المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

6604 - البخاري: حكى أنها سنة ستٍ، وقيل: سنة أربعٍ، - جمع الفوائد من جامع الأصول ومجمع الزوائد - جـ ٣

[الروداني، محمد بن سليمان المغربي]

فهرس الكتاب

- ‌غزوة أحد

- ‌من ذكر في مجمع الزوائد من شهداء أحد

- ‌غزوة الرجيع، وغزوة بئر معونة، وغزوة فزارة

- ‌غزوة الخندق وغزوة بنى قريظة

- ‌غزوة ذات الرّقاع وغزوة بنى المصطلق وغزوة أنمار

- ‌غزوة الحديبية

- ‌غزوة ذي قرد وغزوة خيبر وعمرة القضاء

- ‌غزوة مؤتة من أرض الشام، وبعث أسامة بن زيد إلى الحرقات من جهينة

- ‌غزوة الفتح

- ‌غزوة حنين

- ‌غزوة أوطاس، وغزوة الطائف

- ‌بعث خالد بن الوليد إلى بني جذيمة، وسرية عبد الله بن حذافة السهمي وعلقمة بن مجزز المدلجي ويقال إنها سرية الأنصار

- ‌بعثُُ أبي موسى ومعاذ إلى اليمن، وبعث علي وخالد إلى اليمن وهما قبل حجة الوداع

- ‌غزوة ذي الخلصة وغزوة ذات السلاسل وغزوة تبوك

- ‌سرية بني الملوح وسرية زغبة السحيمي وغيرها

- ‌قتال أهل الردة

- ‌كتاب التفسير

- ‌فضل القرآن وفضل سور وآيات مخصوصة

- ‌من تفسير سورة الفاتحة وسورة البقرة

- ‌سورة آلِ عمران

- ‌سورة النِّسَاء

- ‌سورة المائدة

- ‌سورة الأنعام

- ‌سورة الأعراف وسورة الأنفال

- ‌سورة براءة

- ‌سورة يونس وهود ويوسف والرعد وإبراهيم

- ‌سورة الحجر والنحل والإسراء

- ‌سورة الكهف ومريم

- ‌سورة طه والأنبياء والحج والمؤمنون

- ‌سورة النّور

- ‌سورةُ الفرقان والشعراء والنمل والقصص والعنكبوت

- ‌سورة الرّوم ولقمان والسجدة والأحزاب

- ‌سورة سبأ وفاطر ويس والصّافات وص والزمر

- ‌سورة المؤمن وحم السجدة والشورى والزخرف والدّخان

- ‌سورة الأحقاف والفتح والحجرات وق والذّاريات

- ‌سورة الطور والنجم والقمر والرحمن والواقعة والحديد

- ‌سورة المجادلة والحشر والممتحنة والصف الجمعة والمنافقون

- ‌سورة التغابن والطلاق والتحريم

- ‌سورة نون ونوح والجن والمزمل والمدثر

- ‌من سورة القيامة إلى آخر القرآن

- ‌الحث على تلاوة القرآن وآداب التلاوة وتحزيب القرآن وغير ذلك

- ‌جواز اختلاف القراءات، وما جاء مفصلاُ، وترتيب القرآن، وتأليفه

- ‌كتاب تعبير الرؤيا

- ‌كتاب الطب وما يقرب منه

- ‌الرُّقى والتمائمُ والعينُ ونحو ذلك

- ‌النجوم والسحر والكهانة

- ‌كتاب القدر وفيه محاجة آدم لموسى وحكم الأطفال وذم القدرية وغير ذلك

- ‌كتاب الآداب والسلام والجواب والمصافحة وتقبيل اليد والقيام للداخل

- ‌الاستئذان

- ‌العطاس والتثاؤب والمجالسة وآداب المجلس وهيئة النوم والقعود

- ‌التعاضد بين المسلمين بالنصرة والحلف والإخاء والشفاعة وغير ذلك

- ‌التوادد وكتمان السر وصلاح ذات البين والاحترام وحسن الخلق والحياء وغيرها من الآداب

- ‌الثناء والشكر والمدح والرفق

- ‌الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والنصح والمشورة

- ‌النّية والإخلاص والوعد والصدق والكذب

- ‌السخاء والكرم والبخل وذم المال والدنيا

- ‌الغضب والغيبة والنميمة والغناء

- ‌اللهو واللعب واللعن والسب

- ‌الحسد والظن والهجران وتتبع العورة

- ‌الكبر والرياء والكبائرُ

- ‌النفاق والمزاح والمراء

- ‌الأسماء والكنى

- ‌الشّعر

- ‌كتابُ البرِِّ والصلة

- ‌برُّ الوالدين

- ‌برّ الأولاد والأقارب، وبرّ اليتيم، وإماطة الأذى، وغير ذلك

- ‌صلة الرحم، وحق الجار

- ‌الرحمة، والضيافة، والزّيارة

- ‌كتاب المناقب

- ‌ما ورد في ذكر بعض الأنبياء ومناقبهم

- ‌من فضائل النبي صلى الله عليه وسلم غير ما تفرق في الكتاب

- ‌من صفاته، وشعره، وخاتم النبوة، ومشيه، وكلامه، وعرقه، وشجاعته، وأخلاقه صلى الله عليه وسلم، وشرفه، وكرمه، ومجده، وعظمته

- ‌من علاماته صلى الله عليه وسلم غير ما تفرق في الكتاب

- ‌الإسراء

- ‌من إخباره صلى الله عليه وسلم بالمغيبات

- ‌من كلام الحيوانات والجمادات له صلى الله عليه وسلم

- ‌من زيادة الطعام والشراب ببركته صلى الله عليه وسلم

- ‌من إجابة دعائه صلى الله عليه وسلم وكف الأعداء عنه

- ‌مما سأله عنه أهل الكتاب صدقوه في جوابه النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌معجزات متنوعة له وذكر عمره وأولاده صلى الله عليه وسلم

- ‌من فضائل الصحابة المشتركة التي لا تخص واحدًا منهم رضي الله عنهم أجمعين

- ‌مناقب أبي بكر الصّديق رضي الله عنه

- ‌مناقب عمر بن الخطّاب رضي الله عنه

- ‌مناقب عثمان بن عفّان رضي الله عنه

- ‌مناقب الإمام على رضي الله عنه

- ‌مناقب بقية العشرة

- ‌مناقبُ العباس وجعفرٍ والحسنُ والحسين رضي الله عنهم

- ‌مناقب زيد بن حارثة وابنه أسامة وعمّار بن ياسر وعبد الله بن مسعود وأبى ذر الغفاري رضي الله عنهم

- ‌مناقب حذيفة بن اليمان، وسعد بن معاذ، وابن عباس، وابن عمر وابن الزبير رضي الله عنهم

- ‌مناقب سلمان وأبي موسى، وعبد الله بن سلام، وابنه يوسف، وجرير، وجابر بن عبد الله، وأبيه، وأنس والبراء ابني مالك رضي الله عنهم

- ‌مناقب ثابت بن قيس وأبي هريرة وحاطب بن أبي بلتعة وجليبيب رضي الله عنهم

- ‌مناقب حارثة بن سراقة وقيس بن سعد بن عبادة وخالد بن الوليد وعمرو بن العاص وأبي سفيان بن حرب وابنه معاوية رضي الله عنهم

- ‌مناقب سنين أبو جميلة وعباد وضماد وعدي بن حاتم وثمامة بن أثال وعمرو بن عبسة السلمي رضي الله عنهم

- ‌مناقب حمزة بن عبد المطلب وعقيل بن أبي طالب وأبي سفيان بن الحارث وعبد الله بن جعفر رضي الله عنهم

- ‌مناقب خباب بن الأرت وسالم مولى أبي حذيفة وعامر بن فهيرة وعامر بن ربيعة وعبد الله بن جحش وصهيب رضي الله عنهم

- ‌مناقب عثمان بن مظعون ومعاذ بن جبل وعمرو بن الجموح وحارثة بن النعمان وبشر بن البراء وعبد الله بن رواحة رضي الله عنهم

- ‌مناقب أبي اليسر وعبد الله بن عبد الله بن أبيّ، وقتادة بن النعمان وعبادة بن الصامت وخزيمة بن ثابت وأبي أيوب رضي الله عنهم

