الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فسلم على أبي، فأحفل أبي بالمسألة به، وقال: من أين أقبلت؟ فقال: فكرت في هذا العسكر ليلاً، فغدوت عليهم، فقلت:[من مجزوء الكامل]
وَعَظَتْكَ أَجْداثٌ صُمُتْ
…
وَبَكَتْكَ سَاكِتَةٌ خُفُتْ
وَتَكَلَّمَتْ عَنْ أَعْظُمٍ
…
تَبْلَىْ وَعَنْ صُوَرٍ سُبُتْ
وَأَرتَكَ قَبْرَكَ فِيْ الْقُبُوْ
…
رِ وَأَنْتَ حَيٌّ لَمْ تَمُتْ
ثم ولى غير بعيد، ثم أقبل فقال:
وَلَرُبَّمَا انْصَرَفَ الشِّمَا
…
تُ فَحَلَّ بِالْقَوْمِ الشُّمُتْ
وهذا الشيخ هو أبو العتاهية، والأبيات معروفة له (1).
73 - ومنها: قيام الليل، والتهجد، وهو الصلاة بعد رقدة كما في الحديث:
قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا} [المزمل: 1 - 2].
وقال تعالى: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا} [السجدة: 16].
وروى الإمام أحمد، ومسلم عن جابر رضي الله تعالى عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"إِنَّ فِيْ اللَّيْلِ ساعَةً لا يُوَافِقُهَا عَبدٌ مُسْلِمٌ يَسْأَلُ اللهَ فِيْهَا خَيْراً إِلَاّ أَعْطاهُ إِيَّاهُ، وَذَلِكَ كُلَّ لَيْلَةٍ"(2).
(1) وانظر: "المجالسة وجواهر العلم" للدينوري (ص: 38).
(2)
رواه الإمام أحمد في "المسند"(3/ 348)، ومسلم (757).
وروى الإمام أحمد عن بلال رضي الله تعالى عنه، والترمذي، والحاكم، والبيهقي عنه، وعن أبي أمامة رضي الله عنه، وابن السني عن جابر رضي الله تعالى عنه، والطبراني في "الكبير" عن سلمان الفارسي رضي الله تعالى عنه، وابن عساكر عن أبي الدَّرداء رضي الله تعالى عنه قالوا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عَلَيْكُمْ بِقِيَامِ اللَّيْلِ؛ فَإِنَّهُ دَأْبُ الصَّالِحِيْنَ قَبْلَكُمْ، وَقُرْبَةٌ إِلَىْ اللهِ، وَمَنْهَاةٌ عَنِ الإِثْمِ، وَتَكْفِيْرٌ لِلسَّيِّاتِ، وَمَطْرَدَةٌ لِلدَّاءِ عَنِ الْجَسَدِ"(1).
وروى ابن أبي الدنيا عن إسماعيل بن مسلم قال: قيل للحسن رحمه الله تعالى: ما بال المتهجدين من أحسن الناس وجوهاً؟ قال: لأنهم خلوا بالرحمن فألبسهم من نوره نوراً (2).
(1) رواه الترمذي (3549) وقال: هذا حديث غريب لا نعرفه من حديث بلال إلا من هذا الوجه من قبل إسناده، قال: سمعت محمد بن إسماعيل يقول: محمد القرشي، هو محمد بن سعيد الشامِي، وهو ابن أبي قيس، وهو محمد ابن حسان، وقد ترك حديثه. ورواه البيهقي في "شعب الإيمان"(3087) عن بلال رضي الله تعالى عنه، والترمذي (3549) وقال: هذا أصح من حديث أبي إدريس عن بلال.
والحاكم في "المستدرك"(1156)، والبيهقي في "شعب الإيمان"(3088) عن أبي أمامة رضي الله عنه. والطبراني في "المعجم الكبير"(6154) عن سلمان الفارسي.
(2)
رواه ابن أبي الدنيا في "التهجد وقيام الليل"(ص: 342)، والدينوري في "المجالسة وجواهر العلم" (ص: 28).
وعن أبي سعيد، وأبي هريرة رضي الله تعالى عنهما قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنِ اسْتَيْقَظَ مِنَ اللَّيْلِ، وَأَيْقَظَ امْرَأتهُ، فَصَلَّيَا رَكْعَتَيْنِ جَمِيْعاً، كُتِبَا مِنَ الذَّاكِرِيْنَ اللهَ كَثِيْراً، وَالذَّاكِرَاتِ"(1).
وعن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه قال: بحسب الرجل من الخيبة - أو قال: من الشر - أن يبيت ليلة لا يذكر الله حتَّى يصبح، فيصبح وقد بال الشيطان في أذنه (2).
وروى الإمام أحمد، وابن حبان (3)، والبيهقي عن أبي مالك الأشعري رضي الله تعالى عنه، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم: أنه قال: "إِنَّ فِيْ الْجَنَّةِ غُرَفاً، يُرَىْ ظاهِرُها مِنْ باطِنِها، وَباطِنُها مِنْ ظاهِرِها، أَعَدَّها اللهُ تَعالَى لِمَنْ أَطْعَمَ الطَّعامَ، وَأَلانَ الْكلامَ، وَتابَعَ الصِّيَامَ، وَصَلَّىْ بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيامٌ"(4).
وأنشد أبو سعيد في "الحدائق" لبعضهم: [من المنسرح]
طُوْبَىْ لِعَبْدٍ بِعَيْشِهِ قَنِعَا
…
فَالْتَحَفَ الزُّهْدَ وَارْتَدَى الْوَرَعا
(1) رواه أبو داود (1451)، والنسائي في "السنن الكبرى"(1310)، وابن ماجه (1335). وصحح النووي إسناده في "خلاصة الأحكام"(1/ 587).
(2)
رواه ابن أبي الدنيا في "التهجد وقيام الليل"(ص: 435).
(3)
في "م" و"أ": "أبو حيان".
(4)
رواه الإمام أحمد في "المسند"(5/ 343)، وابن حبان في "صحيحه"(509)، والبيهقي في "شعب الإيمان" (3090). قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (3/ 192): رواه أحمد ورجاله ثقات، ولهذا الحديث طرق.