).

وقد تخطَّت الإمامية القولَ بالنصِّ على الإمام علي رضي الله عنه إلى الوقيعة في كبار الصحابة تفسيقاً وتكفيراً، رغم شهادة القرآن لهم بالعدالة، والآيات التي شهدت لهم

(1) إثبات الإمامة للنيسابوري: ص 72. المصابيح في إثبات الإمامة للكرماني: ص 77، 80. تاج العقائد لعلي بن محمد: ص 65، 76. بحوث في الملل والنحل للسبحاني: 8/ 3. وانظر: الإمامة للآمدي: ص 87. أصول الدين للبغدادي: ص 275. الفرق بين الفرق للبغدادي: ص 22 - 23. مقالات الإسلاميين للأشعري: ص 459. الملل والنحل للشهرستاني: 1/ 28 - 29، 146 - 147، 162. مقدمة ابن خلدون: ص 196. تطور الفكر السياسي لِيوجَه سوي: ص 143.

(2)

الملل والنحل للشهرستاني: 1/ 57. وأنكر الزبيدي محققُ كتابِ الإمامة للآمدي في مقدمة هذا الكتاب: ص 12، أنكر على الشهرستاني قولَه إن النظَّام يقول بالنص، واستدل على خطئه بالعزو إلى الحور العين لنشوان الحميري: ص 152. وإلى المقالات والفرق للقمي: ص 9، وقد سبقت الإشارة إلى هذا الإنكار عند الحديث عن شرط العصمة في هذه الأطروحة: ص (128) آخر الحاشية (8). وانظر ترجمة النظَّام في فهرس التراجم رقم (118).

(4)

يذكر الشيخ المفيد في أوائل المقالات: ص 41 - 42 أنهم في النار مخلدون، ثم يذكر في: ص 46 من كتابه هذا أنه «اتفقت الإمامية على أن الوعيد بالخلود في النار متوجه إلى الكفار خاصة دون مرتكبي الذنوب» وحاصل القولين تكفيره لأبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم لاستئثارهم بالخلافة دون علي رضي الله عنه. كشف المراد للحلي: ص 423. مقالات الإسلاميين للأشعري: ص 57. ولا يُكفِّر أهلُ السُنَّة من سبَّ الشيخين، حاشية ابن عابدين: 4/ 263. شرح النووي على مسلم: 15/ 174. وانظر بعض أدلة الإمامية على التنصيص في الإمامة للآمدي: ص 94 وما بعدها. وانظر قول الباقلاني في رده على الشيعة القائلين بتضليل الصحابة وأنه إبطال للإسلام رأساً، انظر: الصواعق المحرقة للهيتمي: 1/ 114.

(5)

انظر بحوث في الملل والنحل للسبحاني: 8/ 3. ونسب البغدادي إلى أكثر الإمامية القول بأن الإمامة موروثة، ولم أجد من قال بهذا غيره، انظر: أصول الدين للبغدادي: ص 285.

ص: 134

بالعدالة أكثر من أن تحصى، كقوله تعالى:{وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (100)} التوبة/100. (1)

أما الجارودية من الزيدية فقد اختلفت الرواية عنهم فمنهم من قال: إنهم قالوا بالنصِّ الخفيِّ في الأئمة الثلاثة علي وابنيه رضي الله عنهم فقط، وأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم نصَّ على علي رضي الله عنه بالوصف دون التسمية، وهو الإمام بعده، والناس كفروا بمخالفته وترْكِهم الاقتداءَ بعلي رضي الله عنه بعد النبي صلى الله عليه وسلم!! وقد خالفوا بهذا رأي إمامهم زيد بن علي فإنه لم يعتقد هذا الإعتقاد (2)، ومنهم من قال: إن الجارودية ترددوا بين القول بالنص المتواتر الجلي أو الخفي (3)، وأما بعد علي رضي الله عنه وابنيه فقالوا: الإمامة شورى في أولاد الحسن والحسين (4)، أما السليمانية والصالحية فقائلون بالشورى في الجميع كما مرَّ (5).

