الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثانياً: الأحداث في خلافة سيدنا علي رضي الله عنه
-:
في هذه الأجواء قتل عثمان رضي الله عنه وفي هذه الأجواء تولَّى علي رضي الله عنه الخلافة؛ السيف مشرع، والدم مهراق، والفتنة ضاربة جذورها في المجتمع المسلم، فهناك أعداد كبيرة من الذين اشتركوا في الفتنة بشكل أو بآخر، وهناك معاوية رضي الله عنه الذي سيتخذ هذه الأحداث أساساً للمطالبة بدم عثمان رضي الله عنه، والذي سيتحول إلى عصيان مُسلَّح، باطنه طمعٌ بالخلافة مازال ينمو في نفس معاوية رضي الله عنه منذ سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوصيه بأمته خيراً إذا ملك (1)، والذي بدأ بإظهاره قُبيل صفين والجند مصفوفة ومحاولات الصلح جارية بين الطرفين (2)، وأعلنه بعد صفين (3).
وسأوجز كيف كانت الأجواء في المدينة في مطلع خلافة سيدنا علي رضي الله عنه لنكون في صورة الحدث، فقد استلم الإمام علي رضي الله عنه في خلافته تركة ثقيلة وتمرداً في كثير من الأمصار، فقد فشل بدايةً في تعيين عامل له في الشام والكوفة، واستلم عماله الحُكْمَ في البصرة واليمن ومصر والأمور لم تكن مستقرة؛ ففي اليمن أخذ يعلى بن أمية الوالي السابق لعثمان رضي الله عنه خزينةَ الدولة وانطلق إلى مكة، وفي مصر دخل قيس بن سعد مصر بالحيلة والناس متفرقون في مواقفهم، وجرت بينه وبين معاوية رضي الله عنه مواقف أدت إلى عزله في النهاية نتيجة حيلة من معاوية رضي الله عنه، وأما في البصرة فقبل الناس عثمان بن حنيف وهم يترقبون ردود فعل بقية الأمصار فيما حدث، وأما طلحة والزبير اللذان بايعا مكرهين تحت تهديد الثوار، فطلبا الخروج من المدينة بعد أن علما ما حدث بالأمصار وأظهرا عدم رضاهما، وسمح لهما علي
(1) انظر ص (73) حاشية (4) من هذه الأطروحة وتكررت الإشارة إلى ولاية معاوية رضي الله عنه آخر عهد عثمان من كعب انظر: الكامل في التاريخ للشيباني: 3/ 48.
(2)
تاريخ الطبري: 3/ 80. وصفين لنصر بن مزاحم: ص 200. حيث قال حبيبُ بن مسلمة رسولُ معاوية إلى علي: اعتزل أمر الناس فيكون أمرهم شورى بينهم، يولي الناسُ أمرهم من أجمع عليه رأيهم. وكان ردُّه هذا إيذاناً ببدء القتال لرفض علي رضي الله عنه هذا الردَّ رفضاً قوياً. وقد ورد في مآثر الإنافة للقلقشندي أن معاوية دعا لنفسه قبل الخروج إلى صفين انظر: 1/ 102.
(3)
لم ينصب معاوية رضي الله عنه نفسه خليفة قبل صفين، وانما حصل هذا بعد التحكيم. انظر: نهاية المحتاج للرملي: 7/ 403 كتاب البغاة. الإقناع للشربيني: 2/ 547. الفَرْق بين الفِرَق للبغدادي: ص 341. الغنية في أصول الدين لعبد الرحمن المتولي النيسابوري: ص 187 - 188. تاريخ الإسلام للذهبي: 3/ 552.
