الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإلّا عمّ: كقول النبي صلى الله عليه وسلم: لمّا قال له ذو اليدين (1): أقصرت الصّلاة أم نسيت؟ ! -: «كلّ ذلك لم يكن» (2)، وعليه قوله [من الرجز]:
قد أصبحت أمّ الخيار تدّعى
…
علىّ ذنبا كلّه لم أصنع (3)
تأخير المسند إليه:
(1/ 404) وأمّا تأخيره: فلاقتضاء المقام تقديم المسند.
إخراج الكلام على خلاف مقتضى الظاهر:
(1/ 404) هذا كلّه مقتضى الظاهر؛ وقد يخرج الكلام على خلافه:
أ- فيوضع المضمر موضع المظهر؛ كقولهم: (نعم رجلا) مكان: (نعم الرجل زيد) فى أحد القولين (4)، وقولهم:(هو أو هى زيد عالم) مكان الشأن أو القصة؛ ليتمكّن ما يعقبه فى ذهن السامع؛ لأنه إذا لم يفهم منه معنى، انتظره.
(1/ 408) وقد يعكس:
أ- فإن كان (5) اسم إشارة: ، ف:
1 -
لكمال العناية بتمييزه (6)؛ لاختصاصه بحكم بديع؛ كقوله (7)[من البسيط]:
(1) أحد الصحابة.
(2)
الحديث أخرجاه فى الصحيحين، البخارى فى الصلاة 88، ومسلم فى المساجد 97، 98 وغيرهما.
(3)
البيت لأبى النجم الراجز المشهور وهو فى المصباح ص 144.
(4)
وهو قول من يجعل المخصوص خبر مبتدأ محذوف، لا على رأى من يجعله مبتدأ، ونعم رجلا خبر.
(5)
أى المظهر الذى وضع موضع المضمر.
(6)
أى تميز المسند إليه.
(7)
البيتان لابن الراوندى الزنديق أوردهما بدر الدين بن مالك فى المصباح ص: 29 وقد أورد الإمام الطيبى فى التبيان فى جوابه بيتين لطيفين هما:
كم من أديب فهم قلبه
…
مستكمل العقل مقل عديم
ومن جاهل مكثر ماله
…
ذلك تقدير العزيز العليم
انظر التبيان للطيبى بتحقيقى (1/ 158) ط المكتبة التجارية، مكة.
كم عاقل عاقل أعيت مذاهبه
…
وجاهل جاهل تلقاه مرزوقا!
هذا الّذى ترك الأوهام حائرة
…
وصيّر العالم النّحرير زنديقا!
2 -
أو التهكّم بالسامع، كما إذا كان فاقد البصر.
3 -
أو النداء على كمال بلادته.
4 -
أو فطانته.
5 -
أو ادّعاء كمال ظهوره (1)؛ وعليه (2) من غير هذا الباب (3)[من الطويل]:
تعاللت كى أشجى وما بك علّة
…
تريدين قتلى قد ظفرت بذلك (4)
(1/ 411) ب- وإن كان غيره، ف:
1 -
لزيادة التمكين، نحو: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ (5)، ونظيره من غيره (6): وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْناهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ (7).
2 -
أو إدخال الرّوع فى ضمير السامع وتربية المهابة.
3 -
أو تقوية داعى المأمور.
مثالهما: قول الخلفاء: أمير المؤمنين يأمرك بكذا، وعليه من غيره (8):
فَإِذا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ (9).
4 -
أو الاستعطاف؛ كقوله (10)[من الوافر]:
(1) أى ظهور المشار إليه.
(2)
أى على وضع اسم الإشارة موضع المضمر لادعاء كمال الظهور.
(3)
أى باب المسند إليه.
(4)
البيت لابن الدمينة، فى ديوانه ص 16، وأورده بدر الدين بن مالك فى المصباح ص 29.
(5)
سورة الإخلاص: 1 - 2.
(6)
أى نظير قوله تعالى: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ من غير باب المسند إليه.
(7)
سورة الإسراء: 105.
(8)
أى على وضع المظهر موضع المضمر لتقوية داعى المأمور من غير باب المسند إليه.
(9)
سورة آل عمران: 159.
(10)
ينسب البيت لرابعة العدوية وقيل: لإبراهيم بن أدهم وعجزه: مقرّا بالذنوب وقد دعاكا .... -
إلهى عبدك العاصى أتاكا
…
...
