الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
8424 -
أنس: كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم إذا مرَّ في طريقٍ من طرقِ المدينة وُجدَ منه رائحةُ المسكِ، فيقال مرَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في هذا الطريقِ (1). للموصلي، والبزار، والأوسط.
(1) البزار كما في ((كشف الأستار)) (2478)،وأبو يعلى 5/ 433 (3125)،و ((الأوسط)) 3/ 146 (2751)،وقال الهيثمي 8/ 282: رجال أبو يعلى وثقوا.
من علاماته صلى الله عليه وسلم غير ما تفرق في الكتاب
8425 -
عطاء بن يسار: قلتُ لابنِ عمروٍ بن العاصِ: أخبرني عن صفةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم في التوراةِ؟ فقال: والله إنه لموصوف في التوراة ببعض ما في القرآن: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً} [الأحزاب:45] وحرزاً للأميين أنتَ عبدي ورسولي، سميتُك المتوكِّل، ليس بفظٍّ ولا غليظٍ ولا (سخاب)(1) في الأسواقِ، ولا يدفع بالسيئةِ السيئةَ، ولكن يعفو ويصفحُ، ولن يقبضه الله حتَّى يقيمَ به الملة العوجاءَ، ويفتح به أعينًا عميًا، وآذانًا صمًّا، وقلوبًا غلفاً. للبخاري (2).
(1) في (ب): صخاب وهما بمعنى واحد، والصخب والسخب: الضجة واضطراب الأصوات (النهاية).
(2)
البخاري (2125).
8426 -
ابن مسعود رفعه: ((صفتي أحمدُ المتوكلُّ، ليس بفظٍّ ولا غليظٍ، يُجزى بالحسنةِ الحسنةَ، ولا يكافئ بالسيئةِ، مولدهُ بمكةَ ومهاجرهُ بطيبةَ، وأمَّتهُ الحامدون، يأتزرون على أنصافهم، ويوضئون أطرافهم، أناجيلُهم في صدورهم، يصفُّون للصلاة كما يصفُّون للقتالِ، قربانُهم الذي يتقربونَ به إلىَّ دماؤهم، رهبانٌ بالليل ليوثٌ بالنهارِ)) (1). للكبير بخفى.
(1)((الكبير)) 10/ 89 - 90 (10046)،وقال الهيثمي 8/ 271: وفيه من لم أعرفهم، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (3473).
8427 -
عبد الله بن سلام: قال مكتوبٌ في التوراة صفةُ محمدٍ وعيسى بن مريمَ يدفن معه، فقال أبو مودودٍ المدنيُّ: قد بقى في البيت موضعُ قبرٍ (1). للترمذي.
(1) الترمذي (3617)؛وقال: حسن غريب، والدارمي (6)،وضعفه الألباني في ((المشكاة)) (5772).
8428 -
ابن عمر: قال: ما سمعتُ عمر يقولُ لشيءٍ قطُّ إنِّي لأظنُّه كذا إلا كان كما يظنُّ، بينما عمرُ جالسٌ إذ مرَّ به رجلٌ جميلٌ فقال: لقد أخطأ ظنِّي أو إنَّ
⦗ص: 429⦘
هذا على دينهِ في الجاهليةِ، أو لقد كان كاهنهُم على الرجلِ، فدعي له، فقال له ذلك: فقال ما رأيتُ كاليوم استُقبلَ به رجلٌ مسلمٌ، قال فإنِّي أعزمُ عليكَ إلا ما أخبرتني، قال: كنتُ كاهنُهم في الجاهليةِ، قال: فما أعجبَ ما جاءتك به جنيتُكَ؟ قال: بينما أنا يوماً في السوق جاءتني أعرفُ فيها الفزعَ، قالت: ألم ترى الجنَّ وإبلاسها، ويأسها من بعد إيناسها، ولحوقها بالقلوص وأحلاسها، قال عمرُ: صدقَ، بينا أنا نائمٌ عند آلهتهم، إذ جاءَ رجلٌ بعجلٍ فذبحهُ، فصرخَ به صارخٌ لم أسمع صارخًا قطُّ أشدَّ صوتًا منه يقولُ: يا جليح أمرُ نجيح رجلٌ فصيحٌ يقولُ: لا إله إلا الله، فوثب القومُ، قلتُ: لا أبرحُ حتَّى أعلمَ ما وراءَ هذا، ثمَّ نادى يا جليح أمرُ نجيحٍ رجلٌ فصيحٌ يقولُ: لا إله إلَاّ الله، فقمتُ فما نشبنا أن قيل هذا نبيٌ. للبخاري (1).
