المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌فَصْلٌ روى أبو نعيم في "دلائل النبوة" عن عروة، عن عائشة - حسن التنبه لما ورد في التشبه - جـ ٢

[نجم الدين الغزي]

فهرس الكتاب

- ‌140 - البكاء من خشية الله تعالى:

- ‌141 - ومنها: الخضوع، والخشوع:

- ‌142 - ومنها: التلطُّف بأهل الشَّام، وإرادة الخير لهم، ودفع السوء عنهم:

- ‌143 - ومنها: حضور مجالس العلم:

- ‌144 - ومنها: ختم المجالس بالتسبيح والتحميد:

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌ فائِدةٌ:

- ‌ فائِدةٌ أُخْرَىْ:

- ‌ مَسْألةٌ:

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌خَاتِمَة فِي لطَائَف تَتَعَلَّق بِهَذَا البَاب

- ‌(2) باب التَّشَبُّه بِالأَخْيَار مِنْ بَنِي آدَم

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌(3) بَابُ التَّشَبُّه بِالصَّالِحِينَ رَضيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُم أجْمَعِيْنَ

- ‌فَصْلٌ

- ‌ تَنْبِيْهٌ:

- ‌ تَتِمَّةٌ:

- ‌ تَنْبِيْهٌ:

- ‌فَصْلٌ

- ‌1 - فمنها: الإخلاص

- ‌2 - ومنها: التوبة:

- ‌3 - ومنها: الصبر على طاعة الله، وعن معصيته، وعلى قضائه:

- ‌4 - ومنها: الرضا بقضاء الله تعالى:

- ‌5 - ومنها: الصدق:

- ‌6 - ومنها: المراقبة:

- ‌7 - ومنها: الشكر:

- ‌8 - ومنها: السجود شكراً عند هجوم نعمة، واندفاع نقمة، ورؤية مبتلى:

- ‌9 - ومنها: التقوى:

- ‌ تنبِيْهٌ:

- ‌10 - ومنها: الإحسان:

- ‌ تَنْبِيْهٌ:

- ‌11 - ومنها: اليقين:

- ‌12 - ومنها: التوكل:

- ‌13 - ومنها: التفكر في مصنوعات الله تعالى، وفي نعمه، دون التفكر في ذاته:

- ‌14 - ومنها: الاستقامة:

- ‌15 - ومنها: المبادرة إلى الخيرات:

- ‌16 - ومنها: المجاهدة للكفار، وللنفس، والشيطان:

- ‌17 - ومنها: المصابرة في الحرب، وعدم الفرار:

- ‌18 - ومنها: الازدياد من الخير - وخصوصًا في آخر العمر - وكل نَفَسٍ من أنفاس العبد يمكن أن يكون آخر عمره:

- ‌19 - ومنها: الاقتصاد في العبادة:

- ‌20 - ومنها: المحافظة على الأعمال، والمداومة عليها:

- ‌ تنبِيْهٌ:

- ‌21 - ومنها: الأخذ بالرخص في محالِّها؛ كقصر الصلاة في السفر وجمعها، والفطر بعد مجاوزة ثلاثة مراحل، والتيمم عند فقد الماء، والمسح على الخفين

- ‌22 - ومنها: المحافظة على السنة، وآدابها:

- ‌23 - ومنها: الانفياد لحكم الله تعالى:

- ‌24 - ومنها: إحياء السنة، والدلالة على الخير، والتعاون على البر والتقوى:

- ‌25 - ومنها: حفظ اللسان والصمت إلا عن خير:

- ‌26 - ومنها: النصيحة:

- ‌27 - ومنها: العدل في الحكم، وفي سائر ما يطلب فيه العدل:

- ‌28 - ومنها: الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر:

- ‌29 - ومنها: موافقة القول العمل:

- ‌30 - ومنها: أداء الأمانة:

- ‌ تَنْبِيْهٌ:

- ‌31 - ومنها: تعظيم حرمات المسلمين، والشفقة عليهم، ورحمة من أمر برحمته من خلق الله تعالى:

- ‌32 - ومنها: ستر عورات المسلمين:

- ‌33 - ومنها: قضاء حوائج المسلمين:

- ‌34 - ومنها: الشفاعة إلا في حدود الله تعالى، أو في إضاعة حق:

- ‌35 - ومنها: الإصلاح بين النَّاس:

- ‌36 - ومنها: إيثار صحبة الفقراء، والتواضع لهم:

- ‌37 - ومنها: ملاطفة اليتيم، والبنات، وسائر الضعفة، والمساكين، والمنكسرين، والإحسان إليهم:

- ‌38 - ومنها: التلطف بالمرأة، وتحسين الخلق معها، واحتمال الأذى منها:

- ‌39 - ومنها: الرفق بالخادم، والتلطف به، والإحسان إليه:

- ‌40 - ومنها: النفقة على العيال:

- ‌41 - ومنها: الصدقة، وخصوصاً مما يحب:

- ‌ تنبِيْهٌ:

- ‌ تنبِيْهٌ آخَرُ:

- ‌42 - ومنها: تعليم الأهل، والأولاد الأدب، وأمرهم بطاعة الله تعالى، ونهيهم عن معصية الله، وتعليمهم ما يحتاجون إليه من ذلك:

- ‌43 - ومنها: رعاية حق الجار:

- ‌ لَطِيْفَةٌ:

- ‌44 - ومنها: بر الوالدين، وصلة الأرحام:

- ‌45 - ومنها: برُّ أصدقاء الأب، والأم، والأقارب، وسائر من يندب بره، وإكرامه:

- ‌46 - ومنها: إكرام آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌47 - ومنها: محبة الصحابة رضي الله تعالى عنهم

- ‌48 - ومنها: توقير العلماء

- ‌49 - ومنها: زيارة أهل الخير، ومجالستهم، وصحبتهم، ومحبتهم، وطلب زيارتهم، وطلب الدعاء منهم، وزيارة المواضع الفاضلة

- ‌50 - ومنها: الحب في الله، والحث عليه:

- ‌ تنبِيْهٌ:

- ‌ تَنْبِيْهٌ:

- ‌51 - ومن خصال الصَّالحين: أنهم إذا تواخوا في الله تعالى تعارفوا بأسمائهم، وأسماء آبائهم، وقبائلهم، وبلدانهم لأداء الحقوق، لا لاتباع العورات، ونحو ذلك؛ فين الأول من أخلاق الصَّالحين، والثاني من أخلاق المنافقين

- ‌52 - ومنها: إخبار العبد من يحب بأنه يحبّه:

- ‌53 - ومنها: البغض في الله، والعداوة في الله؛ أي: لأجله:

- ‌54 - ومنها: إجراء أحكام الناس على الظاهر، وكِلَةُ سرائرهم إلى الله تعالى:

- ‌55 - ومنها: الخوف، والرجاء، واعتدالهما، أو ترجيح الخوف إلا عند الموت، فيرجح الرَّجاء

- ‌ لَطِيْفَةٌ:

- ‌56 - ومنها: البكاء من خشية الله تعالى، أو شوقاً إلى لقائه، وخصوصاً عند تلاوة القرآن:

- ‌ تَنْبِيْهٌ:

- ‌57 - ومنها: الحزن على ما فات من معصية، أو تقصير، أو فَزَعاً من عذاب الله، وفَرَقاً من أهوال يوم القيامة:

- ‌ تَنْبِيْهٌ:

- ‌58 - ومنها: حسن الظن بالله تعالى لا سيما عند الموت

- ‌59 - ومنها: الورع، وترك الشبهات:

- ‌60 - ومنها: الزهد في الدنيا، وإيثار التقلل منها

- ‌ تَنْبِيْهٌ:

- ‌61 - ومنها: إيثار الجوع، وخشونة العيش، والاقتصار على اليسير من المأكول، والمشروب، والملبوس، وغيرها من حظوظ النفس:

- ‌62 - ومنها: القناعة، والاقتصاد في المعيشة، والنفقة، والتعفف عن السؤال من غير ضرورة:

- ‌ تَنْبِيْهٌ:

- ‌63 - ومنها: قبول ما يفتح الله به من غير سؤال، ولا تطلُّع نفس:

- ‌ تَتِمَّةٌ:

- ‌64 - ومنها: الأكل من عمل اليد، والكسب الطيب:

- ‌ تَنْبِيْهٌ:

- ‌65 - ومنها: الكرم، والجود، والإنفاق في وجوه الخير ثقة بالله تعالى:

