الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
4 -
واقع الوحدة العسكرية:
إن مجرد التفكير فيها من المحرمات عند كثير من الدول الإسلامية أو العربية فضلاً عن حرمتها عند الدول غير الإسلامية عامة والأوربية والأمريكية خاصة.
وكل الاتفاقات في هذا المجال مجمدة تماماً، وما يحصل منها فإنه يحصل على نطاق محدود جداً جداً، وضمن أطر غير عربية وغير إسلامية، وتكون في الغالب موجهة من قبل أوروبا أو أمريكا وتخدم مصالح هذه الدول لا مصالح الدول الإسلامية.
بل إنك لتجد التوترات العسكرية - بدل التعاون - هي السائدة بين بعض الدول الإسلامية، أو على الأقل وجود الشك والريبة في هذه العلاقات.
2 - التوصيات:
مع هذا الواقع الذي أشرت إلى بعض جوانبه آنفاً، فالسعي إلى الوحدة طريقه طويل وشائك، ولكنه ليس مستحيلاً.
لذا أقترح تجزئة العمل والتركيز على الجانب الاقتصادي والاجتماعي، وتأخير الجانب السياسي والعسكري إلى وقت آخر، على أن يكون التعاونُ الاقتصادي المدخلَ للتعاون والتقارب الاجتماعي.
وأما من يقوم بهذا، فهم الأفراد والمؤسسات الأهلية والأحزاب والمراكز البحثية، ولا يعني هذا عدم الاستفادة من الجهود الرسمية، وتفعيل الاتفاقيات الاقتصادية الموجودة، ولكنه يعني أن من ينهض بعبء هذا الهدف الجليل ينبغي أن يكون من المؤمنين بشرعية وأهمية هذا الهدف من الأفراد والشعوب، لا من الحكومات والرسميين، وذلك بسبب بُعْدِ الأفرادِ والمؤسسات الأهلية أو المدنية عن الضغوط السياسية - في الغالب - التي تمارسها على الحكومات الجهاتُ التي لا تريد لمثل هذا الهدف أن يتحقق.
وقد أثبتت تجربة حزب الله في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان، نجاعة أن تتولى الشعوب زمام المبادرة، بدل لوم الحكومات التي لا تستطيع في كثير من الأحيان - في ظل الظروف الدولية - القيام بواجباتها في هذا الشأن.
فينبغي على العقلاء وأهل الشهامة من العلماء في مختلف المجالات ومن السياسيين والإعلاميين ومن له التأثير في مجتمعه في كل بلد، أن يتولوا زمام المبادرة لتحقيق الوحدة الإسلامية، فيبدؤوا بدراسة الواقع الخاص ببلدهم، لمعرفة أفضل الطرق الموصلة إلى هذا الهدف، فهم الأدرى بدقائق أوضاع بلادهم من غيرهم، مع ضرورة التعاون والتنسيق بينهم، ولابد لتحقيق الوحدة من:
1 -
دراسة التركيبة الاجتماعية لكل دولة من الدول الإسلامية لمعرفة:
أ) من هم المخاطَبون وما طبيعتهم وما أفكارهم: ويأتي هنا معرفة العقبات الاجتماعية المتأصلة في طبقات المجتمع المسلم، ومطالبتها بالعودة إلى النبع الأصيل لشريعتنا السمحة، كالعودة إلى التكافل الاقتصادي بين أفراد المجتمع في البلد الإسلامي الواحد أو بين الدول الإسلامية المختلفة، ونبذ الأنانية الفردية بين أفراد المجتمع الواحد، أو بين مجتمعات إسلامية مختلفة، متجاورة أو غير متجاورة، ومن ثم توعية المسلمين أن الدعوات التي تُنشر بينهم والتي تفرقهم، أو تصنفهم تصنيفات متعددة، وتعمق التباعد بينهم، ليست من ديننا في شيء، وهي دعوات متهمة وراءها قوى معادية الإسلام ومتسترة وراء واجهات مختلفة.
