المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المحرمات التي تبيحها الضرورة: - تعدد الخلفاء ووحدة الأمة فقها وتاريخا ومستقبلا

[محمد خلدون مالكي]

فهرس الكتاب

- ‌الإهداء

- ‌خطبة الكتاب

- ‌خطة البحث:

- ‌منهج البحث:

- ‌صعوبات البحث:

- ‌الدراسات السابقة:

- ‌الباب الأولتعاريف ومقدمات فقهية لا بد منها

- ‌الفصل الأولالتعاريف

- ‌المبحث الأول:‌‌ تعريف الخليفة لغةًوشرعاً

- ‌ تعريف الخليفة لغةً

- ‌تعريف الخليفة شرعاً:

- ‌هل يشترط فيمن يخلف شخصاً آخر أن يستخلَفه الأولُ حتى يطلق عليه اسم خليفة أو لا

- ‌المعنى العام لكلمة خليفة (ما نفهمه من كلمة خليفة):

- ‌المبحث الثاني:‌‌ تعريف الخلافة لغةوشرعاً

- ‌ تعريف الخلافة لغة

- ‌تعريف الخلافة شرعاً:

- ‌المبحث الثالث:‌‌ تعريف الإمام لغةوشرعاً

- ‌ تعريف الإمام لغة

- ‌تعريف الإمام شرعاً:

- ‌الفصل الثانيمقدمات فقهية لا بد منها

- ‌المبحث الأول: حكم إقامة الخلافة ودليله

- ‌1 - من قال بوجوب إقامتها:

- ‌من الذي يجب عليه إقامة الخلافة وما مصدر هذا الوجوب:

- ‌أدلة وجوب نصب الإمام:

- ‌2 - من قال بعدم وجوب إقامة الخلافة:

- ‌دليل من لم يقل بوجوب الخلافة:

- ‌دليل اللُّطف على وجوب الإمامة عند الشِّيعة:

- ‌ اللُّطف عند أهل السُّنَّة

- ‌دليل الشِّيعة على مسألة اللُّطف:

- ‌المبحث الثانيهل الخلافة من مباحث علم الكلام أو من فروع الفقه

- ‌1 - الاتجاه الأول: من اعتبر الإمامة من فروع الفقه:

- ‌2 - الاتجاه الثاني: من اعتبر الإمامة من مباحث علم الكلام:

- ‌3 - الاتجاه الثالث: من اعتبر الإمامة ومباحثها أمراً دنيوياً لا علاقة له بالدين:

- ‌المبحث الثالث: عمن تكون الخلافة

- ‌الرأي الأول: القائل إنَّ الخلافة عن الله تعالى

- ‌ الرأي الثاني: القائل بأنَّ الخلافة إنَّما هي خلافة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌ الرأي الثالث: القائل إن الخلافة هي عن الله ورسوله معاً:

- ‌ الرأي الرابع: القائل إنَّ الخلافة هي خلافة عن الأمة:

- ‌مناقشة هذا الرأي:

- ‌ الرأي الخامس: القائل إنَّ الخلافة هي خلافة عن الخليفة السَّابق

- ‌ الرأي السادس: فهو في الخلافة العامة لكل البشر

- ‌الباب الثانيتعدد الخلفاء من المنظور الفقهي

- ‌الفصل الأول: التمهيد

- ‌المبحث الأول: معنى الخلافة الكاملة والخلافة الناقصة

- ‌المبحث الثاني:دلالة حديث: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين»

- ‌المبحث الثالث: الأحداث التي اعتمد عليها الفقهاء في مسألة التعدد:

- ‌أولاً: ما قبل خلافة سيدنا علي رضي الله عنه

- ‌1 - طريقة انتخاب عثمان رضي الله عنه للخلافة:

- ‌2 - الأحداث في خلافة سيدنا عثمان رضي الله عنه

- ‌الانتقاد الأول:

- ‌الانتقاد الثاني:

- ‌ثانياً: الأحداث في خلافة سيدنا علي رضي الله عنه

- ‌تفاصيل الفتنة بين علي ومعاوية رضي الله عنهما:

- ‌أهداف سيدنا علي رضي الله عنه من حروبه في خلافته:

- ‌ثالثاً: الخلاف بين الحسن بن علي ومعاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهم

- ‌من بدأ بعرض الصلح:

- ‌شروط الصلح:

- ‌ما يستخلص من مجمل الأحداث في عهد الحسن بن علي رضي الله عنهما:

- ‌الفصل الثانيالشروط والواجبات ونظرية الضرورة

- ‌المبحث الأول: الشروط الواجب توفرها في الخليفة

- ‌ الشروط المتفق عليها

- ‌1 - الإسلام:

- ‌2 - العقل:

- ‌ الشروط المختلف فيها ولا قيمة للخلاف فيها

- ‌1 - الحرية:

- ‌2 - الذكورة:

- ‌3 - البلوغ:

- ‌4 - أن يكون سليم الحواس والأعضاء إلى درجة ما:

- ‌5 - عدم اشتراط أن يكون الإمام هاشمياً:

- ‌6 - عدم اشتراط العصمة:

- ‌7 - عدم اشتراط النصِّ على الإمام:

- ‌8 - عدم اشتراط أن يكون من نسل الحسن والحسين (علوياً):

- ‌9 - عدم اشتراط أن يكون صاحب كرامات:

- ‌10 - عدم اشتراط (الدعوة) أن يخرج داعياً إلى نفسه:

- ‌ الشروط المختلف فيها بناء على الدليل

- ‌1 - النسب القرشي:

- ‌أدلة من قال باشتراط القرشية:

- ‌أدلة من قال بعدم اشتراط القرشية:

- ‌2 - الاجتهاد:

- ‌3 - العدالة:

- ‌4 - أفضل أهل زمانه:

- ‌5 - الكفاءة:

- ‌6 - أن يكون مطاع الأمر نافذ الحكم في محل ولايته:

- ‌المبحث الثاني: واجبات الخليفة أو الأحكام المنوطة به

- ‌المبحث الثالث:نظريَّة الضرورة وبعض تطبيقاتها السياسية

- ‌تعريف الضرورة لغة واصطلاحاً:

- ‌مستند نظرية الضرورة من القرآن:

- ‌مستند النظرية من الحديث:

- ‌نظرية الضرورة في علم الأصول:

- ‌الضرورة في القواعد الفقهية:

- ‌المحرمات التي تبيحها الضرورة:

- ‌وللضرورة السياسية أمثلة منها:

- ‌من له حق تقدير الضرورة:

- ‌أحكام الضرورة:

- ‌الفصل الثالثحكم تعدد الخلفاء

- ‌المبحث الأول: من لم يجوز تعدد الخلفاء أو أجازه بشروط

- ‌أولاً: حكم تعدد الخلفاء بالنظر إلى المكان:

- ‌القسم الأول: حكم تعدد الخلفاء في البلد الواحد:

- ‌القسم الثاني: حكم تعدد الخلفاء في البلدان القريبة:

- ‌القسم الثالث: حكم تعدد الخلفاء في البلدان البعيدة:

- ‌ثانياً: حكم تعدد الخلفاء بالنظر إلى الزمان:

- ‌القسم الأول: حكم مبايعة خليفتين معاً بنفس الوقت:

- ‌القسم الثاني: حكم مبايعة خليفتين على التعاقب:

- ‌1 - الحالة الأولى: تعدد الخلفاء عند معرفة الخليفة الأول:

- ‌عقوبة من يطلب الخلافة مع وجود خليفة:

- ‌2 - الحالة الثانية: تعدد الخلفاء عند جهل تاريخ مبايعة كل منهما:

- ‌معيار الاختيار بين من يصلح للخلافة عند وجود أكثر من واحد:

- ‌المبحث الثاني: من أجاز تعدد الخلفاء مطلقاً

- ‌المبحث الثالث: الأدلة

- ‌أولاً: أدلة من لم يجوز التعدد:

- ‌ثانياً: أدلة من أجاز التعدد:

- ‌الترجيح:

- ‌الباب الثالثتعدد الخلفاء في التاريخ الإسلاميوالتكييف الفقهي لذلك

- ‌الفصل الأولالخلاف بين عبد الله بن الزبير رضي الله عنه والأمويين

- ‌1 - عبد الله بن الزبير ويزيد بن معاوية

- ‌تحليل الأحداث:

- ‌حكم خلافة يزيد بن معاوية:

- ‌2 - عبد الله بن الزبير ومروان بن الحكم

- ‌حكم خلافة مروان بن الحكم:

- ‌3 - عبد الله بن الزبير وعبد الملك بن مروان

- ‌المواجهة الأولى:

- ‌المواجهة الثانية:

- ‌المواجهة الثالثة والأخيرة مع ابن الزبير:

