المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

أضاف ليلى إلى نفسه حين كونها من الظبيات في التوحش - الأطول شرح تلخيص مفتاح العلوم - جـ ١

[العصام الأسفراييني]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة المحقق

- ‌ترجمة المؤلف

- ‌متن كتاب التّلخيص في علوم البلاغة وهو تلخيص كتاب «مفتاح العلوم» للسّكاكيّ

- ‌كلمة الافتتاح

- ‌مقدّمة فى بيان معنى الفصاحة، والبلاغة

- ‌الفنّ الأوّل علم المعاني

- ‌تنبيه (1/ 213) صدق الخبر: مطابقته للواقع، وكذبه: عدمها

- ‌أحوال الإسناد الخبريّ

- ‌إخراج الكلام على خلاف مقتضى الظاهر

- ‌أحوال المسند إليه

- ‌أولا: حذف المسند إليه، وذكره

- ‌ثانيا: تعريف المسند إليه، وتنكيره

- ‌[أتعريفه]

- ‌تعريف المسند إليه بالعلمية:

- ‌تعريف المسند إليه بالموصليّة:

- ‌تعريف المسند إليه بالإشارة:

- ‌تعريف المسند إليه باللام:

- ‌تعريف المسند إليه بالإضافة:

- ‌ب- تنكير المسند إليه

- ‌ثالثا: إتباع المسند إليه، وعدمه

- ‌وصف المسند إليه:

- ‌توكيد المسند إليه:

- ‌بيان المسند إليه:

- ‌الإبدال من المسند اليه:

- ‌العطف على المسند إليه:

- ‌رابعا:‌‌ تقديم المسند إليه، وتأخيره:

- ‌ تقديم المسند إليه

- ‌رأى عبد القاهر:

- ‌رأى السكاكى:

- ‌تأخير المسند إليه:

- ‌إخراج الكلام على خلاف مقتضى الظاهر:

- ‌أحوال المسند

- ‌ترك المسند اليه:

- ‌ذكر المسند إليه:

- ‌وأما تنكيره:

- ‌وأما تخصيصه بالإضافة أو الوصف:

- ‌وأما تركه:

- ‌وأما تعريفه:

- ‌وأما كونه جملة:

- ‌وأما تأخيره:

- ‌وأما تقديمه:

- ‌تنبيه

- ‌أحوال متعلّقات الفعل

- ‌القصر

- ‌[طرق القصر]

- ‌منها: العطف

- ‌ومنها: النفى والاستثناء

- ‌ومنها: إنّما

- ‌ومنها: التقديم

- ‌الإنشاء

- ‌منها التمنّي

- ‌ومنها: الاستفهام

- ‌ومنها: الأمر

- ‌ومنها: النهي

- ‌[ومنها: العرض]

- ‌ومنها: النداء

- ‌الفضل والوصل

- ‌الإيجاز والإطناب والمساواة

- ‌(المساواة)

- ‌(الإيجاز)

- ‌(الإطناب)

- ‌الفنّ الثاني علم البيان

- ‌ التشبيه

- ‌ طرفاه

- ‌ ووجهه

- ‌أركان التشبيه

- ‌(الغرض من التشبيه)

- ‌خاتمة

- ‌الحقيقة والمجاز

- ‌ الاستعارة

- ‌المجاز المرسل

- ‌المجاز المركّب

- ‌فصل (2/ 305) عرّف السكاكى الحقيقة اللغوية بالكلمة المستعملة فيما وضعت له، من غير تأويل فى الوضع

- ‌فصل (2/ 332) حسن كل من التحقيقيّة والتمثيل

- ‌فصل (2/ 336) وقد يطلق المجاز على كلمة تغيّر حكم إعرابها

- ‌(الكناية)

