الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وروى الدينوري في "المجالسة" عن شعيب بن سليمان رحمه الله تعالى قال: أتى ذو القرنين مغيب الشمس، فرأى ملكاً من الملائكة كأنه يترجح في أرجوحة من خوف الله تعالى، فهاله ذلك، فقال له: علمني علماً لعلي أزداد إيماناً، فقال: إنك لا تطيق ذلك، قال: لعل الله أن يطوقني، فقال له الملك: لا تهتم لغَدٍ، واعمل في اليوم لغد، وإذا آتاك الله من الدنيا سلطاناً فلا تفرح به، وإذا صرفه عنك فلا تأس عليه، وكن حسن الظن بالله، وضع يدك على قلبك، فما أحببت أن تصنع لنفسك فاصنعه بأخيك، ولا تغضب؛ فإن الشيطان أقدر ما يكون على ابن آدم حين يغضب، فرُدَّ الغضبَ بالكظم، وسَكّنْه بالتَّؤُدَة، وإياك والعجلة؛ فإنك إذا عجلت أخطأت، وكن سهلاً ليناً للقريب والبعيد، ولا تكن جباراً عنيداً (1).
59 - ومنها: الورع، وترك الشبهات:
روى الإمام أحمد عن أنس رضي الله عنه، وهو والنسائي عن الحسن بن علي رضي الله تعالى عنهما، والطبراني في "الكبير" عن وابصة رضي الله تعالى عنه، والدارقطني عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "دَعْ مَا يَرِيْبُكَ إِلَىْ مَا لا يَرِيْبُكَ"(2).
(1) رواه الدينوري في "المجالسة وجواهر العلم"(ص: 232).
(2)
رواه الإمام أحمد في "المسند"(3/ 112) عن أنس عز وجل، و (1/ 200)، والنسائي (5711)، وكذا الترمذي (2518) وقال: حسن صحيح، عن الحسن بن علي رضي الله تعالى عنهما، والطبراني في "المعجم الكبير"(22/ 147) عن وابصة رضي الله تعالى عنه.
زاد أبو نعيم، والخطيب في حديث ابن عمر:"فَإِنَّكَ لَنْ تَجِدَ فَقْدَ شَيْءٍ تَرَكْتَهُ لِلَّهِ"(1).
وروى ابن أبي الدنيا، والبيهقي عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "كُنْ وَرِعاً تَكُنْ أَعْبَدَ النَّاسِ، وَكُنْ قَنِعاً تَكُنْ أَشْكَرَ النَّاسِ، وَأَحِبَّ لِلنَّاسِ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ تَكُنْ مُؤْمِناً، وَأَحْسِنْ مُجَاوَرَةَ مَنْ جَاوَرَكَ تَكُنْ مُسْلِماً، وَأَقِلَّ الضَّحِكَ؛ فَإِنَّ كَثْرَةَ الضَّحِكِ تُمِيْتُ الْقَلْبَ"(2).
وروى ابن أبي الدنيا، وغيره عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أَوْحَىْ اللهُ عز وجل إِلَىْ مُوْسَى عليه السلام أَنَّهُ لَيْسَ عَبْدٌ يَلْقَانِيْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَاّ ناَقَشْتُهُ بِالْحِسَابِ، وَفتَّشْتُهُ عَمَّا كانَ فِيْ يَدَيْهِ إِلَاّ الْوَرِعِيْنَ؛ فَإِنِّي أَسْتَحْيِيْهِمْ، وَأُجِلُّهُمْ، وَأُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ (3).
(1) رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء"(6/ 352)، والخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" (2/ 220). قال الذهبي في "تذكرة الحفاظ" (3/ 814): منكر جداً، وابن أبي رومان ضعفوه.
(2)
رواه ابن أبي الدنيا في "الورع"(ص: 40) مختصراً، والبيهقي في "شعب الإيمان"(5750)، وكذا رواه ابن ماجه (4217)، ورواه الترمذي (2305) بلفظ آخر، وقال: غريب.
(3)
رواه ابن أبي الدنيا في "الورع"(ص: 111)، والطبراني في "المعجم الأوسط" (3937). قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (10/ 296): رواه الطبراني في "الأوسط" وفيه جويبر بن سعيد، وهو ضعيف.
وروى الأصبهاني عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " [ثلاث] مَنْ لَمْ يَكُنْ فِيْهِ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ فَلا تَعْبَؤُوْا بِشَيْءٍ مِنْ عَمَلِهِ؛ مَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَرَعٌ يَحْجُزُهُ عَنْ مَعَاصِيْ اللهِ، أَوْ حِلْمٌ يَكُفُّ بِهِ السَّفِيْهَ، أَوْ خُلُقٌ يَعِيْشُ بِهِ فِيْ النَّاسِ"(1).
وروى ابن أبي الدنيا عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه قال: لا تنظروا إلى صلاة عبد ولا صيامه، ولكن انظروا إلى صدق حديثه إذا حدث، وإلى ورعه إذا أشفى، وإلى أمانته إذا ائتُمِنَ (2).
وقال: حدثني محمد بن الحسين، قال: أنشدني إبراهيم بن داود بن شداد رحمه الله تعالى قوله: [من المنسرح]
الْمَرْءُ يَزْرِيْ بِلُبِّهِ طَمَعُهْ
…
وَالدَّهْرُ قِرْنٌ كَثِيْرَةٌ خُدَعُهْ
وَالنَّاسُ إِخْوَانُ كُلِّ ذِيْ نَشَبٍ (3)
…
قَدْ خابَ عَبْدٌ إِلَيْهِمُ ضَرَعُهْ
وَالْعَبْدُ إِنْ كانَ عَاقِلاً وَرِعاً
…
أَخْرَسَهُ عَنْ عُيُوْبِهِمْ وَرَعُهْ
(1) وكذا رواه الخرائطي في "مكارم الأخلاق"(ص: 29) إلا أنه قال: "تقوى" بدل "ورع"، ورواه الطبراني في "المعجم الصغير"(706).
(2)
رواه ابن أبي الدنيا في "الورع"(ص: 121).
(3)
في "الورع" لابن أبي الدنيا (ص: 121): "نشد" بدل "نشب".