- ‌وَهُنا لَطائِفُ:

- ‌ إحداها:

- ‌ الثانية:

- ‌ الثالثة:

- ‌ الرابعة:

- ‌ تَنْبِيْهٌ:

- ‌66 - ومن خصال الصالحين، وأخلاقهم: الإيثار، والمواساة {فَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ} [البقرة: 265]:

- ‌67 - ومنها: التواضع، وخفض الجناح:

- ‌68 - ومنها: التنافس في أمور الآخرة، والاستكثار مما يتبرك به:

- ‌ فائِدَةٌ:

- ‌69 - ومنها: أخذ المال من وجهه، وصرفه في وجوهه المأمور بها شرعاً:

- ‌70 - ومنها: الإكثار من ذكر الله تعالى، والرغبة في مجالس الذكر، والتنزه عن مجالس اللهو والظلم وذكر الدُّنيا:

- ‌71 - ومنها: الإكثار من ذكر الموت، وقصر الأمل:

- ‌72 - ومنها: زيارة القبور للرجال، والسَّلام على سكانها:

- ‌73 - ومنها: قيام الليل، والتهجد، وهو الصلاة بعد رقدة كما في الحديث:

- ‌ تنبِيْهٌ:

- ‌74 - ومنها: استحباب العزلة عند فساد الزمان، أو الخوف من الفتنة في الدين، والوقوع في حرام، أو شبهة:

- ‌75 - ومنها: التفرغ للعبادة، علماً، وعملاً، ونية:

- ‌76 - ومنها: الاختلاط. بالناس لحضور جمعهم وجماعاتهم، وحضور مشاهد الخير، ومجالس الذِّكر معهم، وعيادة مرضاهم

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌1 - فمنها: الحياء

- ‌2 - ومنها: إنجاز الوعد، وحفظ العهد، ويدخل فيه صيانة الأسرار:

- ‌ تنبِيْهٌ:

- ‌3 - ومنها: المحافظة على ما اعتاده من الأوراد:

- ‌4 - ومنها: الْحِلْم، وكظم الغيظ، واحتمال الأذى، والعفو عن الناس، والصفح الجميل عنهم، والإحسان إليهم، والإعراض عن الجاهلين:

- ‌5 - ومنها -وهو أعم مما قبله -: حسن الخلق:

- ‌6 - ومنها: الرفق:

- ‌7 - ومنها: الأناة، والتُّؤَدَةُ:

- ‌8 - ومنها: قِرَى الضيف، وإكرامه، والبشاشة في وجهه، وطيب الكلام، وطلاقة الوجه عند اللقاء:

- ‌9 - ومنها: الوعظ، والاقتصاد فيه، والاستنصات فيه، وتفهمه للسَّامع:

- ‌ تَنْبِيْهٌ:

- ‌10 - ومنها: الخشوع، والخضوع بين يدي الله تعالى، والسكينة، والوقار، خصوصًا في إتيان الصَّلاة، وطلب العلم:

- ‌11 - ومنها: إهداء الهدية، وقبولها، ما لم تكن رشوة، والمكافاة عليها، وإتحاف الصديق والقريب بالشيء، وإعطاء ولده الشيء إذا دخل عليك:

- ‌12 - ومنها: إدخال السرور على قلوب المؤمنين، والتودد إليهم، والتردد إلى إخوانه منهم من غير إذلال لنفسه في طلب دنيا:

- ‌13 - ومنها: التهنئة، والتبشير بالخير لإخوانه المؤمنين:

- ‌14 - ومنها: تنفيس كروب المسلمين، وقضاء حوائجهم، وستر عوراتهم، وتعزيتهم في مصائبهم:

- ‌15 - ومنها: تنحية الأذى عن طريق المسلمين:

- ‌16 - ومنها: كف الأنسان أذاه عن الناس:

- ‌17 - ومنها: اصطناع المعروف على أنواع؛ كالقرض، وقيادة الأعمى، وإسماع الأصم، ومساعدة المسلم على حمل حاجته، وقضائها، وتحميل دابته، وإمساك الركاب له، ونحو ذلك، وقد تقدم منه كثير:

- ‌18 - ومنها: وداع الصاحب عند فراقه لسفر، أو غيره، والدعاء له، وطلب الدعاء منه:

- ‌19 - ومنها: الاستخارة، والمشاورة:

- ‌ تَنْبِيْهٌ:

- ‌20 - ومنها: الذهاب إلى العيد والحج والجنازة ونحوها من طريق، والرجوع من طريق آخر؛ لتكثر مواضع العبادة، وتشهد بها ملائكة الطريقين، وتتبرك بالطائع بقاعهما، أو لغير ذلك

- ‌21 - ومنها: تقدم اليمين فيما هو من باب التكريم، واليسار في ضد ذلك:

- ‌22 - ومنها: المحافظة على آداب الوضوء، والطهارة

- ‌23 - ومنها: المحافظة على آداب الطعام والشراب، كالتسمية

- ‌24 - ومن الآداب: إفشاء السلام، والبداءة به، وتسليم الراكب على الماشي

- ‌فَصَلٌ

- ‌ تَنْبِيْهٌ:

- ‌فَصْلٌ

- ‌ الفائدة الأولى: ولاية الله تعالى:

- ‌ الفائدة الثانية: ولاية النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ الفائدة الثالثة: فوز العبد بهذه المرتبة العظيمة التي محلها في القرآن العظيم بين جبريل وبقية الملائكة عليهم السلام

- ‌ الفائدة الرابعة: الدخول في رحمة الله تعالى:

- ‌ الفائدة الخامسة: حفظ العبد في نفسه، وأولاده، وأهله، وعشيرته، وجيرانه:

- ‌ تَنْبِيْهانِ:

- ‌الأَوَّلُ:

- ‌ الثَّانِيْ:

- ‌ الفائدة السادسة: إن العبد الصالح إذا استرعي على رعية أعانه الله تعالى على رعايتها، ووفقها لطاعته

- ‌ الفائدة السابعة: إدخال السرور على قلوب الأبوين والأقارب في قبورهم بصلاح الولد والقريب

- ‌ الفائدة الثامنة: أن الصالحين لا تقوم عليهم الساعة، ولا يقاسون أهوال قيامها، ويثبتهم الله في القبور، وينجيهم على الصراط

- ‌ تَنْبِيْهٌ:

- ‌ تنبِيْهٌ آخَرُ:

- ‌ الفائدة التاسعة: النعيم في القبر، والسلامة من فتنته، وذب الأعمال الصالحة عن العبد الصالح فيه:

- ‌ الفائدة العاشرة: تنعم الصالح في الدنيا بمعرفة الله تعالى

- ‌ الفائدة الحادية عشرة: أن الصلاح يكسب العبد الشرف في الدنيا والآخرة:

- ‌ الفائدة الثانية عشرة: مقارنة الصالحين في الجنة، ومرافقتهم

- ‌ الفائدة الثالثة عشرة: أن الله تعالى يلحق بالعبد الصالح في رتبته من هو دونه في الرتبة من ولد

- ‌ تَنْبِيْهٌ:

- ‌ تَتِمَّةٌ:

- ‌ فائِدَةٌ:

- ‌ الفائدة الرابعة عشرة: أن الصالحين تفتخر بهم البقاع، وإذا ماتوا بكت عليهم مجالسهم من الأرض

- ‌ الفائدة الخامسة عشرة: الحياة الطيبة:

- ‌ الفائدة السادسة عشرة: ما تضمنه قوله تعالى:

- ‌ الفائدة السابعة عشرة: أن الله تعالى يلقي محبة الصالحين في قلوب الخلق إلا من شذ منهم:

- ‌ الفائدة الثامنة عشرة: هداية الصالحين في الدنيا إلى عمل الخير

- ‌ الفائدة التاسعة عشرة: أن الصالحين يرفعون إلى جنة الفردوس، والدرجات العلي، وشجرة طوبى

- ‌ الفائدة التي بها تمام عشرون فائدة: الفلاح

- ‌ تَنْبِيْهٌ لَطِيْفٌ:

- ‌فَصلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌ تَتِمَّةٌ:

- ‌فَصْلٌ

- ‌ ومن فوائد ذكر الصَّالحين:

- ‌ ومن لطائف الآثار:

- ‌ تَنْبِيْهٌ:

- ‌فَصْلٌ

- ‌ ومن لطائفها:

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌ فائِدَةٌ:

- ‌ فائِدَةٌ ثانِيَةٌ:

