الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الكلام موئس عن ذكره؛ لأن إيراد الفعل المجهول علامة الاجتناب عن الذكر بالكلية.
وحاصل الترجيح أنه: كنعمة غير مترقبة، وغير مترقبة نعمة غير مشوبة بألم الانتظار وتعب الطلب، فهي لذة صرفة، فيكون ألذ، وهذه المقدمة ناقض فيها المصنف والشارح أنفسهما، حيث ذكر المصنف في بحث التشبيه أن: نيل الشيء بعد طلبه ألذ، وتبعه الشارح. قال الشارح المحقق: ولمعارض أن يفضل نحو:
ليبك يزيد ضارع، بنصب يزيد على خلافه بسلامته عن الحذف، وباشتماله على إيهامه الجمع بين المتناقضين من حيث الظاهر؛ لأن نصب نحو: يزيد، وجعله فضلة يوهم: أن الاهتمام به دون الاهتمام بالفاعل، وتقديمه على الفعل المظهر يوهم أن الاهتمام به فوق الاهتمام بالفاعل، وبأن في أطماع أول الكلام في ذكر الفاعل مع تقديم المفعول تشويقا إليه، فيكون حصوله أوقع وأعز. هذا كلامه، وفيه بحث من وجوه هي: إيهام الجمع بين المتنافيين موجود في خلافه أيضا حيث حذف الفاعل وذكر فيوهم أن الاهتمام به، وبه اهتمام، وأن ليس بين الفعل والفاعل فضل موجب للتشويق؛ لأنه فضل قليل، وبأن الحذف لنكتة، وأن لا يترجح على الذكر فلا يرجح، وقد جعله السكاكي من المرجحات حيث قال: ناب هذه الجملة مناب الجمل الثلاث، وليس هذا إلا بالحذف على أن مرثية يزيد تستدعي النكتة المذكورة في المتن، فلا يعارضه السلامة عن الحذف، ولا إيهام الجمع بين المتنافيين، فإن قلت: لو لم يترجح الذكر على الحذف لما صح ما سيأتي من ترجيح: وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ (1) على قولهم: القتل أنفى للقتل (2)، بسلامته عن الحذف؟ قلت: الترجيح بأن الفائدة الحاصلة منه بمؤنة التقدير، تحصل من الآية بدون التقدير، ولا ريبة في رجحانه، وما نحن فيه ليس من هذا القبيل، وقال السيد السند: إن وصمة قولهم: القتل أنفى للقتل؛ لعدم وضوح قرينة الحذف، لا لأن الحذف مرجوح بالنسبة إلى الذكر، وفيه أنه لا خفاء في أن المراد: أن القتل أنفى من تركه
[وأما ذكره فلما مر]
(وأما ذكره فلما مر)، ولما لم يقل: فيما مر،
(1) البقرة: 179.
(2)
قال في الإيضاح: وفضله على ما كان عندهم أوجز كلام في هذا المعنى- وهو قولهم: القتل أنفى للقتل من وجوه، وذكر ثمانية أوجه ص 177.
وأما لنحو ذلك صح منه قوله: (أو أن يتعين كونه اسما أو فعلا)، بلا خفاء، وتعين كونه اسما أو فعلا ليس مقصودا لذاته، بل ليصير وسيلة إلى أن يتعين أن القصد إلى الثبوت أو التجدد، وفي المفتاح والإيضاح أو كونه ظرفا فيورث احتمال الثبوت والتجدد، وفيه أنه مع حذف الخبر الظرف- أيضا- الاحتمال متحقق؛ لأن تعين كونه اسما أو فعلا بالذكر، فالحق أن الاحتمال المطلوب من ثمرات حذف المسند الحقيقي، وهو متعلق الخبر الظرف، لا ذكر المسند المجازي، أعني:
الظرف، فإسقاطه أصلح من إثباته، ولك أن تجعل من نكات الذكر أن يتعين كونه مفردا أو جملة، ويرد عليهما أنهما داخلان فيما مر؛ لأن الذكر في الصورتين للاحتياط بضعف التعويل على القرينة، لأن قرينة الحذف تعين المحذوف، فيتعين كونه اسما أو فعلا، أو مفردا، أو جملة، وجعل المفتاح من نكات الذكر الدلالة على قصد التعجيب من المسند إليه، نحو: زيد يقاوم الأسد، عند قيام القرينة على المسند، وأورد عليه المصنف في الإيضاح: أن دلالة على قصد التعجيب منه، إنما هو للمسند سواء ذكر أو حذف لقرينة فإنه إذا علم بالقرينة يفيد قصد التعجيب، كما إذا علم بالذكر، ودفعه الشارح بأن القرينة لا تدل إلا على نفس المسند، لا قصد التعجيب، وقصد التعجيب إنما يستفاد من الذكر المستغني عنه، ولا يخفى أنه ليس بشيء؛ لأنه لا مناسبة للذكر بقصد التعجيب إنما هو يستفاد من نفس المسند، وقال السيد السند في شرح المفتاح: إنه جعل الذكر لقصد التعجيب بذكره، حيث قال: أو للدلالة على قصد التعجيب بذكره؛ لأن التعجيب بذكره أقوى، فإذا قصد الدلالة على هذا التعجيب لا بد من الذكر، وفي كون التعجيب في الذكر أقوى خفاء، ونحن نقول: كأنه أراد أن ذكر المسند عند قيام القرينة على المسند؛ لأن في الذكر خصوصية تفيد التعجيب منه، ولو حذف لا تستفاد تلك الخصوصية، كما إذا قيل: من الشجاع؟
فيجاب: بأن زيدا يقاوم الأسد، فلو قيل: زيد لا يستفاد إلا زيد شجاع ولا تعجيب فيه، فإذا أفيد شجاعته بهذا اللفظ أفاده، ولك أن تجعل النكتة التعجيب نفسه، ومن الدواعي أن ذكر المسند التعجيب بالمسند؛ لأنه على صياغة معجبة قد فاق فيه المتكلم، فالأولى أن يطلق التعجيب، ولا يفيد بقوله: