الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل في معرفة القبلة
الكعبةُ اسمٌ للعَرْصة
(1)
؛ فإنّ الحيطانَ لو وُضعت في موضعٍ آخر فوَجَّه إليها وصلّى لا يجوز
(2)
. (طح)
(3)
والقبلةُ في حقّ من كان بمكة عينُ الكعبة، فيلزمه التوجُّه إلى عينها
(4)
.
فأمّا من كان خارجاً من مكة فالواجبُ عليه التوجُّه إلى الجهة
(5)
.
وجهةُ الكعبة تُعرف بالدّليل.
والدليلُ بالأمصارِ والقُرى: المحاريبُ التي نصبها الصحابةُ والتابعون رضوان الله عليهم
(6)
.
فحين فتحوا العراقَ جعلوا (قبلةَ أهلها)
(7)
ما بين المشرق والمغرب؛ فإن كان بالعراق جَعَل المغربَ
(1)
العرْصة: البقعة الفارغة التي لا بناء فيها. يُنظر: الصحاح 3/ 1044، النظم المستعذب 2/ 356.
(2)
في البحر الرائق 2/ 245 لابن نُجيم عن بعض فقهاء الحنفية: "الكعبة هي البناء المرتفع، مأخوذ من الارتفاع والنتوء، ومنه الكاعب، فكيف يقال الكعبة هي العرْصة؟ والصواب: القبلة هي العرْصة".
(3)
شرح مختصر الطحاوي للأسبيجابي ص 425، (تحقيق: محمد الغازي).
(4)
لأنه يمكنه إصابة عينها بيقين.
يُنظر: المبسوط 1/ 190، بدائع الصنائع 1/ 118، الهداية 1/ 47، المحيط البرهاني 1/ 284، تبيين الحقائق 1/ 100.
(5)
لأن التكليف بحسب الوسع.
يُنظر: بدائع الصنائع 1/ 118، الهداية 1/ 47، المحيط البرهاني 1/ 284، تبيين الحقائق 1/ 100.
(6)
لاتفاقهم على ذلك، فلا يُلتفت معهم إلى قول غيرهم.
يُنظر: المبسوط 10/ 190، المحيط البرهاني 5/ 413، البناية 2/ 147، البحر الرائق 1/ 300، النهر الفائق 1/ 191.
(7)
في (ج): القبلة لأهلها.
عن يمينه والمشرق عن يساره؛ لقول عمر رضي الله عنه: (إذا جعلت [المغرب]
(1)
عن يمينك والمشرق عن يسارك فما بينهما قبلة لأهل العراق)
(2)
.
وحين فتحوا خُراسان
(3)
جعلوا قبلةَ أهلها ما بين مغربِ الصّيف ومغربِ الشّتاء، فعلينا اتباعهم في استقبال المحاريب المنصوبة
(4)
.
فإن لم يكن: فالسؤالُ عن الأهل
(5)
. (ف)
(6)
والمختارُ
(7)
أنه يَنظر إلى غروب الشّمس في أقصر يوم في الشّتاء، وإلى الغروب في أطول يوم في الصّيف، فيُجعل ثلثي ذلك عن يمينه، والثلث عن يساره، ويصلي بين ذلك
(8)
. (ن)
(9)
(خ)
(10)
ولو صلّى إلى غير القبلةـ متعمداً فوافق ذلك الكعبةَ المختارُ أنّه لا يكفر، ولو صلّى بغير طهارةٍ
(1)
ساقطة من (ب).
(2)
رواه مالك في الموطأ (1/ 196:برقم 8) عن نافع، أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال:«ما بين المشرق والمغرب قبلة إذا تُوُجِّه قِبل البيت» وصله ابن عبد البر، ونقل ابن رجب تصحيحه عن الإمام أحمد بلفظ:"إذا جعلت المغرب عن يمينك والمشرق عن يسارك فما بينهما قبلة". يُنظر: التمهيد 17/ 59، فتح الباري لابن رجب 3/ 61.
(3)
خراسان: بلاد واسعة تشمل كثيراً من الأقاليم والبلدان، منها نيسابور وسرخس وبلخ وسمرقند وغيرها، واليوم تقع جغرافياً ضمن دول: إيران وأوزبكستان وطاجكستان، وقد فُتحت في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعد معركة نهاوند سنة 21 هـ. يُنظر: معجم البلدان 2/ 350، بلدان الخلافة الشرقية لكي لسترنج ص 423.