- ‌ فائِدَةٌ ثالِثَةٌ:

- ‌ فائِدَةٌ رابِعَةٌ:

- ‌ تَنْبِيهٌ:

- ‌ فائِدَةٌ خامِسَةٌ:

الفصل: ‌ ‌فَصْلٌ روى أبو نعيم في "دلائل النبوة" عن عروة، عن عائشة

‌فَصْلٌ

روى أبو نعيم في "دلائل النبوة" عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال ورقة - يعني: ابن نوفل رضي الله تعالى عنه - لما ذكرت له خديجة رضي الله تعالى عنها: أنه صلى الله عليه وسلم ذكر لها جبريل عليه السلام: سُبُّوْح سُبُّوْحٌ، وما لجبريل يذكر في هذه الأرض التي يعبد فيها الأوثان، جبريل أمين الله بينه وبين رسله، اذهبي إلى المكان الذي رأى فيه ما رأى، فإذا رآه فتحسري، فإن يكن من عند الله لا يراه، ففعلت، فلما تحسرت تغيب جبريل فلم يره، فرجعت، فأخبرت ورقة، فقال: إنه ليأتيه الناموس الأكبر (1).

الحديث فيه دليل على أن جبريل عليه السلام تغيب من خديجة حياءً، وصيانة لخديجة، وإجلالاً لها، وقد سبق أن من صفة الملائكة الحياء، حتى إنهم لا يحضرون العبد عند حاجته، وجِمَاعِهِ.

وليس فيه دليل على وجوب الغض على الملائكة؛ لأن الفتنة

(1) ورواه الآجري في "الشريعة"(3/ 1441).

ص: 40

التي تخشى في النظر إلى الأجنبية مأمونة في الملائكة، ومن ثَمَّ حضرت رسل إبراهيم عليه السلام على سارة رضي الله عنها وخلا جبريل بمريم عليهما السلام حين تمثل لها بشراً سوياً وهي في عزلتها عن أهلها.

وقيل: كانت تغتسل في شرفتها فتمثل لها (1).

وليس لأحد من البشر أن يتشبه بالملائكة في مثل ذلك؛ لأن الفتنة في البشر غير مأمونة حتى قال يوسف عليه السلام: {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي} [يوسف: 53].

قال ابن عبَّاس رضي الله تعالى عنهما في قوله تعالى: {فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا} يعني: جبريل عليه السلام {فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا} [مريم: 17]؛ يعني: معتدلاً شاباً أبيض الوجه، جَعْداً، قططا حين اخضر شاربه، فلما نظرت إليه قائماً بين يديها:{قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا} [مريم: 18]؛ يعني: إن كنت تخاف الله. رواه ابن عساكر، وغيره (2).

قال في "الكشاف": وإنما مثل لها في سورة الإنسان لتستأنس بكلامه ولا تنفر عنه، ولو بدا لها في الصورة الملكية لنفرت، ولم تقدر على استماع كلامه.

(1) ذكر هذا البغوي في "تفسيره"(3/ 191)، وهناك أقوال أخرى ذكرها ابن الجوزي في "زاد المسير"(5/ 217).

(2)

رواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق"(47/ 348).

ص: 41

قال: ودل على عفافها وورعها أنها تعوذت بالله من تلك الصورة الجميلة الفائقة الحسن، وكان تمثله على تلك الصفة ابتلاءً لها، وسبراً لعفتها (1)، انتهى.

وقال القاضي: أتاها جبريل عليه السلام في سورة غلام (2) أمرد سويِّ الخلق لتستأنس بكلامه، ولعله لتهيج شهوتها فتنحدر نطفتها إلى رحمها (3). انتهى.

ويدل له ما رواه ابن عساكر عن ابن عبَّاس قال: فدنا جبريل، فنفخ في جيبها، فوصلت النفخة جوفها، فاحتملت كما تحمل النساء في الرحم والمشيمة، ووضعته كما تضع النساء (4).

وفيه دليل على أن عيسى عليه السلام مخلوق من نطفة أمه، وكان بدو جبريل لمريم ونفخه في جيبها بأمر الله تعالى لتظهر هذه الآية العظيمة، والحكمة البالغة، ويظهر أن مريم في أعلى طبقات العفة كما أمر الله تعالى رسل إبراهيم عليهم السلام أن يظهروا لقوم لوط في صور بشر مرد حسان ليكونوا شهداء عليهم بالعزم على الفاحشة، وكانوا أربعة على عدد الشهود الذين يثبت بهم الزنا واللواط.

