الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وروى الإمام أحمد، وأبو داود، وغيرهما عن عائشة رضي الله تعالى عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يَا عَائِشَةُ! عَلَيْكِ بِتَقْوَىْ اللهِ وَالرِّفْقِ؛ فَإِنَّ الرِّفْقَ لَمْ يَكُنْ فِيْ شَيْءٍ قَط إِلَّا زانَهُ، وَلا نُزِعَ قَطُّ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا شَانَهُ"(1).
7 - ومنها: الأناة، والتُّؤَدَةُ:
كما في حديث الأشج السَّابق في الحلم.
وروى البخاري في "الأدب المفرد"، والطَّبراني عن هود العصري، عن جده -واسمه: مزيدة العبدي كما في "صحيح البخاري"(2) - قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث أصحابه إذ قال لهم: "إِنَّهُ سَيَطْلُعُ عَلَيْكُمْ فِيْ هَذَا الْوَجْهِ رَكْبٌ هُمْ خَيْرُ أَهْلِ الْمَشْرِقِ"، فقام عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه فتوجه في ذلك الوجه، فلقي ثلاثة عشر راكبًا، فرحب وقرب، وقال: من القوم؟ قالوا: نفر من عبد القيس، قال: فما أقدمكم هذه البلاد؟ لتجارة؟ قالوا: لا، قال: فتبيعون سيوفكم هذه؟ قالوا: لا، قال: فلعلكم إنما قدمتم في طلب هذا الرجل؟ قالوا: أجل، فمشى يحدثهم حتى إذا نظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: هذا صاحبكم الذي تطلبون، فرمى القوم بأنفسهم عن رحالهم، فمنهم من سعى، ومنهم من هرول، ومنهم من مشى حتى أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقعدوا إليه، وبقي
(1) رواه الإمام أحمد في "المسند"(6/ 58)، وأبو داود (4808)، ورواه مسلم (2594) مختصرًا.
(2)
لم أجده في "صحيح البخاري"، وهو في "الأدب المفرد" له (587).
الأشج -وهو أصغر القوم -، فأناخ الإبل، وعقلها، وجمع متاع القوم، ثم أقبل يمشي على تُؤَدَةٍ حتى أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فأخذ بيده، فقبلها، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:"فِيْكَ خَصْلَتَانِ يُحِبُّهُمَا اللهُ وَرَسُوْلُهُ"، قال: ما هما يا رسول الله؟ قال: "الأَنَاةُ وَالتُّؤَدَةُ"، فقال: يا نبي الله! أَجَبْلٌ جُبِلْتُ عليه، أو خُلُقٌ مني؟ قال:"بَلْ جَبْلٌ جُبِلْتَ عَلَيْهِ"، فقال: الحمد لله الذي جبلني على ما يحب الله ورسوله.
وأقبل القوم على تمرات لهم يأكلونها، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يحدثهم، يسمي لهم هذا كذا، وهذا كذا، قالوا: أجل يا رسول الله! ما نحن أعلم بأسمائها منك، فقال:"أَجَلْ"، فقالوا لرجل منهم: أطعمنا من القوت الذي بقي في نوطك، فأتاهم بالبَرني، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"هَذَا الْبَرْنِيُّ أَمَا إِنَّهُ مِنْ خَيْرِ تَمْرِكُمْ، دَواءٌ لا داءَ فِيْهِ"(1).
قلت: التُّؤَدَةُ -بضم المثناة وفتح الهمزة بعدها- التأني، وهو الأناة؛ كذا فسره في "النهاية"، وغيرها من كتب اللغة (2).
ولكن هذا الحديث يدل أن بينهما فرقًا؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم جعلهما خصلتين، ولعل الثاني يرجع إلى صفة القلب، فكأنه يعني الصبر، وترك
(1) رواه البخاري في "الأدب المفرد"(587) مختصرًا، والطَّبراني في "المعجم الكبير" (20/ 345) واللفظ له. قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (9/ 388): رواه الطبراني وأبو يعلى ورجالهما ثقات، وفي بعضهم خلاف.
(2)
انظر: "النهاية في غريب الحديث" لابن الأثير (1/ 178)، و"لسان العرب" لابن منظور (3/ 75) (مادة: أود).