الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مُنَعَّمُ الْجُثْمَانِ فِيْ رَوْضَةٍ
…
زينَها اللهُ فَهِيَ مَجْلِسُهْ (1)
*
الفائدة العاشرة: تنعم الصالح في الدنيا بمعرفة الله تعالى
، وفي الآخرة برؤيته سبحانه، وما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.
روى أبو نعيم عن أبي أمامة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ للهِ آنِيَةً فِيْ الأَرْضِ، وَأَحَبّ آنِيَةِ اللهِ إِلَيْهِ ما رَقَّ وَصَفَا، وَآنِيَةُ اللهِ فِيْ الأَرْضِ قُلُوْبُ عِبَادِهِ الصَّالِحِيْنَ"(2).
والمراد أن قلوب الصالحين آنية وأوعية لمعرفة الله تعالى.
قال الله تعالى: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} [يونس: 26].
الذين أحسنوا: هم الصالحون.
والحسنى المعدة لهم: الجنة.
والزيادة: النظر إلى وجه الله تعالى.
وتفسير الزيادة بالنظر إليه سبحانه ثابت في "صحيح مسلم"، وغيره (3).
وروى الإمام أحمد، والشيخان، والترمذي، وابن ماجه عن أبي
(1) انظر: "حلية الأولياء" لأبي نعيم (8/ 11)، و"الزهد الكبير" للبيهقي (ص: 268).
(2)
رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء"(6/ 97).
(3)
انظر: "صحيح مسلم"(ص: 163).
هريرة رضي الله تعالى عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"قَالَ اللهُ تَعَالَى: أَعْدَدْتُ لِعِبَادِيَ الصَّالِحِيْنَ مَا لا عَيْن رَأَتْ، وَلا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلا خَطَرَ عَلَىْ قَلْبِ بَشَرٍ"(1).
زاد في رواية: "ذُخْرًا بَلْهَ مَا أَطْلَعَكُمُ اللهُ عَلَيْهِ"(2)؛ أي: غير ما أطلعكم عليه.
قال أبو هريرة: مصداق ذلك في كتاب الله.
وفي رواية: ثم قرأ أبو هريرة: {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [السجدة: 17](3).
وروى مسلم، وجماعة نحوه من حديث سهل بن سعد رضي الله تعالى عنه (4).
قيل لمحمد بن كعب القرظي رحمه الله تعالى في ذلك، فقال: إنهم أخفوا عملًا، وأخفى الله لهم ثوابًا، فقدموا على الله فقرَّت تلك الأعين. رواه ابن أبي شيبة، وأحمد، وغيرهما (5).
وقال جابر بن زيد رحمه الله تعالى: قلت لابن عباس رضي الله
(1) رواه الإمام أحمد في "المسند"(2/ 438)، والبخاري (3072)، ومسلم (2824)، والترمذي (3197)، وابن ماجه (4328).
(2)
رواه البخاري (4502)، ومسلم (2824).
(3)
رواه البخاري (4502).
(4)
رواه مسلم (2825).
(5)
كذا عزاه السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 551) إلى ابن أبي شيبة، والإمام أحمد.
تعالى عنهما: أفرأيت قوله تعالى: {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ} [السجدة: 17]؟ قال: هو العبد يعمل سرًا أسره إلى الله تعالى لم يعمل به للناس، فأسر الله له قرة أعين. رواه الطبراني، والحاكم، والبيهقي (1).
ولا شك أن الصالحين يصلحون السرائر قبل إصلاح الظواهر، ولولا حسن سرائرهم لم تحسن ظواهرهم، فعمل السر له الثواب السر الذي لم يطلع عليه نبي مرسل، ولا ملك مقرب.
وروى الإمام أحمد، والبزار عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"فِيْ رَمَضانَ (2) يُزَيِّنُ اللهُ تَعَالَىْ كُلَّ يَوْمٍ جَنَّتَهُ ثُمَّ يَقُوْلُ: يُوْشِكُ عِبَادِيَ الصَّالِحُوْنَ أَنْ يُلْقُوْا عَنْهُمُ الْمُؤْنَةَ، وَيَصِيْرُوْا إِلَيْكِ"(3).
وروى الأصبهاني عن عوسجة قال: أوحى الله تعالى إلى عيسى عليه السلام: يا عيسى! لو رأت عينك ما أعددت لعبادي الصالحين،
(1) رواه الطبراني في "المعجم الكبير"(12832)، والحاكم في "المستدرك"(7641)، والبيهقي في "شعب الإيمان"(6920).
(2)
اختصر المصنف الحديث، ولفظ الإمام أحمد في "المسند" (2/ 292):"أعطيت أمتي في رمضان خمس خصال في رمضان".
(3)
رواه الإمام أحمد في "المسند"(2/ 292)، والبزار في "المسند" (8571) وقال: فيه هشام بن زياد، أبو المقدام، قد حدث عنه جماعة من أهل العلم، وليس بالقوي في الحديث.