- رضي الله عنه، ولكن مع تحذيرهما من أن يفعلا شيئاً يهدد استقرار الدولة الإسلامية، ويبدو من تحليل الأحداث في بداية خلافة سيدنا علي رضي الله عنه أنه كان بعيداً عن حيل السياسة، لا يقبل إلا الصدع بالحق ولو أدى ذلك إلى ما أدى إليه، وكان في مقابله خصوم دهاة برعوا بالسياسة، كمعاوية وعمرو بن العاص والمغيرة بن شعبة رضي الله عنهم (1)، والفتنة كانت تتطلب شيئاً من السياسة والمداراة حتى تهدأ الأمور وهذا ما أقسم سيدنا علي رضي الله عنه على عدم فعله، فجرى ما جرى مما شاء الله من المقدور (2).
ومما يدل على صعوبة الفتنة وشدتها أن علياً رضي الله عنه لما أراد أن يخرج لقتال أهل الشام، وكان يتجهز لذلك، جاءه خبر طلحة والزبير وأم المؤمنين عائشة رضي الله عنهم من مكة وعزمهم الإصلاح بين الناس والطلب بدم عثمان رضي الله عنه (3)، ثم جاءه أنهم يريدون الخروج إلى البصرة، فاعتبر أن الأمر قد أصبح خطيراً، فدعا الناسَ إلى الخروج إليهم، والناس واقعون في حيرة من أمرهم وليسوا متأكدين مما ينبغي فعله، ثم جاءته إشاعة كاذبة - والأجواء كانت مهيأة لذلك وبسهولة - أن عبد الله بن عمر رضي الله عنه خرج إلى الشام، فانتدب عليٌ رضي الله عنه الناسَ للخروج في طلبه وسدِّ الطريق عليه، ثم تبين له أن الأمر لم يكن كذلك وأنه خرج إلى مكة يريد العمرة.
مما سبق نستخلص أن سيدنا علياً رضي الله عنه كان واقعاً تحت ضغط شديد، تُحركه الأخبارُ في كل اتجاه، فتارة يدعو إلى قتال أهل الشام ثم يدعو إلى قتال طلحة والزبير وأم المؤمنين رضي الله عنهم، ثم يدعو إلى ملاحقة ابن عمر رضي الله عنه ومنعه من الخروج إلى الشام، وهذا كلُّه يدل على إرادته حل الأمور دفعة واحدة بقطع النظر عن سياقها وعن صعوبة ما نزل بالمسلمين من قتل عثمان رضي الله عنه، ولعل تشتت الأمر عليه بهذه الصورة ألجأه إلى الاستعانة بمن قتل عثمان رضي الله عنه وهم العصبة القريبون منه، وتكرر هذا عندما دعا أهلَ الكوفة لنصرته على طلحة والزبير فخفَّ إليه كل من
(1) انظر ترجمة المغيرة بن شعبة في فهرس التراجم: رقم (111).
(2)
تاريخ الطبري: مج 2/ 703 و: 3/ 3 وما بعدها. العواصم من القواصم لابن العربي: ص 148.
(3)
ذكر الطبري أن عائشة رضي الله عنها خرجت من مكة نحو المدينة بعد مقتل عثمان فلقيها رجل من أخوالها فقالت: ما وراءك؟ قال: قتل عثمان واجتمع الناس على علي والأمر أمر الغوغاء. فقالت: ما أظن ذلك تاماً ردُّوني. فانصرفت راجعة إلى مكة حتى إذ دخلتها أتاها عبد الله بن عامر الحضرمي وكان أمير عثمان عليها فقال: ما ردَّك يا أمَّ المؤمنين؟ قالت: رَدَّني أنَّ عثمان قتل مظلوماً وأنَّ الأمر لا يستقيم ولهذه الغوغاء أمر، فاطلبوا بدم عثمان تعزوا الإسلام. انظر: تاريخ الطبري: 3/ 7.
اشترك في فتنة عثمان، مما زاد الأمر سوءاً وجعله يظهر وكأنه مشترك بقتله وليس الأمر كذلك (1)، فقد كان محاصَراً في بيته كعثمان رضي الله عنه (2).