(4)
يُنظر: المبسوط 10/ 190، المحيط البرهاني 5/ 413، البناية 2/ 147، البحر الرائق 1/ 300.
(5)
يعني أهل ذلك الموضع ولا يتحرى؛ لأن لهم علما بالجهة المبنية على الأمارات فكان فوق الثابت بالتحري.
يُنظر: بدائع الصنائع 1/ 118، المحيط البرهاني 5/ 413، البحر الرائق 1/ 300، حاشية الطحطاوي على المراقي ص 212.
(6)
فتاوى قاضيخان 1/ 69.
(7)
يعني في قبلة أهل خراسان وسمرقند كما في حَلْبة المُجلّي 1/ 608، و منحة الخالق 1/ 301.
(8)
يُنظر: المبسوط 10/ 191، المحيط البرهاني 5/ 413، حَلْبة المُجلّي 1/ 608، منحة الخالق 1/ 301.
(9)
النوازل لأبي الليث السمرقندي ص 169.
(10)
الخلاصة في الفتاوى 1/ 69.
يكفر
(1)
. (خ)
(2)
ولو صلّى إلى غير القبلة متعمداً فهو كافر؛ لأنّه كالمستخفِّ به
(3)
. (ك)
(4)
والصحيح أنه لا يكفر؛ لأنّ تركَ جهةِ الكعبة جائزٌ في الجملة
(5)
.
(ظ)
(6)
و (يُعيّن)
(7)
لكل قومٍ منها مقام، فلأهل الشام الركن الشاميّ، ولأهل المدينة موضع الحطيم
(8)
والميزاب، ولأهل اليمن الركن اليماني
(9)
، ولأهل الهند ما بين الركن اليماني إلى الحجر، ولأهل خراسان والمشرق البابُ ومقامُ إبراهيم
(10)
. (ف)
(11)
(1)
لأن استقبال القبلة يسقط في بعض الأحوال، بخلاف الصلاة بغير طهارة، وما ذكره من التفريق هو أحد الأقوال عند الحنفية، وهو منسوبٌ لأبي علي السُّغدي.
يُنظر: البناية 1/ 520، حَلْبة المُجلّي 1/ 617، البحر الرائق 1/ 151، حاشية ابن عابدين 1/ 81، الفتاوى الهندية 2/ 268.
(2)
الخلاصة في الفتاوى 1/ 72.
(3)
هذا القول مرويٌّ عن أبي حنيفة، واختاره أبو الليث السمرقندي كما نقله عنه المؤلف هنا، وقد صحح ابن أمير حاج وابن نجيم والحصكفي وغيرهم أن الصحيح من المذهب في المسألتين عدم الكفر.
يُنظر: البناية 1/ 520، حَلْبة المُجلّي 1/ 617، البحر الرائق 1/ 151، حاشية ابن عابدين 1/ 8.
(4)
الفتاوى الكبرى للصدر الشهيد، (12/أ).
(5)
وهذا القول عن الظهيرية هو الموافق لما نقله سابقاً عن الخلاصة، لكن في حلبة المجلي 1/ 617: أن القول بعدم الكفر محمولٌ على ما لو فعل ذلك على غير وجه الاستهزاء، وإلا كفر.
يُنظر: حَلْبة المُجلّي 1/ 617، البحر الرائق 1/ 151، حاشية ابن عابدين 1/ 81، الفتاوى الهندية 2/ 268.
(6)
الفتاوى الظهيرية (18/أ).
(7)
في (ج): تعين.
(8)
الحطيم: مشتقٌ من الحطم، وهو الكسر، والمراد هنا: الموضعُ الذي أحيطَ بجدارٍ كنصفِ دائرةٍ، الخارج من الكعبة في جانب الميزابِ، ويسمى الحِجْر أيضاً. يُنظر: مشارق الأنوار 1/ 220، لسان العرب 12/ 140، عمدة الرعاية 3/ 339.
(9)
في (أ): (ولأهل اليمن الركن اليماني إلى الحجر)، والمثبت موافق للمصدر ولنسختي (ب) و (ج).
(10)
هذا التقسيم صدّره السرخسي بقوله: "وقيل"، وعقّبه بقوله:" فإذا انحرف بعد هذا وإن قل انحرافه يصير غير مستقبل للقبلة". يُنظر: المبسوط 10/ 191.
(11)
فتاوى قاضيخان 1/ 69.
وإن كان مريضاً لا يمكنه أن يحوّل وجهَه إلى القبلة ولا يحوله أحدٌ، أو يحوّله ولكن يضرُّه التحويل جازت صلاته من غير التحوُّلِ إلى [جهة]
(1)
الكعبة
(2)
.