- ‌مناقب أبي الدحداح وزيد بن ثابت ورافع بن خديج وسلمة بن الأكوع وأبي الدرداء وزاهر بن حرام وعبد الله ذي البجادين رضي الله عنهم

- ‌مناقب عبد الله بن الأرقم وعثمان بن أبي العاص ووائل بن حجر والعلاء بن الحضرمي وأبي زيد عمرو بن أخطب رضي الله عنهم

- ‌مناقب أبي أمامة وزيد بن صوحان وفروة بن هبيرة وعبد الله بن بسر والهرماس بن زياد والسائب بن يزيد رضي الله عنهم

- ‌مناقب حرملة بن زيد وحمزة بن عمرو وورقة بن نوفل والأحنف بن قيس رضي الله عنهم

- ‌مناقب خديجة بنت خويلد، وفاطمة وعائشة، وصفية، وسودة، وأسماء بنت أبي بكر، وأم حرام، وأم سليم، وهند بنت عتبة رضي الله تعالى عنهن

- ‌مناقب زينب ورقية وأم كلثوم بنات النبي صلى الله عليه وسلم،وأم سلمة وغيرهن من النساء، رضي الله عنهن

الفصل: 6604 - البخاري: حكى أنها سنة ستٍ، وقيل: سنة أربعٍ،

6604 -

البخاري: حكى أنها سنة ستٍ، وقيل: سنة أربعٍ، وأنَّ حديث الإِفك فيها (1).

(1) البخاري معلقًا قبل (4138).

ص: 25

6605 -

(جابرُ) رأيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم في غزوة أنمار، يُصلي على راحلتهِ متوجهًا قبل المشرق متطوعًا. للبخاري (1).

(1) البخاري (4140).

ص: 25

‌غزوة الحديبية

ص: 25

6606 -

الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ وَمَرْوَانَ يُصَدِّقُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَه وقد ينفرد: خَرَجَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم، حَتَّى إذا كَان بِبَعْضِ الطَّرِيقِ قَالَ:((إِنَّ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ بِالْغَمِيمِ فِي خَيْلٍ لِقُرَيْشٍ طَلِيعَةً فَخُذُوا ذَاتَ الْيَمِينِ)). فَوَالله مَا شَعَرَ بِهِمْ خَالِدٌ حَتَّى إِذَا هُمْ بِقَتَرَةِ الْجَيْشِ، فَانْطَلَقَ يَرْكُضُ نَذِيرًا لِقُرَيْشٍ، وَسَارَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم حَتَّى إِذَا كَانَ بِالثَّنِيَّةِ الَّتِي يُهْبَطُ عَلَيْهِمْ مِنْهَا، بَرَكَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ. فَقَالَ النَّاسُ حَلْ حَلْ. فَأَلَحَّتْ، فَقَالُوا خَلأَتِ الْقَصْوَاءُ، خَلأَتِ الْقَصْوَاءُ. فَقَالَ النبي صلى الله عليه وسلم:((مَا خَلأَتِ الْقَصْوَاءُ، وَمَا ذَاكَ لَهَا بِخُلُقٍ، وَلَكِنْ حَبَسَهَا حَابِسُ الْفِيلِ))، ثُمَّ قَالَ:((وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يَسْأَلُونِي خُطَّةً يُعَظِّمُونَ فِيهَا حُرُمَاتِ الله إِلَاّ أَعْطَيْتُهُمْ إِيَّاهَا)).

ثُمَّ زَجَرَهَا فَوَثَبَتْ، قَالَ فَعَدَلَ عَنْهُمْ حَتَّى نَزَلَ بِأَقْصَى الْحُدَيْبِيَةِ، عَلَى ثَمَدٍ قَلِيلِ الْمَاءِ يَتَبَرَّضُهُ النَّاسُ تَبَرُّضًا، فَلَمْ يُلَبِّثْهُ النَّاسُ حَتَّى نَزَحُوهُ، وَشُكِيَ إِلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم الْعَطَشُ، فَانْتَزَعَ سَهْمًا مِنْ كِنَانَتِهِ، ثُمَّ أَمَرَهُمْ أَنْ يَجْعَلُوهُ فِيهِ، فَوَالله مَا زَالَ يَجِيشُ لَهُمْ بِالرِّي حَتَّى صَدَرُوا عَنْهُ، فَبَيْنَمَا هُمْ

⦗ص: 26⦘

كَذَلِكَ، إِذْ جَاءَ بُدَيْلُ بْنُ وَرْقَاءَ الْخُزَاعِي فِي نَفَرٍ مِنْ قَوْمِهِ مِنْ خُزَاعَةَ، وَكَانُوا عَيْبَةَ نُصْحِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم مِنْ أَهْلِ تِهَامَةَ، فَقَالَ إِنِّي تَرَكْتُ كَعْبَ بْنَ لُؤَي وَعَامِرَ بْنَ لُؤَي نَزَلُوا أَعْدَادَ مِيَاهِ الْحُدَيْبِيَةِ، وَمَعَهُمُ الْعُوذُ الْمَطَافِيلُ، وَهُمْ مُقَاتِلُوكَ وَصَادُّوكَ عَنِ الْبَيْتِ. فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم:((إِنَّا لَمْ نَجِئْ لِقِتَالِ أَحَدٍ، وَلَكِنَّا جِئْنَا مُعْتَمِرِينَ، وَإِنَّ قُرَيْشًا قَدْ نَهِكَتْهُمُ الْحَرْبُ، وَأَضَرَّتْ بِهِمْ، فَإِنْ شَاءُوا مَادَدْتُهُمْ مُدَّةً، وَيُخَلُّوا بَيْنِي وَبَيْنَ النَّاسِ، فَإِنْ أَظْهَرْ فَإِنْ شَاءُوا أَنْ يَدْخُلُوا فِيمَا دَخَلَ فِيهِ النَّاسُ فَعَلُوا، وَإِلَاّ فَقَدْ جَمُّوا، وَإِنْ هُمْ أَبَوْا فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لأُقَاتِلَنَّهُمْ عَلَى أَمْرِي هَذَا حَتَّى تَنْفَرِدَ سَالِفَتِي، وَلَيُنْفِذَنَّ الله أَمْرَهُ)). فَقَالَ بُدَيْلٌ سَأُبَلِّغُهُمْ مَا تَقُولُ.

قَالَ فَانْطَلَقَ حَتَّى أَتَى قُرَيْشًا قَالَ إِنَّا قَدْ جِئْنَاكُمْ مِنْ هَذَا الرَّجُلِ، وَسَمِعْنَاهُ يَقُولُ قَوْلاً، فَإِنْ شِئْتُمْ أَنْ نَعْرِضَهُ عَلَيْكُمْ فَعَلْنَا، فَقَالَ سُفَهَاؤُهُمْ لَا حَاجَةَ لَنَا أَنْ تُخْبِرَنَا عَنْهُ بِشَيءٍ. وَقَالَ ذَوُو الرَّأْي مِنْهُمْ هَاتِ مَا سَمِعْتَهُ يَقُولُ. قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ كَذَا وَكَذَا، فَحَدَّثَهُمْ بِمَا قَالَ النبي صلى الله عليه وسلم. فَقَامَ عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ فَقَالَ أَي قَوْمِ أَلَسْتُمْ بِالْوَالِدِ قَالُوا بَلَى. قَالَ أَوَلَسْتُ بِالْوَلَدِ قَالُوا بَلَى. قَالَ فَهَلْ تَتَّهِمُونِي. قَالُوا لَا. قَالَ أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنِّي اسْتَنْفَرْتُ أَهْلَ عُكَاظٍ، فَلَمَّا بَلَّحُوا عَلَي جِئْتُكُمْ بِأَهْلِي وَوَلَدِي وَمَنْ أَطَاعَنِي قَالُوا بَلَى. قَالَ فَإِنَّ هَذَا قَدْ عَرَضَ لَكُمْ خُطَّةَ رُشْدٍ، اقْبَلُوهَا وَدَعُونِي آتِهِ. قَالُوا ائْتِهِ. فَأَتَاهُ فَجَعَلَ يُكَلِّمُ النبي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ النبي صلى الله عليه وسلم نَحْوًا مِنْ قَوْلِهِ لِبُدَيْلٍ، فَقَالَ عُرْوَةُ عِنْدَ ذَلِكَ أَي مُحَمَّدُ، أَرَأَيْتَ إِنِ اسْتَأْصَلْتَ أَمْرَ قَوْمِكَ هَلْ سَمِعْتَ بِأَحَدٍ مِنَ الْعَرَبِ اجْتَاحَ أَهْلَهُ قَبْلَكَ وَإِنْ تَكُنِ الأُخْرَى، فَإِنِّي وَالله لأَرَى وُجُوهًا، وَإِنِّي لأَرَى أَوْشَابًا مِنَ النَّاسِ خَلِيقًا أَنْ يَفِرُّوا وَيَدَعُوكَ. فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ امْصُصْ بَظْرَ اللَاّتِ، أَنَحْنُ نَفِرُّ عَنْهُ وَنَدَعُهُ فَقَالَ مَنْ ذَا قَالُوا أَبُو بَكْرٍ. قَالَ أَمَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْلَا يَدٌ كَانَتْ لَكَ عِنْدِي لَمْ أَجْزِكَ بِهَا لأَجَبْتُكَ.

