الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وروى الشيخان، وغيرهما عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إِذا جَلَسَ أَحَدُكُمْ فِيْ الصَلاةِ فَلْيَقُلْ: التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ، وَالصَّلَوَاتُ، وَالطَّيِّباتُ، السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ، السَّلامُ عَلَيْنا وَعَلَىْ عِبادِ اللهِ الصَّالِحِيْنَ؛ فَإِنَّهُ إِذا قالَ ذَلِكَ أَصابَ كُلَّ عَبْدٍ صالِحٍ فِيْ السَّماءِ وَالأَرْضِ"، الحديث (1).
قال بعض العلماء: تارك الصلاة ظالم لكل صالح في السموات والأرض حقاً فرضه الله له عليه، وحقوق العباد محل الْمُشَاحَّةِ والْمُحَاقَّةِ، فلأجل ذلك كان ذنبه عظيماً، ولا يقبل منه إلا أن يأتي بها، وإلا قتل بترك صلاة واحدة.
*
ومن لطائف الآثار:
ما رواه أبو نعيم في "الحلية" في ترجمة عروة ابن رويم عنه، عن خالد بن يزيد القرشي قال: كانت لي حاجة بالجزيرة، فاتخذتها طريقا مستخفياً، قال: فبينما أنا أسير بين أظهرهم إذا أنا بشمامسة ورهبان، وكان رجلاً كيساً ذا رأي، قال: فقلت لهم: ما جمعكم هاهنا؟ قالوا: إن لنا شيخاً سياحاً نلقاه في كل عام في مكاننا هذا مرة، فنعرض عليه ديننا، وننتهي فيه إلى رأيه، قال: وكنت رجلاً معنياً بالحديث، فقلت: لو دنوت من هذا فلعلي أسمع منه شيئاً أنتفع به، قال: فدنوت منه، فلما نظر إلي قال: ما أنت؟ مِنْ هؤلاء؟ قلت: أجل، قال: من أمة أحمد صلى الله عليه وسلم؟ قلت:
(1) رواه البخاري (5876)، ومسلم (402).
نعم، قال: من علمائهم أنت، أو من جهالهم؟ قلت: لست من علمائهم، ولا جهالهم.
قال: ألستم تزعمون في كتابكم أن أهل الجنة يأكلون، ويشربون، ولا يبولون، ولا يتغوطون؟ قال: قلت: نعم، قال: نقول ذلك، وهو كذلك، قال: فإن لهذا مثلاً في الدنيا؛ فما هو؟ قلت: مثل الصبي في بطن أمه؛ يأتيه رزق الرحمن بكرة وعشياً، ولا يبول، ولا يتغوط، قال: فتَرَبَّدَ وجهه، وقال لي: ألست تزعم أنك لست من علمائهم؟ قلت: بلى، ما أنا من علمائهم، قال: ولا من جهالهم.
ثم قال لي: ألستم تزعمون أنكم تأكلون، وتشربون، ولا ينتقص مما في الجنة شيء؟ قلت: نعم، قال: نقول ذلك، وهو كذلك، قال: فإن لهذا مثلاً في الدنيا، فما هو؟ قلت: مثل هذا رجل أعطاه الله تعالى علماً وحكمة، وعلمه كتابه، فلو اجتمع جميع من خلقه الله فتعلموا منه، ما نقص من علمه شيئاً، قال: فتَرَبَّدَ وجهه، وقال: ألم تزعم أنك لست من علمائهم؟ قلت: أجل، ما أنا من علمائهم، ولا من جهالهم.
فقال لي: ألستم تقولون في صلاتكم: السلام علينا، وعلى عباد الله الصالحين؟ قال: قلت: بلى، قال: فلها عني، ثم أقبل على أصحابه، فقال: ما بسط لأحد من الأمم ما بسط لهؤلاء من الخير؛ إن أحد هؤلاء إذا قال في صلاته: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، لم يبق عبد صالح في السَّموات والأرض إلا كتب الله له به عشر حسنات.
ثم قال: ألستم تستغفرون للمؤمنين والمؤمنات؟ قال: قلت: بلى، فقال لأصحابه: إن أحد هؤلاء إذا استغفر للمؤمنين والمؤمنات لم يبق عبد مؤمن في السَّموات من الملائكة، ولا في الأرض من المؤمنين، ولا من كان على عهد آدم عليه السلام، أو من هو كائن إلى يوم القيامة إلا كتب له به عشر حسنات.
قال: ثم أقبل عليَّ، فقال: إن لهذا مثلاً في الدنيا، فما هو؟ قلت: كمثل رجل مر بملأ، كثيراً كانوا، أو قليلاً، فسلم عليهم، فردوا عليه، أو دعا لهم، فدعوا له، قال: فتَرَبَّدَ وجهه، فقال: ألست تزعم أنك لست من علمائهم؟ قلت: أجل، ما أنا من علمائهم، ولا من جهالهم.
فقال: ما رأيت من أمة محمد صلى الله عليه وسلم من هو أعلم منك، سلني عما بدا لك.
قال: قلت: كيف أسأل من يزعم أن لله ولداً؟ قال: فشق عن مدرعته حتى بدا بطنه، ثم رفع يديه فقال: لا غفر الله لمن قالها، منها فررنا، واتخذنا الصوامع.
قال: إني أسألك عن شيء فهل أنت مخبري؟ قال: قلت: نعم، قال لي: أخبرني هل بلغ ابن القرن فيكم أن يقوم إليه الناشئ، أو الطفل فيشتمه، ويتعرض لضربه، ولا يغير ذلك عليه؟ قال: قلت: نعم، قال: ذلك حين رق دينكم، واستحببتم دنياكم، وآثرها من آثرها منكم، فقال
رجل من القوم: ابن كم القرن؟ قال: أما أنا قلت: ابن ستين، وأما هو فقال: ابن سبعين، فقال رجل من جلسائه: يا أبا هاشم! ما كان يسرنا أن يكون أحد من هذه الأمة لقيه غيرك (1).
وروى البيهقي في "شعب الإيمان" عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما في قوله تعالى: {فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ} : [النور: 61]؛ قال: هو المسجد؛ إذا دخلته فقل: السلام علينا، وعلى عباد الله الصالحين (2).
وعن مجاهد قال: إذا دخلت بيتاً فقل: بسم الله، والحمد لله، والسلام علينا من ربنا، السلام علينا، وعلى عباد الله الصالحين (3).
وعنه، وعن قتادة رحمهما الله تعالى أنهما قالا: إذا دخلت بيتاً ليس فيه أحد فقل: السلام علينا، وعلى عباد الله الصالحين؛ فإن الملائكة عليهم السلام ترد.
وقد سبق عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما نحوه (4).
(1) رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء"(6/ 121)، وكذا ابن عساكر في "تاريخ دمشق"(16/ 306).
(2)
رواه البيهقي في "شعب الإيمان"(8836)، وكذا الحاكم في "المستدرك"(3514).
(3)
رواه البيهقي في "شعب الإيمان"(8839).
(4)
تقدم تخريجه.