ولا يُشترط نيةُ استقبال الكعبة على الأصح
(3)
. (ظ)
(4)
ومن الدّليل على معرفة القبلة السؤالُ ممّن كان من أهل ذلك الموضع؛ لأنّ أهل كل موضع أعرفُ بقبلتهم من غيرهم عادة
(5)
، قال الله تعالى:{فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}
(6)
. (ظ)
(7)
وفي البحار والمفاوز فدليلُ القبلة النجوم؛ لما روي عن عمر رضي الله عنه أنه قال: "تعلّموا من النجوم ما تهتدون به القبلة"
(8)
.
(1)
ساقطة من (ج).
(2)
لأنه ليس في وسعه إلا ذلك.
يُنظر: المبسوط 1/ 216، بدائع الصنائع 1/ 107، المحيط البرهاني 1/ 285، العناية 1/ 271، الفتاوى الهندية 1/ 36.
(3)
لأن استقبالها يغني عن ذلك، وما نقله من تصحيح الظهيرية هو المصحح في المبسوط والبدائع والبناية وفتح القدير والبحر الرائق وغيرها.
يُنظر: المبسوط 1/ 10، بدائع الصنائع 1/ 118، البناية 2/ 144، فتح القدير 1/ 268، البحر الرائق 1/ 291.
(4)
الفتاوى الظهيرية (17/ب).
(5)
يُنظر: بدائع الصنائع 1/ 118، المحيط البرهاني 5/ 413، البحر الرائق 1/ 300، حاشية الطحطاوي على المراقي ص 212.
(6)
سورة النحل، من الآية (43).
(7)
الفتاوى الظهيرية (18/أ).
(8)
أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه، [كتاب الأدب، باب في تعليم النجوم ما قالوا فيها](5/ 240:برقم 25649) بابٌ في تعليم النجوم وما قالوا فيها، من طريق أبي نضرة، عن عمر رضي الله عنه قال:" تعلموا من هذه النجوم ما تهتدون به في ظلمة البر والبحر، ثم أمسكوا". أبو نضرة هذا هو المنذر بن مالك بن قطعة، روى عن صغار الصحابة، توفي سنة 108 هـ، فالظاهر أن حديثه عن عمر مرسل، والأثر عزاه الألباني إلى الديلمي في فردوسه بغير هذا الإسناد وضعّفه. يُنظر: تهذيب الكمال 28/ 508، السلسلة الضعيفة 7/ 417.
وأهلُ الكوفة يجعلون الجَدْي
(1)
خلف القفا في استقبال القبلة
(2)
.
ونحن نجعل الجَدْي خلف الأذن اليمنى
(3)
.
وفي الرَّيّ
(4)
اجعل الجَدْي على منكبك الأيمن
(5)
.
وفيما سوى ذلك من الأمصار
(6)
إذا جعلتَ بنات النَّعش الصُّغرى
(7)
على أذنك اليمنى وانحرفتَ قليلاً إلى شمالك فتلك القبلة
(8)
.
وقيل: إذا جعلت الجدْي خلف أذنك اليمنى فتلك القبلة
(9)
.
(1)
الجَدْيُ: نجمٌ إلى جهة القطب الشمالي تُعرف به القِبلةُ، ويسمى النجم القطبي. يُنظر: الأزمنة والأمكنة لأبي علي المرزوقي ص 546 الصحاح 6/ 2299، لسان العرب 14/ 135، الاستدلال بالنجوم لباصرّة ص 98.
(2)
يُنظر: المبسوط 10/ 191، المحيط البرهاني 5/ 413، البناية 2/ 147، البحر الرائق 1/ 301.
(3)
يعني بلاد بخارى وخراسان ونحوها، وهذا النص بعينه نُقل عن عبد الله بن المبارك، وهو من أهل خراسان.
يُنظر: المحيط البرهاني 5/ 413، البناية 2/ 147، البحر الرائق 1/ 301 ..
(4)
الرّي: إحدى المدن التاريخية الواقعة جنوب طهران عاصمة إيران، فتحت في عهد الخليفة الراشد عمر بن الخطاب سنة 22 هـ. يُنظر: البداية والنهاية 10/ 150، معجم البلدان 3/ 116، بلدان الخلافة الشرقية ص 249.
(5)
يُنظر: المبسوط 10/ 191، المحيط البرهاني 5/ 413، البناية 2/ 147، البحر الرائق 1/ 301.
