الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل في العاشر
هو من نصَبه الإمامُ على الطريق ليأخذ الصدقات من التجّار مما يمرّون به عليه عند استجماع شرائط الوجوب، ويأمنُ التجارُ بمقامه شرّ اللصوص
(1)
.
فيأخذ من المسلم ربع العُشر، ومن الذمّي نصفه، ومن الحربيّ العشر.
فإن علمنا أنّهم يأخذون منّا أقلَّ أو أكثر أخذنا منهم مثله.
والأصلُ فيه ما روي أن عمر رضي الله عنه لما نصَب العُشّار قال لهم: "خذوا مما يمُرُّ به المسلم ربع العُشر، وممّا يمُرُّ به الذميُّ نصفَه، قالوا: "فمِن الحربيّ"؟ قال: "مثل ما يأخذون منّا، فإن أغناكم فالعُشر"
(2)
، وذلك بمحضرٍ من الصحابة من غير نكير
(3)
.
وإن لم يأخذوا منّا لم نأخذ منهم؛ لأنّا أحقُّ بالمسامحة، ومكارم الأخلاق
(4)
.
وإن أخذوا الكلَّ أخذنا، إلا قدْر ما يُوصله إلى مأمنه
(5)
.
(1)
يُنظر: المبسوط 2/ 199، الهداية 1/ 104، الاختيار 2/ 310، كنز الدقائق ص 211، التعريفات الفقهية ص 141.
(2)
رواه عبد الرزاق في مصنفه، [كتاب الزكاة، باب صدقة العين](4/ 88:برقم 7072) عن أنس بن سيرين قال: بعثني أنس بن مالك على الأيلة قال: "قلت: بعثتني على شر عملك"، قال: فأخرج لي كتاباً من عمر بن الخطاب: "خذ من المسلمين من كل أربعين درهما درهما، ومن أهل الذمة من كل عشرين درهما درهما، وممن لا ذمة له من كل عشرة دراهم درهما". قال الهيثمي: "رواه جماعة ثقات; فوقفوه على عمر بن الخطاب"، وصححه العيني. يُنظر في الحكم على الحديث: نصب الراية 2/ 379، مجمع الزوائد 3/ 70، نخب الأفكار 8/ 117.
(3)
يُنظر: شرح معاني الآثار 2/ 32، بدائع الصنائع 2/ 39، الاختيار 1/ 115.
(4)
يُنظر: تبيين الحقائق 1/ 285، العناية 2/ 229، درر الحكام 1/ 184، الدر المختار ص 134، الفتاوى الهندية 1/ 184.
(5)
لأنا مأمورون بتبليغه مأمنه؛ لقوله تعالى {كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ} [سورة التوبة، من الآية 6].
يُنظر: المحيط البرهاني 2/ 313، تبيين الحقائق 1/ 285، العناية 2/ 229، درر الحكام 1/ 184، مجمع الأنهر 1/ 209.
وإن أخذوا من القليل أخذنا منهم كذلك
(1)
.
فمن أنكر تمام الحول، أو الفراغ من الدَّين، أو قال:"أدّيت إلى عاشر آخر"، أو "إلى الفقراء" وحلف صُدِّق إذا كان عاشراً آخر، أمّا إذا لم يكن فلا يصدّق؛ لظهور كذبه
(2)
، وكذا في السّوائم إلا في دفعه إلى الفقراء؛ لأنها عبادة خالصة لله تعالى، وهو أمينٌ، والقول قولُ الأمين مع اليمين
(3)
، وكذا إذا قال:"هذا المال ليس لي"، أو "ليس للتجارة" وحلف صُدِّق
(4)
.
ولا يشترط إخراج البراءة على الأصحّ، والمسلمُ والذمّي سواء
(5)
. (خ)
(6)
وإن مرَّ الحربيُّ على عاشرٍ، ثمّ مرَّ مرةً أخرى لم يُعشّره حتى يحول الحول، وإن مرّ بعد الحول عشَّرهُ ثانياً
(7)
.