(1) البخاري (3866).
8429 -
جبير بن مطعم: خرجتُ تاجراً إلى الشام في الجاهلية، فلمَّا كنتُ بأدنى الشامِ لقيني رجلٌ من أهلِ الكتابِ، فقال: هل عندكُم رجلٌ تنبأ؟ قلتُ: نعم، قال: هل تعرفُ صورته إذا رأيتها؟ قلتُ: نعم، فأدخلني بيتًا فيه صورٌ، فلم أر صورة النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فبينا أنا كذلك إذ دخلَ رجلٌ منهم علينا، فقال فيم أنتمُ؟ فأخبرناه، فذهبَ بنا إلى منزله، فساعةُ دخلتُ نظرتُ إلى صورة النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وإذا رجلٌ أخذ بعقبهِ، قلتُ: من هذا الرجلُ القابضُ على عقبه؟ قال: إنه لم يكن نبيٌّ إلا كان بعده نبيٌ إلَاّ هذا، فإنه لا نبيَّ بعده، وهذا الخليفةُ بعده، وإذا صفةُ أبي بكرٍ (1). للكبير، والأوسط بخفى.
(1)((الكبير)) 2/ 125 (1537)، ((الأوسط)) 8/ 148 - 149 (8231)،وقال الهيثمي 8/ 234: فيه من لم أعرفهم.
8430 -
عبد الله بن سلام: لمَّا أراد الله هدى زيد بن سعنةَ قال زيدٌ: ما من علامات النبوة شيءٌ إلا وقد عرفتُها في وجهِ محمدٍ إلا اثنتين يسبق حلمُه جهلهَ، ولا يزيدهُ شدةُ الجهلِ عليه إلا حلمًا، فخرجَ صلى الله عليه وسلم يومًا من الحجراتِ ومعه عليٌّ، فأتاه رجلٌ كالبدويِّ فقال يا رسولَ الله، إنَّ نفري قد أسلمُوا، وكنتُ حدثتُهم إن أسلمُوا أتاهم الرزقُ رغدًا، وقد أصابتهُم سنةٌ فأخشى يا رسولَ الله؛ أن يخرجُوا من الإِسلام طمعًا كما دخلوا فيه طمعًا، فإنْ رأيتَ أن ترسلَ إليهم شيئًا تعينهُم به فعلتُ، فنظرَ إلى رجلٍ أراه عليُّا فقال: يا رسولَ الله، ما بقى منه شيءٌ،
⦗ص: 430⦘
فقال زيدُ بنُ سعنةَ: فقلتُ يا محمدٌ، هل لك أن تبيعني تمراً معلوماً في حائطِ بنى فلانٍ إلى أجلِ كذا وكذا؟ قال:((لا يا يهوديُّ، ولكن أبيعكَ ولا تُسمِّى حائطَ بنى فلانٍ))، قلتُ: نعم، فباعني فأعطيتهُ ثمانين مثقالاً من ذهب، فأعطى الرجلَ وقال:((أعدل عليهم (وأغثهم)(1)
بها))، قال زيدٌ: فلمَّا كان قبل محلِّ الأجل بيومين أو ثلاثةٍ خرج صلى الله عليه وسلم ومعه أبو بكرٍ وعمرُ وعثمانُ في نفرٍ من أصحابِه، فلمَّا صلَّى على الجنازةِ ودنا إلى الجدارِ ليجلسَ إليه، أتيتُه فأخذتُ بمجامعِ قميصهِ وردائه، ونظرتُ إليه بوجهٍ غليظٍ، قلتُ له: يا محمدٌ، ألا تقضيني حقِّي؟ فوالله ما علمتُكُم بني عبدِ المطلبِ مطلاً، ونظرتُ إلى عمرَ وعيناه تدورانِ في وجهه، ثمَّ رماني ببصرهِ فقال: يا عدوَّ الله، أتقولَ لرسولِ الله صلى الله عليه وسلم ما أسمعُ وتصنعَ به ما أرى، فلولا ما أحاذرُ لضربتُ بسيفي رأسكَ، ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم ينظرُ إلىَّ في سكون وتؤدةٍ، وقال:((يا عمرُ: أنا وهو كنَّا أحوجُ إلى غير هذا، أن تأمرني بحسن الأداءِ، وتأمرهُ بحسن التباعة، اذهبْ به يا عمرُ فأعطه حقَّهُ، وزدهُ عشرين صاعًا من تمرٍ مكان ما رعتهُ))، فذهبَ بي عمرُ فأعطاني حقِّي وزادني عشرين صاعًا، فقلتُ: ما هذه الزيادةُ يا عمرُ؟ قال: أمرني صلى الله عليه وسلم أن أزيدك، قال: وتعرفني يا عمرُ؟ قال: لا، قلتُ أنا زيدُ بن سعنةَ، قال الحبرُ؟ قلت: الحبرُ، قال: فما دعاكَ إلى أن فعلتَ ما فعلت، وقلتَ ما قلتَ؟ قلتُ: يا عمرُ، لم يكنْ من علاماتِ النبوةِ شيءٌ إلا عرفتُه في وجهِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم حين نظرتُ إليه إلا اثنتين لم أخبرهُما منه، سبقُ حلمُهُ جهلهُ، ولا يزيدهُ شدةُ الجهلِ عليه إلا حلمًا، وقد أخبرتُهما، فأشهدُك يا عمرُ أنِّي قد رضيتُ بالله ربًّا وبالإِسلامِ دينًا وبمحمدٍ نبيًّا، وأشهدُك أنَّ شطر مالي صدقةٌ على أمةِ محمدٍ، قال عمرُ: أو على بعضهم فإنَّكَ لا تسعهم، قلتُ: أو على بعضهم، فرجعَ عمرُ وزيدٌ إلى النبيٍّ صلى الله عليه وسلم، فقال زيدٌ: أشهدُ أنَّ لا إله إلَاّ الله وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدهُ ورسولُه، وآمنَ به وصدَّقهُ، وبايعهُ وشهدَ معه مشاهدَ كثيرةً، ثمَّ تُوفى في
غزوةِ تبوكٍ مقبلاً غير مدبرٍ (2). للكبير.
(1) في الأصل: وأغنهم ..
(2)
((الكبير)) 5/ 222 - 223 (5147)،وقال الهيثمي 8/ 240: رجاله ثقات، وقال الذهبي في ((تلخيصه على المستدرك)) 3/ 605: ما أنكره وأركَّه، وضعف الألباني إسناده في الإرواء 5/ 220.
8431 -
محمد بن كعب القرظي: بينما عمرُ قاعدٌ في (المسجدِ)(1) إذ مرَّ به رجلٌ فقيل: يا أميرَ المؤمنين، تعرفُ هذا المارَّ؟ قال: فمن هو؟ قال هذا سوادُ بنُ قاربٍ وهو من أهلِ اليمن له فيهم شرفٌ، وهو الذي أتاه رئيه بظهورِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقال عمرُ: علىَّ به فدعي، فقال: أنتَ سوادُ بنُ قاربٍ؟ قال: نعم، قال: أنتَ الذي أتاكَ رئيُك بظهورِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم، قال: فأنتَ على ما كنتَ عليه من كهانتكَ؟ فغضبَ غضباً شديداً، وقال: يا أمير، المؤمنين ما استقبلني بهذا أحدٌ منذُ أسلمتُ، فقال عمرُ: يا سبحانَ الله، ما كنَّا عليه من الشركِ أعظمُ مما كنتَ عليه من كهانتكَ، أخبرني بإتيانك رئيُكَ بظهور النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: بينا أنا ذات ليلةٍ بين النائم واليقظانِ، إذ أتاني رئيٌ، فضربني برجلِهِ، وقال: قُم يا سوادُ بنُ قاربٍ، فافهم واعقلْ إن كنتَ تعقلُ، إنه قد بُعثَ رسولٌ من لؤيِّ بن غالبٍ، يدعو إلى الله وإلى عبادتهِ، ثم أنشأ يقولُ:
عجبتُ للجنِّ وتحساسها
…
وشدِّها العيسَ بأحلاسِهَا.
