الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل في الإحصار
المحصَر هو: المحرم بالعمرة أو بالحج إذا امتنع عن الوصول إلى البيت بمرضٍ، أو عدوٍّ، كافرٍ، أو مسلم
(1)
.
وحكمه أنّه يبعث بهديٍ واحدٍ، شاةٍ، أو بقرةٍ، أو بدنةٍ، وهي أفضل، ويجوز فيها ما يجوز في الأضحية
(2)
.
وإن كان قارناً يبعث بهديين
(3)
، ويواعدهم أن ينحروا عنه في الحرم يوم النّحر، فإذا نحر حلّ له كل شيءٍ
(4)
.
وهذا الدم مؤقتٌ بالحرم
(5)
.
وليس على المحصر حلقٌ ولا تقصير
(6)
.
(1)
لقوله تعالى: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ} [سورة البقرة، من الآية (196)].
قال الكاساني: "والإحصار هو المنع، والمنع كما يكون من العدو يكون من المرض وغيره، والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب".
يُنظر: أحكام القرآن للجصاص 1/ 325، التجريد 4/ 2150، بدائع الصنائع 2/ 175، الهداية 1/ 175، الاختيار 1/ 168.
(2)
دليل وجوب الهدي على المحصر قوله تعالى: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ} [سورة البقرة، من الآية (196)].
يُنظر: المبسوط 4/ 107، بدائع الصنائع 2/ 175، الهداية 1/ 175، الاختيار 1/ 168، الجوهرة النيرة 1/ 178.
(3)
يُنظر: الصفحة رقم 1157 من هذا البحث.
(4)
يعني يجب على المحصر أن يبعث الهدي، فيذبح عنه ويجب أن يواعدهم يوماً معلوماً يذبح فيه؛ فيحل بعد الذبح، ولا يحل قبله، فلا يفعل شيئا من محظورات الإحرام حتى يكون اليوم الذي واعدهم فيه، ويعلم أن هديه قد ذبح، لقوله تعالى:{وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ} . [سورة البقرة، من الآية (196)].
يُنظر: بدائع الصنائع 2/ 178، الهداية 1/ 177، العناية 3/ 132، الجوهرة النيرة 1/ 178، البناية 4/ 453.
(5)
لأن الهدي اسم لما يهدى إلى مكان، ولا مكان له غير الحرم فتعين له.
يُنظر: الهداية 1/ 176، تبيين الحقائق 2/ 90، الجوهرة النيرة 1/ 181، البناية 4/ 447، البحر الرائق 3/ 77.
(6)
لأن الحلق إنما يكون نسكاً بعد أداء الأفعال، فأما قبل أداء الأفعال فهو جنايةٌ، فإذا تحقق عجزه عن ترتيب الحلق على سائر الأفعال لا يلزمه أن يأتي به، وإنما تحلله بالهدي.
يُنظر: شرح مختصر الطحاوي للجصاص 2/ 577، التجريد 4/ 2148، المبسوط 4/ 71، بدائع الصنائع 2/ 180.
ثم إن كان محرماً بعمرة عليه قضاء العمرة إذا قدر، وإن كان محرماً بحجةٍ عليه حجةٌ وعمرةٌ، أما الحجّ؛ فلأنّه شرع فيه وعليه أداؤه، وأما العمرة؛ فلأنه لمّا عجز عن الحج بعد الشروع صار كفائت الحج، وفائتُ الحج يلزمه العمرة؛ فكان عليه قضاء العمرة
(1)
.
إذا بعث المحصر بالهدي إن شاء أقام في مكانه وإن شاء رجع
(2)
.
ويجوز ذبح هدي الإحصار قبل يوم النّحر في العمرة والحجّ
(3)
.
المحصر إذا لم يجد الهدي فهو محرمٌ إلى أن يجد، أو يطوف ويسعى بين الصّفا والمروة
(4)
.
