الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وروى ابن أبي الدنيا عن صدقة بن سليمان الجعفري قال: كانت فيَّ شرَّة سمجة، فمات أبي، فأُبْتُ، وندمت على ما فرطت، قال: ثم زللت -أيضًا- زلة، فرأيت أبي في المنام، فقال: أي بُنَيَّ! ما كان أشد فرحي بك وأعمالك تعرض علي، فنشبهها بأعمال الصالحين، فلما كانت هذه المرة استحييت حياء شديدًا، فلا تخزني فيمن حولي من الأموات.
قال خالد بن عمرو القرشي -الراوي عنه -: فكان بعد ذلك قد خشع، ونسك، فكنت أسمعه يقول في دعائه في السحر -وكان لي جارًا بالكوفة-: أسألك إنابة لا رجعة فيها، ولا حَوَرَ يا مصلح الصالحين، وهادي الضالين، وراحم المذنبين (1).
*
الفائدة الثامنة: أن الصالحين لا تقوم عليهم الساعة، ولا يقاسون أهوال قيامها، ويثبتهم الله في القبور، وينجيهم على الصراط
.
روى الإمام أحمد، ومسلم عن ابن مسعود رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تَقُوْمُ السَّاعَةُ إِلَّا عَلَىْ شِرَارِ النَّاسِ"(2).
وروى الإمام أحمد، والبخاري عن مِرداس الأسلمي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يَذْهَبُ الصَّالِحُوْنَ الأَوَّلُ فَالأَوّلُ، وَتَبْقَيْ حُفالَةٌ كَحُفَالَةِ (3) الشَّعِيْرِ وَالتَّمْرِ، لا يُبَالِيْ اللهُ بِهِمْ بَالَةً"(4).
(1) رواه ابن أبي الدنيا في "المنامات"(ص: 20).
(2)
رواه الإمام أحمد في "المسند"(1/ 394)، ومسلم (2949).
(3)
قال البخاري في "الصحيح": يقال: حُفَالَةٌ، وَحُثَالَةٌ.
(4)
رواه الإمام أحمد في "المسند"(4/ 193)، والبخاري (6070).
وروى أبو بكر بن مردويه عن البراء بن عازب رضي الله عنهما في قوله تعالى: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ} [إبراهيم: 27]؛ قال: ذلك في القبر؛ إن كان صالحًا وفق، وإن كان لا خير فيه وُجِد أبله (1).
وأصله في الكتب الستة مرفوعًا، ولفظه: لا الْمُسْلِمُ إِذَا سُئِلَ فِيْ الْقَبْرِ شَهِدَ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُوْلُ اللهِ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ:{يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا} [إبراهيم: 27] الآية" (2).
وروى الحاكم وصححه، عن عبد الله بن سلام رضي الله تعالى عنه قال: إذا كان يوم القيامة بعث الله الخليقة أمةً أمةً، ونبيًا نبيًا، حتى يكون أحمد، وأمته آخر الأمم مركزًا، ثم يوضع جسر على جهنم، ثم ينادي منادٍ: أين أحمد وأمته؟ فيقوم، فتتبعه أمته؛ برُّها وفاجرها، فيأخذون الجسر، فيطمس الله أبصار أعدائه، فيتهافتون فيها من شمال ويمين، وينجو النبي صلى الله عليه وسلم والصالحون معه، فتتلقاهم الملائكة عليهم السلام تبوئهم منازلهم في الجنة على يمينك، على يسارك، على يسارك، على يمينك، حتى ينتهيَ إلى ربه، فيلقى له كرسي عن يمين الله، ثم ينادي منادٍ: أين عيسى وأمته؟ فيقوم، فتتبعه أمته؛ برُّها وفاجرها، فيأخذون الجسر، فيطمس الله أبصار أعدائه، فيتهافتون فيها من شمال
(1) كذا عزاه السيوطي في "الدر المنثور"(5/ 26) إلى ابن مردويه.
(2)
رواه البخاري (1303)، ومسلم (2871)، وأبو داود (4750)، والترمذي (3120)، والنسائي (2056)، وابن ماجه (4269).