الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
محتاجا إلى تأديب. قال الشارح المحقق: ولعمري لقد أفرط المصنف في وصف القسم الثالث بأن فيه حشوا وتطويلا وتعقيدا، حيث صرح به أولا، ولوح به ثانيا، وعرّض بوصف مختصره بأنه منقح سهل المأخذ أي لا تطويل فيه ولا حشو ولا تعقيد- بأن في القسم الثالث ذلك- أقول: لعل المبالغة ليست لتزييف المفتاح بل لتعذر شروعه في التصنيف مع وجود المفتاح، وقبول العذر منه يحتاج إلى المبالغة في تحقيقه.
(وأضفت إلى ذلك) المذكور من القواعد والأمثلة والشواهد (فوائد) جمع فائدة وهي ما اكتسبت من علم أو مال (عثرت) اطلعت (في بعض كتب القوم عليها) نبه بإضافة البعض على أن مأخذ فوائده كتب مبهمة لا يطلع عليهما إلا متميز في التتبع، فقد أشار في هذه الفقرة إلى كمال ممارسته كما لو صرح بقوله:
(وزوائد لم أظفر في كلام أحد بالتصريح بها ولا بالإشارة إليها) إلى فطانته ترغيبا في توقير كتابه هذا لأنه وجد شرائط الكمال وهو الممارسة والفطانة وتسميته الملتقطات من كتب القوم فوائد ظاهرة، وتسميته مخترعات خاطره زوائد إما تواضع في الغاية حيث جعلها مستغنى عنها، وإما مبالغة في كمالها حيث جعلها زوائد في الفضل على فوائد
[تسمية الكتاب]
(وسميته تلخيص المفتاح) لأنه تبيين المفتاح باعتبار تعقيداته وتلخيصه وجمع خلاصته باعتبار حشواته وتطويلاته والتلخيص هو التبيين والشرح، والتلخيص على ما في القاموس. (وأنا أسأل الله تعالى) قدم المسند إليه إما للتخصيص إظهارا لوحدته في هذا الدعاء وعدم مشارك له فيه بالتأمين ليستعطف به، كأنه قال في أثناء السؤال: إلهي أجبني وارحم وحدتي، وانفرادي عن الأعوان، أو لينبه على أنه محسود أهل الزمان، حتى لا يساعده أحد في سؤاله، وإما لتقوية الحكم لأن كونه سائلا النفع به من محض الفضل من غير أن ينظر إلى استحقاق كفاية الانتفاع بعد إطرائه في وصف كتابه بما يوجب الانتفاع به، مظنة للإنكار فاندفع ما ذكره الشارح المحقق حيث قال: لا يكون لتقديم المسند إليه هاهنا جهة حسن؛ إذ لا مقتضى للتخصيص ولا للتقوى، على أنه يكفي كون الأصل التقديم (1)، ولا مقتضى للعدول عنه جهة للحسن، أما قوله:
(1) في كون الأصل هو التقديم نزاع؛ لأن الأصل: (أسأل الله)، فاستدعى ذلك تخريجه على ما ذكر.
فكأنه قصد إلى جعل الواو للحال فأتى بالجملة الاسمية ففيه أنه لا بد من بيان داع إلى الحال بالواو حتى تتم النكتة. وأما ما قيل إنه لا بد من بيان داع إلى الحال فرجح له على المعطوف؛ ففيه أنه يكفي داعيا بيان بأنه جعل جميع ما صدر عنه مقارنا بحال التضرع إلى الله تعالى، نعم يتجه أن الظاهر أن جملة: أنا أسأل الله، إنشاء للطلب فلا يصلح للحال.
(من فضله) حال من (أن ينفع به) وفي قوله: (كما نفع بأصله) تعريض لطيف بالمفتاح بأنه نفع به مع تجرده عن استحقاق النفع به (إنه ولي ذلك) أي متولي النفع به من غير استعداده النفع به؛ إذ لا يتوقف فيضه على الاستعداد كما هو مذهب أهل الحق (وهو حسبي) أي محسبي وكافي، ولا حاجة لي في مسئولي إلى استعداد تأليفي له، فلا يرد أن الأنسب: والله أسأل؛ ليلائمه قوله:
وهو حسبي؛ لأنه تحصل الملاءمة بسلب الحاجة إلى استعداد المؤلف.
(ونعم الوكيل) يتبادر منه المدح العام بالوكالة لما يتوقع بعده فإما أن يقدر بعده الممدوح أي ونعم الوكيل هو، حذف للعلم به كما في قوله تعالى: نِعْمَ الْعَبْدُ (1) أي أيوب، وحينئذ إن كان تمام الجملة مجرد نعم الوكيل على أحد القولين يلزم عطف مجرد الإنشاء على إخبار ليس بشيء منهما محل الإعراب، والاستدلال بالإنشاء لأن المعطوف عليه مما استدل به، على أنه يجب أن يسأل الانتفاع بهذا المختصر من مجرد فضله تعالى، وإن كان تمام الجملة: نعم الوكيل هو على القول الآخر فإما أن يكون نعم الوكيل خبرا بلا تأويل كما يقتضيه كونه للمدح العام، فيكون عطف الإنشاء على إخبار كذلك، وإما أن يكون مؤولا بجملة خبرية متعلق خبرها جملة إنشائية أي مقول في حقه نعم الوكيل، فلا يكون لإنشاء المدح العام، وهو سلوك في غير مسلك الفهم، وإما أن يعطف على:
حسبي، فيكون الممدوح هو المتقدم، ونظيره ما صرح بجوازه صاحب المفتاح من قولنا: زيد نعم الرجل، فإما أن يكون المعطوف نفس نعم الوكيل، فيلزم الاستدلال بالإنشاء، وإما أن يكون متعلقه المحذوف أي: مقول في حقه: نعم الوكيل؛ فلا يكون هناك إنشاء مدح، ولا محيص إلا بجعل الواو اعتراضية كما في
(1) سورة ص، الآية (44).