تأوى إلى مكةَ تبغى الهدى
…
ما خيرُ الجنِ كأنجاسِهَا.
فارحلْ إلى الصفوة من هاشمٍ
…
واسمُ بعينيكَ إلى رأسها.
قال: فلم أرفع بقوله رأسًا، وقلتُ دعني فإنِّي أمسيت ناعسًا، فلمَّا كانتِ الليلةُ الثانيةُ أتاني، فضربني برجله، وقال: ألم أقلْ لكَ يا سوادُ بن قاربٍ: قم وافهمْ واعقلْ إنْ كنتَ تعقلُ، إنه قد بعثَ رسولٌ من لؤيِّ بن غالبٍ يدعو إلى الله وإلى عبادتهِ، ثم أنشأ الجنُّي يقول:
عجبتُ للجنِّ وتطلابها
…
وشدِّها العيسَ بأقتابها
تهوى إلى مكةَ تبغى الهدى
…
ما صادقُ الجنِّ ككذابها.
فارحلْ إلى الصفوةِ من هاشمٍ
…
ليس قدَّاماها كأذنابها.
قال: فلمْ أرفعْ لقوله رأسًا، فلمَّا كانتِ الليلةُ الثالثةُ أتاني وضربني برجلهِ، وقال: ألمْ أقل لكَ يا سوادُ بنُ قاربٍ: افهمْ واعقلْ إنْ كنتَ تعقلُ، إنَّه قد بُعثَ رسولٌ من لؤىِّ بن غالبٍ، يدعو إلى الله وإلى عبادته، ثم أنشأ الجنُّي يقولُ:
عجبتُ للجنِ وأخبارها
…
وشدِّها العيسَ بأكوارِها.
⦗ص: 432⦘
تهوى إلى مكةَ تبغى الهدى
…
ما مؤمنُ الجنِّ ككفارها.
فارحلْ إلى الصفوةِ من هاشمٍ
…
بين روابيها وأحجارها.
فوقع في نفسي حبُّ الإِسلام والرغبةُ فيه، فلمَّا أن أصبحتُ شددتُ على راحلتي وانطلقتُ إلى مكةَ، فلمَّا كنتُ ببعضِ الطريق أُخبرتُ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قد هاجرَ إلى المدينةِ، فأتيتُ المدينةَ فسألتُ عنه فقيلَ لي في المسجدِ، فانتهيتُ إلى المسجدِ فعقلتُ راحلتي، وإذا النبيُّ صلى الله عليه وسلم والناسُ حوله، فقلتُ: اسمع مقالتي يا رسولَ الله، فقال أبو بكرٍ: ادنه ادنه، فلم يزلْ بي حتَّى صرتُ بين يديه، فقال: هات، فأخبرني بأنبائكَ رئيكَ، فقلتُ:
أتاني نجىِّ بعدَ هدءٍ ورقدةٍ
…
ولم يكُ فيما بلوتُ بكاذبِ
ثلاثَ ليالٍ كلَّهُنَّ يقولُ لي أتاكَ
…
رسولٌ من لؤيِّ بن غالبِ
فشمَّرتُ عن ذيلي الإِزارَ ووسطتُ بي
…
الدلعبَ الوجناءَ بين السباسبِ
فأشهدُ أنَّ الله لا ربَّ غيرهُ
…
وأنكَ مأمونٌ على كلِّ غائبِ
وأنكَ أدنى المرسلين وسيلة إلى
…
الله يا ابنَ الأكرمينَ الأطايب.
فمُرنا بما يأتيكَ يا خيرَ مرسلٍ
…
وإنْ كان فيما جاءَ شيبُ الذوائبِ.
