الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الغائب بما وضع لغائب تقدم ذكره، لفظا أو معنى أو حكما، ولم يعرف بمجرد ما وضع بغائب.
والبيان الوافي ما في المفتاح: يدل قوله أو الغيبة أو كان المسند إليه في ذهن السامع لكونه مذكورا أو في حكم المذكور لقرائن الأحوال، ويراد الإشارة إليه، فلما اختصر كلامه اختل.
وبعد اعتبار قيد التقدم وإرادة الإشارة إليه يتجه أنه لا يتعين الإضمار لجواز المعرف بلام تعريف العهد إلا أن يرجح الضمير بكونه موضوعا له بالوضع الإفرادي، والمعرف بلام العهد، وخيل في ذلك فمقام الضمير الغائب أن يتقدم الذكر، ويراد الإشارة إليه من حيث إنه حاضر في ذهن السامع لذلك الذكر، حتى لو تقدم ولم يقصد الإشارة إليه من هذه الحيثية لم يضمر نحو وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ (1). وقولك: إن جاءني زيد جاءني رجل فاضل، وكون التعريف بالإضمار لأن المقام لأحد الأمور لا ينافي أن ضمير المخاطب قد لا يكون معرفة، كما إذا كان لغير معين، وأن الضمير الراجع إلى نكرة محضة لا يكون معرفة على تحقيق الشيخ الرضى.
على أن مقام الخطاب لا يكون فيه ضمير مخاطب غير معين، لأن الخطاب توجيه الكلام نحو الحاضر، فلا يحتاج إلى تزييف مذهب الشيخ الرضى، وجعل أصل الخطاب منصوبا معطوفا على اسم إن، أي التعريف بالإضمار؛ لأن المقام للخطاب.
[وأصل الخطاب]
(وأصل الخطاب أن يكون لمعين) واحدا كان أو كثيرا، عدل عن عبارة المفتاح: أن يكون مع معين لأن استعمال الخطاب مع اللام أشدّ، إذ يقال خاطبته، ولا يقال خاطبت معه.
(وقد يترك إلى غيره) أي قد يترك الخطاب لمعين قصدا إلى غير معين (ليعم) الخطاب (كل مخاطب) أي كل من يصلح له على سبيل البذل، ونحن نقول:
قصد الخطاب إلى المهيئة في ضمن كل فرد كما في يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ* فهو خطاب للجميع، فكما لا عدول لو قيل:(ولا ترون إذ المجرمون) لا عدول في (ولو
(1) الزخرف: 84.
ترى) وهما بمثابة واحدة، فافهم.
ولا يخفى أن خطاب الغير المعين من إخراج الكلام على خلاف مقتضى الظاهر للعدول إلى غير معين؛ بل هو عند التحقيق من قبيل وضع المضمر موضع المظهر، فإن قوله (ولو ترى) الظاهر فيه لو يرى كل أحد، فمقتضى الظاهر أن لا يذكر هنا، بل ذكره هنا يخل بقوله فيما بعد هذا كله مقتضى الظاهر، ولا يخفى أن أصل الخطاب أن يكون لمشاهد، وقد يترك إلى غيره لجعله كالمشاهد لغرض من الأغراض، نحو إِيَّاكَ نَعْبُدُ (1)(نحو وَلَوْ تَرى إِذِ الْمُجْرِمُونَ ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ)(2) فإنه لم يقصد بالخطاب معين ليعم صورة الخطاب كل مخاطب، قصد إلى ظهور فظاعة حال المجرمين في ذلك الوقت، وإليه أشار بقوله (أي تناهت حالهم في الظهور) وانكشف فظاعتها لأهل المحشر، إلى حيث يراها كل راء.
(فلا يختص به) أي بالخطاب، وفي بعض النسخ بها أي بالمخاطبة، أو فلا يختص بالإبصار أو بالرؤية (مخاطب) دون مخاطب، فإن قلت: التنبيه على عموم الرؤية ينافي في إبرازها في صورة الممتنع بدخول لو الامتناعية عليه! ! قلت:
إدخال لو الامتناعية عليه للإشعار بأنها مع عمومها تكاد تمنع لفظاعة حالهم، وعدم وفاء طاقة أحد بمشاهدتها، وفي الإيضاح: وقد يترك إلى غير معين نحو فلان لئيم، إن أكرمته أهانك، وإن أحسنت إليه أساء إليك، فلا تريد مخاطبا بعينه، بل تريد إن أكرم أو أحسن إليه فيخرجه في صورة الخطاب ليفيد العموم، وهو في القرآن كثير، نحو (ولو ترى) الآية. أخرج في صورة الخطاب لما أريد العموم، يريد تخرجه في صورة الخطاب، من غير أن يكون حقيقة، ليفيد عموم كل مخاطب، فإفادة العموم لانتفاء حقيقة الخطاب، وتعلق العموم بكل مخاطب بصورة الخطاب، وهكذا قوله: أخرج في صورة الخطاب لما أريد العموم، وقد صعب على الشارح المحقق سلوك الجادة، فعدل إلى طريق غير مسلوك، وتوهم المحجة الواضحة مسلكا هو المشكوك، وقال قوله ليفيد العموم، متعلق بقوله فلا تريد به مخاطبا بعينه، لا بقوله فيخرجه في صورة الخطاب لفساد المعنى، وكذا
(1) الفاتحة: 5.
(2)
السجدة: 12.