كما يأتي في إطار العودة بالمسلمين إلى الوحدة الاجتماعية كلُ جهد يبذله العلماء في الدعوة إلى إحياء الإسلام في قلوب الناس، لأنه هو الأساس في أي تقارب اجتماعي فهو الذي يصهر الناس ببوتقة واحدة، فعوامل الوحدة مبثوثة في تعاليم الإسلام المختلفة، ولا حاجة للتدليل على هذا فهو أكثر من أن يحصى بدءً من العقيدة الواحدة، والتاريخ المشترك، وانتهاء بالعبادات المختلفة التي توحد المسلمين.
ب) ومن هي الفئات التي تعادي مشروع الوحدة (1)، ولماذا يمكن أن تعاديه،
(1) مما يعتبر مفاجأة من العيار الثقيل في هذا المجال، أن أعداء الأمة استطاعوا الوصول إلى بعض رموز الأمة الدينية، ليعملوا على توجيه الشعوب بما يخدم مصلحتهم، ولهم بهذا برامج حية لمعرفة واستكشاف المستعدِّين للقيام بهذا الدور، وزرعهم في مراكز القرار الديني. وهذا الأمر شديد الحساسية قد يؤدي إلى فقدان الناس الثقة بأشرف طبقة اجتماعية على الإطلاق وهم العلماء، والذين من المفترض أن يوجهوا الناس إلى طريق الخلاص، ولكني اعتقد أن الناس عندها القدرة على اكتشاف هؤلاء وتجنبهم، والله سبحانه يأبى أن يترك هؤلاء دون أن يفضحهم.
وكيف يمكن التعامل معهم: وتبرز هنا مشكلات اجتماعية كثيرة، كالمشكلات الطائفية والعرقية بل والمذهبية، ومشكلات تنبع من اختلاف أتباع الأديان الثلاثة، وما ينبغي من تطمينهم من أن فكرة كهذه ليست دينية بحتة، ولا تؤدي إلى غمطهم حقوقهم، واقناعهم أن هذه الفكرة تخدم مصالح أبناء الوطن على اختلاف اتجاهاتهم، كما وتبرز هنا مشكلات ناتجة عن معاداة الفئات التي لها مصلحة في بقاء الواقع كما هو عليه من المنتفعين من حالة التفرق والضعف، أو من الذين رهنوا ولاءهم لغير الله ورسوله، ولغير مصلحة أمتهم.
وغني عن الذكر أن فكرة كهذه لها أعداء شرسون من خارج المجتمع المسلم كالدول العالمية الاستعمارية التي لا زالت تنظر إلى بعض الدول الإسلامية نظرة المستعمر الانتهازية المخربة، بصورة أو بأخرى.
ويبرز في هذا الإطار جلياً الدور الهام للإعلام وللعاملين فيه من المخلصين لأوطانهم، في اختصار الزمن لتوصيل هذه الفكرة للناس، وفي إطلاق وتوجيه طاقات شباب الأمة الوجهة الصحيحة، بدل هدرها على ما لا نفع فيه لهم ولا لأمتهم، فهم أمل الأمة في مستقبل أفضل.
2 -
دراسة التركيبة الاقتصادية لكل دولة من الدول الإسلامية: لمعرفة الطرق الاقتصادية العملية الممكنة للتقريب بين الدول الإسلامية عامة والمتجاورة فيما بينها خاصة، ومن هم الذين يمكن أن يكونوا حملة هذه المهمة الاقتصادية، أو الذين لهم صلة مباشرة بالاقتصاد، من خبراء أو من كبار التجار والصناعيين والمزارعين، أو المؤسسات التي لها صلة بهم، ومن هم الذين يمكن أن يتضرروا من الوحدة، كالفئات الانتهازية المستفيدة من حالة التجزئة، أو الفاسدين الذين يعرقلون أي تقدم اقتصادي، أوالذين سبقونا في سد الطريق على مثل هذا الهدف (1)، كالعاملين على الاتفاقيات الاقتصادية التي تبطن أهدافاً استعمارية ومصالح كبرى الشركات والقوى الاقتصادية المتنفذة، والتي لها باع طويل في التحكم بمقدرات
(1) من الأهمية بمكان التنبيه على أن غالب الدوائر الاقتصادية المهمة التي لها تأثير على حياة الناس وعلى اقتصادات الدول، يتربع على عروشها شخصيات لها اتصالات بمنظمات يهودية عالمية؛ كرئاسة الغرف التجارية التي يتولى رئاستها من لهم علاقة بالماسونية.