3) وقالت البكرية أتباع بكر بن أخت عبد الواحد (6): إن النبي صلى الله عليه وسلم نصَّ على أبي بكر إشارةً وهذا رأي جماعة من الحنابلة - ومنهم ابن تيمية (7)، ورواية عن

(1) الملل والنحل للشهرستاني: 1/ 164. اعتقادات فرق المسلمين والمشركين للرازي: ص 56. شرح النووي على مسلم: 15/ 174 حيث نقل عنهم قولهم بتخطئة الصحابة لا تكفيرهم. أوائل المقالات للمفيد: ص 41.

(2)

شرح كتاب النيل لأطفيش: مجلد 17/ج2 ص 127. المنية والأمل لابن المرتضى: ص 97. البحر الزَّخَّار لابن المرتضى: 5/ 375. الملل والنحل للشهرستاني: 1/ 157 - 158. الفصل في الملل لابن حزم: 4/ 77 - 78. نصرة مذاهب الزيدية لابن عباد: ص 52. غياث الأمم للجويني: ص 30. محصل أفكار المتقدمين للرازي: ص 360. الفَرْق بين الفِرَق للبغدادي: ص 22. أصول الدين للبغدادي: ص 279، 285. الرد للمقدسي: ص 72. الإمامة من كتاب المغني للقاضي عبد الجبار: ص 417. الحور العين لنشوان الحميري: ص 153. أوائل المقالات للشيخ المفيد: ص 41. المسلك للحلي: ص 214. فرق الشيعة للنوبختي: ص 21. وانظر ترجمة الجارودية في فهرس الفرق والمذاهب: رقم (7).

(3)

انظر: البحر الزَّخَّار لابن المرتضى الزيدي: 5/ 375. المنية والأمل لابن المرتضى: ص 98.

(4)

شرح المواقف للجرجاني: 8/ 353. البحر الزَّخَّار لابن المرتضى الزيدي: 5/ 376. الفَرْق بين الفِرَق للبغدادي: ص 22. المقالات والفرق للقمي: ص 18.

(5)

في الحاشية (4) من ص (132) في هذه الأطروحة.

(6)

وإليه تنسب البكرية. مقالات الإسلاميين للأشعري: ص 286. الفرق بين الفرق للبغدادي: ص 200. تفسير القرطبي: 1/ 268. منهاج السنة النبوية لابن تيمية: 1/ 304 وانظر ترجمة بكر بن أخت عبد الواحد في فهرس التراجم رقم (39).

(7)

منهاج السنة النبوية لابن تيمية: 1/ 236. غياث الأمم للجويني: ص 32. تفسير القرطبي: 1/ 268.

ص: 135

الإمام أحمد، وأبو عبد الله بن حامد شيخ الفرَّاء، وبعض أصحاب الحديث (1)، وقد صرَّح الحسن البصري (2) بهذا عندما أرسل عمر بن عبد العزيز إليه ليسأله إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم استخلف أبا بكر رضي الله عنه، فاستوى جالساً وقال: إي والذي لا إله إلا هو استخلفه، وهو كان أعلم بالله تعالى، وأتقى لله تعالى من أن يتوثب عليهم لو لم يأمره (3)، وهو رأي المحب الطبري (4)، والكرَّامية (5) وبعض الخوارج (6) والظاهرية (7) والهيتمي (8).

4) وقالت الراونديَّة أو العباسية (9)، والزيدية - أتباع القاسم بن زيد - (10) بالنصِّ على العبَّاس، إما نصاً جلياً كما قال جماعة منهم بأن النبي صلى الله عليه وسلم نصّ على العباس بعينه واسمه، وأعلن ذلك وكشفه وصرَّح به، وأنَّ الأمة جحدت هذا النصَّ، وارتدَّت وخالفت أمر النبي صلى الله عليه وسلم عناداً!!. وإما نصاً خفياً كما قال جماعة منهم: إنَّ النصَّ على العبَّاس وولده من بعده إلى أن تقوم الساعة، يعني هو نصٌّ خفي.

وقد نشأت هذه الطائفة في صدر الدولة العباسية، وناصرهم الجاحظ في

(1) المعتمد في أصول الدين للفرَّاء: ص 223. منهاج السنة النبوية لابن تيمية: 1/ 304. تفسير القرطبي: 1/ 268.

(2)

المعتمد في أصول الدين للفرَّاء: ص 223. شرح العقيدة الطحاوية: 2/ 698. تفسير القرطبي: 1/ 268. منهاج السنة النبوية لابن تيمية: 1/ 304. شرح الأصول الخمسة للقاضي عبد الجبار: ص 761.

(3)

انظر حاشية الفناري على شرح المواقف للجرجاني: 8/ 354. التمهيد في الرد على الملحدة للباقلاني: ص 169. شرح العقيدة الطحاوية: 2/ 707.

(4)

كما جاء في معالم الخلافة للدكتور الخالدي: ص 133.

(5)

كما قال في شرح الأصول الخمسة للقاضي عبد الجبار: ص 761. ولكن قال الشهرستاني عنهم إنهم يقولون إن الإمامة تثبت بإجماع الأمة دون النص والتعيين، انظر الملل والنحل للشهرستاني: 1/ 113. انظر ترجمة الكرامية في فهرس الفرق: رقم (21).

(6)

تفسير القرطبي: 1/ 263. منهاج السنة النبوية لابن تيمية: 1/ 304.

(7)

الإحكام في أصول الأحكام لابن حزم: 7/ 423 وما بعدها، باب في إبطال القياس في أحكام. الفصل في الملل لابن حزم: 4/ 88. ورفض قياس استخلاف أبي بكر على الناس باستخلافه على الصلاة خاصة، بناء على مذهبه في رفض القياس عامة.

(8)

الصواعق المحرقة للهيتمي: 1/ 69.

(9)

غياث الأمم للجويني: ص 32. منهاج السنة النبوية لابن تيمية: 1/ 312. المعتمد في أصول الدين للفرَّاء: ص 223. أصول الدين للبغدادي: ص 279. الشافي في الإمامة للشريف المرتضى: 1/ 7. شرح الأصول الخمسة للقاضي عبد الجبار: ص 754.

(10)

انظر حاشية الفناري على شرح المواقف للجرجاني: 8/ 354.

ص: 136

رسالة سماها (العباسية) ثم انقرضت هذه الطائفة في زمن يسير.

الأدلة في مسألة النص على الخليفة:

استدل النافون للنص بأدلة كثيرة منها:

أ- ما يقوله الأشعري (1) والباقلاني وغيرهما بأن «النصَّ على الإمام لو كان واجباً على الرسول صلى الله عليه وسلم لبيَّنه على وجه تعلمه الأمة علماً ظاهراً لا يختلفون فيه، ولو وُجد النص لنقلته الأمة بالتواتر، وما روي في هذا إنَّما هو أخبار آحاد من جهة الروافض وليست لهم معرفة بشروط الأخبار ولا رواتهم ثقات، وبإزائها أخبار أشهر منها في النصِّ على غير من يَدَّعون النصَّ عليه وكلٌّ منها غيرُ موجب للعِلم» (2).

ب- ما رواه البخاري أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه خرج من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجعه الذي توفي فيه، فقال الناس:«يا أبا حسن كيف أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: أصبح بحمد الله بارئاً. فأخذ بيده عباس بن عبد المطلب فقال له: أنت والله بعد ثلاثٍ عبدُ العصا، وإني والله لأرى رسول الله صلى الله عليه وسلم سوف يتوفى من وجعه هذا، إني لأعرف وجوه بني عبد المطلب عند الموت، اذهب بنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فَلْنسْأَلْهُ فيمن هذا الأمر، إن كان فينا علمنا ذلك، وإن كان في غيرنا علمناه فأوصى بنا. فقال: علي رضي الله عنه إنا والله لئن سألناها رسول الله صلى الله عليه وسلم فمنعناها لا يعطيناها الناس بعده وإني والله لا أسألها رسول الله صلى الله عليه وسلم» (3).

ت- ما جرى من أحداث يوم السقيفة يدل بشكل قاطع على أنه لا نصَّ في الخلافة لأحدٍ من الصحابة وإلا لكان حَسَم الخلافَ بينهم.

(1) انظر ترجمة الأشعري في فهرس الأعلام رقم (5).

(2)

التمهيد في الرد على الملحدة للباقلاني: ص 165. تبيين كذب المفتري لابن عساكر: ص 129. أصول الدين للبغدادي: ص 280. مقدمة ابن خلدون: ص 197. وانظر الفكر السياسي عند الماوردي لبسيوني: ص 113. الخلافة والإمامة للخطيب: 243. هذا ويشترط الشيعة التواتر في العلم بأن الإمام هو فلان، أو النص عليه مع المعجز منه، ولا يشترط التواتر في المعرفة بوجوب وجوده في الجملة. انظر الشافي في الإمامة للشريف المرتضى: 6/ 184 - 185. وانظر ترجمة الروافض أو الرافضة في فهرس الفرق رقم (10).

(3)

صحيح البخاري: 4/ 1615 كتاب المغازي، باب مرض النبي صلى الله عليه وسلم ووفاته رقم (4182) عن علي رضي الله عنه. و: 5/ 2311 كتاب الاستئذان، باب المعانقة وقول الرجل كيف أصبحت رقم (5911) عن علي رضي الله عنه.

ص: 137

ث- أتت النبيَّ صلى الله عليه وسلم امرأةٌ فكلمتْه في شيء فأمرها أن ترجع إليه قالت: يا رسول الله أرأيت إن جئت ولم أجدك؟ كأنها تريد الموت. قال: «إن لم تجديني فأتي أبا بكر» (1).

ج- وحديث رؤياه صلى الله عليه وسلم البئر والنزع فيها (2). وهذا الدليل - والذي قبله - ينفي النص على علي رضي الله عنه خاصة.

ح- وقد أمر الله بالشورى، والشورى لا تكون عند وجود النص. قال عز وجل:{وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} آل عمران/159. وقال عز وجل: {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} الشورى/38. وفي الحديث: «ما خاب من استخار ولا ندم من استشار» (3)، وقال أبو هريرة رضي الله عنه:«لم يكن أحد أكثر مشورة لأصحابه من رسول الله صلى الله عليه وسلم» (4). ولم يتولَّ واحدٌ من الخلفاء الراشدين الحكمَ بغير الشورى. قال عمر رضي الله عنه: «من بايع رجلاً من غير مشورة من المسلمين فإنه لا بيعة له ولا الذي بايعه» (5).

(1) صحيح البخاري: 6/ 2639 كتاب الأحكام، باب الاستخلاف رقم (6794) عن جبير بن مطعم. صحيح مسلم: 4/ 1856 كتاب فضائل الصحابة، باب فضل أبي بكر رقم (4398) عن جبير بن مطعم.

(2)

صحيح البخاري: 3/ 1329 كتاب المناقب، باب علامات النبوة في الإسلام رقم (3434) عن عبد الله بن عمر. صحيح مسلم: 4/ 1862 فضائل الصحابة باب من فضائل عمر، رقم (2393) وغيرهما.

(3)

أخرجه عن أنس بسند ضعيف: الطبراني في المعجم الصغير: 2/ 175 رقم (980). وفي المعجم الأوسط: 6/ 365 رقم (6627). والقضاعي في مسند الشهاب: 2/ 7 رقم (774). وقال الهيثمي في مجمع الزوائد 8/ 96 باب ما جاء في المشاورة: «رواه الطبراني في الأوسط والصغير من طريق عبد السلام بن عبد القدوس وكلاهما ضعيف جداً» . وفتح الباري لابن حجر: 11/ 184 وقال: «وفي حديث أنس رفعه: ما خاب من استخار. والحديث أخرجه الطبراني في الصغير بسند واه جدا» . وتاريخ بغداد: 3/ 54 رقم (997).

(4)

رواه الترمذي في سننه: 4/ 213 كتاب الجهاد، باب ما جاء في المشورة، رقم (1714). قال ابن حجر في فتح الباري: 13/ 340 عند باب قوله تعالى: «وأمرهم شورى بينهم» ، قال: أشار إليه الترمذي ورجاله ثقات إلا أنَّه منقطع. ورواه البيهقي في السنن الكبرى: 9/ 218 كتاب الجزية، باب المهادنة على النظر للمسلمين، بدون رقم. وعبد الرزاق في مصنفه: 5/ 331 عند غزوة الحديبية رقم (9720). وأحمد في مسنده: 31/ 243 وما بعدها من حديث المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم رقم (18928) في حديث طويل جداً قال محقق الكتاب: إسناده صحيح على شرط الشيخين إلا بعض فقرات منه ساقها بإسناد فيه انقطاع أو إرسال.

(5)

صحيح البخاري: 6/ 2505 كتاب الحدود، باب رجم الحبلى من الزنا رقم (6442) عن عمر بن الخطاب. ومسند أحمد: 1/ 449 - 454 عن عمر بن الخطاب رقم (391) قال محقق الكتاب: إسناده صحيح على شرط مسلم. وغيرهما.

ص: 138

خ- ومن الأدلة على بطلان النص (1): أن الكلام في الإمامة جرى أمام سيدنا علي رضي الله عنه في أوقات مختلفة، فمنها يوم السقيفة عندما عقدوا الخلافة لأبي بكر الصديق رضي الله عنه، ومنها استخلاف أبي بكر لعمر رضي الله عنهما، ومنها حين جعل عمر رضي الله عنه الأمر شورى بين ستة، ومنها حين قتل عثمان رضي الله عنه وبويع علي رضي الله عنه بالشورى، وحين حُكِّم الحكمان بين علي رضي الله عنه ومعاوية رضي الله عنه، ولم يَدَّع سيدنا علي في وقت من هذه الأوقات أنه منصوص عليه من جهة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلو كان يعرف نصَّاً لأظهره، ولقاتل عليه من خالفه، ولا يقال إن علياً رضي الله عنه لم يقاتل خوف الفتنة، لأنه قاتل في زمن معاوية وقتل في الحرب الخلق الكثير، وقاتل طلحة والزبير وعائشة رضي الله عنهم حين علم أن الحق له، ولم يترك ذلك لسبب الفتنة، كما لا يقال إنه لم يقاتل لعجزه عن القتال، لأن الذين نصروه في زمن معاوية كانوا على الإيمان يوم السقيفة ويوم استخلاف عمر ويوم الشورى، فلو علموا أن الحق له لنصروه.

ثم إن هذا النص الذي يدَّعونه لا يخلو إما أن يكونوا عرفوه عقلاً أو خبراً، ولا يمكن أن يكون طريقه العقل لأنه ليس في العقل ما يدل على تنصيص رسول الله صلى الله عليه وسلم على إنسان بعينه، وإن قالوا عرفناه خبراً فلا يخلو إما أن يكون خبراً متواتراً أو آحاداً، فإن ادعوه خبراً متواتراً فهو محال لأنه لو كان متواتراً لما خفي إلى يومنا هذا كما لم يَخْفَ تجهيز جيش أسامة وتولية معاذ اليمن، وكما لم يَخْفَ نصب أبي بكر إماماً واستخلافه لعمر رضي الله عنهما، ولأنا لو جوزنا انكتام مثل هذا الأمر الظاهر لجوزنا أن يكون القرآن قد عورض على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم كتم، وكلُّ أصلٍ في الإمامة يوجب بطلان النبوة كان محالاً (2)، وإن قالوا عرفناه بخبر الآحاد، قلنا يعارضه أخبار آحاد في النص على أبي بكر رضي الله عنه، وإذا تعارضت الآحاد سقط الاستدلال بها، وإن قالوا بالنص الخفي قلنا ببطلانه بإجماع الصحابة على خلافه، إذ لو وجد نصٌّ لما خالفوه، كما لم يخالفوا أبا بكر رضي الله عنه يوم السقيفة في روايته حديث:«الأئمة من قريش» (3).

(1) انظر: الغنية في أصول الدين لعبد الرحمن المتولي النيسابوري: ص 180 - 184.

(2)

غياث الأمم للجويني: ص 36.

(3)

سبق تخريجه في ص (115) حاشية (1). وانظر بعض الردود على من اشترط النص على الإمام في: المسايرة ومعه المسامرة رسالة دبلوم لحسن عبيد: ص 305 - 306. شرح المقاصد للتفتازاني: 5/ 290. = = الاقتصاد في الاعتقاد للغزالي: ص 284 - 285. وللجاحظ المعتزلي كتاب بعنوان (العثمانية) وهو ضمن كتاب (رسائل الجاحظ: 4/ 19 - 43) ردَّ فيه على الشِّيعة. الصواعق المحرقة للهيتمي: 1/ 69 وما بعدها. الخلافة والملك لعبد السلام ياسين، كتاب على الإنترنت: تحت عنوان (الاختيار).

ص: 139

د- وقال الزيدية في إبطال النص: «ومن أوضح دليل على إبطال ما يدعون من النص على اثني عشر إماماً اختلافهم عند موت كل إمام في القائم بعده» (1).

وقد استدل القائلون بالنص على الإمام علي رضي الله عنه بأدلة منها:

أ- قوله صلى الله عليه وسلم حينما دعا أقرباءه الأدنين وعشيرته الأقربين فقال: «هذا أخي ووصيي وخليفتي فاسمعوا له وأطيعوا» وهو يومئذ صبي لم يبلغ الحلم (2).

ب- وأخذ له البيعة بإمرة المؤمنين يوم غدير خم: «ألا من كنت مولاه فهذا (علي) مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، وانصر من نصره واخذل من خذله، وأَدِر الحق معه كيفما دار» (3).

(1) المنية والأمل لابن المرتضى: ص 103.

(2)

رواه الطبري في تاريخه: 1/ 542 - 543 بلفظ: إن هذا أخي ووصيي فاسمعوا له وأطيعوا. بسند فيه عبد الغفار بن القاسم. ورواه ابن كثير في تفسيره: 6/ 170 ناقلاً عن الطبري ثم قال: تفرَّد بهذا السياق عبد الغفار بن القاسم بن أبي مريم، وهو متروك كذَّاب شيعي اتهمه علي بن المديني وغيره بوضع الحديث، وضعَّفه الأئمَّة وذكر الطبري طريقاً أخرى للحديث في تاريخه: 1/ 543 قال حدثنى زكريا بن يحيى الضرير قال حدثنا عفان بن مسلم قال حدثنا أبو عوانة عن عثمان بن المغيرة عن أبي صادق عن ربيعة بن ناجد أن رجلاً قال لعلي رضي الله عنه: يا أمير المؤمنين بم ورثت ابن عمك دون عمك؟. زكريا بن يحيى الضرير قال عنه الهيثمي في مجمع الزوائد (4/ 303): لم أعرفه.

