الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفي "حلية أبي نعيم" عن الوليد بن عتبة قال: قلت لأبي صفوان بن عوانة: لأي شيء يحب الرجل أخاه؟ قال: لأنه رآه يحسن خدمة مولاه (1).
قلت: وهذا يدل على أن محبة الأخ في الله راجعة إلى محبة الله، ولذلك كان له بها هذا المقام العظيم، فلو تحاب اثنان في غير ذات الله، ولا إطاعته، لم يكونا من هذا القبيل، بل قد يكون تحابهما وبالاً، كما قال تعالى:{الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ} [الزخرف: 67]؛ وهم أهل التحاب، والتخالل في الله تعالى.
وقال مسلم بن يَسَار رحمه الله تعالى: ما شيء من عمل إلا وأنا أخاف أن يكون دخله ما أفسده عليَّ؛ ليس الحبَّ في الله (2).
وقال: مرضت مَرْضَةً فلم يكن في عملي شيء أوثق في نفسي من قوم كنت أحبهم في الله. رواهما أبو نعيم (3).
*
تنبِيْهٌ:
محل الحب في الله أهل طاعته وخدمته، والعمل بشريعة النبي صلى الله عليه وسلم وسنته، ومحل البغض في الله أهل معصيته ومخالفته، والإعراض عنه، ومخالفة الشرع والسنة.
(1) رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء"(10/ 8).
(2)
رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء"(2/ 293).
(3)
رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء"(2/ 293).
وقد يكون البغض في الله على ترك ما هو الأولى، وفعل المكروه زجراً عنه، وحملاً للنفس على شدة البغض للمعاصي ببغض من يفعل المكروه.
روى ابن أبي شيبة عن يحيى البَكَّاء قال: كنت آخذاً بيد ابن عمر رضي الله تعالى عنهما وهو يطوف بالكعبة، فلقيه رجل من مؤذني الكعبة، فقال: إني لأحبك في الله، فقال ابن عمر: إني لأبغضك في الله؛ إنك تحبس صوتك لأخذ الدَّراهم (1).
وروى عبد الرزاق عنه قال: رأيت ابن عمر يسعى بين الصَّفا والمروة - ومعه ناس - فجاءه رجل طويل اللحية، فقال: يا أبا عبد الرحمن! إني لأحبك في الله، فقال: إني لأبغضك في الله، فغضب الرجل، وقال لأصحابه: ألا تعجبون؟ قلت: إني لأحبك في الله، فقال لي: إني لأبغضك في الله؟ فكأن أصحاب ابن عمر لاموه، وكلموه، فقال: إنه يبغي (2) في أذانه (3)، ويأخذ عليه أجراً (4).
وعن الضَّحَّاك بن قيس رضي الله تعالى عنه: أن رجلًا قال له: إني
(1) رواه ابن أبي شيبة في "المصنف"(2372).
(2)
في "أ": "يتغنى".
(3)
يبغي في أذانه: أصل البغي: مجاوزة الحد، أراد التطريب فيه والتمديد من تجاوز الحد. انظر:"النهاية في غريب الحديث" لابن الأثير (1/ 144).
(4)
رواه عبد الرزاق في "المصنف"(1852).