هذا الموجز يظهر ما كان عليه الحال في بداية عهد علي رضي الله عنه والذي ما كان أحد يستطيع أن يتدبر أمره فيه حتى ولو كان علياَ رضي الله عنه، فقد عكست هذه البداية آثارَها على حرب علي رضي الله عنه لمعاوية رضي الله عنه، فقد جاءت هذه الحرب وقد كلَّت النفوس وضعفت الهمم من الفتن المتلاحقة والاستنفار المتتابع.
ويبقى الحدث الأهم في خلافة سيدنا علي رضي الله عنه فيما يتعلق بالبحث - هو الخلاف الذي حصل بينه وبين معاوية رضي الله عنه والذي أدى من الناحية العملية إلى تعدد الخلفاء بعد حادثة التحكيم، وخلعِ سيدِِنا أبي موسى الأشعري لسيدنا علي وتثبيت عمرو بن العاص لمعاوية، حيث بدأ سيدنا معاوية بعدها بإعلان نفسه خليفة في الشام (3).
لقد بدأ الخلاف بين علي رضي الله عنه ومعاوية رضي الله عنه منذ اللحظة الأولى لخلافة سيدنا علي رضي الله عنه فقد طالب معاويةُ رضي الله عنه وعددٌ من الصحابة (4) بالقصاص من قتلة عثمان رضي الله عنه، وشَرَطَ معاويةُ رضي الله عنه الأخذَ بالقصاص قبل أن يبايع علياً رضي الله عنه (5)، ولم يكن الأمر بالسهولة التي كان يظنها معاوية رضي الله عنه أو لعله كان يعرف أن سيدنا علياً رضي الله عنه لا يستطيع أن ينفذ هذا الأمر (6)، وقد أدرك سيدُنا علي رضي الله عنه هذا، وهو الذي عاش
(1) انظر مثلاً إشارته لمحمد بن أبي بكر بالاستعانة بكنانة بن بشر التجيبي - وهو الذي باشر قتل عثمان - ضد عمرو بن العاص ومن معه عندما جاؤوا إلى مصر ليحاربوه عليها. في تاريخ الطبري: 3/ 131.
(2)
تاريخ الطبري: 3/ 11.
(3)
فتح الباري لابن حجر: 13/ 214. البداية والنهاية لابن كثير: 7/ 347.
(4)
لم يكن معاوية رضي الله عنه هو الوحيد الذي طالب بالقصاص، فقد طالب به بداية طلحة رضي الله عنه والزبير رضي الله عنه رغم اشتراكهما - كغيرهما من الصحابة - بتأليب الناس على عثمان رضي الله عنه، ولكنهما لم يريدا أن تصل الأمور إلى ما وصلت إليه. انظر لمعرفة ذلك ولمعرفة رأي علي رضي الله عنه: تاريخ الطبري: 2/ 702 - 703. والفتنة ووقعة الجمل للأسدي: ص 97. المنية والأمل لابن المرتضى: ص 92.
(5)
شرح المقاصد للتفتازاني: 5/ 255.
(6)
وهذا ما أشار إليه شبث بن ربعي لما بعثه علي رضي الله عنه إلى معاوية رضي الله عنه عندما قال له: إنه والله لا يخفى علينا ما تغزو وما تطلب، إنك لم تجد شيئاً تستغوي به على الناس وتستميل به أهواءهم وتستخلص به طاعتهم، إلا قولك قتل إمامكم مظلوماً فنحن نطلب بدمه، فاستجاب له سفهاء طغام (أي: حمقى)، وقد علمنا أن قد أبطأتَ عنه - أي عن عثمان رضي الله عنه بالنصر وأحببتَ له بالقتل لهذه المنزلة التي أصبحت تطلب. تاريخ الطبري: 3/ 77. صفين لنصر بن مزاحم: ص 187. ولعل الذي كان وراء موقف معاوية هذا ما نقله المغيرة بن شعبة إليه من رفض علي لنصيحته بإبقاء معاوية والياً حتى تستقر الأمور، فعرف أنه إن بايع أولاً فسيعزله علي = = رضي الله عنه ويفقد الشام، فأعلن مطالبته بالقصاص من قتلة عثمان رضي الله عنه قبل أن يبايع، وهو يعلم صعوبة الأمر. انظر نصيحة المغيرة لعلي والتي أقرها ابن عباس في تاريخ الطبري: مج 2/ 703، 704. والبداية والنهاية لابن كثير: 7/ 255. مروج الذهب للمسعودي: 1/ 315. وكان علي رضي الله عنه قد اتبع نصيحة أمرائه ممن باشر قتل عثمان رضي الله عنه بعزل معاوية رضي الله عنه فلم يتم الأمر. انظر: البداية والنهاية لابن كثير: 8/ 23.
