الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(في بعض المصادر (1))، وأبو الحسين البصري (في بعض المصادر (2))، والخيَّاط (في بعض المصادر (3))، وقال به الحسن البصري (4). وصنَّف الشهرستاني الشيعةَ فيمن قال بوجوب الإمامة عقلاً وشرعاً (5)، وأظنه ليس دقيقاً في هذا.
أدلة وجوب نصب الإمام:
1 -
استدل من قال بالوجوب بناء على الدليل الشرعي بالقرآن والسُّنَّة والإجماع والمعقول:
فمن القرآن: قوله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} النساء/59. والحكام إن لم يكونوا هم المقصودين بأولي الأمر، فهم على الأقل منهم كما ذكر كثير من المفسرين (6)، وقد أمر الله بطاعتهم.
وقوله عز وجل: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} آل عمران/103. والخليفة من ضرورات الوحدة وعدم التفرق، كما هو مشاهد ومجرب.
وقوله عز وجل: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آَتَيْنَا آَلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآَتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا} النساء/54. ووجهُ الاستدلال أنَّ المقصودَ بقوله عز وجل: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ} هو النَّبيُّ محمدٌ صلى الله عليه وسلم إذ حسده اليهود منذ أن أقام الدين
(1) شرح المواقف للجرجاني: 8/ 345. الإمامة للآمدي: ص 70. المسايرة رسالة دبلوم: ص 302. نيل الأوطار للشوكاني: 9/ 157 - 158. البحر الزَّخَّار لابن المرتضى: 5/ 374. الألفين للحلي: ص 38.
(2)
شرح المواقف للجرجاني: 8/ 345. الإمامة للآمدي: ص 70. البحر الزَّخَّار لابن المرتضى: 5/ 374. الألفين للحلي: ص 38.
(3)
المسامرة ومعه المسايرة لحسن عبيد: ص 302. الأربعين للرازي: 2/ 255.
(4)
نيل الأوطار للشوكاني: 9/ 157 - 158. الحور العين لنشوان الحميري: ص 150. وانظر ترجمة الحسن البصري في فهرس التراجم: رقم (51).
(5)
نهاية الإقدام للشهرستاني: ص 484. وأيَّده بهذا الأردبيلي في الحاشية على إلهيات الشرح الجديد: ص 179، 180. كما مر آخر الحاشية (2) من صحيفة (32) في هذه الأطروحة.
(6)
تفسير الطبري: 5/ 147. روح المعاني للآلوسي: 5/ 65 - 66. الكشاف للزمخشري: 1/ 295. فتح الباري: 13/ 111. أحكام القرآن لابن العربي: 1/ 470. الرسالة التبوكية لابن قيم الجوزية: ص 41. مآثر الإنافة للقلقشندي: 1/ 62.
على أساس الدولة، فردَّ اللهُ عليهم أنَّ هذا ليس بِدْعاً في النبوات (1).
وقوله عز وجل: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ (خَلِيفَةً} البقرة/30. وقوله عز وجل: {يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ} سورة ص/26. وغيرها.
ومن السُّنَّة: فقد وردت الأحاديثُ الكثيرةُ في كتب الحديث والفقه تدلُّ على وجوب إقامة الإمام والسمع والطاعة له، مثل قوله صلى الله عليه وسلم:«من مات وليس في عنقه بيعة، مات ميتة جاهلية» (2) وقوله صلى الله عليه وسلم: «من كره من أميره شيئاً فليصبر فإنه من خرج من السلطان شبراً مات ميتة جاهلية» (3). وغيرها من الأحاديث (4). ولا يأمر الله ورسوله بمبايعة الأمير وطاعته ما لم يكن وجوده واجباً، وإلا كان الأمر عبثاً.
ومن الإجماع: فقد حصل إجماعٌ للأمة على إقامتها بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم واستمر الإجماع خلال تاريخ الأمة، قال أبو بكر رضي الله عنه في خطبته قبل البيعة: «أيها الناس من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات، ومن كان يعبد الله فإنه حي لا يموت وتلا هذه الآية:{وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ} آل عمران/144 ثم قال: وإن محمداً قد مضى بسبيله ولا بد لهذا الأمر من قائم يقوم به، فانظروا وهاتوا آراءكم
(1) وهو رأي ابن عباس انظر: الدر المنثور للسيوطي: 2/ 568. تفسير الطبري: 5/ 140 - 141. ورأي الماوردي كما ذكر ابن الجوزي في زاد المسير: 2/ 111. وانظر: خصائص التشريع الإسلامي للدريني: ص 326.