(1) انظر: "الكشاف" للزمخشري (3/ 10).

(2)

في "تفسير البيضاوي": "شاب".

(3)

انظر: "تفسير البيضاوي"(4/ 9).

(4)

رواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق"(47/ 349).

ص: 42

روى ابن أبي حاتم عن عثمان بن محصن في ضيف إبراهيم قال: كانوا أربعة: جبريل، وميكائيل، وإسرافيل، ورفائيل (1).

وروى ابن أبي حاتم أيضاً، عن عبد الرحمن بن بشر الأنصاري رضي الله تعالى عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إِنَّ النَّاسَ كانُوْا أَنْذَرُوْا قَوْمَ لُوْطٍ، فَجاءَتْهُمُ الْمَلائِكَةُ عَشِيَّةً، فَمَرُّوْا بنادِيْهِمْ، فَقالَ قَوْمُ لُوْطٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: لا تُنَفِّرُوْهُمْ - وَلَمْ يَرَوْا قَوْماً قَطُّ أَحْسَنَ مِنَ الْمَلائِكَةِ - فَلَمَّا دَخَلُوْا عَلَىْ لُوْطٍ عليه السلام رَاوَدُوْهُ عَنْ ضَيْفِهِ، فَلَمْ يَزَلْ بِهِمْ حَتَّىْ عَرَضَ عَلَيْهِمْ بَناتِهِ، فَأَبَوْا، فَقالَتِ الْمَلائِكَةُ {إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ} [هود: 81]، قالَ: رُسُلُ رَبِّيْ؟ قالُوْا: نعَمْ، قالَ لُوْطٌ: فَالآنَ إِذَنْ"(2).

أي: فالآن لا أخاف عليكم من قومي؛ اطمأن عليهم حين علم أنهم ملائكة يمتنعون من قومه.

ولو أن بشراً لهم جمالهم وحسنهم لم يكن لهم أن يخالطوا قوم لوط وهم يعلمون أنهم كانوا يأخذون الغرباء قهراً، وينكحونهم جبراً - كما ذكر عنهم في الأثر - (3) بل ربما جرى من الملائكة ما لا يجوز لأحد من البشر أن يتشبه بهم فيه؛ لأنهم إنما فعلوا

(1) رواه ابن أبي حاتم في "التفسير"(6/ 2054).

(2)

رواه ابن أبي حاتم في "التفسير"(9/ 3057)

(3)

انظر: "تفسير القرطبي"(10/ 39).

ص: 43

ذلك بأمر من يملك البرية، وهم عباده، لا يسأل عما يفعل وهم يسألون.

كما روي: أن ملكين التقيا في السماء - أحدهما صاعد، والآخر هابط - فقال: الهابط للصاعد: أين كنت؟ قال: في الأرض، قال: لماذا بعثت؟ قال: لأسوق حوتا من قرار البحر إلى مدينة كذا ليأكله فلان الكافر، قال: وأنت أين تذهب؟ قال: بعثت لأهريق زيتاً اشتراه فلان العابد بدانق (1).

فلو أراد أحد من البشر أن يتشبه بهذين الملكين، لم يجز له؛ لأن فعلهما دائر في أفعال البشر بين إعانة لعاص، وإضرار ببارِّ، وإنما أمر به الملكان إملاءً للأول، وابتلاءً للثاني.

ومن هذا الفن تعليم الملكين الناسَ السحرَ ببابل امتحاناً، كما قال الله تعالى:{وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ} [البقرة: 102].

وروى عبد بن حُميد عن أبي مِجْلَز في قوله تعالى: {إلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ} [آل عمران: 93]، قال: إن إسرائيل هو يعقوب عليه السلام، وكان رجلاً بطيشاً، فلقي ملكاً، فعالجه، فصرعه الملك، ثم

(1) رواه بحشل في "تاريخ واسط"(ص: 205) عن سفيان بن عيينة، ورواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق"(43/ 485) عن يوسف بن أسباط.