الفتنة بتفاصيلها لحظة بلحظة، وعرف قوة الذين أشعلوا الفتنة وقوة عصبيتهم (1) فأراد أن يُهدِّأ الأمور أولاً حتى يستتب الأمن ثم يقتصُّ من قتلة عثمان رضي الله عنه (2)، وكان هذا يعني أن يبايع معاويةُ علياً، وبالفعل فهذا ما عرضه عليٌ على معاوية، ولكنَّه أباه وكان يُعرِّض بدور علي فيما حصل لعثمان (3) وخاصة بعد المواقف العديدة التي
(1) لما بعث عثمانُ بن حنيف عاملُ علي على البصرة بكعب بن سور إلى المدينة ليسأل هل بايع طلحةُ والزبيرُ مُكرَهين أو لا، بناء على الاتفاق الذي أبرمه معهما ومع السيدة عائشة، بعد نزاع بينهما في البصرة للسيطرة عليها وقتلِ قتلة عثمان فيها، أقول مما يدل على قوة الفتنة هو أنه لما سأل كعبٌ الصحابةَ في المدينة لم يجبه أحد منهم، فلما قال له أسامة بن زيد أنهما بايعا مكرهين، وثب الناس في وجهه ومنهم سهل بن حنيف، فخشي الصحابة على أسامة أن يقتل فقام عدد منهم - من بينهم صهيب بن سنان وأبو أيوب بن زيد ومحمد بن مسلمة- فقالوا مثله فتركه الناس. انظر: تاريخ الطبري: 3/ 17. البداية والنهاية لابن كثير: 7/ 260.
(2)
لا شك أن سيدنا علياً رضي الله عنه كان سيأخذ بالقصاص من قتلة عثمان بعد أن يستتب الأمر وتهدأ الفتنة، فقد اقتص ممن قتل عبدَ الله بن خباب وزوجتَه من الخوارج، وعثمان رضي الله عنه ليس أقل عنده منهما. انظر: الكامل لابن الأثير: 3/ 85. تاريخ الطبري: 2/ 702 - 703 و: 3/ 119، 120. البداية والنهاية لابن كثير: 7/ 255. البحر الزَّخَّار لابن المرتضى: 5/ 423. المنية والأمل لابن المرتضى: ص 92. الفصل في الملل لابن حزم: 4/ 126. حاشية العدوي على كفاية الطالب: 1/ 130. وهذا هو رأي الإمامية: حيث قالوا: " ولو أتلف الباغي على العادل مالاً أو نفساً في حال الحرب ضمنه ". انظر: شرائع الإسلام للحلي: 1/ 309.