(2)
صحيح مسلم: 3/ 1478 كتاب الإمارة، باب وجوب ملازمة جماعة المسلمين رقم (1851) عن ابن عمر. ومسند أحمد: 24/ 461 - 462 عن عامر بن ربيعة رقم (15696) بلفظ: «من مات وليست عليه طاعة .. » قال محقق الكتاب: صحيح لغيره وهذا إسناد ضعيف لضعف عاصم بن عبيد الله.
(3)
صحيح البخاري: 6/ 2588 كتاب الفتن، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم سترون بعدي أموراً تنكرونها رقم (6645) عن ابن عباس. صحيح مسلم: 3/ 1478 كتاب الإمارة، باب وجوب ملازمة جماعة المسلمين رقم (1849) عن ابن عباس. وغيرهما.
(4)
مثل ما ورد في صحيح البخاري: 6/ 2612 كتاب الأحكام، باب السمع والطاعة للإمام، رقم (6723) عن أنس بن مالك بلفظ:«اسمعوا وأطيعوا وإن استعمل عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة» . وصحيح مسلم: 2/ 1476 كتاب الإمارة، باب وجوب ملازمة جماعة المسلمين رقم (1848) عن أبي هريرة. وسنن أبي داود: 4/ 96 كتاب الفتن والملاحم، باب ذكر الفتن رقم (4248) عن عبد الله بن عمرو بلفظ:«من بايع إماماً فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه فليطعه .. » . والنسائي في سننه الكبرى: 2/ 314 كتاب تحريم الدم، باب التغليظ فيمن قاتل تحت راية عميَّة رقم (3578) عن أبي هريرة. ومسند الإمام أحمد: 5/ 381 أول مسند اليمنيين حديث يحيى بن حصين عن أمه أم الحصين الأحمسية رقم (23234) بلفظ: «يا أيها الناس اتقوا الله واسمعوا وأطيعوا وإن أُمِّر عليكم عبد حبشي مُجدَّع ما أقام فيكم كتاب الله عز وجل» قال محقق الكتاب: إسناده صحيح.
رحمكم الله» فناداه الناس من كل جانب: صدقت يا أبا بكر ولكنا نصبح وننظر في هذا الأمر ونختار من يقوم به. ولم يقل أحد أن هذا الأمر يصلح من غير قائم به فكان إجماعاً (1).
ومن المعقول:
وهو دليل إضافي وليس أساسياً، بمعنى أن القائلين بالوجوب الشرعي استأنسوا بالدليل العقلي أيضاً، ولم يروا مانعاً من إضافته إلى الدليل الشرعي.
ودليل العقل هو: أن إقامة الدين وتنفيذ أحكام الشرع في جميع شؤون الحياة الدنيا والأخرى فرض على المسلمين، بالدليل القطعي الثبوت القطعي الدلالة؛ فقد أمر الشرع بإقامة الحدود وسد الثغور وتجهيز الجيوش للجهاد وحفظ بيضة الإسلام ولا يتم ذلك بدون الإمام، كما أنَّ في نصب الإمام جلب منافع لا تحصى ودفع مضار لا تستقصى، حيث تظهر الفتن والفساد وانفصام أمور العباد بمجرد موت الإمام وإن لم يكن على ما ينبغي من الصلاح والسداد، وكل ما كان كذلك يكون دفعه واجباً، ولا يمكن تحقيق وحدة الأمة في مجتمع سياسي منظَّم إلا بالدولة. ولا يمكن أن يتم ذلك إلا بحاكم ذي سلطان، والقاعدة الشرعية تقرر أن: ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب (2).
(1) شرح المقاصد للتفتازاني: 5/ 235. المواقف للإيجي: 3/ 574. شرح المواقف للجرجاني: 8/ 345 - 346. المعتمد في أصول الدين للفرَّاء: ص 222. نهاية الإقدام للشهرستاني: ص 478. أصول الدين للبغدادي: ص 272. مقدمة ابن خلدون: ص 191. الإمامة من كتاب المغني للقاضي عبد الجبار: ص 48. البحر الزَّخَّار لابن المرتضى: 5/ 374. المسايرة ومعه المسامرة رسالة دبلوم: ص 304. غاية المرام للآمدي: ص 364. الفصل في الملل لابن حزم: 4/ 72. صبح الأعشى للقلقشندي: 9/ 285. وانظر رد الشيعة على دليل الإجماع في منار الهدى لعلي البحراني: ص 39.