(1)
بطريق المجازاة لهم على صنيعهم.
يُنظر: المبسوط 2/ 200، المحيط البرهاني 2/ 312، البحر الرائق 2/ 250، النهر الفائق 1/ 447.
(2)
لأنه في الأول ادّعى وضع الأمانة موضعها، بخلاف ما إذا لم يكن عاشر آخر في تلك السنة؛ لأنه ظهر كذبه بيقين.
يُنظر: الهداية 1/ 104، تبيين الحقائق 1/ 283، العناية 2/ 225، درر الحكام 1/ 183، النهر الفائق 1/ 444.
(3)
يُنظر: المبسوط 2/ 161، تبيين الحقائق 1/ 283، غمز عيون البصائر 4/ 266.
(4)
لأن القول للمنكر مع يمينه.
يُنظر: الأصل 2/ 99، المبسوط 2/ 200، المحيط البرهاني 2/ 311، البناية 3/ 391، حاشية ابن عابدين 2/ 313.
(5)
يعني لا يكلف أن يريه مكتوبَ العاشر الآخر الذي ادّعى الأداءَ إليه متضمنٌ لبراءته وأخذه منه؛ لأنّ اليمين كافٍ لصدقه، ولأنّ الخط يشبه الخط فلا يعتبر علامة، والمسلم والذميّ في ذلك سواء، وهذا المصحح هو ظاهر الرواية كما في البدائع، وقدّمه في تحفة الفقهاء، وصحّحه في الكنز، والدرر، والدر المختار.
يُنظر: تحفة الفقهاء 1/ 316، بدائع الصنائع 2/ 37، درر الحكام 1/ 183، البحر الرائق 2/ 249، الدر المختار ص 133.
(6)
الخلاصة في الفتاوى 1/ 244.
(7)
لأن الأخذ في كل مرة استئصال المال وحق الأخذ لحفظه، ولأن حكم الأمان الأول باق، وبعد الحول يتجدد الأمان؛ لأنه لا يمكن من الإقامة إلا حولا، والأخذ بعده لا يستأصل المال.
يُنظر: الهداية 1/ 105، العناية 2/ 229، البناية 3/ 398، الفتاوى الهندية 1/ 184، حاشية ابن عابدين 2/ 315.
وإن عشَّرهُ فرجع إلى دار الحرب، ثم خرج في يومه ذلك عشَّرهُ أيضاً؛ لأنّ العصمة قد انقضت بالرجوع إلى دار الحرب، وبالعود إلينا يثبت عصمة جديدة
(1)
.
ولا يَأخذ من المسلم ثانياً في حولٍ واحدٍ وإن كثر المرور
(2)
.
ولا يُصدّق الحربيُّ إلا في الجواري بقول: "هنَّ أمّهات أولادي"
(3)
. (نه)
* * * *
(1)
يُنظر: المبسوط 2/ 201، تبيين الحقائق 1/ 285، درر الحكام 1/ 184، الفتاوى الهندية 1/ 184.
(2)
لأنّ المأخوذ من المسلم زكاة، ومن شروطها الحول.
يُنظر: تحفة الفقهاء 1/ 315، بدائع الصنائع 2/ 38، الهداية 1/ 104، تبيين الحقائق 1/ 285، النهر الفائق 1/ 446.
(3)
لأن الأخذ منه لمكان الحماية والعصمة لما في يده وقد وجدت فلا يمنع شيء من ذلك من الأخذ وإنما قبل قوله في الاستيلاد والنسب؛ لأن الاستيلاد والنسب كما يثبت في دار الإسلام يثبت في دار الحرب.
يُنظر: بدائع الصنائع 2/ 37، الهداية 1/ 104، تبيين الحقائق 1/ 284، فتح القدير 2/ 227، درر الحكام 1/ 183.