المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

{إِنَّ فِي هَذَا لَبَلَاغًا لِقَوْمٍ عَابِدِينَ (106)} [الأنبياء: 106]؛ قال: - حسن التنبه لما ورد في التشبه - جـ ٢

[نجم الدين الغزي]

فهرس الكتاب

- ‌140 - البكاء من خشية الله تعالى:

- ‌141 - ومنها: الخضوع، والخشوع:

- ‌142 - ومنها: التلطُّف بأهل الشَّام، وإرادة الخير لهم، ودفع السوء عنهم:

- ‌143 - ومنها: حضور مجالس العلم:

- ‌144 - ومنها: ختم المجالس بالتسبيح والتحميد:

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌ فائِدةٌ:

- ‌ فائِدةٌ أُخْرَىْ:

- ‌ مَسْألةٌ:

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌خَاتِمَة فِي لطَائَف تَتَعَلَّق بِهَذَا البَاب

- ‌(2) باب التَّشَبُّه بِالأَخْيَار مِنْ بَنِي آدَم

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌(3) بَابُ التَّشَبُّه بِالصَّالِحِينَ رَضيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُم أجْمَعِيْنَ

- ‌فَصْلٌ

- ‌ تَنْبِيْهٌ:

- ‌ تَتِمَّةٌ:

- ‌ تَنْبِيْهٌ:

- ‌فَصْلٌ

- ‌1 - فمنها: الإخلاص

- ‌2 - ومنها: التوبة:

- ‌3 - ومنها: الصبر على طاعة الله، وعن معصيته، وعلى قضائه:

- ‌4 - ومنها: الرضا بقضاء الله تعالى:

- ‌5 - ومنها: الصدق:

- ‌6 - ومنها: المراقبة:

- ‌7 - ومنها: الشكر:

- ‌8 - ومنها: السجود شكراً عند هجوم نعمة، واندفاع نقمة، ورؤية مبتلى:

- ‌9 - ومنها: التقوى:

- ‌ تنبِيْهٌ:

- ‌10 - ومنها: الإحسان:

- ‌ تَنْبِيْهٌ:

- ‌11 - ومنها: اليقين:

- ‌12 - ومنها: التوكل:

- ‌13 - ومنها: التفكر في مصنوعات الله تعالى، وفي نعمه، دون التفكر في ذاته:

- ‌14 - ومنها: الاستقامة:

- ‌15 - ومنها: المبادرة إلى الخيرات:

- ‌16 - ومنها: المجاهدة للكفار، وللنفس، والشيطان:

- ‌17 - ومنها: المصابرة في الحرب، وعدم الفرار:

- ‌18 - ومنها: الازدياد من الخير - وخصوصًا في آخر العمر - وكل نَفَسٍ من أنفاس العبد يمكن أن يكون آخر عمره:

- ‌19 - ومنها: الاقتصاد في العبادة:

- ‌20 - ومنها: المحافظة على الأعمال، والمداومة عليها:

- ‌ تنبِيْهٌ:

- ‌21 - ومنها: الأخذ بالرخص في محالِّها؛ كقصر الصلاة في السفر وجمعها، والفطر بعد مجاوزة ثلاثة مراحل، والتيمم عند فقد الماء، والمسح على الخفين

- ‌22 - ومنها: المحافظة على السنة، وآدابها:

- ‌23 - ومنها: الانفياد لحكم الله تعالى:

- ‌24 - ومنها: إحياء السنة، والدلالة على الخير، والتعاون على البر والتقوى:

- ‌25 - ومنها: حفظ اللسان والصمت إلا عن خير:

- ‌26 - ومنها: النصيحة:

- ‌27 - ومنها: العدل في الحكم، وفي سائر ما يطلب فيه العدل:

- ‌28 - ومنها: الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر:

- ‌29 - ومنها: موافقة القول العمل:

- ‌30 - ومنها: أداء الأمانة:

- ‌ تَنْبِيْهٌ:

- ‌31 - ومنها: تعظيم حرمات المسلمين، والشفقة عليهم، ورحمة من أمر برحمته من خلق الله تعالى:

- ‌32 - ومنها: ستر عورات المسلمين:

- ‌33 - ومنها: قضاء حوائج المسلمين:

- ‌34 - ومنها: الشفاعة إلا في حدود الله تعالى، أو في إضاعة حق:

- ‌35 - ومنها: الإصلاح بين النَّاس:

- ‌36 - ومنها: إيثار صحبة الفقراء، والتواضع لهم:

- ‌37 - ومنها: ملاطفة اليتيم، والبنات، وسائر الضعفة، والمساكين، والمنكسرين، والإحسان إليهم:

- ‌38 - ومنها: التلطف بالمرأة، وتحسين الخلق معها، واحتمال الأذى منها:

- ‌39 - ومنها: الرفق بالخادم، والتلطف به، والإحسان إليه:

- ‌40 - ومنها: النفقة على العيال:

- ‌41 - ومنها: الصدقة، وخصوصاً مما يحب:

- ‌ تنبِيْهٌ:

- ‌ تنبِيْهٌ آخَرُ:

- ‌42 - ومنها: تعليم الأهل، والأولاد الأدب، وأمرهم بطاعة الله تعالى، ونهيهم عن معصية الله، وتعليمهم ما يحتاجون إليه من ذلك:

- ‌43 - ومنها: رعاية حق الجار:

- ‌ لَطِيْفَةٌ:

- ‌44 - ومنها: بر الوالدين، وصلة الأرحام:

- ‌45 - ومنها: برُّ أصدقاء الأب، والأم، والأقارب، وسائر من يندب بره، وإكرامه:

- ‌46 - ومنها: إكرام آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌47 - ومنها: محبة الصحابة رضي الله تعالى عنهم

- ‌48 - ومنها: توقير العلماء

- ‌49 - ومنها: زيارة أهل الخير، ومجالستهم، وصحبتهم، ومحبتهم، وطلب زيارتهم، وطلب الدعاء منهم، وزيارة المواضع الفاضلة

- ‌50 - ومنها: الحب في الله، والحث عليه:

- ‌ تنبِيْهٌ:

- ‌ تَنْبِيْهٌ:

- ‌51 - ومن خصال الصَّالحين: أنهم إذا تواخوا في الله تعالى تعارفوا بأسمائهم، وأسماء آبائهم، وقبائلهم، وبلدانهم لأداء الحقوق، لا لاتباع العورات، ونحو ذلك؛ فين الأول من أخلاق الصَّالحين، والثاني من أخلاق المنافقين

- ‌52 - ومنها: إخبار العبد من يحب بأنه يحبّه:

- ‌53 - ومنها: البغض في الله، والعداوة في الله؛ أي: لأجله:

- ‌54 - ومنها: إجراء أحكام الناس على الظاهر، وكِلَةُ سرائرهم إلى الله تعالى:

- ‌55 - ومنها: الخوف، والرجاء، واعتدالهما، أو ترجيح الخوف إلا عند الموت، فيرجح الرَّجاء

- ‌ لَطِيْفَةٌ:

- ‌56 - ومنها: البكاء من خشية الله تعالى، أو شوقاً إلى لقائه، وخصوصاً عند تلاوة القرآن:

- ‌ تَنْبِيْهٌ:

- ‌57 - ومنها: الحزن على ما فات من معصية، أو تقصير، أو فَزَعاً من عذاب الله، وفَرَقاً من أهوال يوم القيامة:

- ‌ تَنْبِيْهٌ:

- ‌58 - ومنها: حسن الظن بالله تعالى لا سيما عند الموت

- ‌59 - ومنها: الورع، وترك الشبهات:

- ‌60 - ومنها: الزهد في الدنيا، وإيثار التقلل منها

- ‌ تَنْبِيْهٌ:

- ‌61 - ومنها: إيثار الجوع، وخشونة العيش، والاقتصار على اليسير من المأكول، والمشروب، والملبوس، وغيرها من حظوظ النفس:

- ‌62 - ومنها: القناعة، والاقتصاد في المعيشة، والنفقة، والتعفف عن السؤال من غير ضرورة:

- ‌ تَنْبِيْهٌ:

- ‌63 - ومنها: قبول ما يفتح الله به من غير سؤال، ولا تطلُّع نفس:

- ‌ تَتِمَّةٌ:

- ‌64 - ومنها: الأكل من عمل اليد، والكسب الطيب:

- ‌ تَنْبِيْهٌ:

- ‌65 - ومنها: الكرم، والجود، والإنفاق في وجوه الخير ثقة بالله تعالى:

- ‌وَهُنا لَطائِفُ:

- ‌ إحداها:

- ‌ الثانية:

- ‌ الثالثة:

- ‌ الرابعة:

- ‌ تَنْبِيْهٌ:

- ‌66 - ومن خصال الصالحين، وأخلاقهم: الإيثار، والمواساة {فَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ} [البقرة: 265]:

- ‌67 - ومنها: التواضع، وخفض الجناح:

- ‌68 - ومنها: التنافس في أمور الآخرة، والاستكثار مما يتبرك به:

- ‌ فائِدَةٌ:

- ‌69 - ومنها: أخذ المال من وجهه، وصرفه في وجوهه المأمور بها شرعاً:

- ‌70 - ومنها: الإكثار من ذكر الله تعالى، والرغبة في مجالس الذكر، والتنزه عن مجالس اللهو والظلم وذكر الدُّنيا:

- ‌71 - ومنها: الإكثار من ذكر الموت، وقصر الأمل:

- ‌72 - ومنها: زيارة القبور للرجال، والسَّلام على سكانها:

- ‌73 - ومنها: قيام الليل، والتهجد، وهو الصلاة بعد رقدة كما في الحديث:

- ‌ تنبِيْهٌ:

- ‌74 - ومنها: استحباب العزلة عند فساد الزمان، أو الخوف من الفتنة في الدين، والوقوع في حرام، أو شبهة:

- ‌75 - ومنها: التفرغ للعبادة، علماً، وعملاً، ونية:

- ‌76 - ومنها: الاختلاط. بالناس لحضور جمعهم وجماعاتهم، وحضور مشاهد الخير، ومجالس الذِّكر معهم، وعيادة مرضاهم

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌1 - فمنها: الحياء

- ‌2 - ومنها: إنجاز الوعد، وحفظ العهد، ويدخل فيه صيانة الأسرار:

- ‌ تنبِيْهٌ:

- ‌3 - ومنها: المحافظة على ما اعتاده من الأوراد:

- ‌4 - ومنها: الْحِلْم، وكظم الغيظ، واحتمال الأذى، والعفو عن الناس، والصفح الجميل عنهم، والإحسان إليهم، والإعراض عن الجاهلين:

- ‌5 - ومنها -وهو أعم مما قبله -: حسن الخلق:

- ‌6 - ومنها: الرفق:

- ‌7 - ومنها: الأناة، والتُّؤَدَةُ:

- ‌8 - ومنها: قِرَى الضيف، وإكرامه، والبشاشة في وجهه، وطيب الكلام، وطلاقة الوجه عند اللقاء:

- ‌9 - ومنها: الوعظ، والاقتصاد فيه، والاستنصات فيه، وتفهمه للسَّامع:

- ‌ تَنْبِيْهٌ:

- ‌10 - ومنها: الخشوع، والخضوع بين يدي الله تعالى، والسكينة، والوقار، خصوصًا في إتيان الصَّلاة، وطلب العلم:

- ‌11 - ومنها: إهداء الهدية، وقبولها، ما لم تكن رشوة، والمكافاة عليها، وإتحاف الصديق والقريب بالشيء، وإعطاء ولده الشيء إذا دخل عليك:

- ‌12 - ومنها: إدخال السرور على قلوب المؤمنين، والتودد إليهم، والتردد إلى إخوانه منهم من غير إذلال لنفسه في طلب دنيا:

- ‌13 - ومنها: التهنئة، والتبشير بالخير لإخوانه المؤمنين:

- ‌14 - ومنها: تنفيس كروب المسلمين، وقضاء حوائجهم، وستر عوراتهم، وتعزيتهم في مصائبهم:

- ‌15 - ومنها: تنحية الأذى عن طريق المسلمين:

- ‌16 - ومنها: كف الأنسان أذاه عن الناس:

- ‌17 - ومنها: اصطناع المعروف على أنواع؛ كالقرض، وقيادة الأعمى، وإسماع الأصم، ومساعدة المسلم على حمل حاجته، وقضائها، وتحميل دابته، وإمساك الركاب له، ونحو ذلك، وقد تقدم منه كثير:

- ‌18 - ومنها: وداع الصاحب عند فراقه لسفر، أو غيره، والدعاء له، وطلب الدعاء منه:

- ‌19 - ومنها: الاستخارة، والمشاورة:

- ‌ تَنْبِيْهٌ:

- ‌20 - ومنها: الذهاب إلى العيد والحج والجنازة ونحوها من طريق، والرجوع من طريق آخر؛ لتكثر مواضع العبادة، وتشهد بها ملائكة الطريقين، وتتبرك بالطائع بقاعهما، أو لغير ذلك

- ‌21 - ومنها: تقدم اليمين فيما هو من باب التكريم، واليسار في ضد ذلك:

- ‌22 - ومنها: المحافظة على آداب الوضوء، والطهارة

- ‌23 - ومنها: المحافظة على آداب الطعام والشراب، كالتسمية

- ‌24 - ومن الآداب: إفشاء السلام، والبداءة به، وتسليم الراكب على الماشي

- ‌فَصَلٌ

- ‌ تَنْبِيْهٌ:

- ‌فَصْلٌ

- ‌ الفائدة الأولى: ولاية الله تعالى:

- ‌ الفائدة الثانية: ولاية النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ الفائدة الثالثة: فوز العبد بهذه المرتبة العظيمة التي محلها في القرآن العظيم بين جبريل وبقية الملائكة عليهم السلام

- ‌ الفائدة الرابعة: الدخول في رحمة الله تعالى:

- ‌ الفائدة الخامسة: حفظ العبد في نفسه، وأولاده، وأهله، وعشيرته، وجيرانه:

- ‌ تَنْبِيْهانِ:

- ‌الأَوَّلُ:

- ‌ الثَّانِيْ:

- ‌ الفائدة السادسة: إن العبد الصالح إذا استرعي على رعية أعانه الله تعالى على رعايتها، ووفقها لطاعته

- ‌ الفائدة السابعة: إدخال السرور على قلوب الأبوين والأقارب في قبورهم بصلاح الولد والقريب

- ‌ الفائدة الثامنة: أن الصالحين لا تقوم عليهم الساعة، ولا يقاسون أهوال قيامها، ويثبتهم الله في القبور، وينجيهم على الصراط

- ‌ تَنْبِيْهٌ:

- ‌ تنبِيْهٌ آخَرُ:

- ‌ الفائدة التاسعة: النعيم في القبر، والسلامة من فتنته، وذب الأعمال الصالحة عن العبد الصالح فيه:

- ‌ الفائدة العاشرة: تنعم الصالح في الدنيا بمعرفة الله تعالى

- ‌ الفائدة الحادية عشرة: أن الصلاح يكسب العبد الشرف في الدنيا والآخرة:

- ‌ الفائدة الثانية عشرة: مقارنة الصالحين في الجنة، ومرافقتهم

- ‌ الفائدة الثالثة عشرة: أن الله تعالى يلحق بالعبد الصالح في رتبته من هو دونه في الرتبة من ولد

- ‌ تَنْبِيْهٌ:

- ‌ تَتِمَّةٌ:

- ‌ فائِدَةٌ:

- ‌ الفائدة الرابعة عشرة: أن الصالحين تفتخر بهم البقاع، وإذا ماتوا بكت عليهم مجالسهم من الأرض

- ‌ الفائدة الخامسة عشرة: الحياة الطيبة:

- ‌ الفائدة السادسة عشرة: ما تضمنه قوله تعالى:

- ‌ الفائدة السابعة عشرة: أن الله تعالى يلقي محبة الصالحين في قلوب الخلق إلا من شذ منهم:

- ‌ الفائدة الثامنة عشرة: هداية الصالحين في الدنيا إلى عمل الخير

- ‌ الفائدة التاسعة عشرة: أن الصالحين يرفعون إلى جنة الفردوس، والدرجات العلي، وشجرة طوبى

- ‌ الفائدة التي بها تمام عشرون فائدة: الفلاح

- ‌ تَنْبِيْهٌ لَطِيْفٌ:

- ‌فَصلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌ تَتِمَّةٌ:

- ‌فَصْلٌ

- ‌ ومن فوائد ذكر الصَّالحين:

- ‌ ومن لطائف الآثار:

- ‌ تَنْبِيْهٌ:

- ‌فَصْلٌ

- ‌ ومن لطائفها:

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌ فائِدَةٌ:

- ‌ فائِدَةٌ ثانِيَةٌ:

- ‌ فائِدَةٌ ثالِثَةٌ:

- ‌ فائِدَةٌ رابِعَةٌ:

- ‌ تَنْبِيهٌ:

- ‌ فائِدَةٌ خامِسَةٌ:

الفصل: {إِنَّ فِي هَذَا لَبَلَاغًا لِقَوْمٍ عَابِدِينَ (106)} [الأنبياء: 106]؛ قال:

{إِنَّ فِي هَذَا لَبَلَاغًا لِقَوْمٍ عَابِدِينَ (106)} [الأنبياء: 106]؛ قال: الذين يصلون الصلوات الخمس في الجماعات (1).

*‌

‌ تَنْبِيْهٌ:

روى الإمام محمَّد بن نصر المرزوي في كتاب "الصَّلاة" عن أحمد ابن منصور الرمادي، عن يزيد بن أبي حكيم العدني قال: سألت سفيان الثوري رحمه الله تعالى عن هذه الآية: {مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ (113)} [آل عمران: 113]، فحدثني عن منصور قال: بلغني أنهم كانوا يُصَلُّوْن بين المغرب والعشاء (2).

فقد تبين بذلك أنَّ الصَّلاة بين العشاءين مما يهتم به الصالحون بعد تأدية الفرائض؛ لأن الصالحين - خاصة عباد الله - من أوصافهم أنهم يصلحون حين يفسد الناس، كما تقدم، وهذه الساعة يكون أكثر الناس فيها في غفلة واشتغال عن الله تعالى بعَشائهم ومبيتهم، ومن ثَمَّ سميت الصلاة حينئذٍ صلاة الغفلة.

كما روى عبد الرزاق، والطبراني عن الأسود بن يزيد رحمه الله تعالى قال: قال عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه: نعمت السَّاعة ساعة الغفلة؛ يعني: الصلاة فيما بين المغرب والعشاء (3).

(1) رواه البيهقي في "شعب الإيمان"(2912).

(2)

ورواه ابن أبي حاتم في "التفسير"(3/ 739).

(3)

رواه عبد الرزاق في "المصنف"(4725)، والطبراني في "المعجم الكبير"(9450).

ص: 192

وروى محمَّد بن نصر بسند صحيح، عن عبد الرحمن بن الأسود رحمه الله تعالى قال: ما بين المغرب والعشاء صلاة (1).

وتسمى - أيضًا - صلاة الأوابين.

والأوابون هم الصالحون لقوله تعالى: {إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا (25)} [الإسراء: 25].

وروى الإمام عبد الله بن المبارك في "الزُّهد" عن محمَّد بن المنكدر رحمه الله تعالى مرسلاً، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:"مَنْ صَلَّىْ ما بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشاءِ فَإِنَّها مِنْ صلاةِ الأَوَّابِيْنَ"(2).

وعن عبد الله بن عمرو رضي الله تعالى عنهما قال: صلاة الأوابين الخلوة التي بين المغرب والعشاء حتى يثوب الناس (3).