قَالَ وَجَعَلَ يُكَلِّمُ النبي صلى الله عليه وسلم فَكُلَّمَا تَكَلَّمَ أَخَذَ بِلِحْيَتِهِ، وَالْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ قَائِمٌ عَلَى رَأْسِ النبي صلى الله عليه وسلم وَمَعَهُ السَّيْفُ وَعَلَيْهِ الْمِغْفَرُ، فَكُلَّمَا أَهْوَى عُرْوَةُ بِيَدِهِ إِلَى لِحْيَةِ النبي صلى الله عليه وسلم ضَرَبَ يَدَهُ بِنَعْلِ السَّيْفِ، وَقَالَ لَهُ أَخِّرْ يَدَكَ عَنْ لِحْيَةِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم. فَرَفَعَ عُرْوَةُ رَأْسَهُ فَقَالَ مَنْ هَذَا قَالُوا الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ. فَقَالَ أَي غُدَرُ، أَلَسْتُ أَسْعَى فِي

⦗ص: 27⦘

غَدْرَتِكَ وَكَانَ الْمُغِيرَةُ صَحِبَ قَوْمًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَقَتَلَهُمْ، وَأَخَذَ أَمْوَالَهُمْ، ثُمَّ جَاءَ فَأَسْلَمَ فَقَالَ النبي صلى الله عليه وسلم:((أَمَّا الإِسْلَامَ فَأَقْبَلُ، وَأَمَّا الْمَالَ فَلَسْتُ مِنْهُ فِي شَيءٍ)). ثُمَّ إِنَّ عُرْوَةَ جَعَلَ يَرْمُقُ أَصْحَابَ النبي صلى الله عليه وسلم بِعَيْنَيْهِ.

قَالَ فَوَالله مَا تَنَخَّمَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم نُخَامَةً إِلَاّ وَقَعَتْ فِي كَفِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ فَدَلَكَ بِهَا وَجْهَهُ وَجِلْدَهُ، وَإِذَا أَمَرَهُمُ ابْتَدَرُوا أَمْرَهُ، وَإِذَا تَوَضَّأَ كَادُوا يَقْتَتِلُونَ عَلَى وَضُوئِهِ، وَإِذَا تَكَلَّمَ خَفَضُوا أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَهُ، وَمَا يُحِدُّونَ إِلَيْهِ النَّظَرَ تَعْظِيمًا لَهُ، فَرَجَعَ عُرْوَةُ إِلَى أَصْحَابِهِ، فَقَالَ أَي قَوْمِ، وَالله لَقَدْ وَفَدْتُ عَلَى الْمُلُوكِ، وَوَفَدْتُ عَلَى قَيْصَرَ وَكِسْرَى وَالنَّجَاشِي وَالله إِنْ رَأَيْتُ مَلِكًا قَطُّ، يُعَظِّمُهُ أَصْحَابُهُ مَا يُعَظِّمُ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم مُحَمَّدًا، وَالله إِنْ تَنَخَّمَ نُخَامَةً إِلَاّ وَقَعَتْ فِي كَفِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ، فَدَلَكَ بِهَا وَجْهَهُ وَجِلْدَهُ، وَإِذَا أَمَرَهُمُ ابْتَدَرُوا أَمْرَهُ وَإِذَا تَوَضَّأَ كَادُوا يَقْتَتِلُونَ عَلَى وَضُوئِهِ، وَإِذَا تَكَلَّمَ خَفَضُوا أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَهُ، وَمَا يُحِدُّونَ إِلَيْهِ النَّظَرَ تَعْظِيمًا لَهُ، وَإِنَّهُ قَدْ عَرَضَ عَلَيْكُمْ خُطَّةَ رُشْدٍ، فَاقْبَلُوهَا. فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي كِنَانَةَ دَعُونِي آتِهِ. فَقَالُوا ائْتِهِ. فَلَمَّا أَشْرَفَ عَلَى النبي صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابِهِ، قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم:((هَذَا فُلَانٌ، وَهْوَ مِنْ قَوْمٍ يُعَظِّمُونَ الْبُدْنَ فَابْعَثُوهَا لَهُ)). فَبُعِثَتْ لَهُ وَاسْتَقْبَلَهُ النَّاسُ يُلَبُّونَ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ قَالَ: سُبْحَانَ الله مَا يَنْبَغِي لِهَؤُلَاءِ أَنْ يُصَدُّوا عَنِ الْبَيْتِ، فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى أَصْحَابِهِ قَالَ رَأَيْتُ الْبُدْنَ قَدْ قُلِّدَتْ وَأُشْعِرَتْ، فَمَا أَرَى أَنْ يُصَدُّوا عَنِ الْبَيْتِ.

فَقَامَ رَجُلٌ مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُ مِكْرَزُ بْنُ حَفْصٍ. فَقَالَ دَعُونِي آتِهِ. فَقَالُوا ائْتِهِ. فَلَمَّا أَشْرَفَ عَلَيْهِمْ قَالَ النبي صلى الله عليه وسلم: ((هَذَا مِكْرَزٌ وَهْوَ رَجُلٌ فَاجِرٌ)). فَجَعَلَ يُكَلِّمُ النبي صلى الله عليه وسلم، فَبَيْنَمَا هُوَ يُكَلِّمُهُ إِذْ جَاءَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو. فقَالَ النبي صلى الله عليه وسلم:((لَقَدْ سَهُلَ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ)). فَقَالَ سُهَيْلُ: هَاتِ، اكْتُبْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ كِتَابًا، فَدَعَا النبي صلى الله عليه وسلم الْكَاتِبَ، فَقَالَ النبي صلى الله عليه وسلم:((بِسْمِ الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ)). قَالَ سُهَيْلٌ: أَمَّا الرَّحْمَنُ فَوَالله مَا أَدْرِي مَا هُوَ وَلَكِنِ اكْتُبْ بِاسْمِكَ اللهمَّ. كَمَا كُنْتَ تَكْتُبُ. فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ: وَالله لَا نَكْتُبُهَا إِلَاّ بِسْمِ الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. فَقَالَ النبي صلى الله عليه وسلم: ((اكْتُبْ

⦗ص: 28⦘

بِاسْمِكَ اللهمَّ)). ثُمَّ قَالَ: ((هَذَا مَا قَاضَي عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله)). فَقَالَ سُهَيْلٌ وَالله لَوْ كُنَّا نَعْلَمُ أَنَّكَ رَسُولُ الله مَا صَدَدْنَاكَ عَنِ الْبَيْتِ وَلَا قَاتَلْنَاكَ، وَلَكِنِ اكْتُبْ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الله. فَقَالَ النبي صلى الله عليه وسلم:((وَالله إِنِّي لَرَسُولُ الله وَإِنْ كَذَّبْتُمُونِي. اكْتُبْ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الله)). قَالَ الزُّهْرِيُّ وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ: ((لَا يَسْأَلُونِي خُطَّةً يُعَظِّمُونَ فِيهَا حُرُمَاتِ الله إِلَاّ أَعْطَيْتُهُمْ إِيَّاهَا)). فَقَالَ لَهُ النبي صلى الله عليه وسلم: ((عَلَى أَنْ تُخَلُّوا بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْبَيْتِ فَنَطُوفَ بِهِ)).

