الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ".
قال أنس: فأنا أحب الله، ورسوله، وأبا بكر، وعمر، فأرجو أن أكون معهم، وإن لم أعمل بأعمالهم (1).
وهذا الحديث عند البخاري، وغيره، وهو ثابت من حديث ابن مسعود، وأبي موسى، وأبي ذر، كما تقدم في صدر الكتاب.
وروى الترمذي عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ، وَلَهُ ما اكْتَسَبَ"(2).
وفي هذا اللفظ إشارة إلى أن العبد الصالح يستوفي في ثواب كسبه، ثم يلحق بإخوانه ممن هو فوقه في الرتبة.
*
الفائدة الثالثة عشرة: أن الله تعالى يلحق بالعبد الصالح في رتبته من هو دونه في الرتبة من ولد
، أو والد، أو زوج، ويلحق العبد الصالح ممن هو فوقه به بمن ذكر ليتم بذلك سرورهم.
قال الله تعالى حكاية عن حملة العرش ومن حوله: {وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ (7) رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ} [غافر: 7، 8].
(1) رواه مسلم (2639) واللفظ له، وكذا رواه البخاري (3485).
(2)
رواه الترمذي (2386) وحسنه.
قال القاضي البيضاوي رضي الله عنه في هذه الآية: والمعنى أنه يلحق بهم من صلح من أهلهم -وإن لم يبلغ مبلغ فضلهم- تبعًا لهم، وتعظيمًا لشانهم.
قال: وهو دليل على أن الدرجة تعلو بالشفاعة، وأن الموصوفين بتلك الصفات مقترن بعضهم ببعض لما بينهم من القرابة والوصلة في دخول الجنة زيادة في أنفسهم.
قال: والتقييد بالصلاح دلالة على أن مجرد الانتساب لا ينفع (1).
قلت: ومن هنا أثنى الله تعالى على الداعي بصلاح النفس والذرية؛ فإن صلاح الولد زيادة في صلاح الوالد لأنه كسبه، فقال الله تعالى:{وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [الأحقاف: 15].
(1) انظر: "تفسير البيضاوي"(3/ 327).