الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَلَيْسَ على غَيْرِ الإِلَهِ تَوَكُّلِي
…
وَلَيسَ بِغَيرِ الْهاشِمِيِّ تَوَسُّلِي
*
تَنْبِيهٌ:
قد سبق أن الآثار من الدعاء من الفضائل التي يتجمل بها الصالحون، فلا يقتصرون من الدعاء في حوائجهم على ما ذكر، بل هم إلى الدعاء في مهماتهم يفزعون، وإلى الله تعالى في كل أمورهم يَضْرعون، وبابه دون باب غيره يقرعون، وربما أُلهموا من الدعاء ما لم يجر على ألسنة غيرهم من البشر.
فلذلك كان ابن مسعود رضي الله تعالى عنه يدعو بهذه الدعوات بعد التشهد: اللهم إني أسألك من الخير كله ما علمت منه وما لم أعلم، وأعوذ بك من الشر كله ما علمتُ منه وما لم أعلم، إني أسألك خير ما سألكَ عبادُك الصالحون، وأعوذ بك من شر ما عاذ بك منه عبادك الصالحون.
{رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [البقرة: 201].
{رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ (193) رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ} [آل عمران: 193 - 194]. رواه ابن أبي شيبة (1).
(1) رواه ابن أبي شيبة في "المصنف"(29258).
فإذا علمت أن الله تعالى قد يجري على لسان بعض عباده الصالحين ما لم يجر على لسان غيره من الدعاء والاستعاذة؛ فإذا سألت الله من خير ما سأله منه عباده الصالحون، واستعذت من شر ما استعاذ منه عباده الصالحون؛ فقد توصلت بذلك إلى طلب خير كثير، والتعوذ من شر كثير.
ومن هذا القبيل في التوصل إلى طلب جوامع الخير، والعياذ من جوامع الشر: ما رواه ابن أبي شيبة، وابن ماجه عن عائشة رضي الله تعالى عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم علمها هذا الدعاء: "اللَّهُمَّ إِنَّي أَسْأَلُكَ مِنَ الْخَيْرِ كُلِّهِ عاجِلِهِ وَآجلِهِ، ما عَلِمْتُ مِنْهُ وَما لَمْ أَعْلَمْ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الشَّرِّ كُلِّهِ عاجِلِهِ وَآجِلِهِ، ما عَلِمْتُ مِنْهُ وَما لَمْ أَعْلَمْ.
اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ ما سَأَلَكَ مِنْهُ عَبْدُكَ وَنبِيُّكَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ ما عاذَ مِنْهُ عَبْدُكَ وَنبِيُّكَ.
اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ وَما قَرَّبَ إِلَيْها مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ النَّارِ وَما قَرَّبَ إِلَيْها مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ، وَأَسْأَلُكَ أَنْ تَجْعَلَ كُلَّ قَضاءٍ قَضَيْتَهُ لِي خَيراً" (1).
وقوله "ما سَأَلَكَ عَبْدُكَ وَنبِيُّكَ" فيه وجهان:
الأول: أن المراد به النبي صلى الله عليه وسلم، وهو المتبادر.
والثاني: أن المراد به جنس العباد والأنبياء؛ لأن الجنس إذا أضيف إلى معرفةٍ شَمَلَ كل فرد منه، والمراد خواص العباد والمضافين إلى الله
(1) رواه ابن أبي شيبة في "المصنف"(29345)، وابن ماجه (3846).