فَقَالَ سُهَيْلٌ وَالله لَا تَتَحَدَّثُ الْعَرَبُ أَنَّا أُخِذْنَا ضُغْطَةً وَلَكِنْ ذَلِكَ مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ فَكَتَبَ. فَقَالَ سُهَيْلٌ وَعَلَى أَنَّهُ لَا يَأْتِيكَ مِنَّا رَجُلٌ، وَإِنْ كَانَ عَلَى دِينِكَ، إِلَاّ رَدَدْتَهُ إِلَيْنَا. قَالَ الْمُسْلِمُونَ سُبْحَانَ الله كَيْفَ يُرَدُّ إِلَى الْمُشْرِكِينَ وَقَدْ جَاءَ مُسْلِمًا فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ دَخَلَ أَبُو جَنْدَلِ بْنُ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو يَرْسُفُ فِي قُيُودِهِ، وَقَدْ خَرَجَ مِنْ أَسْفَلِ مَكَّةَ، حَتَّى رَمَى بِنَفْسِهِ بَيْنَ أَظْهُرِ الْمُسْلِمِينَ. فَقَالَ سُهَيْلٌ هَذَا يَا مُحَمَّدُ أَوَّلُ مَا أُقَاضِيكَ عَلَيْهِ أَنْ تَرُدَّهُ إِلَىَّ. فَقَالَ النبي صلى الله عليه وسلم:((إِنَّا لَمْ نَقْضِ الْكِتَابَ بَعْدُ)). قَالَ: فَوَالله إِذًا لَمْ أُصَالِحْكَ عَلَى شَىْءٍ أَبَدًا. قَالَ النبي صلى الله عليه وسلم: ((فَأَجِزْهُ لِي)). قَالَ مَا أَنَا بِمُجِيزِهِ لَكَ. قَالَ: ((بَلَى، فَافْعَلْ)). قَالَ: مَا أَنَا بِفَاعِلٍ. قَالَ مِكْرَزٌ: بَلْ قَدْ أَجَزْنَاهُ لَكَ. قَالَ أَبُو جَنْدَلٍ: أَيْ مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ، أُرَدُّ إِلَى الْمُشْرِكِينَ وَقَدْ جِئْتُ مُسْلِمًا أَلَا تَرَوْنَ مَا قَدْ لَقِيتُ وَكَانَ قَدْ عُذِّبَ عَذَابًا شَدِيدًا فِي الله. قَالَ فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَأَتَيْتُ نَبِيَّ الله صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ أَلَسْتَ نَبِيَّ الله حَقًّا قَالَ:((بَلَى)). قُلْتُ أَلَسْنَا عَلَى الْحَقِّ وَعَدُوُّنَا عَلَى الْبَاطِلِ قَالَ: ((بَلَى)). قُلْتُ فَلِمَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا إِذًا قَالَ: ((إِنِّي رَسُولُ الله، وَلَسْتُ أَعْصِيهِ وَهْوَ نَاصِرِي)).

قُلْتُ أَوَلَيْسَ كُنْتَ تُحَدِّثُنَا أَنَّا سَنَأْتِي الْبَيْتَ فَنَطُوفُ بِهِ قَالَ: ((بَلَى، فَأَخْبَرْتُكَ أَنَّا نَأْتِيهِ الْعَامَ)). قَالَ قُلْتُ: لَا. قَالَ: ((فَإِنَّكَ آتِيهِ وَمُطَّوِّفٌ بِهِ)). قَالَ فَأَتَيْتُ أَبَا بَكْرٍ فَقُلْتُ يَا أَبَا بَكْرٍ، أَلَيْسَ هَذَا نَبِيَّ الله حَقًّا قَالَ بَلَى. قُلْتُ أَلَسْنَا عَلَى الْحَقِّ وَعَدُوُّنَا عَلَى الْبَاطِلِ قَالَ بَلَى. قُلْتُ فَلِمَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا إِذًا قَالَ أَيُّهَا الرَّجُلُ، إِنَّهُ لَرَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم وَلَيْسَ يَعْصِي رَبَّهُ وَهْوَ نَاصِرُهُ، فَاسْتَمْسِكْ بِغَرْزِهِ، فَوَالله إِنَّهُ عَلَى الْحَقِّ. قُلْتُ أَلَيْسَ كَانَ يُحَدِّثُنَا أَنَّا سَنَأْتِي الْبَيْتَ وَنَطُوفُ بِهِ قَالَ بَلَى، أَفَأَخْبَرَكَ أَنَّكَ تَأْتِيهِ الْعَامَ قُلْتُ لَا. قَالَ فَإِنَّكَ آتِيهِ وَمُطَّوِّفٌ بِهِ. قَالَ الزُّهْرِيِّ قَالَ عُمَرُ فَعَمِلْتُ لِذَلِكَ أَعْمَالاً. قَالَ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ قَضِيَّةِ الْكِتَابِ قَالَ رَسُولُ

⦗ص: 29⦘

الله صلى الله عليه وسلم لأَصْحَابِهِ: ((قُومُوا فَانْحَرُوا، ثُمَّ احْلِقُوا)). قَالَ فَوَالله مَا قَامَ مِنْهُمْ رَجُلٌ حَتَّى قَالَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَلَمَّا لَمْ يَقُمْ مِنْهُمْ أَحَدٌ دَخَلَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ، فَذَكَرَ لَهَا مَا لَقِيَ مِنَ النَّاسِ. فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ يَا نَبِيَّ الله، أَتُحِبُّ ذَلِكَ اخْرُجْ ثُمَّ لَا تُكَلِّمْ أَحَدًا مِنْهُمْ كَلِمَةً حَتَّى تَنْحَرَ بُدْنَكَ، وَتَدْعُوَ حَالِقَكَ فَيَحْلِقَكَ. فَخَرَجَ فَلَمْ يُكَلِّمْ أَحَدًا مِنْهُمْ، حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ نَحَرَ بُدْنَهُ، وَدَعَا حَالِقَهُ فَحَلَقَهُ.

فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِكَ، قَامُوا فَنَحَرُوا، وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يَحْلِقُ بَعْضًا، حَتَّى كَادَ بَعْضُهُمْ يَقْتُلُ بَعْضًا غَمًّا، ثُمَّ جَاءَهُ نِسْوَةٌ مُؤْمِنَاتٌ فَأَنْزَلَ الله تَعَالَى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ) حَتَّى بَلَغَ (بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ) فَطَلَّقَ عُمَرُ يَوْمَئِذٍ امْرَأَتَيْنِ كَانَتَا لَهُ فِي الشِّرْكِ، فَتَزَوَّجَ إِحْدَاهُمَا مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ، وَالأُخْرَى صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ، ثُمَّ رَجَعَ النبي صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمَدِينَةِ، فَجَاءَهُ أَبُو بَصِيرٍ - رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ - وَهْوَ مُسْلِمٌ فَأَرْسَلُوا فِي طَلَبِهِ رَجُلَيْنِ، فَقَالُوا الْعَهْدَ الَّذِي جَعَلْتَ لَنَا. فَدَفَعَهُ إِلَى الرَّجُلَيْنِ، فَخَرَجَا بِهِ حَتَّى بَلَغَا ذَا الْحُلَيْفَةِ، فَنَزَلُوا يَأْكُلُونَ مِنْ تَمْرٍ لَهُمْ، فَقَالَ أَبُو بَصِيرٍ لأَحَدِ الرَّجُلَيْنِ وَالله إِنِّي لأَرَى سَيْفَكَ هَذَا يَا فُلَانُ جَيِّدًا. فَاسْتَلَّهُ الآخَرُ فَقَالَ أَجَلْ، وَالله إِنَّهُ لَجَيِّدٌ، لَقَدْ جَرَّبْتُ بِهِ ثُمَّ جَرَّبْتُ. فَقَالَ أَبُو بَصِيرٍ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْهِ، فَأَمْكَنَهُ مِنْهُ، فَضَرَبَهُ حَتَّى بَرَدَ، وَفَرَّ الآخَرُ، حَتَّى أَتَى الْمَدِينَةَ، فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ يَعْدُو. فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم حِينَ رَآهُ:((لَقَدْ رَأَى هَذَا ذُعْرًا)). فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ قُتِلَ وَالله صَاحِبِي وَإِنِّي لَمَقْتُولٌ، فَجَاءَ أَبُو بَصِيرٍ فَقَالَ يَا نَبِيَّ الله، قَدْ وَالله أَوْفَى الله ذِمَّتَكَ، قَدْ رَدَدْتَنِي إِلَيْهِمْ ثُمَّ أَنْجَانِي الله مِنْهُمْ.