ومن صلاة الأوابين أيضًا - وهم الصالحون كما علمت - صلاة الضحى؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "صَلاةُ الأَوَّابِيْنَ حِيْن تَرْمَضُ الْفِصالُ". رواه الإمام أحمد، ومسلم عن زيد بن أرقم منه، وعبد بن حميد عن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله تعالى عنه (4).

(1) رواه المروزي في "قيام الليل"(1/ 85) لكنه قال: "ما بين المغرب والعشاء صلاة الغفلة".

(2)

رواه ابن المبارك في "الزهد"(1/ 445).

(3)

رواه ابن المبارك في "الزهد"(1/ 445).

(4)

رواه الإمام أحمد في "المسند"(4/ 367)، ومسلم (748) عن زيد بن أرقم.

ورواه عبد بن حميد في "المسند"(ص: 187) عن عبد الله بن أبي أوفى.

ص: 193

ورمض الفصال - جمع فصيل: وهو صغير الإبل -: حين يشتد حر الرمضاء، وذلك عند ارتفاع النهار (1).

وروى الحاكم وصححه، عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يُحافِظُ عَلَى صَلاةِ الضُّحَىْ إِلَاّ أَوَّابٌ"(2).

وروى البزار، والبيهقي في "الشعب" عن أنس رضي الله عنه قال: أوصاني النبي صلى الله عليه وسلم بخمس خصال، قال:"أَسْبغِ الْوُضُوْءَ يَزِدْ فِيْ عُمُرِكَ، وَسَلِّمْ عَلَىْ مَنْ لَقِيْتَ مِنْ أُمَّتِيْ تَكْثُرْ حَسَناتُكَ، وَإِذا دَخَلْتَ بَيْتَكَ فَسَلّمْ عَلَىْ أَهْلِ بَيْتِكَ يَكْثُرْ خَيْرُ بَيْتِكَ، وَصَلِّ صَلاةَ الضُّحَىْ فَإِنَّها صَلاةُ الأَوَّابِيْنَ قَبْلَكَ، يا أَنسُ! ارْحَمِ الصَّغِيْرَ، وَوَقِّرِ الْكَبِيْرَ، تَكُنْ مِنْ رُفَقائِيَ يَوْمَ الْقِيامَةِ"(3).

ولا تعارض بين ذلك وبين حديث ابن المُنكدر المتقدم فيما بين المغرب والعشاء؛ أي: لا بُعْدَ أن يكون للأوابين صلاتان وأكثر.

على أن صلاة الضحى وصلاة ما بين المغرب والعشاء متقابلتان في الوقت؛ لأن إحداهما في أول طرفي النهار، والآخر في أول طرفي الليل، فصلاة الضُّحى صلاة الأوابين نهارًا، وصلاة ما بين العشاءين صلاتهم ليلاً.

(1) انظر: "شرح مسلم" للنووي (6/ 35).

(2)

رواه الحاكم في "المستدرك"(1182)، ورواه البخاري في "التاريخ الكبير"(1/ 366)، وابن خزيمة في "صحيحه"(1224).

(3)

رواه البزار في "المسند"(7396)، والبيهقي في "شعب الإيمان"(8762).

ص: 194

ولهم صلوات أخرى:

فروى البيهقي في "الشعب" عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يُحافِظُ عَلَىْ رَكْعَتِيِ الفجر (1) إِلَاّ أَوَّابٌ"(2).

وعن عبد الله بن بُريدة قال: كان يقال: صلاة الأوابين، وصلاة المنيبين، وصلاة التوابين؛ فصلاة الأوابين ركعتان قبل الصبح، وصلاة المنيبين ركعتا الضحى، وصلاة التوابين ركعتان قبل صلاة المغرب عند النداء.

وروى عبد الرزاق عن عروة بن رويم رحمه الله تعالى قال: من صلى ركعتي الفجر، وصلى الصبح في جماعة، كتبت صلاته يومئذ في صلاة الأوابين، وكتب يومئذ في وفد المتقين (3).

وروى ابن المبارك عن عثمان بن أبي سودة مرسلاً: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "صَلاةُ الأَوَّابِيْنَ - وقال: صَلاةُ الأَبْرارِ - رَكْعَتانِ إِذا دَخَلْتَ بَيْتَكَ، وَرَكْعَتانِ إِذا خَرَجْتَ"(4).

وروى أبو نعيم: ثنا أحمد بن إسحاق، ثنا أبو بكر بن أبي داود [-بإسناده- عن عثمان بن أبي سودة] (5) قال: يقال: صلاة الأوابين

(1) في "أ": "الضحى".

(2)

رواه البيهقي في "شعب الإيمان"(3065)، وقال: عدي بن الفضل ليس بالقوي.

(3)

رواه عبد الرزاق في "المصنف"(4783).

(4)

رواه ابن المبارك في "الزهد"(1/ 453).

(5)

زيادة من "حلية الأولياء" لأبي نعيم (6/ 109).

