الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأسرار، والوفاء بالعهود، وحفظ الوقت، وقلة الالتفات إلى الخواطر، وحسن الأدب في مواقف الطلب، وأوقات الحضور، ومقامات القرب (1).
وقد ذكر الإمام النووي في كتاب الآداب من "رياضه" جملة ينبغي أن نشير إليها، ونأتي مع الاختصار عليها مع ما فتح الله به، وضُمَّ إليها:
1 - فمنها: الحياء
.
روى البخاري عن عمران بن حصين رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الْحَيَاءُ لا يَأتِيْ إِلَّا بِخَيْرٍ"(2).
وروى مسلم، وأبو داود عنه - أيضاً -: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الْحَيَاءُ خَيرٌ كُلُّهُ"(3).
وذكر الماوردي عن الرياشي قال: يقال: إن أبا بكر الصِّدِّيق رضي الله تعالى عنه كان يتمثل بهذا الشعر: [من البسيط]
وَحاجَةٍ دُوْنَ أُخْرَىْ قَدْ سَنَحْتُ لَهَا
…
جَعَلْتُهَا لِلَّتِيْ أَخْفَيْتُ عُنْوَاناً
إِنِّيْ كَأَنِّي أَرَىْ مَنْ لا حَيَاءَ لَهُ
…
وَلا أَمَانَةَ وَسْطَ الْقَوْمِ عُرْيَانَا (4)
(1) رواه القشيري في "الرسالة"(ص: 318).
(2)
رواه البخاري (5766)، ومسلم (37).
(3)
رواه مسلم (37)، وأبو داود (4796).
(4)
انظر: "أدب الدنيا والدين" للماوردي (ص: 308). والبيتان لسَوَّارِ بنِ المُضرِّبِ، كما في "تاج العروس"(35/ 419).
قال النووي: قال العلماء: حقيقة الحياء خُلُقٌ يبعث على ترك القبيح، ويمنع من التقصير في حق ذي الحق (1). انتهى.
قلت: وهذا مفهوم من الحديث: "إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كلامِ النُّبُوَّةِ الأُوْلَىْ: إِذا لَمْ تَسْتَح فَاصْنَعْ ما شِئْت". رواه الإمام أحمد، والبخاري، وأبو داود، وابن ماجه من حديث أبي مسعود البدري رضي الله عنه، والإمام أحمد من حديث حذيفة رضي الله عنه (2).
وأنشدوا في المعنى: [من الوافر]
وَرُبَّ قَبِيْحَةٍ ما حالَ بَينيْ
…
وَبيْنَ رُكُوْبِها إِلَاّ الْحَياءُ
وَكانَ هُوَ الدَّواءَ لَهَا وَلَكِنْ
…
إِذا ذَهَبَ الْحَياءُ فَلا دَواءُ
إِذا لَمْ تَخْشَ عاقِبَةَ اللَّيالِيْ
…
وَلَمْ تَسْتَحْيِ فَافْعَلْ مَا تَشاءُ
فَلا وَاللهِ ما فِيْ الْعَيْشِ خَيْرٌ
…
وَلا الدُّنْيا إِذا ذَهَبَ الْحَياءُ
(1) انظر: "رياض الصالحين"(ص: 145).
(2)
رواه الإمام أحمد في "المسند"(4/ 121)، والبخاري (3296)، وأبو داود (4797)، وابن ماجه (4183) عن أبي مسعود البدري رضي الله عنه.
ورواه الإمام أحمد في "المسند"(5/ 383) عن حذيفة رضي الله عنه.
يَعِيْشُ الْمَرْءُ ما اسْتَحْيَى بِخَيْرٍ
…
وَيبْقَىْ الْعُوْدُ ما بَقِيَ اللِّحَاءُ
وروى الإمام أحمد، والترمذي، والأستاذ أبو القاسم القشيري، والحاكم، والبيهقي عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه: أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال ذات يوم لأصحابه: "اسْتَحْيُوْا مِنَ اللهِ حَقَّ الْحَياءِ"، قالوا: إنا نستحي يا نبي الله، قال:"لَيْسَ ذاكَ، وَلَكِنَّ مَنِ اسْتَحْيَا مِنَ اللهِ حَقَّ الْحَياءِ فَيَحْفَظُ الرَّأْسَ وَما وَعَىْ، وَلْيَحْفَظِ الْبَطْنَ وَما حَوَىْ، وَلْيَذْكُرِ الْمَوْتَ وْالْبِلَىْ، وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ تَرَكَ زِيْنَةَ الدُّنْيَا؛ فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدِ اسْتَحْيَا مِنَ اللهِ حَقَّ الْحَيَاءِ"(1).
قلت: لم يقبل منهم صلى الله عليه وسلم دعوى الحياء، بل بين لهم أن الحياء ليس بالدعوى، بل ببذل المجهود في طلب مرضاة المعبود بالاشتغال به دون الاشتغال بشيء سواه.
(1) رواه الإمام أحمد في "المسند"(1/ 387)، والترمذي (2458)، والقشيري في "الرسالة" (ص: 249)، والحاكم في "المستدرك"(7915)، والبيهقي في "شعب الإيمان" (10561). وقال الترمذي: حديث غريب إنما نعرفه من حديث أبان بن إسحاق عن الصباح بن محمد.
قال المنذري في "الترغيب والترهيب"(2/ 348): أبان والصباح مختلف فيهما، وقد ضعف الصباح برفعه هذا الحديث، وصوابه عن ابن مسعود موقوفاً عليه، ورواه الطبراني من حديث عائشة مرفوعاً.
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(10/ 284): رواه الطبراني في "الأوسط"(7342) وفيه إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة، وهو متروك.