الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أبي واقد الليثي رضي الله تعالى عنه قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل حنين، فمررنا بسدرة، فقلت: يا رسول الله! اجعل لنا هذه ذات أنواط كما للكفار ذات أنواط، قال: وكان الكفار ينوطون سلاحهم بسدرة، ويعكفون حولها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"اللهُ أَكْبَرُ! هَذَا كَمَا قالَ بَنُوْ إِسْرائِيْلَ لِمُوْسَىْ {اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ} [الأعراف: 138]، " قال: "إَنَّكُمْ تَرْكَبُوْنَ سَنَنَ الَّذِيْنَ مِنْ قَبْلِكُمْ"(1).
قلت: لو علمت العامة أن ما يفعلونه من ذلك في شجرة أم عياش في طريق الحج وغيرها هذا أصله، وكانوا ممن ينتفع بعقله، لتركوا ذلك توبةً، لكنهم قوم يجهلون، ولا يحصل لهم من العلماء من ينهاهم عما يصنعون؛ فإنا لله وإنا إليه راجعون (2).
وبقي هنا فوائد، ولطائف، ومسائل، ومعارف هي متممة لهذا الباب.
*
فائِدَةٌ:
ينبغي لمن طلب شيئاً من الله تعالى من ولد، أو زوجة، أو مال،
(1) ورواه الإمام أحمد في "المسند"(5/ 218)، والنسائي في "السنن الكبرى"(11185)، وكذا رواه الترمذي (2180) وقال: حسن صحيح.
(2)
ثمة كلمات غير واضحات في النسخة الخطية المرموز لها بـ "أ" بعد قوله: "راجعون"، ويظهر لي أنها هكذا:"انتهى الجزء الأول"، ويتلوه في الثاني. . .".
ثم جاء في الهامش: "بلغ مقابلة من أوله إلى آخره".
أو عطية، أو دار أن يسأل الله أن يكون صالحاً مباركاً لا فتنة فيه، ويسأل الله تعالى العافية فيه؛ ألا ترى أن إبراهيم الخليل عليه السلام لما طلب الولد طلبه صالحا، فقال الله تعالى حكاية عنه:{رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ} [الصافات: 100]؛ أي: ولداً من الصالحين.
وقال تعالى حكاية عن زكريا عليه السلام: {فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا (5) يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا} [مريم: 5 - 6].
قال السُّدي في قوله {ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً} [آل عمران: 38]: يقول: مباركة. رواه ابن أبي حاتم (1).
وأخرج عن محمد بن كعب رضي الله عنه قال: قال داود عليه السلام: يا رب! هب لي ابناً، فولد له ابنٌ خرج عليه، فبعث إليه داود جيشاً، فقال: إن أخذتموه سليماً فابعثوا إليَّ رجلاً أعرف السرور [أو قال: البِشْر] في وجهه، وإن قتلتموه فابعثوا إليَّ رجلاً أعرف الشر في وجهه.
فقتلوه، فبعثوا رجلاً أسودَ، فلما رآه علم أنه قتل، فقال: رب! سألتك أن تهب لي ابناً، فوهبت لي ابناً فخرج عليَّ!
(1) انظر: "الدر المنثور" للسيوطي (5/ 481).
قال: إنك لم تَستثْنِ.
قال محمد بن كعب: لم يقل بهما قال زكريا: {وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا} [مريم: 6](1).
وقال الله تعالى حكاية عن سليمان عليه السلام: {قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} [ص: 35].
طلب المغفرة قبل الملك، ومن لوازم المغفرة حصول العافية في الملك.
وقال البخاري: باب: الدعاء بكثرة المال (2) مع البركة (3).
ثم قال: باب: الدعاء بكثرة الولد مع البركة (4).
ثم روى في البابين حديث أنس رضي الله عنه عن أم سُليم رضي الله تعالى عنها - وهي أم أنس - أنها قالت: يا رسول الله! أَنَسُ خادمك؛ ادع الله له، فقال:"اللَّهُمَّ أَكْثِرْ مالَهُ وَوَلَدَهُ، وَبارِكْ لَهُ فِيما أَعْطَيْتَهُ "(5).
أين هذا من دعاء أهل الغفلة وسؤالهم شيئاً مما ذكر من غير تعرض لسؤال الله تعالى العافية فيه والبركة.
(1) انظر: "الدر المنثور" للسيوطي (5/ 481).
(2)
في "صحيح البخاري " زيادة: "والولد".
(3)
انظر: "صحيح البخاري"(5/ 2344).
(4)
انظر: "صحيح البخاري"(5/ 2345).
(5)
رواه البخاري (6017)، وكذا مسلم (2480).