الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قبله؛ لأنه لم يقصد أو ترك بالكلية بخلاف المعطوف عليه ببل فإن البليغ بعد الإتيان به سهوا التفت إليه واعتبر الحكم مرتبطا به وذكر ما يصرف الحكم عنه إلى آخره.
(أو الشك) أي: لإفادة الشك (أو التشكيك) أي: لجعل المخاطب شاكّا في الحكم لغرض يتعلق به (نحو جاءني زيد أو عمرو) أو للإبهام نحو وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (1) أو للتحقير أو للإباحة نحو: ليدخل زيد أو عمرو، والفرق بينهما أن التحقير يفيد ثبوت الحكم لأحدهما فقط وفي الإباحة تجوز الجمع بينهما لكن لا من حيث مدلول اللفظ بل بحسب أمر خارج، ونبه المصنف بترك عد التفسير مقاما للعطف على قلته في الواو والفاء وعلى أن ما بعد «أي» و «إن» عطف بيان لما قبله كما عليه الجمهور لا معطوف كما عليه المفتاح، قالوا يؤيد الجمهور كون المعطوفات مغايرة للمعطوف عليه إلا ما قل من العطف بالواو والفاء للتفسير. وتفسير أئمة اللغة الضمير المجرور بأي من غير إعادة الجار وتفسيرهم الضمير المرفوع المتصل به من غير تأكيد بمنفصل ولا فصل، وفيه بحث؛ لأن ما بعدهما يشارك المعطوفات في كون التشريك فيه في الإعراب بواسطة الحرف وهما مستثنيان عنده من قاعدتي العطف على الضمير المجرور والضمير المرفوع المتصل، بل القاعدتان عنده أنه إذا عطف بغير أي وأنا على الضمير المجرور أعيد الخافض، وعلى الضمير المرفوع المتصل يؤتى بتأكيد بمنفصل أو بفصل، وكون القاعدة عندهم أشمل من القاعدة عنده لا يوجب تأييدهم والحروف العاطفة عنده اثنا عشر لأنه جعل «أي» و «أن» فيهما لأنه لا وجه للفرق بين أي وأن وإن لم يصرح إلا بأي فما ذكره السيد السند أنها عنده أحد عشر حرفا محل نظر، ولم يذكر العطف بأم لاختصاصه بالإنشاء إلا أن عدم التعرض به في باب الإنشاء أيضا يوجب إهمال الفن لما يهمه.
[وأما الفصل]
(وأما الفصل) أي: ما يسميه نحاة البصرة فصلا وغيرهم عمادا وجعل الفصل من أحوال المسند إليه لدلالته على كونه مخصصا به المسند ودالا على معنى فيه كونه متميزا بالمسند منفردا من بين الجنس به وجعل الفصل مصدرا
(1) سبأ: 24.
يعني: تعقيب المسند إليه به غير ثابت وعنه مندوحه وكون أخواته مصادر لا يخل به مثل هذا المتكلف، والأصح أنه على صفة الضمير المرفوع المنفصل وليس ضميرا، فقول الشارح: ضمير الفصل مرجوح، وما ذكره النحاة من كونه وضع للفصل بين الخبر والنعت يستدعي جعله من أحوال المسند، كما أن كون التخصيص متعلقا بالمسند بلا واسطة حرف الجر معنى يقتضي جعله حالا له إلا أنه لما كان العمدة في الكلام هو المسند إليه ونظر المتكلم عليه وما عداه متطفل بين يديه كان الأولى إرجاع الحال إليه ما لم يقتض إلى مزيد تكلف وحينئذ لا يبعد أن يجعل الفصل لفصله عن الموصوف وإنما اقتصر على قوله:(فلتخصيصه بالمسند) مع أن فائدته التي لا تنفك عنه تأكيد الحكم بخلاف التخصيص، فإنه قد يكون إذا لم يكن في الكلام ما يفيد التخصيص سواه وقد لا يكون إذا كان الخبر المعرف بتعريف الجنس؛ لأنه لإفادته تأكيد الحكم من أحوال الإسناد على الثاني ثبوت القصر معه إذا لم يكن ما يفيده سواه تردد.
قال الشارح في شرح الكشاف: إفادته القصر إنما يتم إذا ثبت القصر في مثل كان زيد هو أفضل من عمرو مما الخبر فيه نكرة، ولا خلاف بين المصنف والسكاكي حيث قال: إنه لتخصيص المسند بالمسند إليه إلا في العبارة فإن الباء في صلة التخصيص قد تدخل على المقصور، وقد تدخل على المقصور عليه وجعل الشارح الاستعمال الأول عربيّا وغالبا، والثاني عرفيّا، والسيد السند الاستعمال الثاني أصليّا، والأول مبنيا على جعل التخصيص مجازا مشهورا قريبا بالحقيقة العرفية في التمييز أو مضمنا بمعنى التمييز وجعل الباء متعلقا بمعنى التمييز أي: الفصل لتمييز المسند إليه به مخصصا بالمسند إليه. فعدول المصنف عن عبارة المفتاح إلى ما هو العرفي الغالب استعمالا في وجه وإلى ما هو أظهر في كونه حالا للمسند إليه في وجه ليس لك أن تقول: إنه قد يكون لقصر المسند إليه على المسند نحو الكرم هو التقوى وهو الذي ذكره المصنف وقد يكون في قصر المسند على المسند إليه نحو إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ (1) وهو الذي ذكره المفتاح؛ لأن قصر المسند إليه على المسند في المثال المذكور من تعريف المسند إليه على نحو
(1) الذاريات: 58.