(3)

رواه الترمذي في سننه: 5/ 633 كتاب المناقب، باب مناقب علي رقم (3717) وقال: حسن غريب. وابن ماجه في سننه: 1/ 43 كتاب المقدمة، باب فضل علي رقم (116) عن البراء بن عازب. وأحمد في مسنده: 32/ 55 - 56 رقم (19302) عن علي وزيد بن أرقم قال محقق الكتاب: إسناده صحيح ورجاله ثقات. مسند البزار: 2/ 133 رقم 492 عن علي. وقال في مجمع الزوائد 9/ 104: «رواه أحمد والطبراني ورجال أحمد ثقات والبزار وفيه ميمون أبو عبد الله البصري وثقه ابن حبان وضعفه جماعة وبقية رجاله ثقات» . والحاكم في مستدركه: 3/ 118 رقم (4576) عن زيد بن أرقم وقال: صحيح على شرطهما، وسكت عنه الذهبي في التلخيص، ورقم (4577) وفيه محمد بن سلمة، قال الذهبي: لم يخرجا لمحمد بن سلمة بن كهيل وقد وهاه السعدي. وقد أفاض محمد باقر الحكيم في الكلام عن هذا الحديث. انظر كتابه (حوارات) على الإنترنت. وقال الجرجاني في إطار رده على الشيعة استدلالهم بهذا الحديث على النص على علي رضي الله عنه: «هذا الحديث قد طعن بعضهم فيه كابن أبي داود السجستاني وأبي حاتم الرازي وغيرهما من أئمة الحديث، وإن سلم أن هذا الحديث صحيح فرواته أي أكثرهم لم يرووا مقدمة الحديث وهي «ألست أولى بكم من أنفسكم» فلا يمكن أن يتمسك بها في أن المولى بمعنى الأولى، والاستعمال أيضا يدل على أن المولى ليس بمعنى الأول لجواز أن يقال هو أولى من كذا دون مولى من كذا، والمراد بالمولى هو الناصر، وإن سلم أن المولى بمعنى الأولى فأين الدليل على أن المراد الأولى بالتصرف والتدبير بل يجوز أن يراد الأولى في أمر من الأمور كما قال الله تعالى:{إِن أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ} آل عمران/68، وأراد الأولوية في الاتباع والاختصاص به والقرب منه لا في التصرف فيه». شرح المواقف للجرجاني: 8/ 361 - 362.

ص: 140

ت- وقوله صلى الله عليه وسلم: «ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه ليس نبي بعدي» (1).

ج- وقوله عز وجل: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ} سورة المائدة/55. وقد نزلت فيه عندما تصدَّق بالخاتم وهو راكع (2).

ح- واستدلوا أن الإمام يجب أن يكون واجب العصمة، وأن يكون أفضل الخلق كلهم، وأن يكون أعلم الأمة كلهم، وأن يكون مسلماً بينه وبين الله، ولا اطلاع لأحد من الخلق على هذه الصفات، والله تعالى هو العالم بها، وإذا كان ذلك كذلك وجب أن لا يصح نصب الإمام إلا بالنص (3).

خ- واستدلوا بحديث طويل مروي عن الرضا فيه: « .. هل يعرفون قدر الإمامة ومحلها من الأمة فيجوز فيها اختيارهم؟ إن الإمامة أجل قدراً، وأعظم شأناً، وأعلى مكاناً، وأمنع جانباً، وأبعد غوراً من أن تبلغها الناس بعقولهم، أو ينالوها بآرائهم، أو يقيموا إماماً باختيارهم

» (4). وغيرها من الأدلة (5).

وذكر ابن الهمام أدلة كثيرة للشيعة وردَّ عليها ثم قال: «فإذا ثبت عدم النَّص على علي رضي الله عنه؛ فإن أثبتنا نصَّه على أبي بكر ثبت حقيِّة إمامته، وإن قلنا لم ينص عليه ثبت حقيِّة إمامته أيضاً» . اهـ أي بالاختيار (6).

(1) صحيح البخاري: 4/ 1602 كتاب المغازي، باب غزوة تبوك رقم (4153) عن سعد بن أبي وقاص. صحيح مسلم: 4/ 1870 كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل علي رقم (2404) عن سعد.

(2)

عقائد الإمامية المظفر: ص 75.

(3)

الأربعين للرازي: 2/ 269 - 270.

(4)

الكافي للكليني: 1/ 199.

(5)

انظر: الألفين للحلي: ص 46 وما بعدها.

