الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عبد الله الأردني وأيَّده في ذلك نوري السعيد رئيس الوزراء العراقي، في حين اقترح آخرون إنشاء اتحاد فيدرالي أو كونفدرالي يجمع دول الهلال الخصيب ومصر والسعودية واليمن (1).
وتمخضت المفاوضات والمشاورات عن ميلاد فكرة جامعة الدول العربية، وصدر بروتوكول (2) الجامعة، والذي لم يحوِ منذ صدوره على أي إشارة يُفهم منها أكثر من تعاون بين دول متعددة، ولا يفهم منها أي توجه وحدوي.
الأساس غير الوحدوي لبروتوكول وميثاق جامعة الدول العربية:
بُني بروتوكول جامعة الدول العربية - ومن بعده الميثاق - على أسس يعنينا منها الأساس التالي:
وهو أنه لا يوجد توجه وحدوي حقيقي للجامعة منذ لحظة تأسيسها، وما هو موجود هو تنسيق وتعاون وحفاظ على كيانات الدول الموجودة، وما تبقى فهو ذر للرماد في العيون، وإنفاق طائل للأموال فيما لا نفع كبير فيه.
ويدل على ذلك ما ورد في البروتوكول مثل: «يكون لهذه الجامعة مجلس يسمى مجلس جامعة الدول العربية تمثل فيه الدول المشتركة في الجامعة على قدم المساواة، وتكون مهمته مراعاة تنفيذ ما تبرمه هذه الدول فيما بينها من الاتفاقات، وعقد اجتماعات دورية لتوثيق الصلات بينها وتنسيق (3) خططها السياسية تحقيقاً للتعاون بينها، وصيانة لاستقلالها وسيادتها (4) من كل اعتداء بالوسائل الممكنة» (5).
(1) جامعة الدول العربية، ميثاقها وإنجازاتها لمفيد شهاب: ص 10.
(2)
المقصود بالبروتوكول: الاتفاق المبدئي على فكرة الجامعة، ووضع بنود للمناقشة، والفرق بينه وبين الميثاق، أن الأخير يُعَدُّ بمثابة عقد نهائي.
(3)
لاحظ كلمة تنسيق، وكان المفروض أن يذكروا كلمة (توحيد).
(4)
كان الهدف من هذا الكلام صيانة سيادة الدول العربية من اعتداء الاستعمار، ولكن ما حصل بعد ذلك أوضح أن الغاية هي الحفاظ على استقلال كل دولة، وهذا عكس المرجو من التقارب وصولاً إلى الوحدة.
(5)
انظر البروتوكول على موقع الجامعة الرسمي على النت، تحت بند (وثائق/وثائق رسمية خاصة بالجامعة): http://www.arableagueonline.org/las/index.jsp.
ومثل: «القرارت ملزمة لمن يقبلها» (1).
وقد أكد ميثاق الجامعة هذه التوجهات، كما جاء في المادة الأولى منه:
…
«تتألف جامعة الدول العربية من الدول العربية المستقلة» . وفي المادة الثانية منه التي تقول: «الغرض من الجامعة توثيق الصلات بين الدول المشتركة فيها، وتنسيق خططها السياسية تحقيقاً للتعاون بينها وصيانة لاستقلالها وسيادتها» ، والمادة الثامنة منه التي تقول:«تحترم كل دولة من الدول المشتركة في الجامعة نظام الحكم القائم في دول الجامعة الأخرى» ، وتشير المادة التاسعة إلى «أن الدول الراغبة بتعاون أوثق وروابط أقوى مما نص عليه هذا الميثاق أن تعقد بينها من الاتفاقات ما تشاء لتحقيق هذه الأغراض» . مما يعني أن أي خطوات وحدوية جدية تعتبر خيارات تطوعية، وهامشية بالنسبة للجامعة.
وتدلنا مراجعة ميثاق الجامعة على أنها منظمة ليس هدفها الوحدة، وحتى اسمها يوحي بذلك، فهي جامعة لدول، فهي تنطلق من حقيقة وجود عدة دول تريد أن تجمعها معاً في إطار واحد، وهذا الإطار ليس هدفه الوحدة على الإطلاق، مع ملاحظة أن الذي شجع على إقامتها ملوك السياسة العالمية وهم الإنجليز، وأنها كانت تهدف إلى مقاومة فكرة الخلافة المبنية على الدين، ففكرة الجامعة تقوم على أساس القومية التي ظنوا أنها تعارض فكرة الدين.
والواقع أن ميثاق الجامعة العربية يُعاني ضعفاً شديداً منذ صدوره، نظراً لطبيعة العلاقة المتوترة بين الحُكام العرب، والتي يحكمها ميراث طويل من الشك وعدم الثقة، فضلاً عن وجود الاستعمار الأوربي الذي حدد سقفاً معيناً للوحدة العربية لا يمكن تجاوزه، وكذلك فإن الحرص على أن يخرج ميثاق الجامعة بالإجماع لا بأغلبية الدول الأعضاء - أسهم في خروج الميثاق أضيق مما كان يأمله الشعب العربي.
(1) وهو كلام ليس فيه روح العمل الجماعي الواحد وإنما فيه روح الفردية والتي سموها: السيادة. والسيادة ينبغي أن تكون ضد الآخر لا ضد الأخ.