الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
6634 -
أسامة: بعثنا النبي صلى الله عليه وسلم إلى الحرقة فصبحنا القوم فهزمناهم، ولحقت أنا ورجل من الأنصار رجلاًُ منهم، فلما غشيناه قال: لا إله إلا الله، فكف الأنصاري وطعنته برمحي حتى قتلته فلما قدمنا بلغ النبي صلى الله عليه وسلم فقال:((يا أسامة أقتلته بعدما قال: لا إله إلا الله؟)) قلت: إنما كان متعوذا فقال: ((أقتلته بعد ما قال: لا إله إلا الله؟)) فما زال يكررها حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم (1).
(1) البخاري (4269).
6635 -
وفي رواية: بعثنا النبي صلى الله عليه وسلم في سرية فصبحنا الحرقات من جهينة فأدركت رجلاً فقال: لا إله إلا الله، فطعنته، فوقع في نفسي من ذلك فذكرته للنبي صلى الله عليه وسلم فقال:((أقال: لا إله إلا الله وقتلته؟)) قلت: يا رسول الله إنما قالها خوفًا من السلاح. قال: ((أفلا شققت عن قلبه حتى تعلم قالها أم لا؟)) فما زال يكررها علي حتى تمنيت أني أسلمت يومئذ. قال: فقال سعد: وأنا والله لا أقتل مسلمًا حتى يقتله ذو البطين -يعني: أسامة- قال: فقال رجل: ألم يقل الله {وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله} فقال سعد: قد قاتلنا حتى لا تكون فتنة وأنت وأصحابك تريدون أن تقاتلوا حتى تكون فتنة. للشيخين وأبي داود (1).
(1) مسلم (96).
غزوة الفتح
6636 -
علي: بعثني النبي صلى الله عليه وسلم أنا والزبير والمقداد فقال: انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ فإن بها ظعينة معها كتاب
⦗ص: 45⦘
فخذوه منها، فانطلقنا تتعادى بنا خيلنا حتى أتينا الروضة، فإذا نحن بالظعينة، فقلنا لها: اخرجي الكتاب، قالت: ما معي من كتاب. فقلنا: لتخرجن الكتاب أو لنلقين الثياب، فأخرجته من عقاصها، فأتينا به النبي صلى الله عليه وسلم فإذا فيه: من حاطب ابن أبي بلتعة إلى ناس من المشركين من أهل مكة يخبرهم ببعض أمر النبي صلى الله عليه وسلم، فقال صلى الله عليه وسلم:((يا حاطب ما هذا؟)) فقال: يا رسول الله لا تعجل علي إني كنت امرأ ملصقًا في قريش ولم أكن من أنفسهم، وكان من معك من المهاجرين لهم قرابة يحمون بها أموالهم وأهليم بمكة، فأحببت إذ فاتني ذلك من النسب فيهم أن أتخذ فيهم يدًا يحمون بها قرابتي، وما فعلته كفرًا ولا ارتدادًا عن ديني، ولا رضي بالكفر بعد الإسلام فقال صلى الله عليه وسلم:((إنه قد صدقكم)) فقال عمر: دعني يا رسول الله أضرب عنق هذا المنافق فقال صلى الله عليه وسلم: ((إنه قد شهد بدرًا، وما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم)) فأنزل الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء} (1).
(1) مسلم (2494)، والترمذي (3305).
6637 -
وفي رواية: فأنخنا بعيرها فابتغينا في رحلها فما وجدنا شيئًا، فقال: صاحباي ما نرى معها كتابًا. فقلت: لقد علمنا ما كذب رسول الله صلى الله عليه وسلم وما كذب، والذي يحلف به لتخرجن الكتاب أو لأجردنك، فأهوت إلى حجرتها وهي محتجزة بكساء، فأخرجت الصحيفة من عقاصها. للشيخين وأبي داود والترمذي (1).
(1) البخاري (3007).
6638 -
ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج في رمضان من المدينة ومعه عشرة آلاف وذلك على رأس ثمان سنين ونصف، يصوم ويصومون حتى بلغ الكديد أفطر وأفطروا. للشيخين وقد مر في الصوم (1).
(1) البخاري (4276)، مسلم (1113).
