الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ
وينبغي للعبد أن يكثر من ذكر الصالحين؛ لما رواه الحافظ أبو الفرج بن الجوزي في مقدمة كتابه "صفه الصفوة" عن سفيان بن عيينة أنه قال: عند ذكر الصَّالحين تنزل الرحمة (1).
وقال عبد الله بن خبيق -وهو أحد رجال "الرسالة القشيرية"-: سمعت محمد بن يونس يقول: ما رأيت للقلب أنفع من ذكر الصالحين (2).
بل روى الديلمي في "مسند الفردوس"عن معاذ بن جبل رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ذِكْرُ الأَنْبِياءِ مِنَ الْعِبادَةِ، وَذِكْرُ الصَّالِحِيْنَ كَفَّارَةٌ، وَذِكْرُ الْمَوْتِ صَدَقَة، وَذِكْرُ الْقَبْرِ يُقَرِّبُكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ".
وإنما كان ذكر الأنبياء من العبادة؛ لأن المراد ذكرهم على وجه التعظيم، وهو يستدعي الإقرار بنبوتهم، والإيمان بها، وذلك من أشرف العبادات.
(1) ذكره ابن الجوزي في "صفة الصفوة"(1/ 45)، ورواه أبو نعيم في "حلية الأولياء"(7/ 285).
(2)
ذكره ابن الجوزي في "صفة الصفوة"(1/ 45).
وإنما كان ذكر الصَّالحين كفارة؛ لأن الذنب جفاء، وذكر الصالحين صفاء، والصفاء يكفر الجفاء.
وأيضاً فإن العبد إذا ذكر الصالحين يذكرهم بأوصافهم الجميلة، وأحوالهم الشريفة، فيستصغر نفسه، ويحتقر عمله عندهم، وذلك من جملة المكفرات لذنوب النفس، ورؤية الأعمال.
وروى الأستاذ أبو القاسم القشيري في "رسالته" عن بشر بن الحارث الحافي رحمه الله تعالى قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام، فقال: يا بِشْرُ! تَدْرِيْ لِمَ رَفَعَكَ اللهُ مِنْ بَيْنِ أَقْرانِكَ؟ قلت: لا يا رسول الله، قال: بِاتِّباعِكَ لِسُنَّتِيْ، وَخدمتك (1) لِلصَّالِحِيْنَ، وَنَصِيْحَتِكَ لإِخْوانِكَ، وَمَحَبَّتِكَ لأَصْحابِي، وَأَهْلِ بَيْتِي؛ هُوَ الَّذِيْ بَلَّغَكَ مَنازِلَ الأَبْرارِ (2).
وروى أبو الحسن بن جهضم في "بهجة الأسرار" عن أبي بكر الدَّقاق رحمه الله تعالى قال: أهل الحقائق والصالحون والكبار أدنى أحوالهم إذا ذكرت يزداد الإنسان معرفة بتقصير نفسه.
وعن إبراهيم الحربي قال: سمعت بشر بن الحارث يقول: بحسبك أن أقواماً موتى يحيا القلب بذكرهم -يعني: الصالحين-، وأن أقواماً أحياء تعمى الأبصار بالنظر إليهم؛ يعني: الكفار والظلمة والفسقة (3).
(1) في "م" و"أ" و"ت": "وحرمتك"، والمثبت من "الرسالة القشيرية" (ص: 31).
(2)
رواه القشيري في "الرسالة"(ص: 31).
(3)
ذكره ابن الجوزي في "صفة الصفوة"(2/ 333).