- ‌فصل (2/ 360) أطبق البلغاء على أنّ المجاز والكناية أبلغ من الحقيقة والتصريح

- ‌الفنّ الثالث علم البديع

- ‌ المطابقة

- ‌المحسّنات المعنويّة

- ‌المقابلة

- ‌مراعاة النظير

- ‌الإرصاد

- ‌المشاكلة

- ‌المزاوجة

- ‌العكس

- ‌الرجوع

- ‌التورية

- ‌الاستخدام

- ‌اللف والنشر

- ‌الجمع

- ‌التفريق

- ‌التقسيم

- ‌الجمع مع التفريق

- ‌الجمع مع التقسيم

- ‌الجمع مع التفريق والتقسيم

- ‌التجريد

- ‌المبالغة

- ‌المذهب الكلامي

- ‌حسن التعليل

- ‌التفريع

- ‌تأكيد المدح بما يشبه الذم

- ‌تأكيد الذم بما يشبه المدح

- ‌الاستتباع

- ‌الإدماج

- ‌التوجيه

- ‌الهزل يراد به الجد

- ‌تجاهل العارف

- ‌القول بالموجب

- ‌الاطراد

- ‌المحسنات اللفظية

- ‌رد العجز على الصدر

- ‌السجع

- ‌الموازنة

- ‌القلب

- ‌التشريع

- ‌لزوم ما لا يلزم

- ‌خاتمة: فى السّرقات الشّعريّة، وما يتّصل بها، وغير ذلك

- ‌ الاقتباس

- ‌التضمين

- ‌العقد

- ‌الحلّ

- ‌التلميح

- ‌فصل (2/ 523) ينبغى للمتكلّم أن يتأنّق فى ثلاثة مواضع من كلامه

- ‌[الخطبة]

- ‌[تسمية الكتاب]

- ‌[مقدمة]

- ‌[(الفصاحة)]

- ‌[والبلاغة]

- ‌[فالتنافر]

- ‌[والغرابة]

- ‌[والمخالفة]

- ‌[قيل ومن الكراهة في السمع]

- ‌[وفي الكلام خلوصه]

- ‌[أما في النظم]

- ‌[وأما في الانتقال]

- ‌[قيل ومن كثرة التكرار]

- ‌[وفي المتكلم ملكة يقتدر بها]

- ‌[والبلاغة في الكلام]

- ‌[فمقتضى الحال]

- ‌[ولها طرفان: ]

- ‌[وأن البلاغة مرجعها إلى الاحتراز]

- ‌(الفن الأول: علم المعاني)

- ‌[صدق الخبر]

- ‌(أحوال الإسناد الخبري)

- ‌[وقد ينزل العالم بهما منزلة الجاهل]

- ‌[ثم الإسناد منه حقيقة عقلية]

- ‌[ومنه مجاز عقلي]

- ‌[وأقسامه أربعة]

- ‌(أحوال المسند إليه)

- ‌[أما حذفه فللاحتراز عن العبث]

- ‌[وأما ذكره فلكونه إلخ]

- ‌[وأما تعريفه]

- ‌[فبالإضمار 291

- ‌[وأصل الخطاب]

- ‌[وبالعلمية]

- ‌[وبالموصولية]

- ‌[وبالإشارة]

- ‌[وباللام]

- ‌[وقد يفيد الاستغراق]

- ‌[وبالإضافة]

- ‌[وأما تنكيره]

- ‌[وأما وصفه]

- ‌[وأما توكيده]

- ‌[وأما بيانه]

- ‌[وأما الإبدال منه]

- ‌[وأما العطف]

- ‌[وأما الفصل]

- ‌[وأما تقديمه]

- ‌[وإن بنى الفعل على منكر]

- ‌[ومما نرى تقديمه كاللازم]

- ‌[مبحث كلمة كل]

- ‌[وأما تأخيره فلاقتضاء المقام]

- ‌[ويسمى هذا النقل عند علماء المعاني التفاتا]

- ‌[أحوال المسند أما تركه فلما مر]

- ‌[وأما ذكره فلما مر]

- ‌[وأما إفراده فلكونه غير سبب]

- ‌[وأما كونه فعلا فللتقييد بأحد الأزمنة الثلاثة]

- ‌[وأما كونه اسما فلإفادة عدمهما]

- ‌[وأما تقييد الفعل بمفعول ونحوه وأما تركه فللمانع منهما]

- ‌[وأما تقييده بالشرط]

- ‌[وأما تنكيره فلإرادة عدم الحاصر والعهد]