6639 -
عروة لما سار النبي صلى الله عليه وسلم عام الفتح فبلغ ذلك قريشًا، خرج أبو سفيان، وحكيم بن حزام، وبديل بن ورقاء يلتمسون الخبر حتى أتوا مر الظهران، فإذا هم بنيران كأنها نيران عرفة، فقال أبو سفيان: ما هذه؟ لكأنها نيران عرفة. فقال بديل: نيران بني عمرو. فقال أبو سفيان: عمرو أقل من ذلك، فرآهم ناس من حرس النبي صلى الله عليه وسلم فأدركوهم فأخذوهم فأتوا بهم النبي صلى الله عليه وسلم، فأسلم أبو سفيان فلما سار قال للعباس:((احبس أبا سفيان عند خطم الجبل حتى ينظر إلى المسلمين)) فحبسه العباس، فجعلت القبائل تمر مع النبي صلى الله عليه وسلم تمر كتيبة كتيبة على أبي سفيان فمرت كتيبة فقال: يا عباس من هذه؟ قال: هذه غفار. قال: مالي ولغفار؟ ثم مرت جهينة فقال مثل ذلك، ثم مرت سعد بن هذيم فقال مثل ذلك، ثم مرت سليم فقال مثل ذلك، حتى أقبلت كتيبة لم ير مثلها، قال من هذه؟ قال: هؤلاء الأنصار عليهم سعد بن عبادة معه الراية. فقال سعد: يا أبا سفيان اليوم يوم الملحمة، اليوم تستحل الكعبة. فقال أبو سفيان: يا عباس حبذا يوم الذمار ثم جاءت كتيبة وهي أجل الكتائب فيهم رسول الله وأصحابه ورايته مع الزبير، فلما مر النبي صلى الله عليه وسلم بأبي سفيان قال: ألم تعلم ما قال سعد بن عبادة؟ قال ما قال؟ قال: كذا وكذا. فقال كذب سعد، ولكن هذا يوم يعظم الله فيه الكعبة، ويوم تكسى فيه الكعبة، وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تركز رايته بالحجون قال عروة عن نافع بن جبير بن مطعم: سمعت العباس يقول للزبير: أههنا أمرك رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تركز الراية؟ قال: نعم.
قال: وأمر صلى الله عليه وسلم يومئذٍ خالد بن الوليد أن يدخل من أعلى مكة من كداء، ودخل صلى الله عليه وسلم من كدى، فقتل من خيل خالد يومئذ رجلان حبيش بن الأشعر وكرز بن جابر الفهري. للبخاري (1).
(1) البخاري (4280).
6640 -
ابن عباس لما نزل النبي صلى الله عليه وسلم مر الظهران قال العباس: قلت: والله لئن دخل صلى الله عليه وسلم مكة عنوة قبل أن يأتوه فيستأمنوه إنه لهلاك قريش، فجلست على بغلة النبي صلى الله عليه وسلم (فقلت: لعلي أجد ذا حاجة يأتي أهل مكة فيخبرهم بمكان النبي صلى الله عليه وسلم) (1) ليخرجوا إليه فيستأمنوه، فأنى لأسير إذ سمعت كلام أبي سفيان وبديل بن ورقاء فقلت: يا أبا حنظلة فعرف صوتي، قال: أبو الفضل؟ قلت: نعم. قال: مالك فداك أبي وأمي؟ قلت: هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس. قال: وما الحيلة؟ فركب خلفي ورجع صاحبه، فلما أصبح غدوت به على النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله إن أبا سفيان رجل يحب هذا الفخر فاجعل له شيئًا. قال: ((نعم، من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن أغلق بابه فهو آمن ومن دخل المسجد فهو آمن)) فتفرق الناس إلى دورهم وإلى المسجد. لأبي داود (2).
(1) من (ب).
(2)
أبو داود (3022)، وقال الألباني في صحيح أبي داود (2611): حسن.
6641 -
أبو هريرة: أقبل النبي صلى الله عليه وسلم حتى قدم مكة، فبعث الزبير على إحدى المجنبتين، وبعث خالدًا على المجنبة الأخرى، وبعث أبا عبيدة على الحسر فأخذ بطن الوادي، والنبي صلى الله عليه وسلم في كتيبة فنظر فرآني فقال:((أبو هريرة)) قلت: لبيك يا رسول الله فقال: ((اهتف لا يأتيني إلا أنصاري)) فأطافوا به، ووبشت قريش من أوباش لها وأتباع فقالوا نقدم هؤلاء، فإن كان لهم شيء كنا معهم، وإن أصيبوا أعطينا الذي سألنا. فقال النبي صلى الله عليه وسلم:((ترون إلى أوباش قريش وأتباعهم)) ثم قال بيديه إحداهما على الأخرى.