ص: 195

ركعتان حين تخرج من بيتك، وركعتان حين تدخل (1).

وروى عبد الرزاق عن أبي سفيان مرسلاً، وأبو نعيم عن ابن أبي أوفى رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إِذا فاءَتِ الأَفْياءُ، وَهَبَّتِ الأَرْواحُ، فَاذْكُرُوْا حَوائِجَكُمْ؛ فَإِنَّها ساعَةُ الأَوَّابِيْنَ"(2).

وروى ابن أبي شيبة عن جعفر بن محمَّد، عن أبيه رحمهما الله تعالى قال: صلاة الأوابين بعد زوال الشمس (3).

وروى الخطيب في "التلخيص" عن جعفر بن محمَّد قال: عليكم بالورع، والاجتهاد، وصدق الحديث، وأداء الأمانة، وحسن الصُّحبة لمن صحبكم؛ فإن ذلك من سنن الأوابين.

وروى أبو نعيم عن عمرو بن دينار رحمه الله تعالى قال: الأواب الحفيظ الذي لا يقوم من مجلسه إلا استغفر الله؛ يقول: اللهم اغفر لنا ما أصبنا في مجلسنا سبحان الله وبحمده (4).

وروى ابن أبي شيبة عن عمرو بن دينار، عن عُبيد بن عُمير قال: كنا نعد الأواب الحفيظ الذي إذا قام من مجلسه قال: اللهم

(1) رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء"(6/ 109).

(2)

رواه عبد الرزاق في "المصنف"(4818) عن أبي سفيان، ورواه أبو نعيم في "حلية الأولياء"(7/ 227) عن ابن أبي أوفى.

(3)

رواه ابن أبي شيبة في "المصنف"(4079).

(4)

رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء"(3/ 349).

ص: 196

اغفر لي ما أصبت في مجلسي (1).

وروي عن عبيد بن عمير - أيضًا - في قوله تعالى: {فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا (25)} [الإسراء: 25]، وفي قوله:{لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ (32)} [ق: 32]؛ قال: الأواب الذي يذكر ذنوبه في الخلاء فيستغفر منها (2).

وروى ابن أبي الدُّنيا في كتاب "التوبة" عن مجاهد قال: الأواب الحفيظ الذي يذنب سراً، ثم يتوب [منه](3) سرًا (4).

ورواه عنه عبد الله ابن الإمام أحمد في "زوائد الزهد" في تفسير قوله تعالى: {فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا (25)} [الإسراء: 25]، (5).

وروي في الأَوْبِ أقوال أخرى مذكورة في مَحَالِّها (6).

(1) رواه ابن أبي شيبة في "المصنف"(29329)، ورواه الطبري في "التفسير" (15/ 71) ثم قال: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب، قول من قال: الأواب: هو التائب من الذنب، الراجع من معصية الله إلى طاعته، ومما يكرهه إلى ما يرضاه؛ لأن الأوَّاب إنما هو فعَّال، من قول القائل: آب فلان من كذا، إما من سفره إلى منزله، أو من حال إلى حال.

(2)

رواه الطبري في "التفسير"(15/ 70).

(3)

زيادة من "التوبة" لابن أبي الدنيا (ص: 240).

(4)

رواه ابن أبي الدنيا في "التوبة"(ص: 240).

(5)

رواه الإمام أحمد في "الزهد"(ص: 213).

(6)

انظر: "زاد المسير" لابن الجوزي (5/ 26)، فقد ذكر عشرة أقوال في معنى الأوابين.

ص: 197

وقوله تعالى في الآية السابقة في ذكر أوصاف الصالحين: {يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ (114)} [آل عمران: 114]، هذا أصل أحوال الصَّالحين.

ولو جاء العبد بكل عمل صالح - وهو لا يؤمن بالله، أو يكذب باليوم الآخر - لا يقبل منه شيء.

قال تعالى: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا (23)} [الفرقان: 23]

وقال تعالى: {الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ (1)} [محمد: 1].

وقوله تعالى في الآية: {وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ (114)} [آل عمران: 114]، لا شك أن من شأن التاجر المصلح النصيحة لإخوانه المؤمنين، ولا يخفى أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أخص النصائح، بل هو من كمال الإيمان المؤسَّس عليه قواعد الصلاح.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ رَأَىْ مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيَّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ؛ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِيْمانِ". رواه مسلم، وغيره عن [أبي سعيد] الخدري رضي الله تعالى عنه (1).

(1) رواه مسلم (49).

ص: 198

قال ابن الحاج في "المدخل": ورد أن موسى عليه السلام مر على قرية وقد أهلكها الله تعالى فقال: يا رب! كيف أهلكتهم وكنت أعرف منهم رجلاً صالحاً؟ فأوحى الله تعالى إليه: يا موسى! إنه لم يغيرْ لي منكرًا (1)؛ أي: فلم يكمل صلاحه (2).