(3)
صفين لنصر بن مزاحم: ص 82. وقد ورد ما يدل على أن هذا ما كان قد شاع بين بعض الصحابة وليس فقط عند معاوية رضي الله عنه؛ انظر: المستدرك على الصحيحين: 3/ 114 رقم (4567): جاء علي بن أبي طالب رضي الله عنه إلى زيد بن أرقم رضي الله عنه يعوده وعنده قوم فقال علي رضي الله عنه: اسكنوا أو اسكتوا فو الله لا تسألوني عن شيء إلا أخبرتكم. فقال زيد رضي الله عنه: أنشدك الله أنت قتلت عثمان رضي الله عنه؟ فأطرق علي رضي الله عنه ساعة ثم قال: والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ما قتلته ولا أمرت بقتله. وانظر: نهاية المحتاج للرملي: 7/ 403 حيث أشار إلى تبرأ علي رضي الله عنه من قتل عثمان. تاريخ الطبري: 3/ 37 عندما قال طلحة رضي الله عنه لعلي رضي الله عنه قبل بدء القتال في وقعة الجمل: ألَّبتَ الناسَ على عثمان رضي الله عنه، فقال علي رضي الله عنه: يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق ويعلمون أن الله هو الحق المبين، يا طلحة تطلب بدم عثمان رضي الله عنه فلعن الله قتلة عثمان رضي الله عنه. وانظر أيضاً تاريخ الطبري: 2/ 704 حيث اتهم عليٌ رضي الله عنه بدوره طلحةَ رضي الله عنه والزبيرَ رضي الله عنه بقتل عثمان رضي الله عنه، أي بشكل غير مباشر، ويبدو أن الزبير رضي الله عنه كان أيضاً من الطامعين بالخلافة ومنذ وفاة النبي صلى الله عليه وسلم فقد تأخر عن مبايعة أبي بكر رضي الله عنه قليلاً، وكان الناس يعلمون أهليته للخلافة ويتوقعونها له بعد عثمان رضي الله عنه كما حصل من عثمان رضي الله عنه في عام الرعاف. انظر مسند أحمد: 1/ 504 رقم (455) من مسند عثمان ابن عفان بلفظ: «أصاب عثمان رعاف سنة الرعاف حتى تخلف عن الحج وأوصى، فدخل عليه رجل من قريش فقال: استخلف. قال: وقالوه؟ قال: نعم قال: من هو؟ قال: فسكت، قال: ثم دخل عليه رجل آخر فقال له مثل ما قال الأول، ورد عليه نحو ذلك، قال: فقال عثمان: قالوا الزبير؟ قال: نعم. قال: أما والذي نفسي بيده إن كان لخيرهم ما علمت، وأحبهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم» .
حصلت بين عثمان رضي الله عنه وعلي رضي الله عنه والتي كان يفهمها بعض العوام على غير وجهها (1).
وقد برَّر بعضُهم عدمَ قيام علي رضي الله عنه بالقصاص من قتلة عثمان رضي الله عنه أنه رضي الله عنه قُتل بتأويل، واستدلوا بما حكاه الزهري من الإجماع على عدم القصاص في أيام الفتنة قال:«هاجت الفتنة الأولى وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم متوافرون فأجمعوا أن لا يقاد أحد» (2)، وقد كان هذا مذهب سيدنا علي رضي الله عنه (3).
(1) انظر مثلاً: ما رواه الخلال في السنة: 2/ 460 - 461 رقم (715) عن سعيد بن المسيب قال: شهدت علياً وعثمان وكان بينهما نزغ من الشيطان فما ترك واحد منهما لصاحبه شيئاً إلا قاله فلو شئت أن أقص عليكم ما قالا لفعلت ثم لم يبرحا حتى اصطلحا واستغفر كل واحد منهما لصاحبه. إسناده حسن. و: 2/ 461 رقم (716) عن أبي سعيد الخدري قال: أول القصة فلا أنكرها، فما صليت الظهر حتى دخل أحدهما آخذاً بيد صاحبه كأنهما أخوان لأب وأم يعني عثمان وعلياً رحمهما الله. إسناده حسن. كما اختلافا بالرأي حول المتعة في أشهر الحج، انظر صحيح البخاري: 2/ 569 كتاب الحج، باب التمتع والإقران رقم (1494) عن سعيد بن المسيب قال: اختلف علي رضي الله عنه وعثمان رضي الله عنه وهما بعسفان في المتعة فقال علي رضي الله عنه: ما تريد إلا أن تنهى عن أمر فعله النبي صلى الله عليه وسلم، فلما رأى ذلك علي رضي الله عنه أهلَّ بهما جميعاً. وعند النسائي في السنن الكبرى: 2/ 345 كتاب مناسك الحج، باب القران رقم (3702) و (3703) قال علي رضي الله عنه:«فلم أدع قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لقولك» . ومسند أحمد: 1/ 464 من مسند عثمان رضي الله عنه رقم (402) و: 1/ 482 رقم (424) قال محقق الكتاب: «حديث حسن لغيره وله شاهد عند أحمد في مسند علي برقم (707) وسنده قوي فيتقوى به» ، و: 2/ 114 - 115 من مسند علي رضي الله عنه رقم (707) قال محقق الكتاب: إسناده حسن.