- ‌[وأما تخصيصه بالإضافة أو الوصف فلكون الفائدة أتم]

- ‌[وأما تعريفه فلإفادة السامع حكما]

- ‌(أحوال متعلقات الفعل)

- ‌[الحذف وأغراضه]

- ‌[أنواع القصر]

- ‌[شروط قصر الموصوف على الصفة]

- ‌(الإنشاء)

- ‌[أنواعه]

- ‌[من أنواع الطلب]

الفصل: أضاف ليلى إلى نفسه حين كونها من الظبيات في التوحش

أضاف ليلى إلى نفسه حين كونها من الظبيات في التوحش والاجتناب من الناس، ولم يرض بتلك الإضافة حين كونها من البشر لكمال غيرته.

(أو التبرك به) أو نحو ذلك المذكور من كل واحد من تلك الأمور من التفاؤل والتطير، والتسجيل على السامع، أو غير ذلك مما ذكرنا نحوا منه.

[وبالموصولية]

(وبالموصولية) ينبغي أن يجمع التعريف بالموصولية مع التعريف باللام لكونهما في مرتبة، ويذكر التعريف باسم الإشارة بعد العلم لكونه بعده في المرتبة، وإنما ترك بيان المصحح للموصولية لأنه معلوم من النحو، ولذا تركه في سائر المعارف، والمفتاح ذكره في بعض تذكيرا لما عسى أن يغفل عنه المتعلم، لبعد عهده عن موضوع بيانه، وبتركه في بعض إشارة إلى أن بيانه ليس من موجبات كتب الفن.

وأشار إلى ما هو وظيفة الفن في بيان الموجب أو المرجح، والمرجح كما يكون بالنسبة إلى بعض ويكتفي به البليغ بكون الموجب أيضا كذلك، فعدم العلم بما سوى الصلة من الأمور المختصة موجب للموصول بالنسبة إلى العلم، وإن أمكن إيراده حينئذ بالمعرف الموصوف بالموصول مرجح له بالنسبة إليه، لأن ذكر الموصوف لغو فلا ينبغي أن يكذب الإشارة إلى تفصيل الباعث الموجب، والمرجح أنه لا موجب فيما ذكره (لعدم علم المخاطب بالأحوال المختصة به سوى الصلة كقولك الذي كان معنا أمس رجل عالم) وهذه النكتة لا تخص الموصول؛ بل تجري في العلم، واسم الإشارة، والمضاف، والمفتاح ذكره فيها أيضا، ولا بهذا القدر؛ بل تكون لعدم علم المتكلم أو عدم علم واحد منهما بما سوى الصلة من الأمور المختصة، إلا أنها نكتة قليلة الجدوى، لا يلتفت إليها البليغ، لكونها اضطرارية غير مفضية إليها دقة نظر، فلذا لم يهتم المصنف لاستيفائها، وهذا معنى قول الشارح المحقق: ولم يتعرض لما لا يكون للمتكلم أو لكليهما علم بغير الصلة نحو الذين في قلوبهم بلاد الشرق لا أعرفهم أو لا نعرفهم لقلة جدوى هذا الكلام، ومن لم يعرف المرام قال عدم الجدوى مختص بهذا المثال، فلو قيل: الذين في بلاد الشرق يكرمون الضيف لكان كثير الجدوى، والأولى لعدم العلم بالأمور المختصة ليشمل عدم العلم بالاسم أيضا بلا خفاء.

ص: 302

وقوله: (سوى الصلة) بنفي العلم بالحال المختص الذي هو الصفة؛ فإن الصلة جملة معلومة الانتساب إلى معين، والصفة جملة معلومة الانتساب إلى شخص، ولذا تخصص بها النكرة بخلاف الصلة؛ فإنها توضح المعرفة، وبهذا اندفع أن هذا الباحث لا يقتضي الموصول لجواز التعبير بالنكرة الموصوفة؛ لأنه مقتضي الموصول، واختيار النكرة الموصوفة يحتاج إلى نكتة عدول، ولا يحتاج إلى ما قال السيد السند في دفعه من أن الكلام في مرجح تعريف على تعريف، بعد أن كان المقام للتعريف، فالنكرة الموصوفة بمعزل عنه، ولا إلى ما قال الشارح المحقق: أن المرجح لا يجب فيه الاطراد، والانعكاس؛ بل هو ما يكون له مناسبة وملائمة بالاعتبار المناسب، ولا يرد ما أورد على السيد السند أنه لا يفيد الترجيح على المعرف الموصوف بالموصول؛ لأن ذكر المعرف لغو إذ يكفي الموصول.

