الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ
قسم الله تعالى المُنْعَم عليهم المذكورين في الآية المتقدمة أربعة أقسام بحسب منازلهم في العلم والعمل، وحثَّ كافة الناس على أن لا يتأخروا عنهم، ولا يقصروا عن اللحاق بهم، وهم:
1 -
الأنبياء الفائزون بكمال العلم والعمل، المتجاوزون حد الكمال إلى درجة التكميل بالفهم وبالوحي.
2 -
والصدِّيقون الذين صعدت نفوسهم إلى أَوج المعرفة؛ إما بطريق النظر في الآيات، أو بطريق التصفية والرياضات، وقد يتجاوزون درجة الكمال إلى درجة التكميل أيضًا، لكن لا بطريق الوحي، بل بطريق الفهم من نصوص الشرائع، والتلقي عن سائر الأنبياء بطريق الإرث.
3 -
والشهداء الذين أدى بهم الحرص على الطاعة، والجد في إظهار الحق إلى أن بذلوا مُهَجَهُمْ في إعلاء كلمة الله تعالى.
وقيل: الصدِّيقون هم العارفون بالله، وهم خواص العلماء.
والشهداء هم العلماء؛ لأنهم شهداء الله في الأرض.
4 -
والصالحون هم الذين صرفوا أعمارهم في طاعة الله تعالى،
وأموالهم في مرضاته (1).
فالصالحون هم المطيعون، أعم من أن يكونوا أنبياء أو صديقين أو شهداء، فمنهم الأبرار والمتقون والمحسنون والمخلصون، إلى غير ذلك من الأنواع.
والأنبياء خواص هؤلاء كلهم.
والصِّديقون خواصهم بعد الأنبياء.
والشُّهداء خواصهم بعد الصِّديقين.
فأوصاف الصَّالحين، وأخلاقهم تنطوي في أخلاق الشُّهداء وأوصافهم.
وأخلاق الشُّهداء وأوصافهم تنطوي في أخلاق الصِّديقين وأوصافهم.
وأخلاق الصِّديقين وأوصافهم تنطوي في أخلاق النبيين وأوصافهم.
وينبغي أن نشير على سبيل التدريج والترقية، إلى جملة من أخلاق الصَّالحين وأعمالهم، ثم الشهداء، ثم الصِّديقين، ثم الأنبياء عليهم السلام.
ثم نختم الكلام بجملة لطيفة من مجامع أخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأن أخلاق هؤلاء كلهم وأوصافهم منطوية في أخلاقه وأوصافه كما علمت؛ فهو الإنسان الكامل صلى الله عليه وسلم في البُكر والأصائل، ثم نتمم الخاتمة بفصل في التخلق بأخلاق الله تعالى، وبذلك يتم القسم الأول، والله الموفق لكل خير.
• • •
(1) انظر: "تفسير البيضاوي"(2/ 214).