وروى الإمام عبد الله بن المبارك في "الزهد" عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه قال: يذهب الصالحون، ويبقى أهل الرِّيَب، قالوا: يا أبا عبد الرَّحمن! ومن أهل الرِّيَب؟ قال: قوم لا يأمرون بالمعروف، ولا ينهون عن المنكر (3).

وقوله تعالى: {وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ (114)} [آل عمران: 114]؛ اعلم أن من تمام صلاحية التاجر بماله أن يبادر إلى اقتناص الأرباح، والفوائد مهما سمع بها، وإلا فإن التهاون ربما فوَّت عليه أرباحاً كثيرة، على أن التأني مطلوب إلا في أعمال الآخرة؛ قال تعالى:{فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ (148)} [البقرة: 148].

وقال تعالى بعد أن ذكر طائفة من الأنبياء عليهم السلام:

{إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ (90)} [الأنبياء: 90]، والآيات في ذلك معروفة.

(1) في "أ": "لم يغر لي".

(2)

انظر: "المدخل" لابن الحاج (1/ 81).

(3)

رواه ابن المبارك في "الزهد"(1/ 531).

ص: 199

وقد قيل: [من السريع]

سَابِقْ إِلَىْ الْخَيْرِ وَبَادِرْ بِهِ

فَإِنَّمَا خَلْفَكَ مَا تَعْلَمُ

وَقَدِّمِ الْخَيْرَ فَكُلُّ امْرِئٍ

عَلَىْ الَّذِيْ قَدَّمَهُ يَقْدُمُ (1)

والخيرات شاملة لسائر أعمال البر من صلاةٍ، وصيامٍ، وحجٍّ، وجهادٍ، وصدقةٍ، وصلةٍ، وإحسانٍ

إلى غير ذلك، سواء كان فرضاً أو نفلاً.

ومنها التجنب عن سائر الأعمال القبيحات، قولاً وفعلاً ونية.

وهذا - أيضًا - مفهوم من الآية؛ لأنه من كمال الإيمان، وهو من أَجَلِّ الخيرات، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"اتَّقِ الْمَحارِمَ تَكُنْ أَعْبَدَ النَّاسِ". رواه الإمام أحمد، والترمذي، والبيهقي في "الشعب" عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه (2).

وقد علمت أن التقوى أخص أعمال الصَّالحين، وأي تقوى لمن لا يتقى المحارم، بل الشبهات؛ بدليل قول النبي صلى الله عليه وسلم:"لا يَبْلُغُ الْعَبْدُ أَنْ يَكُوْنَ مِنَ الْمُتَّقِيْنَ حَتَّىْ يَدَعَ ما لا بَأْسَ بِهِ حَذَرًا لِما بِهِ بَأْسٌ". رواه ابن ماجه، والترمذي، والحاكم وصححاه، من حديث

(1) ذكر البيتين: ابن حبان في "روضة العقلاء ونزهة الفضلاء"(ص: 247) من قول علي بن محمد البسامي.

(2)

رواه الإمام أحمد في "المسند"(2/ 310)، والترمذي (2305)، والبيهقي في "شعب الإيمان"(9543).

ص: 200

عطية السعدي رضي الله تعالى عنه (1).

وقال أبو العتاهية: [من الطويل]

إِذَا الْمَرْءُ لَمْ يَكْفُفْ عَنِ النَّاسِ شَرَّهُ

فَلَيْسَ لَهُ مَا عاشَ مِنْهُمْ مُصَالِحُ

إِذَا كَفَّ عَبْدُ اللهِ عَمَّا يَضُرُّهُ

وَأَكْثَرَ ذِكْرَ اللهِ فَالْعَبْدُ صَالِحُ

إِذَا الْمَرْءُ لَمْ يَمْدَحْهُ حُسْنُ فِعَالِهِ

فَلَيْسَ لَهُ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ مادحُ

وروى ابن أبي الدنيا في كتاب "العقل" عن الضَّحَّاك بن مزاحم رحمه الله تعالى قال: ما بلغني عن رجل صلاح فاعتددت بصلاحه حتى أسأل عن خِلالٍ ثلاث، فإن تمت تم له صلاحه، [وإن نقصت منه خصلة كانت وصمة عليه في صلاحه](2)؛ أسأل عن عقله فإن الأحمق يفعل صلاحاً (3) عنده ربما هلك وأهلك فِئَاماً من الناس؛ يمر بالمجلس فلا يسلم، فإذا قيل له، قال: من أهل الدنيا، ويترك عيادة

(1) رواه ابن ماجه (4215)، والترمذي (2451) وقال: حسن غريب، والحاكم في "المستدرك "(6899).

(2)

زيادة من "العقل وفضله" لابن أبي الدنيا (ص: 53).

(3)

في "أ": "بفضل صلاح".

ص: 201

الرجل من جيرانه، فإذا قيل له، قال: من أهل الدنيا، ويدع الجنازة لا يتبعها لمثل ذلك، ويدع طعام أبيه يبرد (1)، فإذا هو قد صار عاقًا.

