الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من غير تمني زوالها عن المغبوط، ويقال لهذا: غِبْطة، وَحَسَدُ الْغِبْطة أيضاً.
قال الماوردي في "أدب الدين والدنيا": المنافسة طلب التشبه بالأفاضل من غير إدخال ضرر عليهم، والحسد مصروف إلى الضرر؛ لأن غايته أن يعدم الفاضل فضله من غير تفسير الفضل له.
ثم قال: والمنافسة -إذن- فضيلة؛ لأنها داعية إلى اكتساب الفضائل، والاقتداء بالأخيار الأفاضل (1).
قال: وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "الْمُؤْمِنُ يَغْبِط، وَالْمُنَافِقُ يَحْسُدُ"(2).
وقال الشاعر: [من السريع]
نافِسْ عَلَىْ الْخَيْرَاتِ أَهْلَ الْعُلا
…
فَإِنَّمَا الدّنْيَا أَحَادِيْثُ
كُلّ امْرِئٍ فِيْ شَأْنِهِ كادحٌ
…
فَوَارِثٌ مِنْهُمْ وَمَوْرُوْثُ (3)
69 - ومنها: أخذ المال من وجهه، وصرفه في وجوهه المأمور بها شرعاً:
وهو معنى الشكر من الغنى.
(1) انظر: "أدب الدنيا والدين" للماوردي (ص: 334).
(2)
قال العراقي في "تخريج أحاديث الإحياء"(2/ 886): لم أجد له أصلاً مرفوعاً، وإنما هو من قول الفضيل بن عياض، كذا رواه ابن أبي الدنيا في "ذم الحسد".
(3)
انظر: "أدب الدنيا والدين" للماوردي (ص: 335).
بل من أخلاق الصالحين الشكر على كل نعمة كما سبق، والحمد على كل حال.
ومعنى الشكر: صرف جميع ما أنعم الله به على العبد من النعم المشتمل عليها الإنسان؛ كالبصر والسمع واليد وغيرها، فيما خلق له من طاعة ونحوها، وهو المأمور به في قوله تعالى:{وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ} [البقرة: 152].
وأقل مراتب الشكر أن لا يعصى الله بنعمه، كما أجاب به الأستاذ أبو القاسم الجنيد من سأله عنه (1).
وفي معناه أنشدوا: [من الوافر]
أَنَالَكَ رِزْقَهُ لِتَقُوْمَ فِيْهِ
…
بِطَاعَتِهِ وَتَشْكُرَ بَعْضَ حَقِّهْ
فَلَمْ تَشْكُرْ أَيَادِيَهُ وَلَكِنْ
…
قَوِيْتَ عَلَىْ مَعَاصِيْهِ بِرِزْقِهْ
ولا شك أن صرف المال في وجهه الشرعي بعد أخذه من وجهه - أيضاً - لا يعدو عن واجب، ومستحب، أو مباح؛ إن لوحظت فيه النية صار طاعة أيضاً، وبه يحصل شكر نعمة المال.
روى الشيخان، وغيرهما عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا حَسَدَ إِلَاّ فِيْ اثْنَيْنِ: رَجُلٌ آتَاهُ اللهُ الْقُرآنَ فَهُوَ يَقُوْمُ بِهِ آناءَ اللَّيْلِ وَآناءَ
(1) رواه القشيري في "رسالته"(ص: 212).