(2)
مصنف ابن أبي شيبة: 6/ 439 كتاب الديات، باب فيما يصاب في الفتن من الدماء رقم (206) بلفظ:
…
«هاجت الفتنة وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم متوافرون، فأجمع رأيهم على أنهم لا يقاد ولا يودي ما أصيب على تأويل القرآن إلا مال يوجد بعينه» . سنن البيهقي الكبرى: 8/ 174 - 175 كتاب قتال أهل البغي، باب من قال لا تباعة في الجراح والدماء بلفظ:«هاجت الفتنة الأولى فأدركت - يعني الفتنة - رجالاً ذوي عدد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ممن شهد معه بدراً وبلغنا أنهم يرون أن هذا أمر الفتنة لا يقام فيها على رجل قاتل في تأويل القرآن قصاص فيما قتل» . السنة للخلال: 1/ 151 رقم (123) عن الزهري، وقال محقق الكتاب:«في إسناده ضعيف لأن فيه يحيى بن اليمان صدوق يخطئ وقد تغير» . منهاج السنة النبوية لابن تيمية: 1/ 346.
(3)
انظر ما جاء في صفين لنصر بن مزاحم: ص 189 أن معاوية رضي الله عنه قال عن علي رضي الله عنه أنه إن كان صادقاً -وهو صادق - في أنه لم يشترك ولم يمالئ في قتل عثمان رضي الله عنه، فليسلمه قتلة عثمان وهم في جيشه. ردَّ علي رضي الله عنه:«تأوَّل القوم عليه القرآن ووقعت الفرقة، وقتلوه في سلطانه وليس على ضربهم قَوَد» أي أن سيدنا علياً رضي الله عنه اعتبرهم بغاة خرجوا بتأويل فلا قصاص عليهم. وهذا يشير إلى رفض علي رضي الله عنه القصاص منهم. وهذا مذهب الحنفية (بدائع الصنائع للكاساني: 7/ 141. البحر الرائق لابن نجيم: 5/ 153 - 154. شرح المقاصد للتفتازاني: 5/ 304) والمالكية (التاج والإكليل للعبدري: 8/ 368. جواهر الإكليل للآبي: 2/ 277) وأحد قولي الشافعي (منهاج الطالبين للنووي: 3/ 191. مغني المحتاج للخطيب الشربيني: 4/ 129. الميزان للشعراني: 2/ 176. المسايرة ومعه المسامرة رسالة دبلوم لحسن عبيد: ص 333) والحنابلة (كشاف القناع للبهوتي: 6/ 165. الأحكام السلطانية للفرَّاء: ص 56) والظاهرية (المحلى لابن حزم: 11/ 105. الفصل في الملل لابن حزم: 4/ 125) والزيدية (البحر الزَّخَّار لابن المرتضى: 5/ 382 - 383. الروضة الندية للقنوجي: ص 781) والمعتزلة (شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: مج 1/ 334، 3/ 124) أن من قتل على تأويل فلا قود في ذلك. والإمامية على خلاف هذا!! (شرائع الإسلام للحلي: 1/ 309) وكذا الإسماعيلية!! (تأويل الدعائم للنعمان بن محمد: ص 317).