وكن لي شفيعًا يومَ لا ذو شفاعةٍ
…
سواكَ بمغنٍ عن سوادِ بن قاربِ.
قال: ففرحَ صلى الله عليه وسلم وأصحابه بإسلامي فرحاً شديداً قال: فوثبَ عمرُ إليه والتزمَه، وقال قد كنتُ أحبُّ أنْ أسمعَ هذا منكَ (2). للكبير بضعف.
(1) في (ب): المجلس.
(2)
((الكبير)) 7/ 92 - 95 (6475)،وقال الهيثمي 8/ 250: إسناده ضعيف.
8432 -
ابن عباس: حدثني أبو سفيان بنُ حربٍ من فيهِ إلى فيَّ قال: انطلقتُ في المدَّةِ التي كانت بيني وبينَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال: فبينا أنا بالشام إذ جيئ بكتابٍ من النبيِّ صلى الله عليه وسلم إلى هرقلَ: وكان دحيةُ الكلبيُّ جاءَ به فدفعهُ إلى عظيم بُصري، فدفعه عظيم بُصري إلى هرقلَ، فقال هرقلُ: هل ههنا أحدٌ من قوم هذا الرجلِ الذي يزعمُ أنه نبيٌّ؟ قالوا: نعم، فدُعيتُ في نفرٍ من
⦗ص: 433⦘
قريشٍ، فدخلنا على هرقلَ فأجلسنا بين يديه، فقال: أيُّكم أقربُ نسباً من هذا الرجلِ الذي يزعمُ أنه نبيُّ؟ فقلتُ: أنا فأجلسُوني بين يديه وأجلسُوا أصحابي خلفي، ثم دعا بترجمانهِ، فقال: قل لهؤلاءِ إني سائلُ هذا عن هذا الرجلِ الذي يزعمُ أنه نبيٌ، فإنْ كذبني فكذِّبوُه، وأيم الله لولا أن يؤثروا على الكذب لكذبت، ثم قال لترجمانه: سلهُ كيف حسبُه فيكم؟ قلتُ: هو فينا ذو حسبٍ، قال: فهلْ كان من آبائهِ من ملكٍ؟ قلتُ: لا قال: فهل كنتمُ تتهمونه بالكذبِ قبل أن يقولَ ما قالَ؟ قلتُ: لا، قال: فهل يتبعه أشراف الناس أم ضعفاؤهم؟ قلتُ: بل ضعفاؤهم، قال: أيزيدون أم ينقصُونَ؟ قلتُ: بل يزيدون، قال: فهلْ يرتدُّ أحدٌ منهم عن دينه بعد أنْ يدخلَ فيه سخطةً له؟ قلتُ: لا، قال فهل قاتلتمُوه؟ قلتُ: نعم، قال: فكيف كان قتالُكم إياه؟ قلتُ: تكونُ الحربُ بيننا وبينه سجالاً، يصيبُ منا ونُصيبُ منه، قال: فهل يغدُرُ؟ قلتُ: لا، ونحن منه في هذه المدةِ لا ندري ما هو صانعٌ فيها، قال: والله ما أمكنني من كلمةٍ أدخل فيها شيئًا غير هذه، قال: فهل قال هذا القولَ أحدٌ قبلهٌ؟ قلتُ: لا، ثمَّ قال لترجمانهِ: قلْ له إنِّي سألتُكَ عن حسبهِ
فيكم، فزعمتَ أنه فيكُم ذو حسبٍ، وكذلك الرسلُ تبعثُ في أحسابِ قومها، وسألتُك هل كان في آبائهِ ملكٌ؟ فزعمت أن لا، فقلتُ: لو كان في آبائهِ ملكٌ، قلتُ: رجلٌ يطلبُ مُلكَ آبائهِ، وسألتُك عن أتباعه أضعفاؤهم أمن أشرافُهم؟
