المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفقهاء والخلافة العباسية: - تعدد الخلفاء ووحدة الأمة فقها وتاريخا ومستقبلا

[محمد خلدون مالكي]

فهرس الكتاب

- ‌الإهداء

- ‌خطبة الكتاب

- ‌خطة البحث:

- ‌منهج البحث:

- ‌صعوبات البحث:

- ‌الدراسات السابقة:

- ‌الباب الأولتعاريف ومقدمات فقهية لا بد منها

- ‌الفصل الأولالتعاريف

- ‌المبحث الأول:‌‌ تعريف الخليفة لغةًوشرعاً

- ‌ تعريف الخليفة لغةً

- ‌تعريف الخليفة شرعاً:

- ‌هل يشترط فيمن يخلف شخصاً آخر أن يستخلَفه الأولُ حتى يطلق عليه اسم خليفة أو لا

- ‌المعنى العام لكلمة خليفة (ما نفهمه من كلمة خليفة):

- ‌المبحث الثاني:‌‌ تعريف الخلافة لغةوشرعاً

- ‌ تعريف الخلافة لغة

- ‌تعريف الخلافة شرعاً:

- ‌المبحث الثالث:‌‌ تعريف الإمام لغةوشرعاً

- ‌ تعريف الإمام لغة

- ‌تعريف الإمام شرعاً:

- ‌الفصل الثانيمقدمات فقهية لا بد منها

- ‌المبحث الأول: حكم إقامة الخلافة ودليله

- ‌1 - من قال بوجوب إقامتها:

- ‌من الذي يجب عليه إقامة الخلافة وما مصدر هذا الوجوب:

- ‌أدلة وجوب نصب الإمام:

- ‌2 - من قال بعدم وجوب إقامة الخلافة:

- ‌دليل من لم يقل بوجوب الخلافة:

- ‌دليل اللُّطف على وجوب الإمامة عند الشِّيعة:

- ‌ اللُّطف عند أهل السُّنَّة

- ‌دليل الشِّيعة على مسألة اللُّطف:

- ‌المبحث الثانيهل الخلافة من مباحث علم الكلام أو من فروع الفقه

- ‌1 - الاتجاه الأول: من اعتبر الإمامة من فروع الفقه:

- ‌2 - الاتجاه الثاني: من اعتبر الإمامة من مباحث علم الكلام:

- ‌3 - الاتجاه الثالث: من اعتبر الإمامة ومباحثها أمراً دنيوياً لا علاقة له بالدين:

- ‌المبحث الثالث: عمن تكون الخلافة

- ‌الرأي الأول: القائل إنَّ الخلافة عن الله تعالى

- ‌ الرأي الثاني: القائل بأنَّ الخلافة إنَّما هي خلافة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌ الرأي الثالث: القائل إن الخلافة هي عن الله ورسوله معاً:

- ‌ الرأي الرابع: القائل إنَّ الخلافة هي خلافة عن الأمة:

- ‌مناقشة هذا الرأي:

- ‌ الرأي الخامس: القائل إنَّ الخلافة هي خلافة عن الخليفة السَّابق

- ‌ الرأي السادس: فهو في الخلافة العامة لكل البشر

- ‌الباب الثانيتعدد الخلفاء من المنظور الفقهي

- ‌الفصل الأول: التمهيد

- ‌المبحث الأول: معنى الخلافة الكاملة والخلافة الناقصة

- ‌المبحث الثاني:دلالة حديث: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين»

- ‌المبحث الثالث: الأحداث التي اعتمد عليها الفقهاء في مسألة التعدد:

- ‌أولاً: ما قبل خلافة سيدنا علي رضي الله عنه

- ‌1 - طريقة انتخاب عثمان رضي الله عنه للخلافة:

- ‌2 - الأحداث في خلافة سيدنا عثمان رضي الله عنه

- ‌الانتقاد الأول:

- ‌الانتقاد الثاني:

- ‌ثانياً: الأحداث في خلافة سيدنا علي رضي الله عنه

- ‌تفاصيل الفتنة بين علي ومعاوية رضي الله عنهما:

- ‌أهداف سيدنا علي رضي الله عنه من حروبه في خلافته:

- ‌ثالثاً: الخلاف بين الحسن بن علي ومعاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهم

- ‌من بدأ بعرض الصلح:

- ‌شروط الصلح:

- ‌ما يستخلص من مجمل الأحداث في عهد الحسن بن علي رضي الله عنهما:

- ‌الفصل الثانيالشروط والواجبات ونظرية الضرورة

- ‌المبحث الأول: الشروط الواجب توفرها في الخليفة

- ‌ الشروط المتفق عليها

- ‌1 - الإسلام:

- ‌2 - العقل:

- ‌ الشروط المختلف فيها ولا قيمة للخلاف فيها

- ‌1 - الحرية:

- ‌2 - الذكورة:

- ‌3 - البلوغ:

- ‌4 - أن يكون سليم الحواس والأعضاء إلى درجة ما:

- ‌5 - عدم اشتراط أن يكون الإمام هاشمياً:

- ‌6 - عدم اشتراط العصمة:

- ‌7 - عدم اشتراط النصِّ على الإمام:

- ‌8 - عدم اشتراط أن يكون من نسل الحسن والحسين (علوياً):

- ‌9 - عدم اشتراط أن يكون صاحب كرامات:

- ‌10 - عدم اشتراط (الدعوة) أن يخرج داعياً إلى نفسه:

- ‌ الشروط المختلف فيها بناء على الدليل

- ‌1 - النسب القرشي:

- ‌أدلة من قال باشتراط القرشية:

- ‌أدلة من قال بعدم اشتراط القرشية:

- ‌2 - الاجتهاد:

- ‌3 - العدالة:

- ‌4 - أفضل أهل زمانه:

- ‌5 - الكفاءة:

- ‌6 - أن يكون مطاع الأمر نافذ الحكم في محل ولايته:

- ‌المبحث الثاني: واجبات الخليفة أو الأحكام المنوطة به

- ‌المبحث الثالث:نظريَّة الضرورة وبعض تطبيقاتها السياسية

- ‌تعريف الضرورة لغة واصطلاحاً:

- ‌مستند نظرية الضرورة من القرآن:

- ‌مستند النظرية من الحديث:

- ‌نظرية الضرورة في علم الأصول:

- ‌الضرورة في القواعد الفقهية:

- ‌المحرمات التي تبيحها الضرورة:

- ‌وللضرورة السياسية أمثلة منها:

- ‌من له حق تقدير الضرورة:

- ‌أحكام الضرورة:

- ‌الفصل الثالثحكم تعدد الخلفاء

- ‌المبحث الأول: من لم يجوز تعدد الخلفاء أو أجازه بشروط

- ‌أولاً: حكم تعدد الخلفاء بالنظر إلى المكان:

- ‌القسم الأول: حكم تعدد الخلفاء في البلد الواحد:

- ‌القسم الثاني: حكم تعدد الخلفاء في البلدان القريبة:

- ‌القسم الثالث: حكم تعدد الخلفاء في البلدان البعيدة:

- ‌ثانياً: حكم تعدد الخلفاء بالنظر إلى الزمان:

- ‌القسم الأول: حكم مبايعة خليفتين معاً بنفس الوقت:

- ‌القسم الثاني: حكم مبايعة خليفتين على التعاقب:

- ‌1 - الحالة الأولى: تعدد الخلفاء عند معرفة الخليفة الأول:

- ‌عقوبة من يطلب الخلافة مع وجود خليفة:

- ‌2 - الحالة الثانية: تعدد الخلفاء عند جهل تاريخ مبايعة كل منهما:

- ‌معيار الاختيار بين من يصلح للخلافة عند وجود أكثر من واحد:

- ‌المبحث الثاني: من أجاز تعدد الخلفاء مطلقاً

- ‌المبحث الثالث: الأدلة

- ‌أولاً: أدلة من لم يجوز التعدد:

- ‌ثانياً: أدلة من أجاز التعدد:

- ‌الترجيح:

- ‌الباب الثالثتعدد الخلفاء في التاريخ الإسلاميوالتكييف الفقهي لذلك

- ‌الفصل الأولالخلاف بين عبد الله بن الزبير رضي الله عنه والأمويين

- ‌1 - عبد الله بن الزبير ويزيد بن معاوية

- ‌تحليل الأحداث:

- ‌حكم خلافة يزيد بن معاوية:

- ‌2 - عبد الله بن الزبير ومروان بن الحكم

- ‌حكم خلافة مروان بن الحكم:

- ‌3 - عبد الله بن الزبير وعبد الملك بن مروان

- ‌المواجهة الأولى:

- ‌المواجهة الثانية:

- ‌المواجهة الثالثة والأخيرة مع ابن الزبير:

- ‌حكم خلافة عبد الملك بن مروان:

- ‌أسباب فشل ابن الزبير وعودة الخلافة للأمويين:

- ‌بعض من اعتزل الفتنة:

- ‌الفصل الثانيالخلافة العباسية والخلافة الفاطمية والخلافة الأموية في الأندلس

- ‌تمهيد:

- ‌المبحث الأول: الخلافة العباسية

- ‌نظرة عامة للخلافة العباسية:

- ‌سقوط الدولة الأموية وقيام الدولة العباسية:

- ‌سياسة العباسيين في قمع الأمويين واستئصال شأفتهم:

- ‌الفقهاء والخلافة العباسية:

- ‌سياسة العباسيين تجاه العلويين:

- ‌ثورة الحسين بن علي بالمدينة وموقعة فخ سنة 169 ه

- ‌المبحث الثانيالخلافة الفاطمية في المغرب ومصر

- ‌مدخل:

- ‌بدايات الدولة الفاطمية:

- ‌المقاومة السُّنية للنفوذ الفاطمي والمدِّ الشيعي في المغرب:

- ‌التوجه الشرقي للخلافة الفاطمية والتفكير في فتح مصر:

- ‌الفاطميون في طريقهم إلى فتح مصر:

- ‌الخليفة المعز لدين الله وتحقيق هدف الفاطميين في فتح مصر:

- ‌أسباب نجاح الفاطميين في فتح مصر:

- ‌السياسة المذهبية للفاطميين ومحاولة تحويل مصر إلى المذهب الإسماعيلي:

- ‌استجابة بعض المصريين للمذهب الإسماعيلي:

- ‌المقاومة السُّنية للمدِّ الشيعي في مصر:

- ‌أ- إظهار الشعائر السُّنية:

- ‌ب- الطعن في المذهب الإسماعيلي والتشكيك فيه:

- ‌ج- التصدي لغلو الإسماعيلية:

- ‌د - ازدهار الدراسات السُّنية:

- ‌المواجهة والصراع بين الخلافتين العباسية والفاطمية:

- ‌موقف العباسيين من الأطماع الفاطمية:

- ‌اضمحلال الخلافة الفاطمية وسقوطها:

- ‌موقف المصريين من سقوط الخلافة الفاطمية:

- ‌المبحث الثالثالخلافة الأموية في الأندلس

- ‌تمهيد:

- ‌أولاً - الأندلس من قبيل الفتح حتى نهاية عصر الولاة:

- ‌ثانياً - الأندلس في عصر الإمارة الأموية:

- ‌محاولات العباسيين استرداد الأندلس من أمراء بني أمية:

- ‌1 - المحاولة الأولى: ثورة العلاء بن المغيث على عبد الرحمن الداخل سنة 147هـ/764 م:

- ‌2 - المحاولة الثانية: مؤامرة مشتركة من أربعة أطراف بالاتفاق مع المهدي سنة 161 هـ/778 م:

- ‌دور العلماء في الأندلس في التمهيد لإعلان الخلافة:

- ‌ثالثاً - الأندلس في عصر الخلافة الأموية:

- ‌مستند فقهي لشرعية إعلان الخلافة في الأندلس:

- ‌دور العلماء في بقاء الخلافة الأموية في الأندلس:

- ‌علاقة الأمويين في الأندلس بالفاطميين:

- ‌1 - ثورة معلم الصبيان (شقنا) في عهد الداخل:

- ‌2 - ثورة الحسين بن يحيى والي سرقسطة:

- ‌محاولة أخرى:

- ‌رد فعل الأمويين في الأندلس على الدعوة الفاطمية:

- ‌الصراع المباشر بين الأمويين والفاطميين في المغرب:

- ‌ما نستنتجه من هذا الفصل:

- ‌الباب الرابع: التعدد والوحدة في المستقبل

- ‌تمهيد:

- ‌الفصل الأول: منظمة المؤتمر الإسلامي

- ‌ تعريف منظمة المؤتمر الإسلامي:

- ‌مراحل إنشاء منظمة المؤتمر الإسلامي:

- ‌جذور منظمة المؤتمر الإسلامي:

- ‌ميثاق منظمة المؤتمر الإسلامي:

- ‌هيئات منظمة المؤتمر الإسلامي:

- ‌الأمانة العامة

- ‌ مؤتمر الملوك والرؤساء:

- ‌ الأجهزة المتفرعة عن منظمة المؤتمر الإسلامي:

- ‌ مركز البحوث الإحصائية والاقتصادية والاجتماعية والتدريب:

- ‌ مركز البحوث والتاريخ والفنون والثقافة الإسلامية:

- ‌ الجامعة الإسلامية للتكنولوجيا:

- ‌ المركز الإسلامي لتنمية التجارة:

- ‌ مجمع الفقه الإسلامي:

- ‌ صندوق التضامن الإسلامي

- ‌ الجامعة الإسلامية في النيجر

- ‌قضية العضوية في منظمة المؤتمر الإسلامي:

- ‌منظمة المؤتمر الإسلامي والتجارة البينية:

- ‌مظاهر اهتمام منظمة المؤتمر الإسلامي بالتجارة:

- ‌من إنجازات المنظمة:

- ‌ محكمة العدل الإسلامية

- ‌تشكيل المحكمة:

- ‌اختصاص المحكمة:

- ‌النقد الذي وجه لمحكمة العدل الإسلامية:

- ‌ مشكلات الأقليات المسلمة:

- ‌ المنظمة ومسلمو بلغاريا:

- ‌ المنظمة ومسلمو تراقيا:

- ‌ مشكلة مسلمي الفلبين:

- ‌مقر منظمة المؤتمر الإسلامي:

- ‌تقييم عام لمنظمة المؤتمر الإسلامي:

- ‌أولاً: المجال السياسي:

- ‌ثانياً: مجال حماية الأقليات:

- ‌ثالثاً: الفرق بين منظمة المؤتمر الإسلامي ومؤسسة الخلافة

- ‌الفصل الثاني: جامعة الدول العربية

- ‌ظهور فكرة الجامعة العربية:

- ‌المشاورات التمهيدية لجامعة الدول العربية:

- ‌الأساس غير الوحدوي لبروتوكول وميثاق جامعة الدول العربية:

- ‌أجهزة جامعة الدول العربية:

- ‌1 - مجلس الجامعة:

- ‌2 - أمانة الجامعة:

- ‌3 - المنظمات العربية المتخصصة:

- ‌نماذج من أنشطة الجامعة العربية:

- ‌1 - اتفاقية الدفاع العربي المشترك:

- ‌الأجهزة المتعلقة بالأمن العربي:

- ‌التقييم:

- ‌2 - المجلس الاقتصادي:

- ‌3 - السوق العربية المشتركة:

- ‌تقييم عام لجامعة الدول العربية:

- ‌ الأسباب المتعلقة بالميثاق:

- ‌ أسباب تتعلق بالدول العربية:

- ‌ المتغيرات العالمية:

- ‌الفصل الثالث: رابطة العالم الإسلامي

- ‌مقدمة:

- ‌تعريف رابطة العالم الإسلامي:

- ‌تأسيس رابطة العالم الإسلامي:

- ‌ميثاق رابطة العالم الإسلامي:

- ‌الهيكل التنظيمي لرابطة العالم الإسلامي:

- ‌1 - المؤتمر الإسلامي العام:

- ‌2 - المجلس التأسيسي:

- ‌3 - الأمانة العامة:

- ‌هيئات الرابطة:

- ‌1 - المجمع الفقهي الإسلامي:

- ‌2 - الهيئة الإسلامية العالمية للاقتصاد والتمويل:

- ‌الأهداف:

- ‌ بعض إنجازات رابطة العالم الإسلامي في المجال الاقتصادي:

- ‌1 - المشاركة في المؤتمرات الاقتصادية الدولية:

- ‌2 - الدعوة لتطبيق قواعد الاقتصاد الإسلامي:

- ‌3 - العلاقة مع المؤسسات الاقتصادية والإسلامية:

- ‌4 - الإسهام في الاقتصاد عن طريق المجمع الفقهي:

- ‌5 - محاولة إنشاء السوق الإسلامية المشتركة:

- ‌6 - التأكيد على المشروعات المشتركة:

- ‌7 - دعم برامج التنمية الريفية والاجتماعية والاقتصادية:

- ‌تقييم عام لرابطة العالم الإسلامي:

- ‌سبل تحقيق الوحدة (الواقع والتوصيات):

- ‌1 - واقع الوحدة:

- ‌ واقع الوحدة الاجتماعية:

- ‌ واقع الوحدة الاقتصادية:

- ‌ واقع الوحدة السياسية:

- ‌ واقع الوحدة العسكرية:

- ‌2 - التوصيات:

- ‌1 - من الناحية الاقتصادية:

- ‌2 - من الناحية الاجتماعية:

- ‌3 - من الناحية السياسية:

- ‌4 - من الناحية العسكرية:

- ‌خاتمة

- ‌ملحق رقم (1)قائمة بأسماء أمراء الأندلس وخلفائها مع سنوات حكم كل منهمفي عهدَي الإمارة والخلافة

- ‌ملحق رقم (2)نص الوثيقة التي أعلن الناصر نفسه خليفة فيها سنة 316 ه

- ‌وثائق هامة

- ‌وثيقة أخرى

- ‌فهرس المصادر والمراجع

الفصل: ‌الفقهاء والخلافة العباسية:

نعم، أصلح الله الأمير. قال: ما تقول في دماء بني أمية؟ قلت: لقد كان بينك وبينهم عهود، وكان ينبغي أن تَفُوا بها، قال: ويحك، اجعلني وإياهم لا عهد بيننا، فأجهشت نفسي وكرهت القتل، فتذكرت مقامي بين يدي الله فلفظتها، فقلت: دماؤهم عليكم حرام، فغضب وانتفخت أوداجه واحمرت عيناه، فقال لي: ويحك ولم؟! قلت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: ثيب زان، ونفس بنفس، وتارك لدينه» (1)، قال: ويحك، أوَ ليس الأمر لنا ديانة؟! قلت: كيف ذاك؟ قال: أليس كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أوصى لعلي؟! قلت: لو أوصى إليه ما حكَّم الحكمين، فسكتَ وقد اجتمع غضباً، فجعلت أتوقع أن يسقط رأسي بين يدي، فأومأ بيده أن أخرجوه» (2).

ويُروى كذلك أن الأوزاعي التقى بعد ذلك بأبي جعفر المنصور، فقال له: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان بيده جريدة يستاك بها ويروع عنه المنافقين، فأتاه جبريل فقال: يا محمد ما هذه الجريدة بيدك؟! اقذفها، لا تملأ قلوبهم رعباً، فكيف بمن سفك دماءهم وأنهب أموالهم؟! (3).

‌الفقهاء والخلافة العباسية:

كان المسلمون من أهل السنة ينظرون إلى الخلافة العباسية على أنها خلافة شرعية، يجب طاعة خلفائها بمقتضى عقد البيعة بين الخليفة والرعية. ولعل نظرتهم - ولا سيما الفقهاء منهم - إلى الخلافة العباسية لا تختلف عن نظرتهم إلى الخلافة الأموية من ناحية استيفاء مقومات الشرعية، ولم يشذ عن هذا الموقف سوى طوائف الشيعة الذين كانوا يرون أن الخلافة يجب أن تكون في أبناء علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وأن العباسيين قد ابتزوهم حقَّهم، واستأثروا بالخلافة دونهم.

ولا ريب أن قوة الدعاية العباسية وبراعة تنظيمها هي التي هيأت الرأي العام الإسلامي لقبول خلافتهم، والاعتقاد بأنها خلافة شرعية ولا سيما أن العباسيين

(1) صحيح البخاري: 6/ 2521 كتاب الديات، باب قول الله تعالى أن النفس بالنفس رقم (6484) عن ابن مسعود. صحيح مسلم: 5/ 106 كتاب القسامة والمحاربين، باب ما يباح به دم المسلم رقم (4468) عن ابن مسعود. وغيرهما.

(2)

سير أعلام النبلاء: 7/ 129.

(3)

حلية الأولياء للأصبهاني: 6/ 137. العقد الفريد لابن عبد ربه: 3/ 120.