ولا يكون الحاجّ بعد الوقوف بعرفة محصراً
(5)
، ولا يكون محصراً في الحرم إذا أمكنه الطواف بالبيت
(6)
.
(1)
يُنظر: المبسوط 4/ 107، بدائع الصنائع 2/ 182، الهداية 1/ 176، الاختيار 1/ 169، تبيين الحقائق 2/ 79.
(2)
لأنّه لما صار ممنوعاً من الذهاب لأداء النسك يخير بين المقام والانصراف.
يُنظر: المبسوط 4/ 107، العناية 3/ 126، البناية 4/ 447، البحر الرائق 2/ 59، الشُّرنبلاليّة 1/ 258.
(3)
لأنّه دم كفارة، حتى لا يجوز الأكل منه فيختص بالمكان دون الزمان كسائر دماء الكفارات، بخلاف دم المتعة والقران؛ لأنه دم نسك.
يُنظر: شرح مختصر الطحاوي للجصاص 2/ 577، المبسوط 4/ 76، الهداية 1/ 176، الاختيار 1/ 169، البناية 4/ 450.
(4)
يعني لو عجز عن الذبح لا يتحلل بالصوم ويبقى محرما حتى يذبح عنه أو يزول المانع فيأتي مكة ويتحلل بأفعال العمرة؛ لأن الله نهى الله عن حلق الرأس ممدوداً إلى غاية ذبح الهدي، والحكم الممدود إلى غاية لا ينتهي قبل وجود الغاية، فيقتضي أن لا يتحلّل ما لم يذبح الهدي، سواء صام، أو أطعم، أو لا.
يُنظر: بدائع الصنائع 2/ 180، الاختيار 1/ 169، البناية 4/ 437، حاشية الشّلبي على التبيين 2/ 77، الشُّرنبلاليّة 1/ 258.
(5)
لأن حكم الإحصار إنما يثبت عند خوف الفوت، وبعد الوقوف بعرفة لا يخاف الفوت فلا يكون محصراً.
يُنظر: المبسوط 4/ 114، الهداية 1/ 177، العناية 3/ 134، البناية 4/ 455، الفتاوى الهندية 1/ 256.
(6)
لأنه تعذر عليهم الوصول إلى الأفعال فكانوا محصرين كما لو كانوا في الحلّ، وهذا هو القول الأول عند الحنفية فيمن أحصر في الحرم، وهو المصحّح في البدائع، والهداية، التبيين.
يُنظر: بدائع الصنائع 2/ 177، الهداية 1/ 177، تبيين الحقائق 2/ 81، العناية 3/ 134، البناية 4/ 455.
ولو أُحصر بعد الوقوف حتى مضت أيام التشريق كان عليه دمٌ لترك الوقوف بالمزدلفة، ودمٌ لترك الرمي، ويطوف طواف الزيارة، وعليه دمٌ [لتأخيره، ودمٌ]
(1)
لتأخير الحلق
(2)
.
وليس على أهل مكة حكم الإحصار اليوم؛ لأّنها دار الإسلام
(3)
.
فإذا بعث الهدي، ثمّ زال الإحصار إن أمكنه أن يدرك الهدي والحجّ جميعاً لزمه المضيّ في الحج، والتوجه جميعاً
(4)
.
ولو قدر على أن يدرك الهدي دون الحج لا يلزمه المضي في الحج
(5)
.
وإن قدر على إدراك الحج دون الهدي لا يلزمه المضي
(6)
.
ولو كان الإحصار بالمرض فزال المرض، فهو والأوّل سواء
(7)
.
ولو سُرقت نفقة الحاج، إن قدِر على المشي لا يكون مُحصراً، وإلا يكون مُحصراً
(8)
.
(1)
ساقطة من (ج).
(2)
لترك الواجب، وطواف الزيارة ركن لا يُسقطه الدم.