(6)
في فتاوى قاضيخان 1/ 70: "واختلف المشايخ رحمهم الله تعالى فيما سوى ذلك من الأمصار، وقال بعضهم إذا جعلت بنات نعش الصغرى
…
"
(7)
بنات النعش الصغرى: مجموعة من الكواكب، عددها سبعة، أحدها الجدي المذكور سلفاً، تقع جهة القطب الشمالي. يُنظر: الأزمنة والأمكنة لأبي علي المرزوقي ص 546، لسان العرب 6/ 355، معجم اللغة العربية المعاصرة 1/ 252.
(8)
يُنظر: البناية 2/ 148، الفتاوى التاتارخانية 1/ 262، البحر الرائق 1/ 301، حاشية الطحطاوي على المراقي ص 213، حاشية ابن عابدين 1/ 430.
(9)
هذا القول وما بعده ذكره غير واحد من الحنفية دون عزوٍ لأحد.
يُنظر: البناية 2/ 148، حَلْبة المُجلّي 1/ 603، الفتاوى التاتارخانية 1/ 262، جامع رموز الرواية 1/ 451.
عن ابن المبارك، وأبي مطيع
(1)
، وأبي معاذ
(2)
، وغيرهم أنهم قالوا: قبلتنا العقرب
(3)
(4)
.
وقيل: إذا كانت الشَّمس في برج الجوزاء
(5)
في آخر وقت الظّهر إذا استقبلت الشمس بوجهك فتلك القبلة
(6)
.
وقيل: إذا قمت مستقبلَ المغارب في وقت العشاء الأخيرة يكون فوق رأسك نجمان مضيئان بموضع زوال الشمس من رأسك، وهما متقابلان، فالذي عن يمينك يقال له النَّسْر الواقع والذي عن يسارك يقال له النَّسْر الطائر وهو أسرعهما سقوطاً، فإذا سقط الذي عن يمينك فسقوطه يكون بحذاء منكبك الأيمن، وإذا سقط النَّسْر الطائر كان سقوطُه في وجهك بحذاء عينك اليمنى فالقبلة ما بينهما، وهو قول أبي جعفر
(7)
، وهذه الأقاويل [قريبٌ]
(8)
بعضها من بعض، وأقربها إلى المقصود ما قاله الفقيه أبو جعفر
(9)
. (ق)
(1)
هو الحكم بن عبد الله عن عبد الرحمن بن حرملة، أبو مطيع البلخي، صاحب أبي حنيفة، كان فقيهاً بصيراً بالرأي، وليَ قضاء بلخ، وقدم بغداد غير مرة وَحدث بها، وقد ضعّفه أحمد وأبو داود وغيرهما. يُنظر: الطبقات الكبرى 7/ 263، تاريخ بغداد 9/ 121، سلم الوصول 2/ 61.
(2)
هو خالد بن سليمان، أبو معاذ البلخي، فقيه أهل بلخ، حدث عن مالك والثوري وأبي حنيفة، أحدُ من عدَّه الإمام أبو حنيفة للفتوى لما سُئل من يصلح للفتوى؟. توفي سنة 191 هـ، وقيل: 199 هـ. يُنظر: الكامل لابن عدي 3/ 481، تاريخ الإسلام 4/ 1101، الجواهر المضية 1/ 229.
(3)
العقرب: مجموعة من النجوم، وتعد من أبعد النجوم عن الأرض، وتقع في النصف الجنوبي من الكرة الأرضية. يُنظر: الأزمنة والأمكنة لأبي علي المرزوقي ص 512، لسان العرب 10/ 398، معجم اللغة العربية المعاصرة 2/ 1529.
(4)
يُنظر: البناية 2/ 148، حَلْبة المُجلّي 1/ 603، الفتاوى التاتارخانية 1/ 262، جامع رموز الرواية 1/ 451.
(5)
الجوزاء: مجموعة من النجوم عددها 38 كوكباً، وتعد من أبسط النجوم التي يمكن التعرف عليها ومشاهدتها بسهولة، وتسمّى أيضاً: الجبّار. يُنظر: الأزمنة والأمكنة لأبي علي المرزوقي ص 139، نثر الدر للآبي 6/ 209.
(6)
يُنظر: البناية 2/ 148، الفتاوى التاتارخانية 1/ 262، البحر الرائق 1/ 301، حاشية ابن عابدين 1/ 430.
