الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التلميح
(2/ 519) وأما التلميح: فهو أن يشار إلى قصة، أو شعر من غير ذكره؛ كقوله (أبى تمام) (1) [من الطويل]:
فو الله ما أدرى أأحلام نائم
…
ألّمت بنا أم كان فى الرّكب يوشع؟ !
أشار: إلى قصة يوشع- عليه السلام واستيقافه الشمس (2)، وكقوله [من الطويل]:
لعمرو مع الرّمضاء والنّار تلتظى
…
أرقّ وأحفى منك فى ساعة الكرب
أشار إلى البيت المشهور [من البسيط]:
المستجير بعمرو عند كربته
…
كالمستجير من الرّمضاء بالنّار
فصل (2/ 523) ينبغى للمتكلّم أن يتأنّق فى ثلاثة مواضع من كلامه
؛
حتى يكون أعذب لفظا، وأحسن سبكا، وأصحّ معنى:
أحدها: الابتداء؛ كقوله (3)[من الطويل]:
قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل
…
بسقط اللّوى بين الدّخول فحومل
وكقوله (أشجع)(4)[من الكامل]:
قصر عليه تحيّة وسلام
…
خلعت عليه جمالها الأيّام
(1) البيت لأبى تمام من قصيدة يمدح فيها أبا سعيد محمد بن يوسف الثغرى.
(2)
يشير إلى حديث أبى هريرة الذى أخرجه البخارى فى ك: (فرض الخمس)، ومسلم فى كتاب (الجهاد)، وفيه «غزا نبى من الأنبياء
…
إلى قوله: فقال للشمس: أنت مأمورة وأنا مأمور، اللهم احبسها على شيئا فحبست عليه حتى فتح الله عليه
…
».
(3)
هو لامرئ القيس، مطلع معلقته، ديوانه ص 8، والإشارات ص 302.
(4)
البيت من قصيدة له يمدح فيها هارون الرشيد، أورده الجرجانى فى الإشارات ص 322.
(2/ 525) وينبغى أن يجتنب فى المديح ما يتطيّر به؛ كقوله (1)[من الرجز]:
موعد أحبابك بالفرقة غد
(2/ 525) وأحسنه ما يناسب المقصود، ويسمى: براعة الاستهلال؛ كقوله فى التهنئة (2)[من البسيط]:
بشرى فقد أنجز الإقبال ما وعدا
وقوله فى المرثيّة (الساوى)[من الوافر]:
هى الدّنيا تقول بملء فيها
…
حذار حذار من بطشى وفتكي
(2/ 526) وثانيها: التخلّص ممّا شيب الكلام به من نسيب أو غيره إلى المقصود، مع رعاية الملاءمة بينهما؛ كقوله (أبى تمام) (3) [من البسيط]:
تقول فى قومس قومى وقد أخذت
…
منّا السّرى وخطا المهريّة القود
أمطلع الشّمس تبغى أن تؤمّ بنا
…
فقلت كلّا ولكن مطلع الجود
(2/ 528) وقد ينتقل منه إلى ما لا يلائمه، ويسمّى: الاقتضاب، وهو مذهب العرب الجاهلية (4) ومن يليهم من المخضرمين؛ كقوله (أبى تمام) [من الخفيف]:
لو رأى الله أنّ فى الشّيب خيرا
…
جاورته الأبرار فى الخلد شيبا
كلّ يوم تبدى صروف اللّيالى
…
خلقا من أبى سعيد غريبا
ومنه: ما يقرب من التخلّص؛ كقولك بعد حمد الله: «أمّا بعد» قيل:
وهو فصل الخطاب، وكقوله تعالى: هذا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ (5) أى:
(1) أنشده ابن مقاتل لمحمد بن زيد الحسينى الداعى العلوى صاحب طبرستان فقال له الداعى: بل موعد أحبابك ولك المثل السوء.
(2)
هو لأبى محمد الخازن.
(3)
البيتان لأبى تمام، ديوانه (أ) ص 120، (ب) 2/ 132 والمصباح ص 272، وقومس: بلد بالقرب من أصفهان.
(4)
فى نسخة الدكتور خفاجى: «الأولى» والمثبت من شروح التلخيص.
(5)
ص: 55.
الأمر هذا، أو هذا كما ذكر. وقوله: هذا ذِكْرٌ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ (1) ومنه قول الكاتب: (هذا باب).
(2/ 530) وثالثهما: الانتهاء؛ كقوله (أبى نواس)[من الطويل]:
وإنّى جدير إذ بلغتك بالمنى
…
وأنت بما أمّلت منك جدير
فإن تولنى منك الجميل فأهله
…
وإلّا فإنّى عاذر وشكور
(2/ 530) وأحسنه: مأآذن بانتهاء الكلام؛ كقوله: (المعرى)[من الطويل]:
بقيت بقاء الدّهر يا كهف أهله
…
وهذا دعاء للبريّة شامل
(2/ 531) وجميع فواتح السّور وخواتمها، واردة على أحسن الوجوه وأكملها؛ يظهر ذلك بالتأمّل، مع التذكّر لما تقدّم.
وصلّى الله على سيّدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلّم، اللهمّ اغفر لى بفضلك ولمن دعا لى بخير، واغفر لوالدى ولكلّ المسلمين. آمين.
وصلّ وسلّم على جميع الأنبياء والمرسلين، وعلى آلهم وأصحابهم والتابعين، خصوصا النبى المصطفى، والحبيب المجتبى، وآله وأصحابه. آمين.
انتهى كتاب متن التلخيص للقزويني بحمد الله وعونه وتوفيقه وما توفيقى إلا بالله
(1) ص: 49.
الأطول شرح تلخيص مفتاح العلوم
تأليف العلّامة إبراهيم بن محمّد بن عربشاه عصام الدّين الحنفي المتوفىّ سنة 943 هـ حقّقه وعلّق عليه الدكتور عبد الحميد هنداوي مدرّس البلاغة والنقد الأدبي والأدب المقارن بكلية دار العلوم- جامعة القاهرة الجزء الأول