الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثاني:
تعريف الخلافة لغة
وشرعاً
تعريف الخلافة لغة:
مصدر خَلَفَ يخلف خلافة، أي بقي بعده أو قام مقامه، والخلافة: اسم للمنصب الذي يتبوؤه من يخلف الرسول صلى الله عليه وسلم في إجراء الأحكام الشرعية ورئاسة المسلمين في أمور الدين والدنيا (1). والخلافة كذلك: نيابة المرء عن غيره، إما لغيبة المنوب عنه، وإما لموته، وإما لعجزه (2).
تعريف الخلافة شرعاً:
الخلافة والإمامة تدلان على معنى واحد عند أهل السُّنَّة (3)، وهي عند ابن خلدون (4):«حمل الكافة على مقتضى النظر الشرعي في مصالحهم الأخروية، والدنيوية الراجعة إليها» (5)، فهي في الحقيقة خلافة عن صاحب الشرع في حراسة الدين وسياسة الدنيا به.
وعرَّفها التفتازاني والماوردي بأنها: «رئاسة عامة في أمر الدين والدنيا، خلافة عن النبي صلى الله عليه وسلم» (6).
وفي مآثر الإنافة: «هي الولاية العامة على كافة الأمة والقيام بأمورها والنهوض بأعبائها» (7).
(1) معجم متن اللغة لأحمد رضا: 2/ 323 مادة (خلف). وانظر الموسوعة الفقهية: 6/ 216 (الإمامة الكبرى).
(2)
مفردات ألفاظ القرآن للأصفهاني: ص 294. وانظر الفكر السياسي عند الماوردي لبسيوني: ص 88. ومقدمة ابن خلدون: ص 191 الفصل السادس والعشرون في اختلاف الأمة في حكم هذا المنصب وشروطه.
(3)
الموسوعة الفقهية: 6/ 216 (الإمامة الكبرى). وانظر ترجمة أهل السنَّة في فهرس الفرق رقم (5).
(4)
مقدمة ابن خلدون: ص 191. والموسوعة الفقهية: 6/ 216 (الإمامة الكبرى). حاشية العدوي على كفاية الطالب: 1/ 128. وانظر ترجمة ابن خلدون في فهرس التراجم رقم (8).
(5)
أي الراجعة إلى مصلحة الآخرة، إذ أحوال الدنيا ترجع كلها عند الشارع إلى اعتبارها بمصالح الآخرة.
(6)
شرح المقاصد للتفتازاني: 5/ 234، الفصل الرابع في الإمامة. شرح العقائد النسفية للتفتازاني: ص 169. والأحكام السلطانية للماوردي: ص 5 الباب الأول في عقد الإمامة. الفكر السياسي عند الماوردي لبسيوني: ص 87. المسايرة ومعه المسامرة رسالة دبلوم لحسن عبيد: ص 302. وهناك تعريفات أخرى مشابهة في شرح المواقف للجرجاني: 8/ 345. وفي مقدمة ابن خلدون: ص 191. وانظر فقه الخلافة للسنهوري: ص 83. الموسوعة الفقهية: 6/ 215. وانظر ترجمة التفتازاني في فهرس التراجم رقم (65).
(7)
مآثر الإنافة للقلقشندي: 1/ 8 - 9. وانظر: معالم الخلافة للدكتور الخالدي: ص 26.
والخلافة عند مصطفى صبري ومصطفى حلمي: «حكومةٌ ما نائبةٌ مناب الرسول صلى الله عليه وسلم في القيام بأحكام الشرع الإسلامي» (1).
وأضاف بعضُهم على التعريف مهمةَ حملِ الدعوة الإسلامية إلى العالم (2) وهو بهذا يُصرِّح بمضمون تعريف غيره، إذ الدعوة من معاني حراسة الدين وطرقه.
وهي تعاريف قريب بعضها من بعض، وتشير إلى العمومية في الصلاحيات في الدين والدنيا، وأنها مقيدة بشرع الله عز وجل.
وقد تدل كلمة (الخلافة) على أكثر من معنى:
أ) فقد تنحصر دلالتها على خلافة الخلفاء الراشدين (3) كما قال صلى الله عليه وسلم: «الْخِلافَةُ فِي أُمَّتي ثَلاثُونَ سَنَةً ثُمَّ مُلْكٌ بَعْدَ ذَلِكَ» (4).