قال: وأسأل عن النعمة العظيمة التي لا نعمة أعظم منها ولا أوضح؛ الإسلام، فإن كان أحسن احتمال النعمة، ولم يدخلها بدعة ولا زيغًا، وإلا لم أعتد به فيما سوى ذلك.

قال: وأسأل عن وجه معاشه، فإن لم يكن له معاش، لم آمن عليه أن يأكل بدينه، ولا آمن عليه أن تغلب عليه الشهوات فيأكل الحرام والشبهات؛ فأي خير بعد هذا؟ (2)

وروى الدينوري في "مجالسته"، والبيهقي في "شعبه"، والخطيب في "تاريخه" عن يحيى بن معين رحمه الله تعالى: أنه أنشد لنفسه: [من الكامل]

الْمَالُ يَذْهَبُ حِلُّهُ وَحَرَامُه

يَوْماً وَيَبْقَىْ فِيْ غَدٍ آثامُهُ

لَيْسَ التَّقِيُّ بِمُتَّقٍ لإِلَهِهِ

حَتَّىْ يَطِيْبَ شَرَابُهُ وَطَعَامُهُ

وَيَطِيْبَ مَا تَحْوِيْ وَتَكْسِبُ كَفُّهُ

وَيَكُوْنَ فِيْ حُسْنِ الْحَدِيْثِ كَلامُهُ

(1) في "أ": "تبرراً"، والمثبت من "العقل وفضله" لابن أبي الدنيا (ص: 53).

(2)

رواه ابن أبي الدنيا في "العقل وفضله"(ص: 53).

ص: 202

نَطَقَ النَّبِيُّ لَنَا بِهِ عَنْ رَبِّهِ

فَعَلَىْ النَّبِيَّ صَلاتُهُ وَسَلامُهُ (1)

ومن أجمع الأحاديث لأعمال الصالحين: ما رواه الإمام الفقيه الزاهد الشيخ نصر المقدسي رحمه الله تعالى في كتاب "الحجة على تارك المحجة" عن أنس رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا ابْنَ سلامٍ! عَلَىْ كَمِ افْتَرَقَتْ بَنُوْ إِسْرائِيْلَ؟ " قال: إحدى وسبعين فرقة، واثنتين وسبعين فرقة؛ كلهم يشهد بعضهم على بعض بالضلالة.

قالوا: أفلا تخبرنا يا رسول الله لو قد خرجت من الدنيا فتفرقت أمتك، على ما يصير أمرهم؟ فقال نبيُّ الله صلى الله عليه وسلم:"إِنَّ بَنِيْ إِسْرائِيْلَ تَفَرَّقُوْا عَلَىْ ما قُلْتَ، وَسَتَفْتَرِقُ أُمَّتِيْ عَلَىْ ما افْتَرَقَتْ عَلَيْهِ بَنُوْ إِسْرائِيْلَ، وَسَتِزْيُد فِرْقَةٌ واحِدَةٌ لَمْ تَكُنْ فِيْ بَنِيْ إِسْرائِيْلَ".

قال ابن سلام: أفلا تدلنا على قوم ترضى لنا نخبرُ أولادنا، وتخبرُ أولادُنا أولادَهم، فنكون فيهم في آخر الزمان؟ قال - رسول الله صلى الله عليه وسلم:"انْظُرُوْا إِلَىْ قَوْمٍ يُصَلُّوْنَ الْخَمْسَ فِيْ جَماعَةٍ، وَيصُوْمُوْنَ رَمَضانَ، وَيَأْتُوْنَ الْجُمُعَةَ، وَيَعُوْدُوْنَ الْمَرِيْضَ، وَيُشَيِّعُوْنَ الْجَنائِزَ، جيْرانُهُمْ آمِنُوْنَ مِنْ أَيْدِيْهِمْ وَألسِنَتِهِمْ وَبَوائِقِهِمْ، فَتكُوْنُوْنَ مِنْ أُوْلَئِكَ؛ فَإِنَّهمْ قَوْمٌ صالِحُوْنَ".

(1) رواه الدينوري في "المجالسة وجواهر العلم"(ص: 226)، والبيهقي في "شعب الإيمان"(5788)، والخطيب في "تاريخ بغداد"(14/ 185).

ص: 203

قيل: يا رسول الله! ومن هم؟ قال: "الْمُتَّقُوْنَ"(1).

وليس المراد أن الصالحين ليس لهم من الأخلاق والأعمال إلا ما ذكر؛ بدليل قوله آخرًا: "هُمُ الْمُتَّقُوْنَ"، وبدليل أنه وصفهم بإقامة الصَّلوات في الجماعة، وقد قال الله تعالى:{إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ (45)} [العنكبوت: 45].

وفي الحديث إشارة لطيفة، وهي أن هذه الخصال التي اشتمل الحديث عليها لا تجتمع في عبد إلا كان صالحًا موفقا في سائر أعماله، فعلامة صلاح العبد اجتماع هذه الخصال فيه؛ فافهم.

(1) انظر "مختصر الحجة على تارك المحجة للمقدسي"(159)، ورواه الآجري في "الشريعة"(1/ 312).

ص: 204