الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفسر الأكثرون الفلاح بالمكث في الخير، والإقامة في الخير والخلود، فيكون مخصوصا بالآخرة.
قال الله تعالى: {وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [البقرة: 5].
وقال الله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} [المؤمنون: 1].
وذكر في الآيتين أوصاف الصالحين.
وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الحج: 77].
قال تعالى: {فَأَمَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَعَسَى أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ} [القصص: 67].
وقد سبق الكلام في الفلاح.
*
تَنْبِيْهٌ لَطِيْفٌ:
روى الدينوري عن العتابي قال: مررت بدير، فإذا راهب ينادي، فرفعت رأسي إليه، فقال لي: ويحك! هب أن المسيء قد عفي عنه، أليس قد فاته ثواب الصالحين؟ (1)
قلت: وفي كتاب الله {وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَلَا الْمُسِيءُ قَلِيلًا مَا تَتَذَكَّرُونَ} [غافر: 58].
وقال تعالى: {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ
(1) رواه الدينوري في "المجالسة وجواهر العلم"(ص: 74).
كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} [الجاثية: 21].
وفي هذه الآية اعتبار عظيم، وتفرقة ظاهرة بين الفريقين، ومن عمل عمل المجترحين، وأراد ثواب الصالحين، فهو في حمق مبين.
وقال مسروق: قرأ تميم الدَّاري سورة الجاثية، فلما أتى على هذه الآية:{أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ} [الجاثية: 21]، الآية، لم يزل يكررها، ويبكي حتى أصبح. رواه ابن المبارك، وابن أبي شيبة، والطبراني، وآخرون (1).
(1) رواه ابن المبارك في "الزهد"(1/ 31)، والطبراني في "المعجم الكبير"(1250).