(أو استهجان التصريح بالاسم) الأولى بالعلم ليشمل اللقب والكنية أيضا بلا خفاء، ولم يقل لاستهجان الذكر بالاسم للتنبيه على جهة الاستهجان، وهي التصريح، والاستهجان إما لمصلحة يعود إلى المسند إليه كما في الآية، لأن من له شرف إذا احتيج إلى ذكر ما صدر عنه ما لا يليق به لا يحسن أن يصرح به، وإما لمصلحة يعود إلى غيره كما إذا فعل المسند إليه تعظيم ما لا يحسن التصريح بأنه فعل به ذلك نحو ضرب الأمير من أمره السلطان بضربه، وهذه النكتة لا ترجح الموصول إلا على العلم.

(أو زيادة التقرير) ولم يقل أو زيادة تقريره ليعم زيادة تقرير المسند، وزيادة تقرير المسند إليه، وزيادة تقرير غيرهما، من المفعول والغرض المسوق له الكلام، فلو قال: تقرير لكان أظهر، فالخلاف في أن المراد تقرير المسند والمسند إليه والغرض المسوق له الكلام مما لا يلتفت إليه أو الإفهام والحصر في الثلاثة من قصور أنظار الأوهام، ويرد عليك توضيح هذا المحل مع مزيد إنعام من الملك العلام في شرح ما مثل به مقتضى المقام أعني قوله (نحو وَراوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِها عَنْ نَفْسِهِ)(1) أي هما نحو هذه الآية يعني التعريف بالموصولية لاستهجان التصريح بالاسم، ولزيادة التقرير كما يرشد إليه كلام المفتاح، وإن كان يوهم اقتصار

(1) يوسف: 23.

ص: 303

الإيضاح على تطبيقه على زيادة التقرير اختصاصه بالثاني، وفي تمثيل مقامين بمثال واحد تنبيه على أنه لا منع جمع بين المقامات ولا خفاء في أن في الاسم الموصول مزيد تقرير ثبوت المراودة، أي: المخادعة، والتمحل لموافقة يوسف إياها لها؛ لأنه إذا كان مولى لها يكون في غاية التمكن من تلك، ومزيد تقرير المسند إليه لدفع الاحتمال الذي في غير الموصول من زليخا، وامرأة العزيز بناء على احتمال اشتراكهما، وزيادة تقرير مراودة يوسف، ودفع استبعاد مراودته بكونه مملوكا لها، وزيادة تقرير الغرض المسوق له الكلام من نزاهة يوسف- عليه السلام حيث أفاد إباءه عن الفحشاء، مع سعي مالكته فيه بالغة غاية الاهتمام، وفيه تنزيه دقيق آخر لم يدركه العلماء الأعلام وهو أن نزاهته بحيث أنه لو لم يكن مملوكا لها لم تتمكن من مراودته، ومن عجاب ما وقع من بعض الكتاب على هذا الكتاب أنه كيف يكون التي هو في بيتها أدل من زليخا امرأة العزيز، وقد تكرر في الأصول أن دار فلان يحتمل الدار المملوكة، والعارية، والمستأجرة، ولم يدر أن صاحبة الدار ومالكتها أيضا محتملة أكثر احتمال من امرأة العزيز، فأي شيء يحوجه إلى الرجوع بأئمة الأصول، وأن نسبة العبد إلى شخص بكونه في بيته تفيد أنه مملوك له، وكون الموصول غير محتمل لأن مالكة يوسف- عليه السلام متعينة غير محتملة.

