الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تعالى إضافة الخصوصية، كما في قوله تعالى:{إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ} [الحجر: 42].
وقوله: {نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الحجر: 49].
وقوله: {يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ} [الزمر: 16].
وعلى هذا الوجه فالمعنى: أسأل الله تعالى من كل خير سأله إياه عبد صالح أو نبي، والعياذ من كل شر عاذ منه نبي أو عبد صالح؛ فافهم!
*
فائِدَةٌ خامِسَةٌ:
روى الإمام أحمد في "الزهد" عن عطاء بن يسار رحمه الله تعالى - مرسلاً - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قالَ نُوحٌ عليه الصلاة والسلام لابنه: يا بُني! إِنِّي مُوْصِيكَ بِوَصِيَّهٍ، وَقاصِرُها عَلَيْكَ حَتَّى لا تَنْساها؛ أُوْصِيكَ بِاثْنتَيْنِ، وَأَنْهاكَ عَنِ اثْنتَيْنِ.
فَأَمَّا اللَّتانِ أُوْصِيكَ بِهِما فَإِنِّي رَأَيْتُهُما يُكْثِرانِ الوُلُوجَ عَلى اللهِ عز وجل، وَرَأَيْتُ اللهَ عز وجل يَسْتَبْشِرُ بِهِما وَصالِحُ خَلْقِهِ؛ قَوْلُ: سُبْحانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ؛ فَإِنهَّا صَلاةُ الْخَلْقِ، وَبِها يُرْزَقُ الْخَلْقُ، وَقَوْلُ: لا إِلهَ إِلَاّ اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ؛ فَإِنَّ السَّمواتِ وَالأَرَضِينَ لَوْ كُنَّ حَلقةً لَقَصَمَتْها، وَلَوْ كُنَّ فِي كِفَّةٍ لَرَجَحَتْ بِهِنَّ.
وَأَمَّا اللَّتانِ أَنْهاكَ عَنْهُما فَالشِّرْكُ وَالْكِبْرُ؛ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَلْقَى اللهَ وَلَيْسَ فِي قَلْبِكَ شَيْءٌ مِنَ شِرْكٍ أَوْ كِبْرٍ فَافْعَلْ" (1).
(1) رواه الإمام أحمد في "الزهد"(ص: 51).
قوله "وَرَأَيْتُ اللهَ يَسْتَبْشِرُ بِهِما"؛ أي: يرضى بهما هو وصالح خَلقِه.
ومعنى استبشار صالح الخلق بهما، أنهم إذا أُلهموها سُرُّوا بها، واستبشروا بثوابها لثقلها في الميزان كما في حديث "الصحيحين"(1)، أو لاشتمالها على التنزه والشكر؛ فالتنزيه ثوابه طهارة نفس المنزه وتقديسها، والشكر ثوابه مزيد النعمة، فاستبشارهم بذلك.
وروى الإمام أحمد، وابن ماجه - وحسنه ابن حجر في "أماليه" - عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنَ الَّذِينَ إِذا أَحْسَنُوا اسْتَبْشَروا، وإِذا أَساؤُوا اسْتَغْفَروا"(2).
* * *
(1) روى البخاري (6304)، ومسلم (2694) عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان إلى الرحمن؛ سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم".
(2)
رواه الإمام أحمد في "المسند"(6/ 129)، وابن ماجه (3820).