- ‌حكم خلافة عبد الملك بن مروان:

- ‌أسباب فشل ابن الزبير وعودة الخلافة للأمويين:

- ‌بعض من اعتزل الفتنة:

- ‌الفصل الثانيالخلافة العباسية والخلافة الفاطمية والخلافة الأموية في الأندلس

- ‌تمهيد:

- ‌المبحث الأول: الخلافة العباسية

- ‌نظرة عامة للخلافة العباسية:

- ‌سقوط الدولة الأموية وقيام الدولة العباسية:

- ‌سياسة العباسيين في قمع الأمويين واستئصال شأفتهم:

- ‌الفقهاء والخلافة العباسية:

- ‌سياسة العباسيين تجاه العلويين:

- ‌ثورة الحسين بن علي بالمدينة وموقعة فخ سنة 169 ه

- ‌المبحث الثانيالخلافة الفاطمية في المغرب ومصر

- ‌مدخل:

- ‌بدايات الدولة الفاطمية:

- ‌المقاومة السُّنية للنفوذ الفاطمي والمدِّ الشيعي في المغرب:

- ‌التوجه الشرقي للخلافة الفاطمية والتفكير في فتح مصر:

- ‌الفاطميون في طريقهم إلى فتح مصر:

- ‌الخليفة المعز لدين الله وتحقيق هدف الفاطميين في فتح مصر:

- ‌أسباب نجاح الفاطميين في فتح مصر:

- ‌السياسة المذهبية للفاطميين ومحاولة تحويل مصر إلى المذهب الإسماعيلي:

- ‌استجابة بعض المصريين للمذهب الإسماعيلي:

- ‌المقاومة السُّنية للمدِّ الشيعي في مصر:

- ‌أ- إظهار الشعائر السُّنية:

- ‌ب- الطعن في المذهب الإسماعيلي والتشكيك فيه:

- ‌ج- التصدي لغلو الإسماعيلية:

- ‌د - ازدهار الدراسات السُّنية:

- ‌المواجهة والصراع بين الخلافتين العباسية والفاطمية:

- ‌موقف العباسيين من الأطماع الفاطمية:

- ‌اضمحلال الخلافة الفاطمية وسقوطها:

- ‌موقف المصريين من سقوط الخلافة الفاطمية:

- ‌المبحث الثالثالخلافة الأموية في الأندلس

- ‌تمهيد:

- ‌أولاً - الأندلس من قبيل الفتح حتى نهاية عصر الولاة:

- ‌ثانياً - الأندلس في عصر الإمارة الأموية:

- ‌محاولات العباسيين استرداد الأندلس من أمراء بني أمية:

- ‌1 - المحاولة الأولى: ثورة العلاء بن المغيث على عبد الرحمن الداخل سنة 147هـ/764 م:

- ‌2 - المحاولة الثانية: مؤامرة مشتركة من أربعة أطراف بالاتفاق مع المهدي سنة 161 هـ/778 م:

- ‌دور العلماء في الأندلس في التمهيد لإعلان الخلافة:

- ‌ثالثاً - الأندلس في عصر الخلافة الأموية:

- ‌مستند فقهي لشرعية إعلان الخلافة في الأندلس:

- ‌دور العلماء في بقاء الخلافة الأموية في الأندلس:

- ‌علاقة الأمويين في الأندلس بالفاطميين:

- ‌1 - ثورة معلم الصبيان (شقنا) في عهد الداخل:

- ‌2 - ثورة الحسين بن يحيى والي سرقسطة:

- ‌محاولة أخرى:

- ‌رد فعل الأمويين في الأندلس على الدعوة الفاطمية:

- ‌الصراع المباشر بين الأمويين والفاطميين في المغرب:

- ‌ما نستنتجه من هذا الفصل:

- ‌الباب الرابع: التعدد والوحدة في المستقبل

- ‌تمهيد:

- ‌الفصل الأول: منظمة المؤتمر الإسلامي

- ‌ تعريف منظمة المؤتمر الإسلامي:

- ‌مراحل إنشاء منظمة المؤتمر الإسلامي:

- ‌جذور منظمة المؤتمر الإسلامي:

- ‌ميثاق منظمة المؤتمر الإسلامي:

- ‌هيئات منظمة المؤتمر الإسلامي:

- ‌الأمانة العامة

- ‌ مؤتمر الملوك والرؤساء:

