الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أحدهما: أن تخبر بالذي عن نكرة، فتقول لمن قال: جاءني رجل: الذي جاءك رجل، تصديقا له.
وثانيهما: أن تخبر عن نكرة بشاهد التتبع لا عقلا كمن قال به، ولم يساعده العقل إلا أن يقال: جعل الامتناع عقليّا بناء على أن التتبع يحكم بالامتناع لرعاية مناسبة عقلية، وإلا فمن أين يعرف أن: ليس قائم زيد حكما على قائم يزيد؟ ولم يرد بالامتناع العقلي عدم تجويز العقل حتى يحكم بفساد الدعوى بينا، وبأن ما ذكر في توجيهه من الأصل في المسند إليه التعريف، وفي المسند التنكير، ومخالفة أصلين مستبعد عند العقل لا يثبت الامتناع وإنما تركهما؛ لأنهما من مباحث علم آخر، وجعلهما من دواخل البلاغة تكلف؛ فعد المصنف ذكرهما من تطويلات المفتاح.
والشارح المحقق ظن أن ترك الأول لدخوله تحت إرادة عدم الحصر والعهد وهو سهو بيّن؛ إذ قصد رعاية حكاية خبر الذي على ما كان في كلام الغير ليس عين قصد عدم الحصر والعهد، ولأن المحكي يجوز أن يكون تنوينه للتفخيم أو للتحقير.
فإدخال الحكاية تحت مجرد بيان هذه النكتة ظاهر الفساد (نحو: زيد كاتب، وعمر وشاعر) وكأنه أشار بتكثير مثاله أنه أكثر من غيره (أو للتفخيم، نحو: هُدىً لِلْمُتَّقِينَ)(1) أي: هو أو ذلك الكتاب هدى للمتقين (أو للتحقير) قال الشارح: نحو ما زيد شيئا.
والظاهر: أن تحقيره إنما يستفاد من نفي مشيئتيه، فالوجه: أن تنكيره ليعم النفي، ومثال التنكير للتحقير: ما زيد شيئا إلا شاء. ولو قال: بدل قوله: أو للتفخيم أو للتحقير أو لما مر في تنكير المسند إليه لكان أخصر وأفيد.
[وأما تخصيصه بالإضافة أو الوصف فلكون الفائدة أتم]
(وأما تخصيصه بالإضافة أو الوصف) لا يخفى أن تسمية المضاف مع المضاف إليه والمضاف مع الصفة مركبا تقييديا يقتضي أن يقال: وأما تقييده بالإضافة أو الوصف إلا أنهم ادعوا أن التخصيص في الإضافة، والوصف، والتقييد في المفعول ونحوه اصطلاح، وهل هو مجرد اصطلاح، أو مبني على
(1) البقرة: 2.
مناسبه؟
ذهب إلى الأول الشارح، والسيد السند نقل تكلفا لإخراجه عن مجرد الاصطلاح، فقال: تقييد الفعل بمفعول ونحوه بعد الإسناد وتخصيص الاسم بالإضافة أو الوصف قبل الإسناد، فأريد التنبيه على الفرق بتخصيص كل باسم، وأما تخصيص أحد الاسمين بأحد المعنيين، فلأن الاسم بحسب أصل وضعه مطلق غير عام، فيناسبه التقييد، وأما الاسم فقد يكون فيه ما يدل على العموم والشمول في أصل الوضع، فيناسبه التخصيص، وهذا القدر في الرجحان كاف.
وأما المشتقات فهي باعتبار العمل في حكم الفعل وتابعة له.
ونعم الوجه ما نقله الشارح من أن: التخصيص عندهم عبارة عن نقص الشيوع، والفعل إنما يدل على الحدث المطلق الغير مقيد بالوحدة، أي:
الطبيعة المطلقة والحال مقيدة، والوصف يجيء للاسم الذي فيه الشيوع، فيخصصه هذا.
وتلخيصه: أن الطبيعة المطلقة يلاحظها العقل من حيث إنها واحدة، فتكثرها بالتقييد، ولا شيوع قبل الكثرة بخلاف الاسم، فإنه يدل على الطبيعة المقيدة بالوحدة الشائعة بين كثيرين، فبالإضافة أو الوصف ينقص الشيوع الذي يشاهده العقل حين سماع الاسم، فيناسب وصف الفعل بالتقييد والمضاف والموصوف بالتخصيص، وقد خفي تلخيصه على الشارح، فسماه «وهما» متمسكا بأنه إن أراد بالشيوع الشمول والعموم، فالنكرة في الإيجاب ليست كذلك.
وإن أراد احتمال الصدق على كل فرض يفرض، ففي الفعل أيضا شيوع، فإنّ: جاء زيد يحتمل مجيئات كثيرة ومنشأ ذلك عدم الفرق بين الشيوع في الواقع وبين كون شيوعه في نظر العقل عند فهمه من اللفظ. ونحن نقول: إنما عدل عن التقييد إلى التخصيص؛ ليخص بحثه بالنكرات على ما يقتضيه مقابلته بقوله، وأما تعريفه، فلو قال: وأما لتقييده بالإضافة أو الوصف لكان شاملا للإضافة إلى المعرفة والوصف بها، فلما قال: وأما تخصيصه خص بالنكرة. إذ التخصيص في النكرات، والتوضيح في المعارف بقى أنه لا وجه لبيان الوصف المخصص دون