(7)
هو محمد بن عبد الله بن محمد بن عمر البلخي الِهندواني، نسبة إلى هِندوان، بلدة ببلخ، كان يقال له من كماله في الفقه:" أبو حنيفة الصغير". ولد سنة 300 هـ، وتوفي ببخارى سنة 362 هـ. يُنظر: تاريخ الإسلام 8/ 207، الجواهر المضية 2/ 68.
(8)
ساقطة من (ج).
(9)
يُنظر: البناية 2/ 148، حَلْبة المُجلّي 1/ 603، الفتاوى التاتارخانية 1/ 262، جامع رموز الرواية 1/ 451.
وإذا تيامن أو تياسر يجوز
(1)
.
وظنَّ بعض أصحابنا أنّ الجهة التي أدى إليها التحرّي قبلةٌ على الحقيقة، وعندنا هذا غير مرضيٌّ، ففيه قول بأن كلّ مجتهدٍ مصيبٌ للحق لا محالة، ولا نقول به، لكنَّ المجتهد يخطئ مرة ويصيب أخرى
(2)
.
رجلٌ اشتبهت عليه القبلة بمكة إن كان محبوساً ولم يكن بحضرته من يسأله فصلى بالتحرّي ثم تبيّن أنه أخطأ تلزمه الإعادة؛ لأنه تيقَّن بالخطأ إذا كان بمكة
(3)
.
وكذلك إذا كان بالمدينة؛ [لأنّ القبلة بالمدينة]
(4)
مقطوع بها؛ لأنها نصبها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالوحي، بخلاف سائر البقاع
(5)
.
وعن محمد رحمه الله: أنه لا إعادة عليه في الفصلين، وهو الأقيس
(6)
.
(1)
لأنه عند التيامن أو التياسر يكون أحد جوانب وجهه إلى القبلة.
يُنظر: المبسوط 10/ 192، درر الحكام 1/ 60، كمال الدراية 1/ 360، حاشية الطحطاوي على الدر المختار 2/ 103، حاشية ابن عابدين 1/ 428.
(2)
القول بأن كلَّ مجتهدٍ مصيبٌ في الفروع روي عن أبي حنيفة، ونسبه الباجي المالكي للقاضي أبي جعفر السمناني الحنفي المتوفى سنة 444 هـ، والمشهور عن أبي حنيفة أن المصيب واحد، وبقية المجتهدين مخطئون، وعليه عامة الحنفية.
يُنظر: المبسوط 10/ 191، بدائع الصنائع 1/ 118، إحكام الفصول للباجي 2/ 714، كشف الأسرار للبخاري 4/ 18، شرح التلويح للتفتازاني 2/ 238.
(3)
إذِ القبلة بمكة مقطوعٌ بها.
يُنظر: المحيط البرهاني 5/ 417، البحر الرائق 1/ 303، النهر الفائق 1/ 192، الدر المختار ص 61، حاشية ابن عابدين 1/ 433.
(4)
ساقطة من (ج).
(5)
وهذا القول نسبه ابن مازه وغيره لأبي بكر الجصاص. يُنظر: المحيط البرهاني 5/ 417.
(6)
لأنه إذا كان محبوساً وانقطعت عنه سائر الأدلة تعيّن عليه التحري، فيكون آتٍ بما أُمر به، وهذا القول هو المعتمد كما في الخانية والبحر والنهر والدر المختار وغيرها.
يُنظر: المحيط البرهاني 5/ 417، البحر الرائق 1/ 303، النهر الفائق 1/ 192، الدر المختار ص 61، حاشية ابن عابدين 1/ 433.
رجلٌ اشتبه عليه القبلةُ في المسجد ولم يكن معه أحدٌ يعرف القبلة يجوز له التحري؛ لأنَّه عجز عمَّن يسأله فصار كالمفازة
(1)
. (ظ)
(2)
رجلٌ اشتبه عليه القبلةُ فأخبره رجلان أنّ القبلة إلى هذا الجانب، وهو يتحرَّى إلى جانبٍ آخر، فإن لم يكونا من أهل ذلك الموضع لا يلتفت إلى كلامهما؛ لأنّهما يقولان عن اجتهادٍ فلا يترك اجتهادَه باجتهاد غيره، وإن كانا من أهل ذلك الموضع عليه أن يأخذ بقولهما ولا يجوز له أن يخالفهما؛ لأنّ أهلَ الموضع يكون أعرف بقبلته من غيره عادة، فكان خبرهما عن علم
(3)
. (ف)
(4)
ولو شكّ فلم يتحرَّ وصلّى من غير تحرٍّ إلى جهة فهو على الفساد ما لم يتبيّن الصواب بعد الفراغ
(5)
.