ص: 254

ينتمون إلى بني هاشم، وأن دولتهم قد اشتقت اسمها من العباس بن عبد المطلب عم النبي صلى الله عليه وسلم. وقد آمن العباسيون إيماناً مطلقاً بحقهم في الخلافة، ويبين ذلك بياناً شافياً خطبة أبي العباس السفاح في أهل الكوفة، وهي الخطبة التي أتمها عمه داود بن علي، فكان مما قاله: «

ألا وإنه ما صعد منبركم هذا خليفة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وأمير المؤمنين عبد الله بن محمد

واعلموا أن هذا الأمر فينا ليس بخارج منَّا حتى نسلمه إلى عيسى ابن مريم صلى الله عليه وسلم» (1).

ومع ذلك فقد كان العباسيون يدركون أن عدداً من المسلمين - من العرب أو الموالي الفرس- لا يرضون بخلافتهم، ويرون أن العلويين أحق بها، وأن العباسيين قد خدعوهم حين صدروا دعوتهم بهذا الشعار المضلل «الرضا من آل البيت» (2).

ولذلك لجأ العباسيون في تثبيت حكمهم وتأكيد شرعيتهم إلى العلماء والقضاة والفقهاء، فجعلوا يقربونهم ويسبغون عليهم ألوان التقدير والاحترام، ويعتمدون عليهم في إدارة وظائف الدولة ومرافقها، ولا سيما القضاء.

ونعتقد أن العلماء والفقهاء والقضاة كانوا يؤسسون موقفهم من شرعية الخلافة العباسية على حكم الضرورة أو الواقع، فثمة حِكَمٌ كثيرة تترتب على الاعتراف بهذه الخلافة، ويدلنا هذا على مدى ما يمتاز به الفقه الإسلامي من مرونة تساير الواقع، وهذه الحِكَم المشار إليها هي أن يستمر الاعتراف بوجود الدولة وشرعيتها واتصال حياتها، وأن تُضفَى على الأحكام الصادرة عنها صفة الشرعية ولا سيما الأحكام الدينية، فينتفي بذلك الحرج عن الرعية، ولا تكون حياتهم مخالفة للدين، كما يكون هناك حفظ الوحدة والتعاون في الأمور العامة المشتركة بدل التنابذ والشقاق؛ حتى يقف الكل صفّاً واحداً تجاه الأعداء (3).

ومن جانبه فقد أدرك الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور «136 - 158هـ/754 - 775 م» الدور المهم للعلماء والقضاة في إرساء دعائم الدولة

(1) تاريخ الطبري: 7/ 428. الكامل لابن الأثير: 5/ 415.

(2)

الخلافة والدولة في العصر العباسي للدكتور محمد حلمي: ص 46 وما بعدها.

(3)

النظريات السياسية الإسلامية للدكتور ضياء الدين الريس: ص 283.

ص: 255

العباسية، سواء من حيث إضفاء الشرعية على الخلافة، أو من حيث الاستفادة بقدراتهم العملية والعلمية في تصريف شؤون الدولة، فروي عنه أنه قال: ما كان أحوجني إلى أن يكون على بابي أربعة نفر لا يكون على بابي أعف منهم، فقيل له: من هم يا أمير المؤمنين؟ قال: هم أركان الملك، ولا يصلح الملك إلا بهم، كما أن السرير لا يصلح إلا بأربع قوائم إن نقصت واحدة تداعى، وذكر أول هؤلاء الأربعة فقال: أما أحدهم فقاض لا تأخذه في الله لومة لائم (1).

وقد نجح أبو جعفر المنصور في إقناع طائفة من كبار الفقهاء بقبول منصب القضاء، فكان ذلك اعترافاً ضمنيّاً منهم بشرعية الخلافة العباسية. ومن هؤلاء: ابن أبي ليلى الذي ولي قضاء الكوفة عشرين سنة «132 - 153هـ» (2)، وشريك بن عبد الله الذي ولي قضاء الكوفة منذ سنة 153هـ ثم ضم إليه الخليفة العباسي المهدي قضاء بغداد سنة 158هـ (3)، وسواد بن عبد الله الذي ولي قضاء البصرة من سنة 138هـ إلى سنة 156هـ.

على أن أشهر من ولي القضاء للعباسيين - غيرَ مدافَع- الفقيهُ الحنفي أبو يوسف تلميذ أبي حنيفة.