- ‌ الأجهزة المتفرعة عن منظمة المؤتمر الإسلامي:

- ‌ مركز البحوث الإحصائية والاقتصادية والاجتماعية والتدريب:

- ‌ مركز البحوث والتاريخ والفنون والثقافة الإسلامية:

- ‌ الجامعة الإسلامية للتكنولوجيا:

- ‌ المركز الإسلامي لتنمية التجارة:

- ‌ مجمع الفقه الإسلامي:

- ‌ صندوق التضامن الإسلامي

- ‌ الجامعة الإسلامية في النيجر

- ‌قضية العضوية في منظمة المؤتمر الإسلامي:

- ‌منظمة المؤتمر الإسلامي والتجارة البينية:

- ‌مظاهر اهتمام منظمة المؤتمر الإسلامي بالتجارة:

- ‌من إنجازات المنظمة:

- ‌ محكمة العدل الإسلامية

- ‌تشكيل المحكمة:

- ‌اختصاص المحكمة:

- ‌النقد الذي وجه لمحكمة العدل الإسلامية:

- ‌ مشكلات الأقليات المسلمة:

- ‌ المنظمة ومسلمو بلغاريا:

- ‌ المنظمة ومسلمو تراقيا:

- ‌ مشكلة مسلمي الفلبين:

- ‌مقر منظمة المؤتمر الإسلامي:

- ‌تقييم عام لمنظمة المؤتمر الإسلامي:

- ‌أولاً: المجال السياسي:

- ‌ثانياً: مجال حماية الأقليات:

- ‌ثالثاً: الفرق بين منظمة المؤتمر الإسلامي ومؤسسة الخلافة

- ‌الفصل الثاني: جامعة الدول العربية

- ‌ظهور فكرة الجامعة العربية:

- ‌المشاورات التمهيدية لجامعة الدول العربية:

- ‌الأساس غير الوحدوي لبروتوكول وميثاق جامعة الدول العربية:

- ‌أجهزة جامعة الدول العربية:

- ‌1 - مجلس الجامعة:

- ‌2 - أمانة الجامعة:

- ‌3 - المنظمات العربية المتخصصة:

- ‌نماذج من أنشطة الجامعة العربية:

- ‌1 - اتفاقية الدفاع العربي المشترك:

- ‌الأجهزة المتعلقة بالأمن العربي:

- ‌التقييم:

- ‌2 - المجلس الاقتصادي:

- ‌3 - السوق العربية المشتركة:

- ‌تقييم عام لجامعة الدول العربية:

- ‌ الأسباب المتعلقة بالميثاق:

- ‌ أسباب تتعلق بالدول العربية:

- ‌ المتغيرات العالمية:

- ‌الفصل الثالث: رابطة العالم الإسلامي

- ‌مقدمة:

- ‌تعريف رابطة العالم الإسلامي:

- ‌تأسيس رابطة العالم الإسلامي:

- ‌ميثاق رابطة العالم الإسلامي:

- ‌الهيكل التنظيمي لرابطة العالم الإسلامي:

- ‌1 - المؤتمر الإسلامي العام:

- ‌2 - المجلس التأسيسي:

- ‌3 - الأمانة العامة:

- ‌هيئات الرابطة:

- ‌1 - المجمع الفقهي الإسلامي:

- ‌2 - الهيئة الإسلامية العالمية للاقتصاد والتمويل:

- ‌الأهداف:

- ‌ بعض إنجازات رابطة العالم الإسلامي في المجال الاقتصادي:

- ‌1 - المشاركة في المؤتمرات الاقتصادية الدولية:

- ‌2 - الدعوة لتطبيق قواعد الاقتصاد الإسلامي:

- ‌3 - العلاقة مع المؤسسات الاقتصادية والإسلامية:

- ‌4 - الإسهام في الاقتصاد عن طريق المجمع الفقهي:

- ‌5 - محاولة إنشاء السوق الإسلامية المشتركة:

- ‌6 - التأكيد على المشروعات المشتركة:

- ‌7 - دعم برامج التنمية الريفية والاجتماعية والاقتصادية:

- ‌تقييم عام لرابطة العالم الإسلامي:

- ‌سبل تحقيق الوحدة (الواقع والتوصيات):

- ‌1 - واقع الوحدة:

- ‌ واقع الوحدة الاجتماعية:

- ‌ واقع الوحدة الاقتصادية:

- ‌ واقع الوحدة السياسية:

- ‌ واقع الوحدة العسكرية:

- ‌2 - التوصيات:

- ‌1 - من الناحية الاقتصادية:

- ‌2 - من الناحية الاجتماعية:

- ‌3 - من الناحية السياسية:

- ‌4 - من الناحية العسكرية:

- ‌خاتمة

- ‌ملحق رقم (1)قائمة بأسماء أمراء الأندلس وخلفائها مع سنوات حكم كل منهمفي عهدَي الإمارة والخلافة

- ‌ملحق رقم (2)نص الوثيقة التي أعلن الناصر نفسه خليفة فيها سنة 316 ه

- ‌وثائق هامة

- ‌وثيقة أخرى

- ‌فهرس المصادر والمراجع

الفصل: ‌المحرمات التي تبيحها الضرورة:

‌المحرمات التي تبيحها الضرورة:

لا تختص هذه المحرمات بالمطعومات - ولو كانت أربعٌ من الآيات الخمس التي جاءت بإباحة المحرم عند الاضطرار قد خُصَّت بذلك - فالضرورة عامة في إباحة كل المحرَّمات عند الاضطرار من طعام وغيره، ودليل ذلك الآية (119) من الأنعام التي جاءت عامة (1)، ومما يؤيد عمومية هذه الآية لكل المحرمات - لا كما يحيل البعض على المحرمات المذكورة في الآيات الأخرى فقط - أن آية الأنعام مكية ونزلت قبل الآيات الأربع الأخرى فلا يصح الإحالة في بيان المحرمات إلى متأخر في النزول عنها كما قال القرطبي، إلا أن يكون (فَصَّل) بمعنى (يُفصِّل)(2).

وممن قال أن الضرورة تبيح جميع المحرمات:

1 -

ابن قدامة حيث يقول: «المستثنى عن قاعدة القياس منقسم إلى ما عقل معناه وإلى ما لا يعقل؛ فالأول يصح أن يقاس عليه ما وجدت فيه العلة، من ذلك إباحة أكل الميتة ثَمَّ الضرورة صيانة للنفس واستبقاء للمهجة، يقاس عليه بقيَّةُ المحرمات إذا اضطر إليها ويقاس عليه المكره لأنه في معناه» (3). ويقول: «أجمع العلماء على تحريم الميتة حال الاختيار، وعلى إباحة الأكل منها في الاضطرار، وكذلك سائر المحرمات» (4).

2 -

ابن حزم الظاهري، فقد قال بعد أن سرد أنواعاً من الحرام - غير التي ذكرها الله تعالى في الآية - تحلُّ عند الضرورة:«أما تحليل كل ذلك للضرورة فلقول الله عز وجل: {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} الأنعام/119. فأسقط تعالى تحريم ما فصل تحريمه عند الضرورة فعمَّ ولم يخص، فلا يجوز تخصيص شيء من ذلك» ، وكان هذا مسلكه في باقي كتابه المحلى (5).

(1) تفسير البيضاوي: 2/ 447، يقول: إلا ما اضطررتم إليه مما حرم عليكم فإنه أيضاً حلال حال الضرورة.

(2)

تفسير القرطبي: 7/ 73.

(3)

روضة الناظر لابن قدامة المقدسي: 1/ 329 - 330 فصل: المستثنى من قاعدة القياس.

(4)

المغني لابن قدامة: 6/ 49، 9/ 330. شرح منح الجليل لعليش: 1/ 85. فقه الضرورة لعبد الوهاب إبراهيم أبو سليمان: ص 37. نظرية الضرورة الشرعية لجميل مبارك: ص 175.

(5)

المحلى: 7/ 426. انظر على سبيل المثال: المحلى: 1/ 174 - 175 في إباحة أبوال الإبل وألبانها لضرورة المرض، و: 177 في إباحة الحرير للمضطر. و: 10/ 75 في إباحة حلق الرأس للمرأة. و: 11/ 113 في جواز الاستنصار بأهل الذمة وأهل الحرب على أهل البغي للضرورة.

ص: 181

3 -

الشوكاني حيث يقول: إلا ما اضطررتم إليه أي من جميع ما حرمه عليكم فإن الضرورة تحلل الحرام (1).

4 -

ابن رشد المالكي عند كلامه عن استعمال المحرمات في حال الاضطرار، قال: وأما جنس الشيء المباح فهو كل شيء محرَّم مثل الميتة وغيرها (2).