ص: 44

ضرب فخذه، فلمَّا رأى يعقوب ما صنع به بطش به، فقال: ما أنا بتاركك حتى تسمينَي اسماً، فسماه إسرائيل، فلم يزل يوجعه ذلك العِرْق حتى حَرَّمَهُ من كل دابة (1).

فانظر كيف بعث الله هذا الملك فصرع يعقوب حتى أوجعه عِرقُ النَّسَا، فحرم بسببه كل عرق، ثم كان في تحريمه ابتلاء لبني إسرائيل من بعده، ومثل ذلك لا يتأتى فيه التشبه بالملك.

وكذلك بعث الله الملكين في سورة الخصوم إلى داود عليه السلام لامتحانه.

قال تعالى: {وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ (21) إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُودَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لَا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ} [ص: 21، 22] الآية.

روى ابن جرير، عن ابن عبَّاس: أن الملك لما قال لداود: {إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ} [ص: 23]، قال له داود: كنت أحوج إلى نعجتك منه، {قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ} [ص: 24] إلى قوله: {وَقَلِيلٌ مَا هُمْ} [ص: 24]، ونسي نفسه صلى الله عليه وسلم، فنظر الملكان أحدهما إلى الآخر حين قال ذلك، فتبسم أحدهما إلى الآخر، فرآه داود، فظن أنما فتن، {فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ} [ص: 24] أربعين ليلة حتى نبتت الخضرة

(1) وكذا عزاه السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 264) إلى عبد بن حميد.

ص: 45

من دموع عينيه، ثم شد الله ملكه (1).

والخصمان اللذان تخاصما إلى داود في النعاج المكنَّى بها عن النساء كانا ملكين عند ابن عبَّاس وأكثر المفسرين، ولا نعاج ولا نساء، وإنما أمرا بفعل ذلك تمثيلاً لحال داود ليتيقظ ويتفطن، ولذلك لما فَطِن تاب واستغفر، وبكى على ذنبه أربعين يوماً.

وهذا من باب المعاريض، وليس بكذب، وإنما عَرَّضا به لأجل هذا الأمر العظيم، والمقصود المهم.

وفي "الصحيحين" عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إِنَّ ثَلاثَةَ نَفَرٍ فِي بَنِيْ إِسْرائِيْلَ، أَبْرَصَ، وَأَقْرَعَ، وَأَعْمَىْ، بَدا لِلَّهِ أَنْ يَبْتَلِيَهُمْ، فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ مَلَكاً، فَأَتَىْ الأَبْرَصَ فَقالَ: أَيّ شَيْءٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قالَ: لَوْنٌ حَسَنٌ، وَجِلدٌ حَسَن، وَيَذهَبُ عَنّيْ هَذا، قَدْ قَذِرنيْ النَّاسُ، فَمَسَحَهُ، فَذَهَبَ، وَأُعْطِيَ لَوْناً حَسَناً، وَجِلْداً حَسَناً، فَقالَ: أَيُّ الْمالِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قالَ: الإِبِلُ، فَأُعْطِيَ ناقَةً، عُشَراءَ، فَقالَ: يُبارَكُ لَكَ فِيْها.

وَأَتَىْ الأَقْرَعَ فَقالَ: أَيُّ شَيْءٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ فَقالَ: شَعْرٌ حَسَنٌ، وَيَذْهَبُ هَذا عَنِّيْ، قَدْ قَذِرَنِيْ النَّاسُ، فَمَسَحَهُ، فَنَهبَ، وَأُعْطِيَ شَعْراً حَسَنا، قالَ: فَأَيُّ الْمالِ أَحبُّ إِلَيْكَ؛ قالَ: الْبَقَرُ، فَأَعْطاهُ بَقَرَةً حامِلاً، وَقالَ: يُبارَكُ لَكَ فِيْها.

(1) رواه الطبري في "التفسير"(23/ 146).

ص: 46

وَأَتَىْ الأَعْمَىْ فَقالَ: أَيّ شَيْءٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قالَ: يَرُدُّ اللهُ إِلَيَّ بَصَرِيْ، فَأُبْصِرُ بِهِ النَّاسَ، فَرَدَّ اللهُ إِلَيْهِ بَصَرَهُ، قالَ: فَأَيُّ الْمالِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قالَ: الْغَنَمُ، فَأَعْطاهُ شاةً وَالِداً.