فقلتُ: بل ضعفاؤهم، وهم أتباعُ الرسلِ، وسألتُكَ هل كنتمُ تتهمونَه بالكذبِ قبلَ أن يقولَ ما قالَ؟ فزعمتَ أنْ لا، فعرفتُ أنه لم يكنْ ليدع الكذبَ على الناسِ ثمَّ يذهبُ فيكذبُ على الله، وسألتُك هل يرتدُّ أحدٌ منهم عن دينهِ بعدَ أنْ يدخلَ فيه سخطةً له؟ فزعمتَ أن لا، وكذلك الإِيمانُ إذا خالطَ بشاشتُه القلوبَ، وسألتُك هل يزيدونَ أو ينقصونَ؟ فزعمتَ أنهم يزيدونَ، وكذلكَ الإِيمانُ حتَّى يتمَّ، وسألتكَ هل قاتلتمُوه؟ فزعمتَ أنكم قاتلتمُوه، فتكونُ الحربُ بينكم وبينه سجالاً، ينالُ منكم، وتنالونَ منه، وكذلك الرسلُ تُبتلى، ثمَّ تكونُ لها العاقبةُ، وسألتُكَ هل يغدرُ؟ فزعمتَ أنه لا يغدرُ، وكذلك الرسلُ لا تغدرُ، وسألتُكَ هل قالَ هذا القولَ أحدٌ قبله؟ فزعمتَ أنْ لا، فقلتُ لو كان قالَ هذا القول أحدٌ قبله قلتُ: رجلٌ ائتمَّ بقولٍ قيل قبلهُ، ثمَّ قال بما يأمرُكُم؟ قلنا: يأمرُنا بالصلاةِ والزكاةِ والصلةِ والعفافِ، قال: إن يكُ
⦗ص: 434⦘
ما تقولُ حقًّا فإنه نبيٌّ، وقد كنتُ أعلمُ أنه خارجٌ، ولم أكُ أظنَّه منكم، ولو أنيِّ أعلمُ أنيِّ أخلصُ إليه لأحببتُ لقاءهُ، ولو كنتُ عندهُ لغسلتُ عن قدميه، وليبلغنَّ ملكهُ ما تحت قدميَّ، ثمَّ دعا بكتابِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم فقرأهُ، فإذا فيه: ((بسم الله الرحمنِ الرحيمِ، من محمدٍ رسولُ الله إلى هرقلَ عظيم الرومِ، سلامٌ على من اتبعَ الهدى، أما بعدُ: فإنيِّ أدعوكَ بدعايةِ الإِسلامِ، أسلمْ تسلَمَ، وأسلمْ يؤتكَ الله أجركَ مرتين، فإنْ توليتَ فإنمَّا عليكَ إثمُ الأريسيين، و {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا
نَعْبُدَ إِلَّا الله وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِنْ دُونِ الله فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ})) [آل عمران: من الآية64]. فلمَّا فرغَ من قراءةِ الكتابِ، ارتفعتِ الأصواتُ عنده وكثُر اللغطُ، وأمرَ بنا فأخرجنا، فقلتُ لأصحابي حين خرجنا: لقد أَمِرَ أمرُ ابن أبي كبشةَ أنَّه ليخافُه ملكُ بنى الأصفر، فمازلتُ موقنًا بأمرِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه سيظهرُ، حتَّى أدخلَ الله علىَّ الإِسلامَ،
قال الزهريُّ: فدعا هرقلُ عظماءَ الرومِ، فجمعهُم في دارٍ له، فقال يا معشرَ الرومِ: هل لكُم في الفلاحِ والرشدِ آخرُ الأبدِ، وأنْ يثبتَ لكم مُلككُم؟ فحاصُوا حيصةَ حُمرِ الوحشِ إلى الأبوابِ فوجدوها قد أُغلقت، قال: عليَّ بهم، فدعا بهم فقال: إنِّي اختبرتُ شدَّتكُم على دينكُم فقد رأيتُ منكم الذي أحببتُ، فسجدُوا له ورضُوا عنه (1).
(1) البخاري (4553)،ومسلم (1773).