5 -

الإمام أبو بكر الرازي المشهور بالجصَّاص حيث يقول: «والضرورة المذكورة في قوله عز وجل: {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} الأنعام/119. منتظمةٌ لسائرِ المحرَّمات، وذكره لها في الميتة وما عطف عليها غير مانع من اعتبار عموم الآية الأخرى في سائر المحرمات» (3).

6 -

وفي شرح مجلة الأحكام جاء التعريف شاملاً لكل المحرمات: الضرورة هي العذر الذي يجوز بسببه إجراء الشيء الممنوع، أو هي الحالة الملجئة لتناول الممنوع شرعاً (4).

7 -

ويوسِّع الدكتور وهبة الزحيلي مجال الضرورة عند بيان درجة الضرورة المبيحة للمحظور فيقول: هي الضرورة التي تصل فيها درجة الاحتياج إلى أشد المراتب، فيصبح الإنسان في خطر يحدق بنفسه أو ماله ونحوهما (5).

8 -

وفي رأيي كل من قاس على ما ورد في الآيات من محرمات في جواز تناوله من المطعومات والأشربة - كمن أجاز تناول الخمر للضرورة (6) - فقد وسَّع

(1) فتح القدير للشوكاني: 2/ 156.

(2)

بداية المجتهد لابن رشد: 1/ 349.

(3)

أحكام القرآن للجصَّاص: 1/ 158. وقارن بالمحصول: 2/القسم الثاني ص 471، فقد عمَّم حكم الضرورة في كل ما حُرِّم بالنص، ثم أتبع ذلك بأن القياس على محال الضرورات ممكن لاتحاد العلة.

(4)

درر الحكام في شرح مجلة الأحكام: المادة 21 - 22. موسوعة الفقه الإسلامي في موقع وزارة الأوقاف المصرية: 28/ 199.

(5)

نظرية الضرورة الشرعية للدكتور وهبة الزحيلي: ص 54.

(6)

وممن أجاز شرب الخمر لضرورة العطش الحنفية (أحكام القرآن للجصَّاص: 1/ 157 - 158) والشافعية (الأم للشافعي: 2/ 276. أحكام القرآن للشافعي: 2/ 91. المجموع للنووي: 9/ 51 وهو على قولين من أربعة أقوال، وذكر الجصَّاص في أحكام القرآن قولَ الشافعي بعدم الجواز: 1/ 158) والمالكية على قول (الفواكه الدواني للنفراوي: 2/ 340. تفسير القرطبي: 2/ 228) والحنابلة على التحقيق (المغني لابن قدامة: 9/ 137 - 138. مجموع فتاوى ابن تيمية: 14/ 471) والظاهرية {المحلى لابن حزم: 11/ 372 مسألة = = (2292)} ، كما أجازوها جميعاً لغصَّة ونحوها. انظر: الموسوعة الفقهية: 25/ 99 مادة (السكر). وانظر: نظرية الضرورة لجميل مبارك: ص 148 وما بعدها.

ص: 182

مجال الضرورة لتشمل غير المطعومات والأشربة التي نصَّت عليها الآيات. وهذا كله بهدف إنقاذ النفس، ومعلوم أن الحفاظ على النفس يأتي في المرتبة الثانية بعد الحفاظ على الدين. إذاً فاعتماد الضرورة في المجال السياسي إذا تعلق به حفظ الدين وحفظ الأمة جائز من باب أولى، وخاصة أن الأمور العامة تأخذ الأولوية والأهمية القصوى في دين الله.

ما سبق من الاستدلال يفتح الباب واسعاً في إعطاء الشرعية للدول الإسلامية المتعددة في العصر الحالي مراعاةً للضرورة بسبب تعذر توحيدها، ومما يدعم هذا التوجه ما تتعرض له الدول الإسلامية من ضغوط شديدة إذا حاولت بصورة أو أخرى أن تتقارب فيما بينها، حتى يمكن اعتبار بعض هذه الضغوط في درجة الإكراه، والإكراه - كما مر - والعسر أو الحرج، وخاصة إذا كان عاماً، من الأسباب المبيحة لترك الواجب واللجوء إلى أحكام الضرورة؛ لأن الحاجة العامة تنزل منزلة الضرورة الخاصة كما نصت عليه القواعد الفقهية، وهذا متوفر في تحقيق الوحدة الإسلامية هذه الأيام؛ أما العسر والحرج فواضح، وأما الإكراه فمعروف للسياسيين وله صور متعددة، وقد ذكر الكمال بن الهمام من أنواع الإكراه الإكراه الأدبي أو المعنوي؛ وهو الذي يعدم تمام الرضا ولا يعدم الاختيار، كالتهديد بحبس أحد الأصول أو الفروع أو الأخوة أو الأخوات ونحوهم وحكمه كما قرر الكمال بن الهمام من الحنفية: أنه إكراه شرعي استحساناً لا قياساً (1).