فَأَنتجَ هَذانِ، وَوَلَدَ هَذا، فَكانَ لِهَذا وادٍ مِنَ الإِبِلِ، وَلِهَذا وادٍ مِنْ بَقَرٍ، وَلِهَذا وادٍ مِنْ غَنَمٍ.

ثُمَّ إِنَّهُ أَتَىْ الأَبْرَصَ فِيْ صُوْريهِ وَهَيْئَتِهِ، فَقالَ: رَجُلٌ مِسْكِيْنٌ تَقَطَّعَتْ بِهِ الْحِبالُ فِيْ سَفَرِهِ، فَلا بَلاغَ الْيَوْمَ إِلَاّ بِاللهِ، ثُمَّ بِكَ، أَسْألكَ وَبِالَّذِيْ أَعْطاكَ اللَّوْنَ الْحَسَنَ وَالْجِلْدَ الْحَسَنَ وَالْمَالَ بَعِيْراً أتَبَلَّغُ بِةِ فِيْ سَفَرِيْ، فَقالَ لَهُ: إِنَّ الْحُقُوْقَ كَثِيْرةٌ، فَقالَ لَهُ: كَأنَّي أَعْرِفُكَ؛ أَلَمْ تَكُنْ أَبْرَصَ يَقْذِرُكَ النَّاسُ؟ فَقِيْراً فَأَعْطاكَ اللهُ؟ قالَ: لَقَدْ وَرِثْتُ لِكابِرٍ عَنْ كابِرٍ، قالَ: فَإِنْ كُنْتَ كاذِباً فَصَيَّرَكَ إِلَىْ ما كُنْتَ.

وَأتىْ الأَقْرَعَ فِيْ صُوْرتِهِ، فَقالَ لَهُ مِثْلَ ما قالَ لِهَذا، وَرَدَّ عَلَيْهِ مِثْلَ ما رَدَّ عَلَيْهِ هَذَا، فَقالَ: إِنْ كُنْتَ كاذِباً فَصَيَّرَكَ اللهُ إِلَىْ ما كُنْتَ.

وَأَتَىْ الأَعْمَىْ فِيْ صُوْرَتهِ، فَقالَ: رَجُل مِسْكِيْنٌ، وَابْنُ سَبِيْلٍ، وَتَقَطَّعَتْ بِيَ الْحِبالُ فِيْ سَفَرِيْ، فَلا بَلاغَ الْيَوْمَ إِلَاّ بِاللهِ، ثُمَّ بِكَ، أَسْألكَ بِالَّذِيْ رَدَّ عَلَيْكَ بَصَرَكَ شَاةً أتبَلَّغُ بِها فِيْ سَفَرِيْ، فَقالَ: قَدْ كُنْتُ أَعْمَى فَرَدَّ اللهُ بَصَرِيْ، وَفَقِيْراً [فقد أَغْنَاني]، فَخُذْ ما شِئْتَ، فَوَاللهِ لا أَجْهَدُكَ (1) الْيَوْمَ لِشَيْءٍ أَخَذْتَهُ لِلَّهِ، فَقالَ: أَمْسِكْ مالَكَ؛ فَإِنَّما ابْتُلِيْتُمْ، فَقَدْ رَضِيَ

(1) في "أ" و"ت": "لأحمدن" بدل "لا أجهدك".

ص: 47

عَنْكَ، وَسَخِطَ عَلَىْ صاحِبَيْكَ" (1).

فقد علم بذلك أن أفعال الملائكة عليهم السلام على وفق ما يؤمرون به لا يمنعهم من فعل ما أمروا به منها حظ نفس، ولا طلب شهوة، ولا قسوة، ولا رحمة، اطلعوا على حكمته أم لم يطلعوا، وأنه لا يتهيأ للبشر التشبه بهم في كل ما يفعلونه لاتصافهم بالحظوظ، وابتلائهم بالشهوات، ولغير ذلك.

بل ثَمَّ أفعال يتأتى صدورها عن البشر على وفق الشرائع التي كلفوا بها، فيحسن التشبه بهم منهم فيها دون ما لا يتأتى منهم صدوره منها على وفق الشريعة؛ فافهم.

(1) رواه البخاري (3277) واللفظ له، ومسلم (2964).

ص: 48