8433 -
وفي رواية: فمازلتُ ذليلاً مستيقنًا بأنَّ أمرهُ سيظهرُ، حتَّى أدخلَ الله على قلبي الإِسلامَ، وأنا كارهٌ، قال وكان ابنُ الناظورِ صاحبُ إيلياءَ وهرقلُ أسقفًا على نصارى الشام يُحدِّثُ أنَّ هرقلَ حين قدم إيلياءَ أصبحَ يوماً خبيثَ النفسِ، فقال بعضُ بطارقته: قد استنكرنا هيئتُكَ، قال ابنُ الناظورِ: وكان هرقلُ حزاءً ينظرُ في النجومِ، فقال لهم حين سألوه: إنِّي رأيتُ الليلةَ حين نظرتُ في النجوم ملك الختان قد ظهرَ، فمن يختتنُ من هذه الأمةَ؟ قالوا: ليس يختتنُ فيها إلا اليهودُ، قال فلا يهمنَّك شأنُهم، واكتب إلى مدائنِ ملككَ فليقتُلوا من فيها من اليهودِ، فبينما هم على أمرهم أتى هرقلُ برجلٍ أرسلَ به ملكُ غسَّانَ، يخبرُ عن خبرِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فلمَّا استخبره هرقلُ قال: اذهبُوا فانظرُوا أمختتنٌ هو؟ فنظروا إليه فحدَّثُوه أنَّه مختتنٌ وسألوه عن العربِ، فقال: هُم يختتنونَ، فقال هرقلُ:
⦗ص: 435⦘
هذا ملكُ هذه الأمةُ قد ظهرَ، ثم كتبَ هرقلُ إلى صاحبٍ له برومِّيةٍ، وكان نظيرُه في العلمِ، وسارَ هرقلُ إلى حمصَ، فلم يرم حمصَ حتَّى أتاه كتابٌ من صاحبهِ يوافقُ رأى هرقلَ على خروج النبيِّ صلى الله عليه وسلم وأنه نبيٌّ، فأذن هرقلُ لعظماءِ الروم في دسكرةٍ له بحمصَ، ثمَّ أمر بأبوابها فغلِّقت، ثمَّ قال يا معشرَ الرومِ: هل لكم في الصلاحِ والرشدِ، وأن يثبتَ ملككُم، فتبايعوا هذا النبيَّ؟ فحاصُوا بنحوه، وفي آخره: فكان ذلك آخر شأنِ هرقلَ (1). للشيخين.
(1) البخاري (7)،ومسلم (1773).
8434 -
وعنه قال: كان الجنُّ يصعُدون إلى السماءِ يستمعُون الوحي فإذا سمعُوا الكلمةَ زادوا عليها تسعاً وتسعين، فأمَّا الكلمةُ فتكون حقًّا، وأما ما زادوه فيكونُ باطلا، فلمَّا بعثَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم منعتْ الجنُّ مقاعدها من السماءِ بالشهبِ، قال ولم تكنْ النجومُ يرمى بها قبل ذلك فقال لهم إبليسُ: ما هذا إلا لأمرٍ حدثَ؟ فبعثَ جنودهُ فوجدوا النبيَّ صلى الله عليه وسلم قائماً يصلى بين جبلين بمكةَ، فأتوه فأخبرُوه فقال: هذا الحدثُ الذي حدثَ في الأرض. للترمذي، ومرَّتْ روايةٌ أخرى في تفسير سورة الجنِّ (1).
(1) الترمذي (3324)؛وقال: حسن صحيح، وصححه الألباني في صحيح الترمذي (2648)،وقد سبق نحوه في البخاري.
8435 -
وعنه: أن قريشاً أتوا امرأة كاهنةً فقالوا لها: أخبرينا أشبهنا أثراً بصاحبِ المقامِ، فقالت: إن أنتمُ جررتُم كساءً على هذه السهلةِ، ثمَّ مشيتُم عليها أنبأتُكُم، فجرُّوا كساءً، ثم مشى الناسُ عليها فأبصرتْ أثر النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقالت: هذا أقربُكم إليه شبهاً، ثمَّ مكثوا بعد ذلك عشرين سنةٍ أو ما شاء الله، ثم بُعث محمدٌ صلى الله عليه وسلم (1). للقزويني.
(1) ابن ماجة (2350)،وقال الألباني في ضعيف ابن ماجة (515): منكر ضعيف.