وزاد في رواية: وقال: ((احصدوهم حصدًا)) ثم قال: ((حتى توافوني بالصفا)) فانطلقنا فما شاء أحد منا أن يقتل، أحدًا إلا قتله وما أحد منهم يوجه إلينا شيئًا، فجاء أبو سفيان فقال: يا رسول الله أبيدت خضراء قريش، لا قريش بعد اليوم، قال:((من دخل دار أبي سفيان فهو آمن)) فقالت الأنصار بعضهم لبعض: أما الرجل فأدركته رغبة في قريته ورأفة
⦗ص: 48⦘
بعشيرته، وجاء الوحي فقال صلى الله عليه وسلم:((يا معشر الأنصار)) فقالوا: لبيك يا رسول الله. قال: ((قلتم أما الرجل فأدركته رغبة في قريته؟)) قالوا: قد كان ذاك. قال: ((كلا إني عبد الله ورسوله هاجرت إلى الله وإليكم المحيا محياكم والممات مماتكم)) فأقبلوا إليه يبكون ويقولون: والله ما قلنا الذي قلنا إلا الضن بالله وبرسوله فقال: ((إن الله ورسوله يصدقانكم ويعذرانكم)) فأقبل الناس إلى دار أبي سفيان وأغلق الناس أبوابهم، وأقبل صلى الله عليه وسلم إلى الحجر فاستلمه ثم طاف بالبيت، وأتى على صنم إلى جانب البيت كانوا يعبدونه، وفي يده صلى الله عليه وسلم قوس وهو آخذ بسيته، فلما أتى على الصنم جعل يطعن في عينه ويقول:{جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقًا} فلما فرغ من طوافه أتى الصفا فعلا عليه حتى نظر إلى البيت ورفع يديه فجعل يحمد الله ويدعو ما شاء أن يدعو. لمسلم.
وفي رواية أبي داود: ((من دخل دار أبي سفيان فهو آمن ومن ألقى السلاح فهو آمن)) فعمدت صناديد قريش فدخلوا الكعبة فغص بهم، وطاف النبي صلى الله عليه وسلم وصلى خلف المقام، ثم أخذ بجنبتي الباب فخرجوا فبايعوه صلى الله عليه وسلم (1).
(1) مسلم (1780)، وأبو داود (3024).
6642 -
أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل مكة يوم الفتح وعلى رأسه المغفر، فلما نزعه جاء رجل فقال له: ابن خطل متعلق بأستار الكعبة فقال له: ((اقتلوه)). للستة (1).
(1) البخاري (4286)، ومسلم (1357).
6643 -
سعد لما كان يوم فتح مكة أمن النبي صلى الله عليه وسلم الناس إلا أربعة وامرأتين، وقال:((اقتلوهم وإن وجدتموهم متعلقين بأستار الكعبة)) عكرمة بن أبي جهل، وعبد الله بن خطل، ومقيس بن صبابة
⦗ص: 49⦘
وعبد الله بن سعد بن أبي سرح، فأما ابن خطل فقتله سعيد بن حريث وهو متعلق بأستار الكعبة، وأما مقيس فأدركه الناس بالسوق فقتلوه، وأما عكرمة فركب البحر فأصابتهم عاصف فقال أهل السفينة: أخلصوا فإن آلهتكم لا تغني عنكم شيئًا ههنا، فقال عكرمة: والله لئن لم ينجني في البحر إلا الإخلاص لا ينجني في البر غيره، اللهم إن لك علي عهدًا إن عافيتني مما أنا فيه أن آتي محمدًا حتى أضع يدي في يده فلأجدنه عفوًا غفورًا كريمًا، فجاء فأسلم. وأما ابن أبي سرح فإنه اختبأ عند عثمان، فلما دعا النبي صلى الله عليه وسلم الناس إلى البيعة جاء به حتى أوقفه على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله بايع عبد الله فرفع رأسه فنظر إليه ثلاثًا كل ذلك يأبى فبايعه بعد ثلاث ثم أقبل على أصحابه فقال: ((أما كان فيكم رجل رشيد يقوم إلى هذا حين رآني كففت يدي عن بيعته فيقتله؟)) قالوا: ما ندري ما في نفسك، ألا أومأت إلينا بعينك؟ قال:((إنه لا ينبغي لنبي أن تكون له خائنة الأعين)). للنسائي وأبي داود وقال: كان عبد الله أخا عثمان من الرضاعة (1).