ولأنَّ الأمَّة - كما هو ملاحظ - قد تجاوزت قدر الضرورة في جواز تعدد القيادات الإسلامية ولم تتقيد بضوابط الضرورة فيها، لا بد أن أذكر أن مراعاة الضرورة لا تكون أبداً إلا لمصلحة مؤقتة وليست دائمة، وإلا لكانت هي الأصل، فبمجرد التمكن من العودة إلى المصلحة الأصلية يجب الرجوع إلى الأصل، لأن المصلحة المتحققة في حالة الضرورة مصلحة استثنائية، وهذا يعني ضرورة السعي للخروج من حالة الضرورة، لأن الهدف من تشريع أحكام الضرورة هو التخفيف

(1) شرح الدر المختار للحصكفي: 6/ 128 كتاب الإكراه. المبسوط للسرخسي: 24/ 144 كتاب الإكراه، باب الخيار في الإكراه. نظرية الضرورة للدكتور وهبة الزحيلي: ص 83.

ص: 183

من وطأة المشقة والحرج، فما جاز بناءً عليها يجوز الاستمرار فيه بالقدر الممكن لإزالة تلك الضرورة فقط، ولا يجوز استباحته أو فعله بأكثر مما تزول به الضرورة. وهو ما نصَّ عليه الفقهاء:«ما أبيح للضرورة يقدر بقدرها» ولأن من الخطأ والتعسف في استعمال قواعد الشرع وقوانينه استخدام الضرورة وسيلة للوصول إلى أهداف تتعارض روحاً ومبدأ مع الشريعة الإسلامية، وحينئذ تكون شيئاً آخر غير الضرورة في الشرع الإسلامي، ذات الملامح المحددة والخصائص المعلومة، فإذا انحرفت عن مقاصد الشرع فقدت فعاليتها، وبَطَلَ دورُها وأصبحت عنصراً غريباً فيه (1)، وفي هذا يقول ابن تيمية:«ومع أنه يجوز تولية غير الأهل - المناصبَ من خلافة وغيرها - للضرورة إذا كان أًصلح الموجود، فيجب مع ذلك السعي في إصلاح الأحوال حتى يكتمل في الناس ما لابد منه من أمور الولايات والإمارات ونحوها، فإن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب» (2).

لأن استمراء البقاء في ظل الضرورة ينتج عنه استثقال الحكم الأصلي بل ربما نتج عنه نسيان الحكم الأًصلي، حيث يظن صاحب هذه الحالة أن الضرورة هي الأصل وقد روي عن مالك رحمه الله في منع عمر رضي الله عنه للصيارفة غير المسلمين من البقاء في أسواق المسلمين لممارسة الصرافة: أن عمر رأى ذلك منعاً لذريعة اعتقاد صحة التعامل بالربا، لأن هؤلاء يتعاملون بالربا فإذا تركوا دون إنكار فربما ظن بعض المسلمين أن التعامل بالربا جائز في الشرع، ومن أجل أن لا يُنسى الحكم الأصلي كان من حكمة الشارع أن جعل في كثير من التخفيفات ما يُذكِّر دائماً بالأصل حتى لا تغلب حالة الضرورة على ذهن المكلف (3).

وقبل أن أنهي الكلام على الإكراه وأثره على التصرفات، أُطلِق دعوةً للباحثين والعلماء لبحث أثر الإكراه السياسي أو الاقتصادي أو التهديد بالقوة العسكرية من الدول الغربية على الدول الإسلامية، وهل يبيح الفعلَ المكره عليه أو لا؟ وما الذي يبيحه من الأفعال وما الذي لا يبيحه؟.

(1) فقه الضرورة لعبد الوهاب إبراهيم أبو سليمان: ص 97 وما بعدها.

(2)

السياسة الشرعية لابن تيمية: ص 33 - 34.

(3)

نظرية الضرورة الشرعية لجميل مبارك: ص 245. شرح منح الجليل لعليش: 2/ 456.

ص: 184