(6)

انظر بعض الأدلة في: المسايرة ومعه المسامرة رسالة دبلوم لحسن عبيد: ص 308 - 319. والملل والنحل للشهرستاني: 1/ 162 وما بعدها. والتمهيد في الرد على الملحدة للباقلاني: ص 169 وما بعدها.

ص: 141

وقد اختصر ابن حزم الكلام في الأدلة والردِّ عليها بِرَدٍ مُجملٍ فقال: «عمدة الروافض في الاحتجاج أحاديث موضوعة مكذوبة

ولا معنى لاحتجاجنا عليهم برواياتنا فهم لا يصدقونها، ولا معنى لاحتجاجهم علينا برواياتهم فنحن لا نصدقها

إلا أن بعض ما يشغبون به أحاديث صحاح نوافقهم على صحتها، ولكن وقع الاختلاف في معناها» (1).

وعلى كلٍ فخلاف الإمامية حول شرط النص أصبح خلافاً تاريخياً بحتاً، بعد قولهم باختفاء الإمام الثاني عشر لتوقف العمل عندهم بالنص على الإمام التالي، وهم اليوم يختارون رؤساءهم بالاختيار لا بالنص.

وقد استدل القائلون بالنص على أبي بكر بأدلة كثيرة منها:

أ- حديث المرأة السائلة (2).

ب- وحديث: «ادعي لي أبا بكر وأخاك حتى أكتب كتاباً فإني أخاف أن يتمنى متمنٍ ويقول قائل أنا أولى، ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر» (3).

ج- وقد ذكر الطبري وابن الأثير (4) أنَّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه، عهد بالصلاة بعده أثناء أيام الشورى الثلاثة إلى صهيب، وعلَّلَ ذلك بأنَّه رجل من الموالي لا ينازعكم أمركم، وهذا فَهْمٌ منه رضي الله عنه أنََّ من يصلي بالناس في هذا الوقت سيُشار إليه بالبنان وكأنه سيخْلِفُ مَنْ قَبْلَهُ كما حصل مع أبي بكر رضي الله عنه، وهذا يدل على فهمهم لصلاة أبي بكر رضي الله عنه بالناس في مرض النبي صلى الله عليه وسلم أنه إشارة إلى استخلافه (5).

(1) الفصل في الملل لابن حزم: 4/ 78 وما بعدها حيث بيَّن المعنى المراد لهذه الأدلة في ردٍ قويٍ. كما أطال ابنُ تيميَّة في الردِّ على هذه الأدلة في منهاج السنَّة النبويَّة: 1/ 304 - 329 و: 4/ 587.

(2)

انظر الحديث وتخريجه في: ص (138) سطر (1) في هذه الأطروحة.

(3)

رواه عن عائشة مسلم في صحيحه: 4/ 1857 كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل أبي بكر رقم (2387) بنفس اللفظ. والبخاري بلفظ قريب في: 5/ 2145 كتاب المرضى، باب قول المريض إني وجع رقم (5342).

(4)

انظر ص (86) حاشية (3).

(5)

المعتمد في أصول الدين للفرَّاء: ص 223. المسايرة ومعه المسامرة رسالة دبلوم لحسن عبيد: ص 304. شرح المقاصد للتفتازاني: 5/ 259. شرح منتهى الإرادات للبهوتي: 1/ 555. وانظر في الحديث الذي أمر به النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر أن يصلي بالناس: صحيح البخاري: 1/ 236 كتاب الأذان، باب حد المريض أن يشهد الجماعة رقم (633) عن عائشة. صحيح مسلم: 1/ 311 كتاب الصلاة، باب استخلاف الإمام إذا عرض له عذر رقم (418) عن عائشة. وغيرهما. هذا وقد رفض ابن حزم أن يكون استخلاف النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر في = = الصلاة إشارة إلى استخلافه على الناس في الحُكْم، انظر: الفصل في الملل لابن حزم: 4/ 89.

ص: 142