ولو أنّه تحرّى وشرع في الصلاة ثم تبين خطؤه في الصلاة حوّل وجهه إلى القبلة وأتمّ، ولا يجب عليه استقبال الصلاة؛ لأن القبلة حالة الاشتباه الجهةُ التي أدّى إليه تحرّيه بقوله تعالى:{فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ}
(6)
، وهو [في]
(7)
حالة الاشتباه
(8)
.
(1)
يُنظر: المبسوط 10/ 192، بدائع الصنائع 1/ 118، الهداية 1/ 47، الاختيار 1/ 47، فتح القدير 1/ 271.
(2)
الفتاوى الظهيرية (18/ب).
(3)
يُنظر: المحيط البرهاني 5/ 421، مجمع الأنهر 1/ 83، كمال الدراية 1/ 360، حاشية الطحطاوي على المراقي ص 244، حاشية ابن عابدين 1/ 431.
(4)
فتاوى قاضيخان 1/ 70.
(5)
لأن ما افترض لغيره يشترط حصوله لا غير، ولأن من ظاهر حال المسلم أداء الصلاة إلى القبلة فيجب حمله على الجواز.
يُنظر: المبسوط 10/ 195، المحيط البرهاني 5/ 413، تبيين الحقائق 1/ 102، البناية 2/ 151، فتح القدير 1/ 271.
(6)
سورة البقرة، من الآية (115).
(7)
ساقطة من (ج).
(8)
يُنظر: المبسوط 10/ 195، المحيط البرهاني 5/ 413، تبيين الحقائق 1/ 102، البناية 2/ 151، فتح القدير 1/ 271.
ولو وقع تحرِّيه وأكبرُ رأيه إلى جهةً، وترك تلك الجهة وصلّى إلى جهةٍ أخرى لا تجزئه صلاته وإن أصاب القبلة؛ لأنّ قبلته الجهةُ التي وقع عليها تحرّيه، فقد صلّى إلى غير القبلة
(1)
. (طح)
(2)
ولو صلّى إلى جهةٍ من غير أن يشكَّ في أمر القبلة ثم شكَّ بعد ذلك فهو على الجواز حتى يعلم فساده بيقين، فيجب عليه الإعادة
(3)
.
وإن علِم في الصلاة أنّه أخطأ، قال الفضلي
(4)
(5)
: يستقبل [القبلة]
(6)
(7)
(1)
يُنظر: تحفة الفقهاء 1/ 121، بدائع الصنائع 1/ 119، المحيط البرهاني 5/ 414، تبيين الحقائق 1/ 103.
(2)
شرح مختصر الطحاوي للأسبيجابي ص 427، (تحقيق: محمد الغازي).
(3)
لأن الأمر الظاهر يسقط اعتباره إذا تبين الحال بخلافه.
يُنظر: المبسوط 10/ 192، تحفة الفقهاء 1/ 120، المحيط البرهاني 5/ 413، البناية 2/ 152، الفتاوى الهندية 1/ 64.
(4)
هذا القول نسبه السرخسي إلى أبي بكر محمد بن الفضل، وقد سبقت ترجمته، والمؤلف هنا نسبه إلى الفضلي، فمحتملٌ أنه هو، ومحتملٌ أنه الآتي ترجمته لاشتهاره بذلك. يُنظر: المبسوط 10/ 192.
(5)
هو عثمان بن إبراهيم بن محمد بن أحمد بن محمد بن الفضل، أبو عمرو الأسدي، الحنفي، الفضلي، البخاري، قال عنه الذهبي:"كان شيخاً، معمراً، صالحاً، عالما"، من آثاره: فتاوى الفضلي، ولد سنة 426 هـ، وتوفي سنة 508 هـ. يُنظر: تاريخ الإسلام 11/ 114، الجواهر المضية 1/ 344، تاج التراجم ص 363.
(6)
ساقطة من (ب) و (ج).
(7)
يعني يستدير إلى جهة القبلة ويبني، ودليل ذلك ما رواه البخاري في صحيحه، [كتاب تفسير القرآن، باب قوله تعالى {وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ}]، (6/ 21:برقم 4488) عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: بينا الناس يصلون الصبح في مسجد قباء، إذ جاء جاءٍ فقال:" أنزل الله على النبي صلى الله عليه وسلم قرآنا: أن يستقبل الكعبة فاستقبلوها، فتوجهوا إلى الكعبة ".