(أو التفخيم) أي التعظيم على ما في القاموس، وفي المختصر أي التعظيم والتهويل (نحو فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ ما غَشِيَهُمْ)(1) قوله من اليم بيان ما غشيهم، أو من للتبعيض، وهو حال على التقديرين، والتعظيم لكثرة ما غشيهم، حيث اجتمع مدة مديدة، وحبس حتى مر بنو إسرائيل، ودخل آل فرعون بتمامه، وكمال قوته وشدته لمنعه عما يقتضيه طبعه من الجريان، حتى ازدحم، فتأثيره فيهم كان في النهاية، أو التعظيم لأنه كان ماء منقادا لحكم الله محكوما بما هو خارق العادة، مأمورا بعذابهم، فعذبهم بما ليس عادة المادة الماء مثله، ويحتمل أن يكون الموصول في الآية للإيهام لبعده عن الأفهام، حيث وجد منه ما لا تقبله العقول، وتتأبى عن القبول، ومنه قول أبي نواس:

(1) طه: 78.

ص: 304

ولقد نهزت مع الغواة بدلوهم

وأسمت سرح اللحظ حيث أساموا

بلغت ما بلغ أمرؤ بشبابه

فإذا عصارة كل ذاك أثام (1)

والأثام بفتح الهمزة واد في جهنم، والعقوبة، وبكسر كالمأثم، كذا في القاموس.

(أو تنبيه المخاطب على خطأ)، سواء كان خطؤه أو خطأ غيره، فلذا أنكره نحو قول عبدة بن الطبيب من قصيدة يعظ فيها بنيه:

إن الذين ترونهم

على صيغة المجهول من الإراءة أي تظنونهم لأن مجهول هذا الباب من الرؤية تعارف في الظن، والمراد بالظن ما سوى اليقين كما قد يجيء بهذا المعنى، لأن ذلك حكم ظن الأخوة دون الجزم، ولأن الأخوة لا تكون إلا مظنونة لأن الناس أصناف مظنون الأخوة، ومجزومها، ومتيقنها، وصيغة المعروف تروها الرواية، والدراية؛ لأنها بمعنى اليقين، فلا يتصور فيها الخطأ:[إخوانكم يشفى غليل صدورهم] الغليل: العطش أو شدته، أو حرارة الجوف، كذا في القاموس [أن تصرعوا](2) أي أن تطرحوا على الأرض، والصرع الطرح في الأرض، والظن أنه كناية عن أن تغلبوا، وقال الشارح أي أن تهلكوا أو تصابوا بالحوادث، ففيه تنبيه المخاطب على خطئه في الاعتقاد ليجتنب عن مثل هذا الاعتقاد، ولا يرضى بالاعتماد على أحد يظن به الوداد وعلى خطأ إخوانه في المعاملة معه، إذ الالتئام الذي يبتني عليه المهام أن لا يفوت منك في شأن أخيك الاهتمام، فالمثال لقسمي الخطأ.

قال الشارح المحقق: ففيه من التنبيه على خطئهم في هذا الظن ما ليس في

(1) البيتان لأبي نواس، ونهز الدلو في البئر: إذا ضرب بها في الماء لتمتلئ. وقصده: شاركت الغواة في غيهم، والإضافة في:«سرح اللحظ» من إضافة الصفة إلى الموصوف، والسرح في الأصل: ذهاب الماشية إلى المرعى. والعصارة: ما تحلب مما عصر والمراد هنا الثروة والنتيجة، وهما في الإيضاح (44).

(2)

البيت لعبدة بن الطبيب، وهو شاعر مخضرم، والبيت في ديوانه (48)، والإيضاح (44)، والتبيان (1/ 156)، والمفضليات (147)، وشرح عقود الجمان (67)، ومعاهد التنصيص (1/ 100)، والمفتاح (97)، ولطائف التبيان (51).

ترونهم: تظنونهم، وغليل الصدور: الحقد، وتصرعوا: تلاقوا مصرعكم وهلاككم.

ص: 305

قولهم إن القوم الفلاني، هذا ويتبادر منه أن كلام الشاعر في قوم مخصوص والظن أنه تنبيه على اعتقاد يتعلق منه بالناس أيا كانوا، وأي وقت كان، فليس هناك قوم معينون يتأتى التعبير عنهم بالقوم الفلاني، بل من نكات التعبير بالموصول في البيت عدم علم المخاطب، ولا المتكلم بهم، بما سوى الصلة، ويحتمل أن يكون المقصود التحذير عن الناس، فالتعبير بالموصول ليلزم ثبوت الحال لمن ليس له الصلة بطريق الأولى، فخذها من نكات الموصولية، فإنها تعم النكتة.