(1/ 413) السكاكىّ: هذا غير مختصّ بالمسند إليه، ولا بهذا القدر، بل كلّ من التكلّم والخطاب والغيبة مطلقا (1): ينقل إلى الآخر، ويسمّى هذا النقل التفاتا؛ كقوله (2) [من المتقارب]:
تطاول ليلك بالأثمد
…
...
(1/ 415) والمشهور (3): أنّ الالتفات هو التعبير عن معنى بطريق من الثلاثة بعد التعبير عنه بآخر منها، وهذا أخصّ:
مثال الالتفات من التكلّم إلى الخطاب: وَما لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (4).
وإلى الغيبة: إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (5).
(1/ 418) ومن الخطاب إلى التكلم [من الطويل]:
طحا بك قلب فى الحسان طروب
…
بعيد الشّباب عصر حان مشيب
تكلّفنى ليلى وقد شطّ وليها
…
وعادت عواد بيننا وخطوب (6)
وإلى الغيبة: حَتَّى إِذا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ (7).
(1/ 419) ومن الغيبة إلى التكلم وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً
- أورده محمد بن على الجرجانى فى الإشارات ص 55، وبدر الدين بن مالك فى المصباح ص 30.
(1)
أى وسواء كان فى المسند إليه أو غيره وسواء كان كل منها واردة فى الكلام أو كان مقتضى الظاهر إيراده.
(2)
هو لامرئ القيس فى ديوانه 344، والإيضاح ص 195، والمصباح ص 35، والأثمد موضع، بفتح الهمزة وضم الميم، وعجزه: ونام الخلى ولم ترقد.
(3)
هذا مذهب الجمهور.
(4)
سورة يس: 22.
(5)
سورة الكوثر: 1 - 2.
(6)
البيتان لعلقمة بن عبدة فى ديوانه ص 33، والمصباح ص 32، والإيضاح ص 158، طحا:
ذهب وبعد. الولى: القرب.
(7)
يونس: 22.
فَسُقْناهُ (1) وإلى الخطاب: مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ إِيَّاكَ نَعْبُدُ (2).
(1/ 421) ووجهه (3): أنّ الكلام إذا نقل من أسلوب إلى أسلوب: كان أحسن تطرية (4) لنشاط السامع، وأكثر إيقاظا للإصغاء إليه؛ وقد تختصّ مواقعه بلطائف كما فى الفاتحة؛ فإن العبد إذا ذكر الحقيق بالحمد عن قلب حاضر، يجد من نفسه محرّكا للإقبال عليه، وكلما أجرى عليه صفة من تلك الصفات العظام، قوى ذلك المحرّك إلى أن يئول الأمر إلى خاتمتها المفيدة: أنه مالك الأمر كله فى يوم الجزاء، فحينئذ: يوجب الإقبال عليه، والخطاب بتخصيصه بغاية الخضوع، والاستعانة فى المهمّات.
(1/ 423) ومن خلاف المقتضى: المخاطب بغير ما يترقّب بحمل كلامه على خلاف مراده، تنبيها على أنه هو الأولى بالقصد؛ كقول القبعثرى للحجّاج- وقد قال له متوعّدا:«لأحملنّك على الأدهم! » -: «مثل الأمير يحمل على الأدهم والأشهب! » (5) أى: من كان مثل الأمير فى السلطان وبسطة اليد، فجدير بأن يصفد لا أن يصفد (6).
(1/ 425) أو السائل بغير ما يتطلّب؛ بتنزيل سؤاله منزلة غيره؛ تنبيها على أنه الأولى بحاله، أو المهمّ له؛ كقوله تعالى: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ (7)، وكقوله تعالى: يَسْئَلُونَكَ ماذا يُنْفِقُونَ قُلْ ما أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ (8).
(1) فاطر: 9.
(2)
الفاتحة: 4 - 5.
(3)
وجه حسن الالتفات.
(4)
أى تجديدا وإحداثا.
(5)
فحمل الأدهم فى كلام الحجاج على الفرس الأدهم- وهو الذى غلب سواده حتى ذهب البياض الذى فيه- وضم إليه الأشهب أى الذى غلب بياضه حتى ذهب سواده، ومراد الحجاج إنما هو القيد، فنبه القبعثرى على أن الحمل على الفرس الأدهم هو الأولى بأن يقصده الأمير.
(6)
يصفد كيكرم: بمعنى يعطى، ويصفد كيضرب بمعنى يقيد لكنه فى ط الحلبى:«فجدير بأن يصعد لا أن يصفد» فليراجع! .
(7)
سورة البقرة: 179.
(8)
سورة البقرة: 215.