الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأشد من ذلك من يدَّعي أنه إذا أوتي شيئاً من ذلك أصلح فيه من غير أن يقول: إن شاء الله، أو: لا حول ولا قوة إلا بالله، وربما عاهد الله على ذلك، وجزم به من نفسه!
ويفرق بين النية والدعوى في ذلك؛ فإن من نوى إذا أعطاه الله شيئاً من ذلك أن يتقي الله فيه، يعتمد في ذلك على معونة الله، ويرضى فيه بمشيئة الله، ومن ادعى الإصلاح والإحسان فيما يُعطى يعتمد فيه على حوله وقوته، والنية شأن المؤمنين، والدعوى خُلُق المنافقين.
*
فائِدَةٌ ثانِيَةٌ:
ينبغي التسمية بأسماء الصالحين تفاؤلاً، وتحسين التسمية بتغيير الاسم القبيح؛ فالاسم الحسن سنة معروفة.
روى الإمام أحمد، وابن أبي شيبة، ومسلم، والترمذي عن المغيرة ابن شعبة رضي الله تعالى عنه قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى نجران، فقالوا: إنكم تقرؤون: {يَا أُخْتَ هَارُونَ} [مريم: 28] وبين موسى وعيسى ما شاء الله من السنين، فلم أَدرِ ما أجيبهم به حتى رجعت إلى النبي صلى الله عليه وسلم،
فقال: "إِنَّهُمْ كانُوا يُسَمَّونَ بِأَنْبِيائِهِمْ، وَالصَّالِحِينَ قَبْلَهُمْ"(1).
وروى ابن عساكر عن علي رضي الله تعالى عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ما مِنْ قَوْمٍ يَكُونُ فِيهِمْ رَجُلٌ صالِحٌ فَيَموتُ فَيَخلفُ فِيهِمْ مَولودٌ فَيُسَمُّونَهُ بِاسْمِهِ إِلَاّ خَلَفَهُمُ اللهُ تَعالَى بِالْحُسْنَى"(2).
وعن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اطْلُبُوا الْخَيْرَ عِنْدَ حِسانِ الوُجُوهِ، وَتَسَمَّوْا بِخِيارِكُمْ، وَإِذا أَتاكُمْ كَريْمُ قَومٍ فَأَكْرِمُوهُ"(3).
وذكر الحاكم في "تاريخ" عن محمد بن نصر المروزي رحمه الله تعالى: أنه كان يتمنى على كبر سنه أن يولد له.
قال الحاكم: فبينا أنا عنده يوماً وإذا برجل من أصحابه، وقد جاء وسارَّه في أذنه، فرفع رأسه وقال:{الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ} [إبراهيم: 39]، ثم مسح وجهه بباطن كفه، ورجع إلى ما كان فيه.
قال الحاكم: فرأينا أنه استعمل في هذه الكلمة ثلاث سنن: تسمية
(1) رواه الإمام أحمد في "المسند"(4/ 252)، وابن أبي شيبة في "المصنف"(37019)، ومسلم (2135)، والترمذي (3155).
(2)
رواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق"(43/ 44).
(3)
رواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق"(22/ 184). وفيه سليمان بن أرقم وهو متروك، كما في "الضعفاء" للعقيلي (2/ 121).