الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هذا الاختصار يوضح أنَّ القول بأنَّ الإنسان عامة والحاكمَ خاصة، هما خلفاء الله في أرضه، لا يعني إطلاق الصلاحيات، فهو لا يعني أكثر من عِظمِ المسؤولية الملقاة على عاتقهما، فالخليفة ليس ممثلاً للسلطة الإلهية، ولكنه ممثِّل لتنفيذ السُّلطة الإلهيَّة المتمثِّلة بشرعه تعالى.
وأما
الرأي الثاني: القائل بأنَّ الخلافة إنَّما هي خلافة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
-، فقد قال به جمهور المتكلمين من أهل السنة (1)، لسهولة فهمه وتطبيقه، ولأنَّ الاستخلاف كما قالوا إنَّما هو في حق الغائب، أو في حق من يموت، والله منزهٌ عن ذلك (2).
وهذا قول عامة الحنفية (3) والمالكية (4) والشافعية (5) والحنابلة (6) وغيرهم (7).
واستدلُّوا بأنَّ أبا بكر رضي الله عنه نهى عن ذلك لمَّا دُعي به وقال: لست خليفةَ الله، ولكني خليفةُ رسول الله صلى الله عليه وسلم (8). وكذلك فعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما قال له
(1) المواقف للإيجي: 3/ 574. شرح المواقف للجرجاني: 8/ 345. الإمامة للآمدي: ص 72. مآثر الإنافة للقلقشندي: 1/ 16. وانظر صبح الأعشى للقلقشندي: 5/ 418. الموسوعة الفقهية: 6/ 217.
(2)
صحيح أن الله لا يغيب، ولكنه تعالى بالنسبة إلى البشر غيبٌ، وقد كتب علماء العقيدة أن أول الإيمان بالغيبيات هو الإيمان بالله، وبهذا يزول الأساس الذي استُنِد عليه في نقضِ قولِ من قال: إن الخليفة نائب عن الله. وقد نقل ابن خلدون في مقدمته: ص 191 الفصل السادس والعشرون قول الجمهور هذا، ولكن سبقت الإشارة في ص (53) الحاشية (3) أنه قال في مقدمته: ص 196 أن الخليفة نائب عن الله، وقال في أثناء كلامه عن تقليد الإمارة على البلاد ما يفيد أن الخليفة نائب عن المسلمين انظر ص 37، فمحصلة الكلام أن الخليفة عنده نائب عن الله والمسلمين معاً. المواقف للإيجي: 3/ 574. شرح المواقف للجرجاني: 8/ 345. الإمامة للآمدي: ص 72. مآثر الإنافة للقلقشندي: 1/ 16. وانظر صبح الأعشى للقلقشندي: 5/ 418. الموسوعة الفقهية: 6/ 217.
(3)
حاشية ابن عابدين: 1/ 548. الدر المختار للحصكفي: 5/ 507.
(4)
حاشية العدوي على كفاية الطالب: 1/ 127.
(5)
روضة الطالبين للنووي: 10/ 49 كتاب الإمامة. مغني المحتاج للخطيب الشربيني: 4/ 132. حواشي الشرواني: 9/ 75. نهاية المحتاج للرملي: 7/ 409 كتاب البغاة، فصل في شروط الإمام الأعظم. أسنى المطالب للأنصاري: 4/ 111. الأحكام السلطانية للماوردي: ص 17.
(6)
الأحكام السلطانية للفرَّاء: ص 27. مجموع فتاوى ابن تيمية: 35/ 45.
(7)
موقف العقل لمصطفى صبري: 4/ 363. إكليل الكرامة للقنوجي: ص 18. الخلافة والإمامة للخطيب: ص 340.