قَالَ النبي صلى الله عليه وسلم: ((وَيْلُ أُمِّهِ مِسْعَرَ حَرْبٍ، لَوْ كَانَ لَهُ أَحَدٌ)). فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ عَرَفَ أَنَّهُ سَيَرُدُّهُ إِلَيْهِمْ، فَخَرَجَ حَتَّى أَتَى سِيفَ الْبَحْرِ. قَالَ وَيَنْفَلِتُ مِنْهُمْ أَبُو جَنْدَلِ بْنُ سُهَيْلٍ، فَلَحِقَ بِأَبِي بَصِيرٍ، فَجَعَلَ لَا يَخْرُجُ مِنْ قُرَيْشٍ رَجُلٌ قَدْ أَسْلَمَ إِلَاّ لَحِقَ بِأَبِي بَصِيرٍ، حَتَّى اجْتَمَعَتْ مِنْهُمْ عِصَابَةٌ، فَوَالله مَا يَسْمَعُونَ بِعِيرٍ خَرَجَتْ لِقُرَيْشٍ إِلَى الشَّأْمِ إِلَاّ اعْتَرَضُوا لَهَا، فَقَتَلُوهُمْ، وَأَخَذُوا أَمْوَالَهُمْ، فَأَرْسَلَتْ قُرَيْشٌ إِلَى النبي صلى الله عليه وسلم تُنَاشِدُهُ بِالله وَالرَّحِمِ لَمَّا أَرْسَلَ، فَمَنْ أَتَاهُ فَهْوَ آمِنٌ، فَأَرْسَلَ النبي صلى الله عليه وسلم إِلَيْهِمْ، فَأَنْزَلَ الله تَعَالَى (وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ) حَتَّى بَلَغَ (الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ)

⦗ص: 30⦘

وَكَانَتْ حَمِيَّتُهُمْ أَنَّهُمْ لَمْ يُقِرُّوا أَنَّهُ نَبِيُّ الله، وَلَمْ يُقِرُّوا بِبِسْمِ الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وَحَالُوا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْبَيْتِ (1).

(1) البخاري (2731، 2732)، وأبو داود (2765).

ص: 25

6607 -

ومن رواياته: وكانت أمّ كلثوم بنت عُقبة بن أبي معيط ممن خَرَج إلى النَّبي صلى الله عليه وسلم يومئذ وهي عاتق فجاءَ أهلها يسألون النَّبي صلى الله عليه وسلم أنْ يرجعها إليهم فلم يرجعها (1).

(1) البخاري (4180، 4181).

ص: 30

6608 -

ومنها: خَرَجَ النبي صلى الله عليه وسلم عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ فِي بِضْعَ عَشْرَةَ مِائَةً مِنْ أَصْحَابِهِ، فَلَمَّا أَتَى ذَا الْحُلَيْفَةِ قَلَّدَ الْهَدْىَ، وَأَشْعَرَهُ، وَأَحْرَمَ مِنْهَا بِعُمْرَةٍ، وَبَعَثَ عَيْنًا لَهُ مِنْ خُزَاعَةَ، وَسَارَ النبي صلى الله عليه وسلم حَتَّى كَانَ بِغَدِيرِ الأَشْطَاطِ، أَتَاهُ عَيْنُهُ قَالَ إِنَّ قُرَيْشًا جَمَعُوا لَكَ جُمُوعًا، وَقَدْ جَمَعُوا لَكَ الأَحَابِيشَ، وَهُمْ مُقَاتِلُوكَ وَصَادُّوكَ عَنِ الْبَيْتِ وَمَانِعُوكَ. فَقَالَ:((أَشِيرُوا أَيُّهَا النَّاسُ عَلَىَّ، أَتَرَوْنَ أَنْ أَمِيلَ إِلَى عِيَالِهِمْ وَذَرَارِيِّ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَصُدُّونَا عَنِ الْبَيْتِ، فَإِنْ يَأْتُونَا كَانَ الله عز وجل قَدْ قَطَعَ عَيْنًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ، وَإِلَاّ تَرَكْنَاهُمْ مَحْرُوبِينَ)). قَالَ أَبُو بَكْرٍ يَا رَسُولَ الله، خَرَجْتَ عَامِدًا لِهَذَا الْبَيْتِ، لَا تُرِيدُ قَتْلَ أَحَدٍ وَلَا حَرْبَ أَحَدٍ، فَتَوَجَّهْ لَهُ، فَمَنْ صَدَّنَا عَنْهُ قَاتَلْنَاهُ. قَالَ:((امْضُوا عَلَى اسْمِ الله)). (1).

(1) البخاري (4178، 4179).

ص: 30

6609 -

ومنها: أنهم اصطلحوا على وضع الحرب عشر سنين، يأمن فيهن الناس، وعلى أن بيننا عيبة مكفوفة وأنه لا إسلال ولا إغلال. للبخاري، وأبي داود (1).

(1) أبو داود (2766). وحسنه الألباني في صحيح أبي داود (2404).

ص: 30

6610 -

وزاد رزين: وكيف نكتب هذا؟ فقال صلى الله عليه وسلم: ((نعم من ذهب منا إليهم أبعده الله ومن جاءنا منهم وررددناه سيجعل الله له فرجاً)).

ص: 30

6611 -

وزاد أيضاً: قال عمر: فأمكنت يده من السيف ليضرب به أباه فضن به، وعلم بذلك النبي صلى الله عليه وسلم: فقال لي: ((ياعمر؛ لعله أن يقوم في الله مقاماً تحمده عليه)).

ص: 30

6612 -

وللترمذي عن عَلِي أن سُهَيْل بْنُ عَمْرٍو وناسًا مِنْ الْمُشْرِكِينَ قَالُوا يَا رَسُولَ الله خَرَجَ إِلَيْكَ نَاسٌ مِنْ أَبْنَائِنَا وَإِخْوَانِنَا وَأَرِقَّائِنَا وَلَيْسَ لَهُمْ فِقْهٌ فِي الدِّينِ وَإِنَّمَا خَرَجُوا فِرَارًا مِنْ أَمْوَالِنَا وَضِيَاعِنَا فَارْدُدْهُمْ إِلَيْنَا. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ فِقْهٌ فِي الدِّينِ سَنُفَقِّهُهُمْ. فَقَالَ النبي صلى الله عليه وسلم: ((يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ لَتَنْتَهُنَّ أَوْ لَيَبْعَثَنَّ الله عَلَيْكُمْ مَنْ يَضْرِبُ رِقَابَكُمْ بِالسَّيْفِ عَلَى الدِّينِ قَدِ امْتَحَنَ الله قَلْبَهُ عَلَى الإِيمَانِ)). قَالُوا مَنْ هُوَ يَا رَسُولَ الله فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ مَنْ هُوَ يَا رَسُولَ الله وَقَالَ عُمَرُ مَنْ هُوَ يَا رَسُولَ الله قَالَ: ((هُوَ خَاصِفُ النَّعْلِ)). وَكَانَ أَعْطَى عَلِيًّا نَعْلَهُ يَخْصِفُهَا ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيْنَا عَلِيٌّ فَقَالَ إِنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((مَنْ كَذَبَ عَلَىَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ)) (1).

(1) الترمذي (3712)، وقال: حديث حسن غريب. وضعفه الألباني في ضعيف الترمذي (768) دون الجملة الأخيرة فمتواترة.

ص: 31

6613 -

معقل بن يسار: لقد رأيتني يوم الشجرة والنبي صلى الله عليه وسلم يبايع الناس وأنا رافع غصناً من أغصانها عن رأسه ونحن أربع عشرة مائة لم نبايعه على الموت، ولكن بايعناه على أن لا نفر. لمسلم (1).

(1) مسلم (1858).

