الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قالت شيوخ الصوفية رحمهم الله تعالى: الفقير لا يسأل، ولا يرد، ولا يدخر (1).
قلت: لكن يعرف مِمَّن يقبل، وكيف يقبل؛ فإن كان المعطي ظالماً، فالأولى أن لا يقبل من ماله زجراً له، وإذا عرف صاحب المال المدفوع إليه فالأولى أن يقبله، ويرده إلى مالكه وإذا لم يعرف مالكه، وقبله؛ فإن كان له ضرورة سدها، وصرف الباقي في مصرف الأموال الضائعة، وإذا قبل فلا يقبل بذلٍّ، ولا شَرَه نفس، ويدعو للمعطي بما لا حرج فيه، ويكفيه أن يقول له: جزاك الله خيراً، أو: تقبل الله منك، وإذا قدر على المكافأة كافأه، ولا يخفى الورع في ذلك كله على بصير.
*
تَتِمَّةٌ:
روى ابن جهضم عن حذيفة المرعشي رحمه الله تعالى قال: إياكم وهدايا الفجار والسفهاء؛ فإنكم إذا قبلتموها ظنوا أنكم قد رضيتم فعلهم (2).
64 - ومنها: الأكل من عمل اليد، والكسب الطيب:
قال الله تعالى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} [الجمعة: 10].
وروى الشيخان عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال
(1) انظر: "إحياء علوم الدين" للغزالي (2/ 243).
(2)
رواه البيهقي في "شعب الإيمان"(9426).
رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لأَنْ يَحْتَطِبَ أَحَدُكُمْ حُزْمَةً عَلَىْ ظَهْرِهِ، خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ أَحَداً فَيُعْطِيَهُ، أَوْ يَمْنَعَهُ"(1).
وروى البخاري عن المقدام بن معدي كرب رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مَا أَكَلَ أَحَدٌ طَعَاماً قَطُّ خَيْراً مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ، وَإِنَّ نَبِيَّ اللهِ داوُدَ عليه السلام كانَ يَأْكُلُ مِنْ عَمَلِ يَدِه"(2).
وروى الإمام أحمد في "الزهد" عن الحسن رحمه الله تعالى قال: قال داود عليه السلام: إلهي! أي رزق أطيب؟ قال: ثمرة يدك يا داود (3).
وروى أبو نعيم عن أبي بكر الجوهري رحمه الله تعالى قال: وجد في صخرة منقورة مكتوباً عليها: كل بيمينك من عرق جبينك، فإن ضَعُفَ يقينك فاسأل المولى يعينك (4).
وما أحسن ما أنشده ابن أبي الدنيا في كتاب "القناعة" لبعضهم: [من الوافر]
لَنَقْلُ الصَّخْرِ مِنْ قُلَلِ الْجِبَال
…
أَخَفُّ عَلَيَّ مِنْ مِنَنِ الرِّجَالِ
(1) رواه البخاري (1968) واللفظ له، ومسلم (1042).
(2)
رواه البخاري (1966).
(3)
رواه الإمام أحمد في "الزهد"(ص: 72).
(4)
رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء"(10/ 178).