(8)
السنَّة للخلال: 274 رقم (334) وقال: إسناده صحيح. مسند أحمد: 1/ 225 رقم (59) عن أبي بكر و: 1/ 227 رقم (64) عن أبي بكر، قال المحقق: إسناده ضعيف لانقطاعه فإن ابن أبي مليكة لم يدرك أبا بكر. وقال في مجمع الزوائد 5/ 184: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح إلا أن ابن أبي مليكة لم يدرك الصديق. وقارن بصحيح البخاري: 6/ 2639 كتاب الأحكام باب الاستخلاف رقم (6795) عن أبي بكر رضي الله عنه أنه قال لوفد بزاخة: «ثم تتبعون أذناب الإبل حتى يُري اللهُ خليفةَ نبيه صلى الله عليه وسلم والمهاجرين أمراً يعذرونكم به» . وانظر: تفسير القرطبي: 14/ 355. شرح السنة للبغوي: 14/ 76. منهاج السنة النبوية لابن تيمية: 1/ 316. الأحكام السلطانية للماوردي: ص 18. التمهيد لابن عبد البر: 22/ 127.
رجل: يا خليفة الله. فقال له: خالف الله بك فقال: جعلني الله فداءك (1). وتكرر الأمر مع عمر بن عبد العزيز عندما قال له رجل: يا خليفة الله. فقال: ويلك لقد تناولت متناولاً بعيداً، إن أمي سمَّتني عمر، فلو دعوتني بهذا قبلت، ثُّم ولَّيتموني أموركم، فسمَّيتموني أمير المؤمنين فلو دعوتني به كفاك (2). وقد اضطرَدَتْ مخاطبةُ أبي بكر رضي الله عنه بأنه خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم من جميع الصحابة رضوان الله عليهم (3)، حتى عُدَّ هذا مما أجمع عليه الصحابة رضوان الله عليهم.
ووَرَدَ في السلام على أبي بكر رضي الله عنه في الروضة المشرفة: السلام عليك يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم (4).
ومما يُرَدُّ به على هذا الرأي أنَّ ما كان تبريراً وتفسيراً لخلافة سيدنا آدم وسيدنا داود - عليهما الصلاة والسلام - لله، يصحُّ أن يكون كذلك لغيرهما، فهما لم يكونا خليفتين عن الله تعالى لأنَّه غائبٌ أو ميتٌ، وما صحَّ لهما صحَّ لنبيِّنا صلى الله عليه وسلم،
(1) تاريخ الطبري: 2/ 569. السنة للخلال: 1/ 278 رقم (341) وقال: إسناده لا يصح لأن فيه مجهول.
(2)
مآثر الإنافة للقلقشندي: 1/ 15. صبح الأعشى للقلقشندي: 5/ 418. شرح السنة للبغوي: 14/ 76.
(3)
انظر على سبيل المثال: المستدرك: 3/ 85 رقم (4469) عن أنس وقال: حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، بلفظ:«ثم طُفنا بغرفة فيها أبو بكر حين أصابه وجعه الذي قبض فيه فاطَّلع علينا إطلاعة فقال: أليس ترضون بما أصنع؟ قلنا: بلى يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم» . وأيضاً المستدرك: 3/ 85 رقم (4470) حين سار أبو بكر مع الجيوش المتجهة إلى الشام فقالوا: يا خليفة رسول الله تمشي ونحن ركبان!. وقال: حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. ورقم (4473)، و: 3/ 86 رقم (4475). وتفسير ابن كثير: 6/ 455. وتفسير الطبري: 2/ 174 و: 22/ 41. ومسند أحمد: 1/ 226 رقم (61) عن أبي بكر قال محقق الكتاب: إسناده قوي، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عبد الله بن مطرف بن الشخير فقد روى عنه جمع وخرج حديثه أبو داود والنسائي ووثقه ابن حبان. وسنن النسائي الكبرى: 2/ 304 كتاب تحريم الدم، باب ذكر الاختلاف على الأعمش رقم (3535) عن أبي برزة، وسنده صحيح. وابن أبي شيبة في مصنفه: 7/ 433 رقم (37048).
(4)
إعانة الطالبين للدمياطي: 2/ 315. نور الإيضاح للشرنبلالي: 1/ 155 - 156. شرح فتح القدير للسيواسي: 3/ 181.