ص: 31

6614 -

طارق بن عبد الرحمن: انطلقت حاجاً فمررت بقوم يصلون قلت ما هذا المسجد؟ قالوا: هذه الشجرة، حيث بايع النبي صلى الله عليه وسلم بيعة الرضوان فأتيت ابن المسبب فأخبرته فقال سعيد: كان أبي ممن بايع تحت الشجرة قال: فلما خرجنا من العام المقبل نسيناها فعميت علينا فلم نقدر عليها. قال سعيد: فأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم لم يعلموها وعلمتموها أنتم فأنتم أعلم. للشيخين (1).

(1) البخاري (4163)، ومسلم (1859).

ص: 31

6615 -

جابر رفعه: لا يدخل النَّار أحدٌ ممن بايع تحتَ الشجرة (1). لمسلم، وأبي داود، والترمذي.

(1) الترمذي (3860)،وصححه الألباني في صحيح الترمذي (3033).

ص: 31

6616 -

وله: ليدخلن الجنة من بايع تحت الشجرة إلا صاحب الجمل الأحمر (1).

(1) الترمذي (3863)،وضعفه الألباني في ضعيف الترمذي (809).

ص: 32

6617 -

سلمة بن الأكوع: أنه قدم الْحُدَيْبِيَةَ مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم وَنَحْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِائَةً وَعَلَيْهَا خَمْسُونَ شَاةً لَا تُرْوِيهَا - قَالَ - فَقَعَدَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم عَلَى جَبَا الرَّكِيَّةِ فَإِمَّا دَعَا وَإِمَّا بَسَقَ فِيهَا - قَالَ - فَجَاشَتْ فَسَقَيْنَا وَاسْتَقَيْنَا. قَالَ ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم دَعَانَا لِلْبَيْعَةِ فِي أَصْلِ الشَّجَرَةِ. قَالَ فَبَايَعْتُهُ أَوَّلَ النَّاسِ ثُمَّ بَايَعَ وَبَايَعَ حَتَّى إِذَا كَانَ فِي وَسَطٍ مِنَ النَّاسِ قَالَ: ((بَايِعْ يَا سَلَمَةُ)). قَالَ قُلْتُ قَدْ بَايَعْتُكَ يَا رَسُولَ الله فِي أَوَّلِ النَّاسِ قَالَ: ((وَأَيْضًا)). قَالَ وَرَآنِي رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم عَزِلاً - يَعْنِي لَيْسَ مَعَهُ سِلَاحٌ - قَالَ فَأَعْطَانِي رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم حَجَفَةً أَوْ دَرَقَةً ثُمَّ بَايَعَ حَتَّى إِذَا كَانَ فِي آخِرِ النَّاسِ قَالَ: ((أَلَا تُبَايِعُنِي يَا سَلَمَةُ)). قَالَ قُلْتُ قَدْ بَايَعْتُكَ يَا رَسُولَ الله فِي أَوَّلِ النَّاسِ وَفِي أَوْسَطِ النَّاسِ قَالَ: ((وَأَيْضًا)). قَالَ فَبَايَعْتُهُ الثَّالِثَةَ ثُمَّ قَالَ لِي: ((يَا سَلَمَةُ أَيْنَ حَجَفَتُكَ أَوْ دَرَقَتُكَ الَّتِي أَعْطَيْتُكَ)). قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ الله لَقِيَنِي عَمِّي عَامِرٌ عَزِلاً فَأَعْطَيْتُهُ إِيَّاهَا - قَالَ - فَضَحِكَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم وَقَالَ: ((إِنَّكَ كَالَّذِي قَالَ الأَوَّلُ اللهمَّ أَبْغِنِي حَبِيبًا هُوَ أَحَبُّ إِلَىَّ مِنْ نَفْسِي)). ثُمَّ إِنَّ الْمُشْرِكِينَ رَاسَلُونَا الصُّلْحَ حَتَّى مَشَى بَعْضُنَا فِي بَعْضٍ وَاصْطَلَحْنَا.

قَالَ وَكُنْتُ تَبِيعًا لِطَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ الله أَسْقِي فَرَسَهُ وَأَحُسُّهُ وَأَخْدُمُهُ وَآكُلُ مِنْ طَعَامِهِ وَتَرَكْتُ أَهْلِي وَمَالِي مُهَاجِرًا إِلَى الله وَرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ فَلَمَّا اصْطَلَحْنَا نَحْنُ وَأَهْلُ مَكَّةَ وَاخْتَلَطَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ أَتَيْتُ شَجَرَةً فَكَسَحْتُ شَوْكَهَا فَاضْطَجَعْتُ فِي أَصْلِهَا - قَالَ - فَأَتَانِي أَرْبَعَةٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ فَجَعَلُوا يَقَعُونَ فِي رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فَأَبْغَضْتُهُمْ فَتَحَوَّلْتُ إِلَى شَجَرَةٍ أُخْرَى وَعَلَّقُوا سِلَاحَهُمْ وَاضْطَجَعُوا فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ نَادَى مُنَادٍ مِنْ أَسْفَلِ الْوَادِي يَا لَلْمُهَاجِرِينَ قُتِلَ ابْنُ زُنَيْمٍ. قَالَ فَاخْتَرَطْتُ سَيْفِي ثُمَّ شَدَدْتُ عَلَى أُولَئِكَ الأَرْبَعَةِ وَهُمْ رُقُودٌ فَأَخَذْتُ سِلَاحَهُمْ. فَجَعَلْتُهُ ضِغْثًا فِي يَدِي قَالَ ثُمَّ قُلْتُ وَالَّذِي كَرَّمَ وَجْهَ مُحَمَّدٍ لَا يَرْفَعُ أَحَدٌ مِنْكُمْ رَأْسَهُ إِلَاّ ضَرَبْتُ الَّذِي فِيهِ عَيْنَاهُ. قَالَ ثُمَّ جِئْتُ بِهِمْ أَسُوقُهُمْ إِلَى

⦗ص: 33⦘

رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ - وَجَاءَ عَمِّي عَامِرٌ بِرَجُلٍ مِنَ الْعَبَلَاتِ يُقَالُ لَهُ مِكْرَزٌ. يَقُودُهُ إِلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم عَلَى فَرَسٍ مُجَفَّفٍ فِي سَبْعِينَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: ((دَعُوهُمْ يَكُنْ لَهُمْ بَدْءُ الْفُجُورِ وَثِنَاهُ)) فَعَفَا عَنْهُمْ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم وَأَنْزَلَ الله (وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ) الآيَةَ كُلَّهَا.

قَالَ ثُمَّ خَرَجْنَا رَاجِعِينَ إِلَى الْمَدِينَةِ فَنَزَلْنَا مَنْزِلاً بَيْنَنَا وَبَيْنَ بَنِي لَحْيَانَ جَبَلٌ وَهُمُ الْمُشْرِكُونَ فَاسْتَغْفَرَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم لِمَنْ رَقِيَ هَذَا الْجَبَلَ اللَّيْلَةَ كَأَنَّهُ طَلِيعَةٌ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابِهِ - قَالَ سَلَمَةُ - فَرَقِيتُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا ثُمَّ قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ فَبَعَثَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم بِظَهْرِهِ مَعَ رَبَاحٍ غُلَامِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم وَأَنَا مَعَهُ وَخَرَجْتُ مَعَهُ بِفَرَسِ طَلْحَةَ أُنَدِّيهِ مَعَ الظَّهْرِ فَلَمَّا أَصْبَحْنَا إِذَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْفَزَارِيُّ قَدْ أَغَارَ عَلَى ظَهْرِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فَاسْتَاقَهُ أَجْمَعَ وَقَتَلَ رَاعِيَهُ قَالَ فَقُلْتُ يَا رَبَاحُ خُذْ هَذَا الْفَرَسَ فَأَبْلِغْهُ طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ الله وَأَخْبِرْ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم أَنَّ الْمُشْرِكِينَ قَدْ أَغَارُوا عَلَى سَرْحِهِ - قَالَ - ثُمَّ قُمْتُ عَلَى أَكَمَةٍ فَاسْتَقْبَلْتُ الْمَدِينَةَ فَنَادَيْتُ ثَلَاثًا يَا صَبَاحَاهْ.