(2)
انظر رأي التفتازاني في معنى الاستدلال بالدليل العقلي هنا ص (39) سطر (5) من هذه الأطروحة. وانظر في الأدلة إجمالاً: المواقف للإيجي: 3/ 574. شرح المواقف للجرجاني: 8/ 346. الملل والنحل للشهرستاني: 1/ 160. الصواعق المحرقة للهيتمي: 1/ 25. غياث الأمم للجويني: ص 28. شرح المقاصد للتفتازاني: 5/ 235. شرح العقائد النسفية للتفتازاني: ص 173. الأربعين للرازي: 2/ 256. تحفة المريد للبيجوري: ص 200. وابنُ خلدون في مقدمته: ص 192 بيَّن الدليلَ العقلي وقال بفساده، أي منفرداً دون نظر للدليل الشرعي. غاية المرام للآمدي: ص 366، 367. الاقتصاد في الاعتقاد للغزالي: ص 278. طوالع الأنوار للبيضاوي: ص 235 والبيضاوي هنا استدل على الوجوب سمعاً بدليل عقلي!. البحر الزَّخَّار لابن المرتضى: 5/ 374. مطالب أولي النهى للسيوطي الرحيباني: 6/ 263 - 264. شرح منتهى الإرادات للبهوتي: 6/ 273. الخلافة للنبهاني: ص 3 - 4. خصائص التشريع للدريني: ص 326. شرح كتاب النيل لأطفيش: مج13/ج 1 ص 7 - 8.
2 -
واستدل من قال بالوجوب العقلي على الناس: أن أصل دفع المضرة واجب بحكم العقل قطعاً فكذلك المضرة المظنونة يجب دفعها عقلاً، وذلك لأن الجزئيات المظنونة المندرجة تحت أصل قطعي الحكم يجب اندراجها في ذلك الحكم قطعاً، مثل أن يعرف الإنسان أن كل مسموم يجب اجتنابه ثم يظن أن هذا الطعام مسموم، فإن العقل الصريح يقضي بوجوب اجتنابه.
3 -
ومما استدل به من قال بالوجوب العقلي على الله:
- بدليل عقلي: أن الإمام لطف، لكون العبد معه أقرب إلى الطاعة وأبعد عن المعصية واللُّطف واجب على الله (1).
- وبدليل نقلي: بما روي عن الصادق عن آبائه مرفوعاً عن النبي صلى الله عليه وسلم عن جبريل عن ربه: «يا محمد لم أترك الأرض إلا وفيها عالم يعرف طاعتي وهداي، ويكون نجاة فيما بين قبض النبي إلى خروج النبي الآخر، ولم أكن أترك إبليس يضل الناس وليس في الأرض حجة وداعٍ إلي وهادٍ إلى سبيلي» (2).
ويُردُّ عليهم في الدليل العقلي أن الإمامة عندكم استمدت قوتَها والاستدلال على وجوبها عقلاً على الله من جهتين: الأولى: أن النبوة لطف واجب على الله عقلاً. والثانية: أن الإمامة كالنبوة، فكما وجبت النبوة على الله عقلاً، تجب الإمامة مثلها، وهي مقدِّمات غيرُ مسلَّمةٍ أوصلت لنتيجةٍ خطأ، فلا اللُّطف واجب على الله عقلاً، ولا الإمامة كالنبوة من كل جهة، فالنبوة أعمُّ من الإمامة، ولو وجبت الإمامة عقلاً على الله لما خلا عصرٌ من الإمام، وليس هذا واقعَ الحال، وإن زعموا خلافه، فحتى النبوة خلت في عصر من العصور، كما بين سيدنا عيسى صلى الله عليه وسلم وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم (3).
ويُردُّ على الدليل النقلي بأنه لا يفيد الوجوب على الله، وغاية ما في الأمر
…
(1) الألفين للحلي: ص 23، 24، 25، 31. المواقف للإيجي: 3/ 577. شرح المواقف للجرجاني: 8/ 348. غياث الأمم للجويني: ص 28، 29. طوالع الأنوار للبيضاوي: ص 235. وانظر في مسألة اللُّطف: الأربعين للرازي: 2/ 257 - 263.
(2)
بحار الأنوار: 23/ 22 باب الاضطرار إلى الحجة. ولم أجده في كتب الحديث المعتمدة عند أهل السنة. وقال بعض الشيعة بجواز خلو الأرض من إمام انظر: فرق الشيعة للنوبختي: ص 105.
(3)
شرح المقاصد للتفتازاني: 5/ 249. نهاية الإقدام للشهرستاني: ص 484. الملل والنحل للشهرستاني: 1/ 101، 102. غياث الأمم للجويني: ص 29. شرح المواقف للجرجاني: 8/ 194. عقائد الإمامية لمظفر: 54، 69 - 70. الحاشية على إلهيات الشرح الجديد للأردبيلي: ص 179.