(1) أبو داود (2685) مختصرا، والنسائي 7/ 106 - 107، وقال الألباني في صحيح النسائي (3791): صحيح.
6644 -
وله عن سعيد بن يربوع المخزومي رفعه: ((أربعة لا أؤمنهم في حل ولا حرم)) وسماهم، وقينتين كانتا لمقيس بن صبابة فقتلت إحداهما وانفلت الأخرى فأسلمت (1).
(1) أبو داود (2684)، وقال الألباني في ضعيف أبي داود (575): ضعيف.
6645 -
ابن مسعود: دخل النبي صلى الله عليه وسلم يوم الفتح وحول البيت ستون وثلاثمائة نصب فجعل يطعنها بعود في يده ويقول: (({جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا} {جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد})). للشيخين والترمذي (1).
(1) البخاري (2478)، ومسلم (1781).
6646 -
جابر: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر عمر زمن الفتح وهو بالبطحاء أن يأتي الكعبة فيمحو كل صورة فيها فلم يدخلها النبي صلى الله عليه وسلم حتى محيت كل صورة فيها. لأبي داود (1).
(1) أبو داود (4156)، وقال الألباني في صحيح أبي داود (3502): حسن صحيح.
6647 -
وعنه أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل مكة ولواؤه أبيض. للترمذي وأبي داود (1).
(1) أبو داود (2592)، والترمذي (1679)، والنسائي (5/ 200)،وصححه الألباني في صحيح الترمذي (1372).
6648 -
وله: أن وهب بن منبه سأل جابرًا هل غنموا يوم فتح مكة شيئًا؟ قال: لا (1).
(1) أبو داود (3023)، وقال الألباني في صحيح أبي داود (2612): صحيح الإسناد.
6649 -
ميمونة: أن النبي صلى الله عليه وسلم بات عندها فقام ليتوضأ فسمعته يقول في متوضأه: ((لبيك لبيك)) ثلاثًا نصرت نصرت ثلاثًا فلما خرج قلت: يا رسول الله سمعتك تقول كذا كأنك تكلم إنسانًا فهل معك أحد؟ قال: ((هذا راجز بني كعب يستصرخني ويزعم أن قريشًا أعانت عليهم بكر بن وائل)) ثم خرج فأمر عائشة أن تجهزه فدخل عليها أبو بكر فقال: ما هذا الجهاز؟ والله ما هذا بزمان غزو بني الأصفر فأين يريد صلى الله عليه وسلم؟ قالت: والله لا علم لي فأقمنا ثلاثًا ثم صلى الصبح بالناس فسمعت الراجز ينشد:
يا رب إني ناشد محمدا
…
حلف أبينا وأبيه الأتلدا
إنا ولدناك فكنت ولدا
…
ثمت أسلمنا فلم تنزع يدا
إن قريشًا أخلفوك الموعدا
…
ونقضوا ميثاقك المؤكدا
وزعموا أن ليس تدعوا أحدا
…
فانصر هداك الله نصرا أبدا
وادع عباد الله يأتوا مددا
…
فيهم رسول الله قد تجردا
إن سيم خسفا وجهه تربدا
فقال صلى الله عليه وسلم: ((لبيك لبيك)) ثلاثًا ((نصرت نصرت)) ثلاثًا ثم خرج صلى الله عليه وسلم وقال: ((اللهم عم عليهم وخبرنا حتى نأخذهم بغتة)) حتى نزل بمر
⦗ص: 51⦘
الظهران فذكر قصة أبي سفيان وحكيم وبديل وأن العباس سأل النبي صلى الله عليه وسلم أن يؤمن له من آمن قال: ((قد أمنت من أمنت ماخلا أبا سفيان)) فقال: يا رسول الله لا تحجر عليَّ فقال: ((من أمنت فهو آمن)) فذهب بهم إليه ثم خرج بهم، وتوضأ النبي صلى الله عليه وسلم وابتدر المسلمون وضوءه ينتضحونه في وجوههم، فقال أبو سفيان: يا أبا الفضل لقد أصبح ملك ابن أخيك عظيمًا. فقال: ليس بملك ولكنها النبوة. للكبير بضعف (1).
(1) الطبراني 23/ 433 - 435، وقال الهيثمي 6/ 164: فيه يحيى بن سليمان بن نضلة وهو ضعيف.
