الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الجمع إليه فتأمل.
قال الشارح المحقق: امتناع الوصف المذكور عند الجمهور، والأخفش (1) حكى الدينار الصفر والدرهم البيض، ورده السيد السند بأن الدينار الصفر ليس بمعنى كل الدينار، بل المراد بالدينار الجنس مجردا عن الوحدة، نعم مذهب الأخفش ينافي وجوب المحافظة على التشاكل اللفظى، لكنه لم يذكره المصنف هناك، وإن ذكره فى الإيضاح فلا يليق التعرض بمذهب الأخفش فى شرح كلام المتن، ولا يذهب عليك أن الدينار الصفر يحتمل أن يكون من قبيل ثوب أسمال بمعنى أن جميع أجزائه سمل أى: خلق فيراد بالدينار الصفر أن جميع أجزائه صفر وليس بمغشوش، ونحن نقول: يشكل امتناع الوصف بقوله تعالى: وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ (2) ويمكن أن يدفع بأن المراد امتناع وصفه بالجمع مع إبقائه على ظاهره من غير تأويل والآية؛ لتأويل ما من دابة بقولنا ما الدواب وحينئذ يمكن التوفيق بين الأخفش والجمهور، فتأمل.
[وبالإضافة]
(وبالإضافة) أى: تعريف المسند إليه بإضافة ولا يذهب عليك أن الإضافة من أحوال المسند إليه ولا يخص بالتعريف بل يتعلق بها نكات كثيرة مع خلوها عن التعريف فكم بين الحقير فى ولد حجام حضر أو يضاحك، وبين ولد الحجام إلا أن القوم أهملوها من غير ظهور جهته (لأنها) أى: الإضافة أى: المعرف بالإضافة فافهم، (أخصر طريق) إلى إحضار المسند إليه فى ذهن السامع فى هذا المقام، إما لأنه أخصر كل ما يحضر عند المتكلم، وأخصر كل ما يحضر عند المخاطب لا أنه أخصر طرق التعريف؛ لأن أخصر الطرق مطلقا هو بعض الضمائر، فهذا لا يصلح إلا داعيا إلى الضمير (نحو) قول جعفر بن علية الحارثى [(هواى)] فسره الشارح المحقق والسيد السند فى شرح المفتاح بمهويى ومحبوبى، والصواب تفسيره بمهويتى ومحبوبتى يدل عليه ما بعد هذا البيت وهو شعر:
(1) الأخفش: هو أبو المحاسن علي بن سليمان بن الفضل المعروف بالأخفش الأصغر نحوي من العلماء ولد ببغداد عام 315 هـ.
(2)
الأنعام، الآية:(38) وقد حرفت الآية بالأصل.
عجبت لمسراها وأنّى تخلّصت
…
إلىّ وباب السّجن دونى مغلق
ألّمت فحيّت ثمّ قامت فودّعت
…
فلمّا تولّت كادت النفس تزهق (1)
ولا يريبك تذكير مصعد؛ لأنه للفظ هواى فإنه أخصر من التى أهواها، واسمه لا ينفع المخاطب، وليس مقام الإشارة والضمير والاختصار مطلوب لضيق المقام وفرط السآمة لكونه فى السجن والمحبوب على الرحيل، ويمكن أن يقال:
الداعى إلى الإضافة استلذاذ إضافة الهواى إلى نفسه (مع الرّكب) اسم جمع للراكب (اليمانين) أى: جمع يمان مغير يمنى بتخفيف الياء وتعويض الألف عنه وحذف الياء المخففة لالتقاء الساكنين بعد حذف حركة الياء لموجبه (مصعد) مبعد ذاهب فى الأرض، تمامه:(جنيب وجثمانى بمكة موثق)(2)، والجنيب:
المحبوب المستتبع، ولفظ البيت خبر، ومعناه تحزن وتأسف إما على البعد الجثمانى أو على مفارقة الروح من الجثمان (أو لتضمنها تعظيما لشأن) أى أمر (المضاف إليه أو المضاف أو غيرهما) وأمثلة الثلاث على ترتيبها (كقولك عبدى حضر) إذا كان العبد ذا شأن والألطف عبدى عندى (أو عبد السلطان ركب) عبد السلطان عندى (أو) لتضمنها (تحقيرا) على أحد الوجوه الثلاثة (نحو ولد الحجام حاضر) مثل لتحقير المضاف واستخراج المثالين الآخرين سهل، ومن دواعى الإضافة تضمنها اعتبارا لطيفا مجازيا، وهو جعل أدنى ملابسة تامة تستدعيها الإضافة نحو كوكب الخرقاء، وهل هى مجاز لغوى أو حكمى؟ اختلف كلام الشارح المحقق فيه، ورد السيد السند كونه مجازا حكميا بأنه ليس فيه نقل الإضافة من محل إلى محل لملابسة بينهما بل هو استعارة الهيئة الإضافية من الملابسة الكاملة لأدنى ملابسة لمضاهاتها إياها، وفيه أن تحقق حقيقة المجاز الحكمى أو ظهورها غير لازم كما عرفت، فيجوز أن تكون الإضافة منقولة عن محل وهمى
(1) البيتان لجعفر بن علبة الحارثي، والمعنى: أنه تعجب من سيرها على عادة الشعراء في وصف الخيال.
انظر البيتين في الأغاني (13/ 48، 49)، وعروس الأفراح.
(2)
البيت في معاهد التنصيص (1/ 120)، التبيان للطيبي (1/ 163)، المفتاح (99)، وبلا نسبة في تاج العروس (12/ 182، شعر)، شرح عقود الجمان (1/ 64).
وجعفر بن علية الحارثي (شاعر مقل من مخضرمي الدولتين الأموية والعباسية)، وكان مسجونا بمكة في جناية، فزارته محبوبته مع ركب من قومها، فلما رحلت قال فيها ذلك. [الإيضاح ص 51 بتحقيقنا].