يُنظر: الأصل 1/ 189، شرح مختصر الطحاوي للجصاص 1/ 440، المبسوط 1/ 216، بدائع الصنائع 1/ 119، الهداية 1/ 47، الاختيار 1/ 47.
ولو بقي مُشكلاً في الصلاة لم يُحكم بشيءٍ حتى يفرغ، فإذا فرغ وعلم أنّه أصاب ولم يظهر شيءٌ جاز
(1)
، وإن ظهر الخطأ أعادها
(2)
.
وإن علم في الصّلاة أنّه أصاب القبلة فعليه أن يستقبل
(3)
.
وإن ظهر فيها أنّه أخطأ يستقبلها أيضاً، ولو بقي مشكلاً ينظر إلى ما ظهر بعد الفراغ، وإن ظهر الخطأ بعد الفراغ من الصّلاة يعيد
(4)
.
وإن ظهر الإصابة مضى الأمر، وإن لم يظهر شيءٌ يعيد
(5)
. (خ)
(6)
ولو صلّى إلى جهة التحرّي فأحواله ستةٌ أيضاً
(7)
:
إمّا أن تظهر الإصابة في الصلاة فيمضي، وإن ظهر الخطأُ يتحوّل إلى الصواب ويبني
(8)
.
(1)
لأنّ فريضة التّحرِّي لمقصود، وقد توصل إلى ذلك المقصود بدونه فسقطت فريضة التّحرِّي عنه.
يُنظر: المبسوط 10/ 192، البحر الرائق 1/ 305، حاشية الطحطاوي على المراقي ص 245، حاشية ابن عابدين 1/ 436.
(2)
لأنه لمَّا شك فقد لزمه التّحرِّي لأجل هذه الصّلاة، وصار التّحرِّي فرضًا من فرائض صلاته.
يُنظر: البحر الرائق 1/ 305، حاشية الطحطاوي على المراقي ص 245، حاشية ابن عابدين 1/ 436.
(3)
لأن افتتاحه للصلاة كان مع الشك من غير تحرٍّ، فكان افتتاحاً ضعيفاً مشكوكاً فيه، فيحتاج معه إلى الاستئناف.
يُنظر: المبسوط 10/ 192، الفوائد الجُلّة في مسائل اشتباه القبلة لابن قطلوبغا ضمن مجموع رسائله ص 291، البحر الرائق 1/ 305، حاشية ابن عابدين 1/ 436.
(4)
هذه الصور الثلاث تكرارٌ من المؤلف.
(5)
لتركه فرض التحري.
(6)
الخلاصة في الفتاوى 1/ 73.
(7)
يعني: إذا شك وتحرى وصلّى إلى الجهة التي أدى إليها اجتهاده. يُنظر: المبسوط 10/ 192.
(8)
لحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: بينا الناس يصلون الصبح في مسجد قباء، إذ جاء جاءٍ فقال:" أنزل الله على النبي صلى الله عليه وسلم قرآنا: أن يستقبل الكعبة فاستقبلوها، فتوجهوا إلى الكعبة ". يُنظر في تخريجه الصفحة رقم 371 من هذا البحث.
ويُنظر في فقه المسألة: الأصل 1/ 189، شرح مختصر الطحاوي للجصاص 1/ 440، المبسوط 1/ 216، بدائع الصنائع 1/ 119.
وإن لم يظهرْ شيءٌ يبني أيضا
(1)
.
وإن فرغ من الصلاة وظهرت الإصابة أو الخطأ أو لم يظهر شيءٌ لا تجب عليه الإعادة
(2)
.
وهذا بخلافِ ما لو توضأ بماءٍ على ظنّ أنه طاهر ثم تبيّن أنّه نجس
(3)
.
ولو صلّى أربعَ ركعاتٍ إلى أربعِ جهاتٍ جاز
(4)
. (خ)
(5)
الأعمى إذا صلّى ركعةً إلى غير القبلة فجاء رجلٌ وحوّله إلى القبلة واقتدى به فهي على وجهين:
إن كان الأعمى حين افتتح الصلاة وجد من يسأله عن القبلة فلم يسأل فسدت صلاة الامام والمقتدي
(6)
.
(1)
لأن فعل المسلم محمول على الصحة ما أمكن فكل من قام لأداء الصلاة يجعل مستقبلا للقبلة في أدائها باعتبار الظاهر وحمل أمره على الصحة حتى يتبين خلافه.
يُنظر: المبسوط 10/ 192، البحر الرائق 1/ 305، حاشية ابن عابدين 1/ 436.