ثُمَّ خَرَجْتُ فِي آثَارِ الْقَوْمِ أَرْمِيهِمْ بِالنَّبْلِ وَأَرْتَجِزُ أَقُولُ أَنَا ابْنُ الأَكْوَعِ وَالْيَوْمَ يَوْمُ الرُّضَّعِ فَأَلْحَقُ رَجُلاً مِنْهُمْ فَأَصُكُّ سَهْمًا فِي رَحْلِهِ حَتَّى خَلَصَ نَصْلُ السَّهْمِ إِلَى كَتِفِهِ - قَالَ - قُلْتُ خُذْهَا وَأَنَا ابْنُ الأَكْوَعِ وَالْيَوْمُ يَوْمُ الرُّضَّعِ قَالَ فَوَالله مَا زِلْتُ أَرْمِيهِمْ وَأَعْقِرُ بِهِمْ فَإِذَا رَجَعَ إِلَىَّ فَارِسٌ أَتَيْتُ شَجَرَةً فَجَلَسْتُ فِي أَصْلِهَا ثُمَّ رَمَيْتُهُ فَعَقَرْتُ بِهِ حَتَّى إِذَا تَضَايَقَ الْجَبَلُ فَدَخَلُوا فِي تَضَايُقِهِ عَلَوْتُ الْجَبَلَ فَجَعَلْتُ أُرَدِّيهِمْ بِالْحِجَارَةِ - قَالَ - فَمَا زِلْتُ كَذَلِكَ أَتْبَعُهُمْ حَتَّى مَا خَلَقَ الله مِنْ بَعِيرٍ مِنْ ظَهْرِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم إِلَاّ خَلَّفْتُهُ وَرَاءَ ظَهْرِي وَخَلَّوْا بَيْنِي وَبَيْنَهُ ثُمَّ اتَّبَعْتُهُمْ أَرْمِيهِمْ حَتَّى أَلْقَوْا أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِينَ بُرْدَةً وَثَلَاثِينَ رُمْحًا يَسْتَخِفُّونَ وَلَا يَطْرَحُونَ شَيْئًا إِلَاّ جَعَلْتُ عَلَيْهِ آرَامًا مِنَ الْحِجَارَةِ يَعْرِفُهَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ حَتَّى أَتَوْا مُتَضَايِقًا مِنْ ثَنِيَّةٍ فَإِذَا هُمْ قَدْ أَتَاهُمْ فُلَانُ بْنُ بَدْرٍ الْفَزَارِيُّ فَجَلَسُوا يَتَضَحَّوْنَ - يَعْنِي يَتَغَدَّوْنَ - وَجَلَسْتُ عَلَى رَأْسِ قَرْنٍ قَالَ الْفَزَارِيُّ مَا هَذَا الَّذِي أَرَى قَالُوا لَقِينَا مِنْ

⦗ص: 34⦘

هَذَا الْبَرْحَ وَالله مَا فَارَقَنَا مُنْذُ غَلَسٍ يَرْمِينَا حَتَّى انْتَزَعَ كُلَّ شَىْءٍ فِي أَيْدِينَا. قَالَ فَلْيَقُمْ إِلَيْهِ نَفَرٌ مِنْكُمْ أَرْبَعَةٌ.

قَالَ فَصَعِدَ إِلَىَّ مِنْهُمْ أَرْبَعَةٌ فِي الْجَبَلِ - قَالَ - فَلَمَّا أَمْكَنُونِي مِنَ الْكَلَامِ - قَالَ - قُلْتُ هَلْ تَعْرِفُونِي قَالُوا لَا وَمَنْ أَنْتَ قَالَ قُلْتُ أَنَا سَلَمَةُ بْنُ الأَكْوَعِ وَالَّذِي كَرَّمَ وَجْهَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم لَا أَطْلُبُ رَجُلاً مِنْكُمْ إِلَاّ أَدْرَكْتُهُ وَلَا يَطْلُبُنِي رَجُلٌ مِنْكُمْ. فَيُدْرِكَنِي قَالَ أَحَدُهُمْ أَنَا أَظُنُّ. قَالَ فَرَجَعُوا فَمَا بَرِحْتُ مَكَانِي حَتَّى رَأَيْتُ فَوَارِسَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم يَتَخَلَّلُونَ الشَّجَرَ - قَالَ - فَإِذَا أَوَّلُهُمُ الأَخْرَمُ الأَسَدِيُّ عَلَى إِثْرِهِ أَبُو قَتَادَةَ الأَنْصَارِيُّ وَعَلَى إِثْرِهِ الْمِقْدَادُ بْنُ الأَسْوَدِ الْكِنْدِيُّ - قَالَ - فَأَخَذْتُ بِعِنَانِ الأَخْرَمِ - قَالَ - فَوَلَّوْا مُدْبِرِينَ قُلْتُ يَا أَخْرَمُ احْذَرْهُمْ لَا يَقْتَطِعُوكَ حَتَّى يَلْحَقَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ. قَالَ يَا سَلَمَةُ إِنْ كُنْتَ تُؤْمِنُ بِالله وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَتَعْلَمُ أَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ وَالنَّارَ حَقٌّ فَلَا تَحُلْ بَيْنِي وَبَيْنَ الشَّهَادَةِ.

قَالَ فَخَلَّيْتُهُ فَالْتَقَى هُوَ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ - قَالَ - فَعَقَرَ بِعَبْدِ الرَّحْمَنِ فَرَسَهُ وَطَعَنَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَقَتَلَهُ وَتَحَوَّلَ عَلَى فَرَسِهِ وَلَحِقَ أَبُو قَتَادَةَ فَارِسُ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم بِعَبْدِ الرَّحْمَنِ فَطَعَنَهُ فَقَتَلَهُ فَوَالَّذِي كَرَّمَ وَجْهَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم لَتَبِعْتُهُمْ أَعْدُو عَلَى رِجْلَىَّ حَتَّى مَا أَرَى وَرَائِي مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم وَلَا غُبَارِهِمْ شَيْئًا حَتَّى يَعْدِلُوا قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ إِلَى شِعْبٍ فِيهِ مَاءٌ يُقَالُ لَهُ ذُو قَرَدٍ لِيَشْرَبُوا مِنْهُ وَهُمْ عِطَاشٌ - قَالَ - فَنَظَرُوا إِلَىَّ أَعْدُو وَرَاءَهُمْ فَحَلَّيْتُهُمْ عَنْهُ - يَعْنِي أَجْلَيْتُهُمْ عَنْهُ - فَمَا ذَاقُوا مِنْهُ قَطْرَةً - قَالَ - وَيَخْرُجُونَ فَيَشْتَدُّونَ فِي ثَنِيَّةٍ - قَالَ - فَأَعْدُو فَأَلْحَقُ رَجُلاً مِنْهُمْ فَأَصُكُّهُ بِسَهْمٍ فِي نُغْضِ كَتِفِهِ.

قَالَ قُلْتُ خُذْهَا وَأَنَا ابْنُ الأَكْوَعِ وَالْيَوْمَ يَوْمُ الرُّضَّعِ قَالَ يَا ثَكِلَتْهُ أُمُّهُ أَكْوَعُهُ بُكْرَةَ قَالَ قُلْتُ نَعَمْ يَا عَدُوَّ نَفْسِهِ أَكْوَعُكَ بُكْرَةَ - قَالَ - وَأَرْدَوْا فَرَسَيْنِ عَلَى ثَنِيَّةٍ قَالَ فَجِئْتُ بِهِمَا أَسُوقُهُمَا إِلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ - وَلَحِقَنِي عَامِرٌ بِسَطِيحَةٍ فِيهَا مَذْقَةٌ مِنْ لَبَنٍ وَسَطِيحَةٍ فِيهَا مَاءٌ فَتَوَضَّأْتُ وَشَرِبْتُ ثُمَّ أَتَيْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ عَلَى الْمَاءِ الَّذِي حَلَّيْتُهُمْ عَنْهُ فَإِذَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم قَدْ أَخَذَ تِلْكَ الإِبِلَ وَكُلَّ شَىْءٍ اسْتَنْقَذْتُهُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَكُلَّ رُمْحٍ وَبُرْدَةٍ وَإِذَا بِلَالٌ نَحَرَ نَاقَةً مِنَ الإِبِلِ الَّذِي اسْتَنْقَذْتُ مِنَ الْقَوْمِ وَإِذَا هُوَ يَشْوِي لِرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم مِنْ كَبِدِهَا وَسَنَامِهَا - قَالَ - قُلْتُ يَا