تولى القضاء سنة 166هـ في خلافة المهدي، واستمر في منصبه في عهد الهادي والرشيد، حتى توفي بعد خمسة عشر عاماً قضاها في منصب القاضي، ولم يكن أبو يوسف فقط قاضياً يطبق شرع الله بين المتخاصمين، ويحكم بين الناس بما أنزل الله، ولكنه قام بدور النصيحة السياسية والتوجيه للخليفة، كما قام بدور التقنين لنظم الخراج والزكاة، وقدم مقترحات كثيرة في كتابه الذي ألفه بطلب من الرشيد لحماية الرعية من عسف العمال وحفظ حق الدولة، فقد بدأ كتابه المسمى «كتاب الخراج» بنصيحة للرشيد، يبصره فيها بواجبه نحو رعيته ومسؤوليته عنها أمام ربه، ويحذره من عاقبة التضييع لهذه المسؤولية، فقال له: يا أمير المؤمنين إن الله - وله الحمد - قد قلَّدك أمراً عظيماً، ثوابه أعظم الثواب، وعقابه

(1) تاريخ الطبري: 8/ 67.

(2)

الوافي بالوفيات: 3/ 184 - 185.

(3)

تاريخ الطبري: 4/ 547.

ص: 256

أشد العقاب، قلَّدك أمر هذه الأمَّة، فأصبحت وأمسيت وأنت تبني لخلق كثير استرعاكهم الله، وائتمنك عليهم، وابتلاك بهم، وولاك أمرهم، وليس يثبت البنيان إذا أسس على غير التقوى أن يأتيه الله من القواعد فيهدّه على من بناه» (1).

على أن هناك من الفقهاء من رفض تقلد منصب القضاء، ليس طعناً في شرعية الحكم العباسي، ولكن إحساساً بخطورة هذا المنصب وإشفاقاً من مسؤولياته وعواقبه في الآخرة؛ فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:«من ولي القضاء فقد ذبح بغير سكين» (2)، ولعل أشهر من رفض منصب القضاء في العصر العباسي، الإمام أبو حنيفة النعمان؛ حيث أشخصه أبو جعفر من الكوفة إلى بغداد، وأراد أن يوليه قضاءها فأبى، فحلف عليه ليفعلن، فحلف أبو حنيفة ألا يفعل، فحلف أبو جعفر مرة ثانية عليه ليفعلن فحلف أبو حنيفة ألا يفعل، فقال الربيع: ألا ترى أمير المؤمنين يحلف! قال: أمير المؤمنين على كفارة أيمانه أقدر مني على كفارة أيماني، فأمر أبو جعفر به إلى الحبس، ثم أحضره مرة أخرى وناقشه في رفضه للقضاء، فقال أبو حنيفة له: والله ما أنا بمأمون الرضى فكيف أكون مأمون الغضب، ولو اتجه الحكم عليك ثم هددتني أن تغرقني في الفرات أو أن تلي الحكم لاخترت أن أغرق، ولك حاشية يحتاجون إلى من يكرمهم لك، فلا أصلح لذلك (3).

وإذا كان القضاة في الدولة العباسية قد أدوا واجبهم في ترشيد قرارات الخلفاء والعمل على تطبيق الشريعة، والإسهام في توجيه الخلفاء وتبصيرهم بواجباتهم نحو الرعية، من منطلق ما يمليه عليه منصب القضاء من أعباء ومسؤوليات، فإن الفقهاء والعلماء من خارج دائرة وظائف الدولة قد شاركوهم هذه المسؤولية، وإن كانوا أكثر منهم صراحة وأعظم جرأة في نقد الخلفاء وبيان أخطائهم، وتجاوزاتهم فيما يمس حقوق الرعية ومصالحها، ولم يخش العلماء من إعلان كلمة الحق والجهر بها في وجه الخلفاء العباسيين حتى في بداية الدولة، حين كان السيف هو

(1) العصر العباسي الأول للدكتور فهمي عبد الجليل: ص 255 - 256.

(2)

سنن أبي داود: 3/ 298 كتاب الأقضية، باب: في طلب القضاء، رقم (3100) عن أبي هريرة. سنن ابن ماجه: 2/ 774 كتاب الأحكام، باب: ذكر القضاة (2299) عن أبي هريرة. سنن الترمذي: 3/ 614، كتاب الأحكام، باب: ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في القاضي رقم (1247) عن أبي هريرة.

(3)

تاريخ بغداد: 13/ 328 - 329. مرآة الجنان لليافعي: 1/ 311. الوافي بالوفيات: 27/ 90.

ص: 257