ب) وقد تدل على معنى أوسع منه، مثل قوله صلى الله عليه وسلم:«إن هذا الأمر لا ينقضي حتى يمضي فيهم اثنا عشر خليفة كلهم من قريش» (5) حيث امتدت دلالتها إلى
(1) النكير على منكري النعمة لمصطفى صبري: ص 25، الأسرار الخفية لمصطفى حلمي: ص 136 والتعريف له.
(2)
الخلافة للنبهاني: ص 3. وانظر: موقع (الخلافة) على الإنترنت: www.khilafah.net/khilafah.php
(3)
مآثر الإنافة للقلقشندي: 1/ 12 - 13.
(4)
رواه الترمذي في سننه: 4/ 503 كتاب الفتن، باب ما جاء في الخلافة رقم (2226) عن سفينة وقال: حديث حسن. ورواه أبو داود في سننه: 4/ 211 كتاب السنة، باب في الخلفاء رقم (4646) و (4647) عن سفينة. والنسائي في السنن الكبرى: 5/ 47 رقم (8155) عن سفينة. والنسائي في فضائل الصحابة: 1/ 17 رقم (52) عن سفينة. والإمام أحمد في مسنده: 36/ 248 عن سفينة رقم (21919) قال محقق الكتاب: إسناده حسن رجاله ثقات رجال الصحيح غير سعيد بن جهمان وهو الأسلمي فهو صدوق من أصحاب السنن. و: 36/ 252 رقم (21923) عن سفينة. وابن أبي عاصم في السنة: ص 557 باب في ذكر خلافة علي رضي الله عنه (195) رقم الحديث (1181) عن سفينة، وقال الألباني محقق الكتاب:«حديث صحيح وإسناده حسن للخلاف المعروف في سعيد بن جهمان وقد قواه جماعة من أهل الحديث ذكرتهم مع تخريج الحديث وشاهدين له في (الأحاديث الصحيحة) رقم (459)» وقد رد الألباني على ما ذكره محب الدين الخطيب في تعليقه على هذا الحديث في كتاب العواصم من القواصم وكذلك على ما ذكره ابن خلدون في مقدمته فانظر الرد مطولاً في سلسلة الأحاديث الصحيحة للألباني: 1/ 458 حديث رقم (419). قال الهيثمي في مجمع الزوائد 5/ 189: «رواه أبو يعلى والبزار عن أبي عبيدة والطبراني عن معاذ وأبي عبيدة وفيه ليث بن أبي سليم وهو ثقة ولكنه مدلس وبقية رجاله ثقات» . مسند البزار: 9/ 280 عن سفينة رقم (3828).
(5)
صحيح مسلم: 3/ 1452 كتاب الإمارة، باب الناس تبع لقريش رقم (1821) عن جابر بن سمرة. وأبو داود في سننه: 4/ 106 أول كتاب المهدي رقم (4279) و (4280) عن جابر بن سمرة. وأحمد في مسنده: 34/ 401 عن جابر بن سمرة رقم (20805) وغيره بلفظ: «لا يزال الدين قائماً حتى يكون اثنا عشر خليفة من قريش» قال محقق الكتاب: حديث صحيح وهذا إسناد حسن.
الخلافة الأموية التي هي أقلُّ رتبة من سابقتها، فهي خلافة، ولكن اعتراها بعض النقص (1).
ج) وقد تدل على معنى أكثر اتساعاً، حيث تشمل كلَّ خلافة إلى قيام الساعة (2)، كقوله صلى الله عليه وسلم:«كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء، كلما هلك نبي خلفه نبي، وإنه لا نبي بعدي، وستكون خلفاء فيكثرون» . قالوا: فما تأمرنا؟ قال:
…
«فُوا ببيعة الأول، فالأول، أعطوهم حقهم، فإن الله سائلهم عما استرعاهم» (3).
(1) حاشية العدوي على كفاية الطالب: 1/ 128.
(2)
وكأنها تسمية لغوية وليست شرعية كاملة وإن حوت بعض المعاني الشرعية أو أغلبها، أما المعاني الشرعية بتمامها فمتوفرة في إطلاق كلمة الخلفاء على الخلفاء الراشدين فقط. وانظر: فتاوى ابن تيمية: 35/ 20. وحكم تعدد الخلفاء لأبي غدة: ص 7.
(3)
صحيح البخاري: 3/ 1273 كتاب أحاديث الأنبياء، باب ما ذكر عن بني إسرائيل رقم (3268) عن أبي هريرة. صحيح مسلم: 3/ 1471 كتاب الإمارة، باب وجوب الوفاء ببيعة الخلفاء الأول فالأول رقم (1842) عن أبي هريرة.