⦗ص: 35⦘

رَسُولَ الله خَلِّنِي فَأَنْتَخِبُ مِنَ الْقَوْمِ مِائَةَ رَجُلٍ فَأَتَّبِعُ الْقَوْمَ فَلَا يَبْقَى مِنْهُمْ مُخْبِرٌ إِلَاّ قَتَلْتُهُ - قَالَ - فَضَحِكَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ فِي ضَوْءِ النَّارِ فَقَالَ: ((يَا سَلَمَةُ أَتُرَاكَ كُنْتَ فَاعِلاً)). قُلْتُ نَعَمْ وَالَّذِي أَكْرَمَكَ. فَقَالَ: ((إِنَّهُمُ الآنَ لَيُقْرَوْنَ فِي أَرْضِ غَطَفَانَ)). قَالَ فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ غَطَفَانَ فَقَالَ نَحَرَ لَهُمْ فُلَانٌ جَزُورًا فَلَمَّا كَشَفُوا جِلْدَهَا رَأَوْا غُبَارًا فَقَالُوا أَتَاكُمُ الْقَوْمُ فَخَرَجُوا هَارِبِينَ. فَلَمَّا أَصْبَحْنَا قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((كَانَ خَيْرَ فُرْسَانِنَا الْيَوْمَ أَبُو قَتَادَةَ وَخَيْرَ رَجَّالَتِنَا سَلَمَةُ)).

قَالَ ثُمَّ أَعْطَانِي رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم سَهْمَيْنِ سَهْمُ الْفَارِسِ وَسَهْمُ الرَّاجِلِ فَجَمَعَهُمَا لِي جَمِيعًا ثُمَّ أَرْدَفَنِي رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم وَرَاءَهُ عَلَى الْعَضْبَاءِ رَاجِعِينَ إِلَى الْمَدِينَةِ - قَالَ - فَبَيْنَمَا نَحْنُ نَسِيرُ قَالَ وَكَانَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ لَا يُسْبَقُ شَدًّا - قَالَ - فَجَعَلَ يَقُولُ أَلَا مُسَابِقٌ إِلَى الْمَدِينَةِ هَلْ مِنْ مُسَابِقٍ فَجَعَلَ يُعِيدُ ذَلِكَ - قَالَ - فَلَمَّا سَمِعْتُ كَلَامَهُ قُلْتُ أَمَا تُكْرِمُ كَرِيمًا وَلَا تَهَابُ شَرِيفًا قَالَ لَا إِلَاّ أَنْ يَكُونَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ الله بِأَبِي وَأُمِّي ذَرْنِي فَلأُسَابِقَ الرَّجُلَ قَالَ: ((إِنْ شِئْتَ)). قَالَ قُلْتُ اذْهَبْ إِلَيْكَ وَثَنَيْتُ رِجْلَىَّ فَطَفَرْتُ فَعَدَوْتُ - قَالَ - فَرَبَطْتُ عَلَيْهِ شَرَفًا أَوْ شَرَفَيْنِ أَسْتَبْقِي نَفَسِي ثُمَّ عَدَوْتُ فِي إِثْرِهِ فَرَبَطْتُ عَلَيْهِ شَرَفًا أَوْ شَرَفَيْنِ ثُمَّ إِنِّي رَفَعْتُ حَتَّى أَلْحَقَهُ - قَالَ - فَأَصُكُّهُ بَيْنَ كَتِفَيْهِ - قَالَ - قُلْتُ قَدْ سُبِقْتَ وَالله قَالَ أَنَا أَظُنُّ. قَالَ فَسَبَقْتُهُ إِلَى الْمَدِينَةِ قَالَ فَوَالله مَا لَبِثْنَا إِلَاّ ثَلَاثَ لَيَالٍ حَتَّى خَرَجْنَا إِلَى خَيْبَرَ مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ فَجَعَلَ عَمِّي عَامِرٌ يَرْتَجِزُ بِالْقَوْمِ تَالله لَوْلَا الله مَا اهْتَدَيْنَا وَلَا تَصَدَّقْنَا وَلَا صَلَّيْنَا وَنَحْنُ عَنْ فَضْلِكَ مَا اسْتَغْنَيْنَا فَثَبِّتِ الأَقْدَامَ إِنْ لَاقَيْنَا وَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ هَذَا)). قَالَ أَنَا عَامِرٌ. قَالَ: ((غَفَرَ لَكَ رَبُّكَ)).

قَالَ: وَمَا اسْتَغْفَرَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم لإِنْسَانٍ يَخُصُّهُ إِلَاّ اسْتُشْهِدَ. قَالَ: فَنَادَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَهُوَ عَلَى جَمَلٍ لَهُ يَا نَبِيَّ الله لَوْلَا مَا مَتَّعْتَنَا بِعَامِرٍ. قَالَ فَلَمَّا قَدِمْنَا خَيْبَرَ قَالَ خَرَجَ مَلِكُهُمْ مَرْحَبٌ يَخْطِرُ بِسَيْفِهِ وَيَقُولُ قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي مَرْحَبُ شَاكِي السِّلَاحِ بَطَلٌ مُجَرَّبُ

⦗ص: 36⦘

إِذَا الْحُرُوبُ أَقْبَلَتْ تَلَهَّبُ قَالَ وَبَرَزَ لَهُ عَمِّي عَامِرٌ فَقَالَ قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي عَامِرٌ شَاكِي السِّلَاحِ بَطَلٌ مُغَامِرٌ قَالَ فَاخْتَلَفَا ضَرْبَتَيْنِ فَوَقَعَ سَيْفُ مَرْحَبٍ فِي تُرْسِ عَامِرٍ وَذَهَبَ عَامِرٌ يَسْفُلُ لَهُ فَرَجَعَ سَيْفُهُ عَلَى نَفْسِهِ فَقَطَعَ أَكْحَلَهُ فَكَانَتْ فِيهَا نَفْسُهُ. قَالَ سَلَمَةُ فَخَرَجْتُ فَإِذَا نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِ النبي صلى الله عليه وسلم يَقُولُونَ بَطَلَ عَمَلُ عَامِرٍ قَتَلَ نَفْسَهُ قَالَ فَأَتَيْتُ النبي صلى الله عليه وسلم وَأَنَا أَبْكِي فَقُلْتُ يَا رَسُولَ الله بَطَلَ عَمَلُ عَامِرٍ قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ قَالَ ذَلِكَ)). قَالَ قُلْتُ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِكَ. قَالَ: ((كَذَبَ مَنْ قَالَ ذَلِكَ بَلْ لَهُ أَجْرُهُ مَرَّتَيْنِ)). ثُمَّ أَرْسَلَنِي إِلَى عَلِيٍّ وَهُوَ أَرْمَدُ فَقَالَ: ((لأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ رَجُلاً يُحِبُّ الله وَرَسُولَهُ أَوْ يُحِبُّهُ الله وَرَسُولُهُ)).

قَالَ: فَأَتَيْتُ عَلِيًّا فَجِئْتُ بِهِ أَقُودُهُ وَهُوَ أَرْمَدُ حَتَّى أَتَيْتُ بِهِ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم فَبَسَقَ فِي عَيْنَيْهِ فَبَرَأَ وَأَعْطَاهُ الرَّايَةَ وَخَرَجَ مَرْحَبٌ فَقَالَ قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي مَرْحَبُ شَاكِي السِّلَاحِ بَطَلٌ مُجَرَّبُ إِذَا الْحُرُوبُ أَقْبَلَتْ تَلَهَّبُ فَقَالَ عَلِيٌّ أَنَا الَّذِي سَمَّتْنِي أُمِّي حَيْدَرَهْ كَلَيْثِ غَابَاتٍ كَرِيهِ الْمَنْظَرَهْ أُوفِيهِمُ بِالصَّاعِ كَيْلَ السَّنْدَرَهْ قَالَ فَضَرَبَ رَأْسَ مَرْحَبٍ فَقَتَلَهُ ثُمَّ كَانَ الْفَتْحُ عَلَى يَدَيْهِ. لمسلم، ولأبي داود، بعضه (1).

(1) مسلم (1807)، أبو داود (2538).

ص: 32