يُنظر: بدائع الصنائع 2/ 176، تبيين الحقائق 2/ 81، البحر الرائق 3/ 60، الفتاوى الهندية 1/ 256.
(3)
وهذا هو القول الثاني عند الحنفية فيمن أحصر في الحرم، وهو رواية عن أبي حنيفة؛ لما علل به المؤلف.
يُنظر: المبسوط 4/ 114، بدائع الصنائع 2/ 177، المحيط البرهاني 2/ 473، الاختيار 1/ 170.
(4)
لزوال العجز قبل حصول المقصود بالبدل.
يُنظر: المبسوط 4/ 110، بدائع الصنائع 2/ 183، الهداية 1/ 177، الاختيار 1/ 169، تبيين الحقائق 2/ 80.
(5)
لعدم الفائدة في إدراك الهدي دون إدراك الحج، إذ الذهاب لأجل إدراك الحج، فإذا كان لا يدرك الحج فلا فائدة في الذهاب، فكانت قدرته على إدراك الهدي والعدم بمنزلة واحد.
يُنظر: المبسوط 4/ 110، بدائع الصنائع 2/ 183، الهداية 1/ 177، الاختيار 1/ 169، الجوهرة النيرة 1/ 179.
(6)
لأنه لو توجه ضاع ماله فإن الهدي ملكه جعله لمقصود، وهو التحلل فإن كان لا يدركه، ولا يتحلل به يضيع ماله، وحرمة المال كحرمة النفس فكما كان الخوف على نفسه عذرا له في التحلل فكذلك الخوف على ماله.
يُنظر: المبسوط 4/ 110، بدائع الصنائع 2/ 183، الهداية 1/ 177، الاختيار 1/ 169، البحر الرائق 3/ 60.
(7)
يعني فهو والإحصار بالعدو سواء، وقد مرّ هذا أول الفصل.
(8)
إن كان لا يقدر على المشي فهو محصر؛ لأنه منع من المضي في موجب الإحرام فكان محصرا كما لو منعه المرض، وإن كان يقدر، فليس بمحصر؛ لأنه قادر على المضي في موجب الإحرام فلا يجوز له التحلل، ويجب عليه المشي.
يُنظر: المبسوط 4/ 109، بدائع الصنائع 2/ 176، الجوهرة النيرة 1/ 178، البحر الرائق 3/ 58، مجمع الأنهر 1/ 305.
ويجوز أن يلزمه الحج ماشياً وإن كان لا يلزمه ابتداءً كالفقير إذا شرع في الحج التطوّع يلزمه الإتمام
(1)
.
القارن إذا أُحصر فبعث بهديٍ واحدٍ للتحلّل عن الإحرامين فلا يصح، ولا يتحلّل به، لأنّ أوان الخروج عن الإحرامين في حقّه واحدٌ، وبالهدي الواحد لا يتحلّل عنهما
(2)
.
وإن بعث بهديين لا يحتاج إلى أن يعيّن هذا للعمرة، وهذا للحج
(3)
.
المرأة إذا أحرمت بالحج تطوعاً فمنعها زوجها فهي محصرة
(4)
، وللزوج أن يحلّلها بما هو من محظورات الإحرام، ولا يثبت التحليل بقول الزوج حلّلتك
(5)
.
ولو أحرمت بحجّة الإسلام وليس لها محرمٌ فهي محصرةٌ، ولا تتحلّل هنا إلا بالهدي
(6)
.
(1)
هذا تفريعٌ على المسألة السابقة.
(2)
يُنظر: المبسوط 4/ 109، تحفة الفقهاء 1/ 414، بدائع الصنائع 2/ 180، المحيط البرهاني 2/ 472، البناية 4/ 437.
(3)
لأن الموجب لهما واحد، فلا يشترط فيه تعيين النية كقضاء يومين من رمضان.
يُنظر: المبسوط 4/ 109، بدائع الصنائع 2/ 179، الفتاوى الهندية 1/ 255، حاشية ابن عابدين 2/ 591.