6650 -
وله برجال الصحيح عن ابن عباس قال: ثم مضى النبي صلى الله عليه وسلم واستعمل على المدينة أبا رهم كلثوم بن الحصين الغفاري فذكر الحديث وفيه: وقد عميت الأخبار على قريش وقد كان العباس تلقى النبي صلى الله عليه وسلم ببعض الطريق وقد كان أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب وعبد الله بن أبي أمية قد لقيا النبي صلى الله عليه وسلم فيما بين مكة والمدينة والتمسا الدخول عليه فكلمته أم سلمة فقالت: يا رسول الله ابن عمك وابن عمتك وصهرك. قال: ((لا حاجة لي بهما أما ابن عمي فهتك عرضي بمكة وأما ابن عمتي وصهري فهو الذي قال لي بمكة ما قال)) فلما سمعا ذلك ومع أبي سفيان بنى له فقال: والله ليأذن لي أو لآخذن بيد ابني هذا ثم لنذهبن في الأرض حتى نموت عطشًا وجوعًا، فلما بلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم رق لهما ثم أذن لهما فدخلا فأسلما. وفيه: قال العباس لأبي سفيان حين لقيه: ويحك يا أبا سفيان هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس وأصباح قريش والله.
قال: فما الحيلة فداك أبي وأمي؟ قلت: لئن ظفر بك ليضربن عنقك فاركب معي هذه البغلة، فركب فحركت به فكلما مررت بنار من نيران المسلمين قالوا من هذا؟ فإذا رأوا بغلة النبي صلى الله عليه وسلم قالوا: عم رسول الله صلى الله عليه وسلم على بغلته حتى مررت بنار عمر، فقال: من هذا؟ وقام إليَّ فلما رأى أبا سفيان على عجز البغلة قال أبو سفيان عدو الله، الحمد لله الذي أمكن الله منك بغير عقد ولا عهد، ثم خرج يشتد نحو النبي صلى الله عليه وسلم، وركضت البغلة فسبقته فدخلت على النبي صلى الله عليه وسلم ودخل عمر،
⦗ص: 52⦘
فقال: يا رسول الله هذا أبو سفيان قد أمكن الله منه بغير عقد ولا عهد، فدعنى فلأضرب عنقه، فقلت: يا رسول الله إني أجرته، فلما أكثر عمر في شأنه قلت: مهلاً يا عمر، أما والله لو كان من رجال بني عدي بن كعب ما قلت هذا، ولكنك عرفت أنه من رجال بني عبد مناف، فقال صلى الله عليه وسلم:((اذهب به إلى رحلك يا عباس، فإذا أصبح غدوت به علي))، فقال له:((ويحك يا أبا سفيان ألم يأن لك أن تشهد أن لا إله إلا الله؟)) قال: بأبي أنت وأمي ما أحلمك وما أكرمك وأوصلك، قد ظننت أن لو كان مع الله غيره لقد أغني عني شيئًا. قال:((ويحك يا أبا سفيان ألم يأن لك أن تعلم أني رسول الله؟)) قال: بأبي أنت وأمي ما أحلمك وأكرمك وأوصلك هذه والله كان في النفس منها شيء حتى الآن. قال العباس: قلت ويحك يا أبا سفيان، اسلم وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله قبل أن يضرب عنقك، فشهد شهادة الحق وأسلم. وفيه: حتى مر النبي صلى الله عليه وسلم بالمهاجرين والأنصار لا يرى منهم إلا الحدق، قال: سبحان الله من هؤلاء؟ قلت: هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ما لأحد بهؤلاء قبل ولا طاقة، والله يا أبا الفضل لقد أصبح ملك ابن أخيك الغداة عظيمًا. قلت: يا أبا سفيان: إنها النبوة. قال: نعم إذا. قلت: النجاة إلى قومك.
فخرج حتى إذا جاءهم صرخ بأعلى صوته: يا قريش، هذا محمد قد جاءكم بما لا قبل لكم به، فمن دخل دار أبي سفيان فهو آمن، فقامت إليه امرأته هند بنت عتبة فأخذت بشاربه فقالت: اقتلوا الدهم الأحمس، فبئس طليعة قوم أنت، فقال: ويحكم لا تغرنكم هذه، فإنه قد جاء بما لا قبل لكم به، قالوا: وما تغني عنا دارك؟ قال: ومن أغلق بابه فهو آمن، ومن دخل المسجد فهو آمن، فتفرقوا إلى دورهم وإلى المسجد (1).
(1) الطبراني 8/ 9 - 12 (7264)، وقال الهيثمي 6/ 165 - 167: رجاله رجال الصحيح. وذكره الألباني في الصحيحة (3341).