(2)
يعني بالصورة الأخيرة أنه لو تحرّى فأدّاه تحريه إلى جهة فصلى إليها، ثم تبيّن خطؤه بعد الصلاة فإنه لا يُعيد، ودليل ذلك ما رواه البيهقي في السنن الكبرى، [كتاب الصلاة، باب باب استبانة الخطأ بعد الاجتهاد]، (2/ 18:برقم 2241) عن عبد الله بن عامر بن ربيعة، عن أبيه قال: أظلمت مرة ونحن في سفر، واشتبهت علينا القبلة، فصلى كل رجل منا حياله، فلما انجلت إذا بعضنا صلى لغير القبلة، وبعضنا قد صلى للقبلة، فذكرنا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:" مضت صلاتكم " ونزلت: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} [سورة البقرة، من الآية 115]. ضعّفه الترمذي وابن القطان، وللحديث شاهدٌ من حديث جابر بن عبد الله، ومن حديث معاذ بن جبل، ومن حديث ابن عباس؛ لذا قال ابن كثير:"وهذه الأسانيد فيها ضعف ولعله يشدّ بعضها بعضا". يُنظر في الحكم على الحديث: سنن الترمذي 1/ 450، بيان الوهم والإيهام 3/ 358، تفسير ابن كثير 1/ 394.
ويُنظر في فقه المسألة: شرح مختصر الطحاوي للجصاص 1/ 569، الهداية 1/ 47، البناية 2/ 146، فتح القدير 1/ 271، درر الحكام 1/ 61.
(3)
والفرق بينهما أن التوضؤ بالماء النجس لا يقع قربةً بحال، بخلاف الصلاة إلى غير القبلة فإنها ربما وقعت قربةً كما في الراكب يتطوع على دابته حيث ما توجهت، وكالعاجز عن استقبالها.
يُنظر: المبسوط 10/ 193، الفروق للكرابيسي 1/ 358، بدائع الصنائع 1/ 120، فتح القدير 1/ 271.
(4)
بأن تحول رأيه في كل ركعة إلى جهة غير التي صلى إليها، ووجهه: أن الاجتهاد لا ينقض بمثله.
يُنظر: المبسوط 10/ 194، بدائع الصنائع 1/ 121، حَلْبة المُجلّي 1/ 621، البحر الرائق 1/ 304.
(5)
الخلاصة في الفتاوى 1/ 73.
(6)
لأن الأعمى قادرٌ على أداء الصلاة إلى جهة الكعبة بالسؤال ولم يفعل.
يُنظر: المحيط البرهاني 5/ 422، حاشية الطحطاوي على المراقي ص 244، حاشية ابن عابدين 1/ 434.
وإن لم يجد الأعمى من يسأله جازت صلاة الإمام وفسدت صلاة المقتدي؛ لأن المقتدي زعم أنّه بنى صلاته على صلاة كان أولها إلى غير القبلة
(1)
.
رجلٌ صلّى في المسجد في ليلةٍ مظلمةٍ بالتحرّي فتبين أنّه صلّى الى غير القبلة جازت صلاته؛ لأنّه ليس عليه أن يقرع أبواب الناس للسؤال عن القبلة ولا يعرف القبلة بمسّ الجدار، ولو كانت منقوشةً
(2)
لا يمكنه تمييز المحراب، فجاز له التحرّي
(3)
، وقد مرّ. (ك)
(4)
* * * *
(1)
يعني: لاتجوز صلاة المقتدي؛ لأن عنده صلاة إمامه على الخطأ بترك السؤال عن جهة القبلة، وهذا مقيّدٌ بعلم المقتدي بحال الأعمى وأنّه ترك السؤال، كما يُفهم من كلام المرغيناني في الهداية.
يُنظر: الهداية 1/ 47، المحيط البرهاني 5/ 422، حاشية الطحطاوي على المراقي ص 244، الفتاوى الهندية 1/ 65.
(2)
يعني لو كانت منقوشة فحصل الاشتباه بطاقٍ غير المحراب، كما في مراقي الفلاح ص 93.
(3)
قال ابن عابدين ناقلاً عن بعض الحنفية: "وهذا إنما يصح في بعض المساجد، فأما في الأكثر فيمكن تمييز المحراب من غيره في الظُّلمة".
يُنظر: المحيط البرهاني 5/ 416، البحر الرائق 1/ 303، مراقي الفلاح ص 93، الفتاوى الهندية 1/ 64، حاشية ابن عابدين 1/ 434.
(4)
الفتاوى الكبرى للصدر الشهيد، (12/أ).