(4)
لأن للزوج أن يمنعها من حجة التطوع كما أن له أن يمنعها عن صوم التطوع؛ فصارت ممنوعة شرعا بمنع الزوج؛ فصارت محصرة كالممنوع حقيقةً بالعدو وغيره.
يُنظر: بدائع الصنائع 2/ 176، المحيط البرهاني 2/ 471، البناية 4/ 441، الشُّرنبلاليّة 1/ 257، حاشية ابن عابدين 2/ 620.
(5)
يعني أنّ للزوج أن يحللها بأن يقبلها أو يعانقها فتحل للحال، ولا يكفي قوله لها:"حللتك"؛ لأن عقد الإحرام قد صح فلا يصح الخروج إلا بارتكاب محظوره.
يُنظر: المبسوط 4/ 112، تحفة الفقهاء 1/ 416، بدائع الصنائع 2/ 182، فتح القدير 2/ 422، الشُّرنبلاليّة 1/ 265.
(6)
أي ليس له أن يحللها من ساعته كما في حج النفل، بل يتأخر تحليله إياها إلى ذبح الهدي؛ لأنها محصرة لحق الشرع في هذا الوجه، بخلاف حج النفل فإنها محصرة لحق الزوج.
يُنظر: المحيط البرهاني 2/ 471، البناية 4/ 441، فتح القدير 3/ 176، الشُّرنبلاليّة 1/ 257، حاشية ابن عابدين 2/ 620.
وإذا أحرم العبدُ، أو الأمةُ، بغير إذن المولى فللمولى أن يحلّلها بغير هديٍ
(1)
، ويجب القضاء بعد العتق
(2)
.
ولو أحرم بإذن المولى لا يجب دم الإحصار على المولى، ويجب على العبد بعد الإعتاق
(3)
.
(ف)
(4)
ودم الإحصار على الآمر حيّاً، وفي ماله ميتا
(5)
.
ودم القران، والجناية على الحاج
(6)
. (هـ)
(7)
* * * *
(1)
لأن العبد متطوع بالحج، وهو لا يملك بذلك من نفسه؛ لأن المولى أملك به.
يُنظر: شرح مختصر الطحاوي للجصاص 2/ 579، تحفة الفقهاء 1/ 416، بدائع الصنائع 2/ 181، البناية 4/ 439.
(2)
يُنظر: الصفحة رقم 1053 من هذا البحث.
(3)
لأنه لو لزم المولى للزمه لحق العبد، ولا يجب للعبد على مولاه حق، فيكون وجوبه على العبد.
يُنظر: تحفة الفقهاء 1/ 416، بدائع الصنائع 2/ 181، البناية 4/ 439، فتح القدير 3/ 75، البحر الرائق 3/ 58.
(4)
فتاوى قاضيخان 1/ 269.
(5)
أي إذا أحصرَ المأمور بالحجّ فدم الإحصارِ يجبُ على الآمر، وفي ماله إن كان ميتاً؛ لأنّه هو الذي أدخله في هذه العهدة، فيلزمه خلاصُه.
يُنظر: الهداية 1/ 179، الاختيار 1/ 171، تبيين الحقائق 2/ 86، العناية 3/ 153، منحة السلوك ص 334.
(6)
يعني على المأمور، أما دم القران فلأنه وجب شكرا لما وفقه الله تعالى من الجمع بين النسكين والمأمور مختص بهذه النعمة؛ لأن حقيقة الفعل منه هذا إذا أذن له الآمر بالقران وإلا فيصير مخالفا فيضمن النفقة، وأما دم الجناية فلأنه الجاني فيجب عليه كفارته.
يُنظر: تبيين الحقائق 2/ 86، العناية 3/ 153، درر الحكام 1/ 261، النهر الفائق 2/ 265، حاشية ابن عابدين 2/ 610.
(7)
الهداية 1/ 179.