والسكاكي جعل البيت من الإيماء إلى وجه بناء الخبر ليتوسل به إلى التنبيه على الخطأ. والمصنف عدل عنه، وجعله للتنبيه على خطأ لأنه لا إيماء في الموصول إلى وجه بناء الخبر، لأنه يقتضي بناء نقيضه عليه، ورده الشارح المحقق بأن الذوق والعرف شاهدا صدق على أن التعبير عمن يعتقده المخاطب أخا له لمن يظنه أخا يومي إلى أن الخبر عنه يكون بما ينافي الأخوة، ولا يخفى أن خطأهم مستفاد من الموصول كالإيماء من غير أن يتوسط في ذلك الإيماء، وجعل الإيماء ذريعة لا يصفوا عن شائبة التكلف، فلم يخطئ في العدول، وإن أخطأ في نفي إيماء الموصول، إلا أن يقال: المراد: التنبيه الواضح الحاصل من البرهان، والموصول قد يكون للتنبيه على صواب، نحو: إن الذي رأيته محبّا لك لم يقصر في محبتك.

(أو الإيماء إلى وجه بناء الخبر وعلى جهته) أقول في القاموس: وجه الكلام السبيل المقصود، فالإيماء إلى وجه بناء الخبر الإيماء إلى سبيل بناء الخبر وإنه إلى أي مقصد ينتهي بعد معرفة بنائه، ولذا قال المفتاح: إلى وجه بناء الخبر الذي نبه عليه إشارة إلى أن الإيماء إنما يتم بعد تحصيل بنائه، وإنما قال: الخبر لأن الكلام في الخبر، وشأن الحكم المشترك بينه وبين الابتداء أن يعرف بالمقايسة فالمقصود أن (نحو إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ)(1) يومئ إلى أن سبيل الخبر عن دخولهم جهنم صاغرين كون دخولهم على هذه الصفة على طبق استكبارهم عن العبادة، وقوله [إن الذي سمك السماء](2) يومئ إلى أن

(1) غافر: 60.

(2)

البيت للفرزدق، يفتخر ببيته في تميم على جرير، لأنه كان من ذوي الشرف فيهم، وليس المراد بالبيت الكعبة كما ذكر الدسوقي في حاشيته على المختصر، انظر البيت في الإيضاح (44)،

-

ص: 306

سبيل الإخبار ببناء البيت الأرفع ليس مزية رفعة، تكون معتادة فيما بين البيوت، بل تفاوت يكون بين السماء وسائر الأبنية الرفيعة، ثم إن ذلك الإيماء ربما يقصد به تعظيم الخبر، كما في هذا البيت، وقوله: إن كَذَّبُوا شُعَيْباً كانُوا هُمُ الْخاسِرِينَ (1) فإنه يدل على أن سبيل الإخبار بخسرانهم ليس الخسران المتعلق بالدار الفانية التي ربما يجبر بالسعي في مقدمات الريح، بل الخسران الأخروي الذي لا تدارك له، وفيه تعظيم شأن شعيب- عليه السلام وقوله:

إن التي ضربت بيتا مهاجرة بكوفة

الجند غالت ودها غول (2)

يومئ إلى أن سبيل الإخبار بهلاك ودها أنها استأصلت ولم يبق منها شيء حتى اختارت المهاجرة إلى بلدة بعيدة، يبعد طريق الوصول إليها، وملاقاتها فلو كان بقي من ودها أثر لما اختارت ذلك.

ثم إنه يجعل ذلك الإيماء وسيلة إلى تحقيق الخبر، وبيان أنه لا محالة واقع، ومن هذا تبين الفرق بين الإيماء إلى وجه بناء الخبر وتحقيقه، واندفع تزييف المصنف جعل الإيماء ذريعة إلى تحقيق الخبر بعدم الفرق بينهما، ولذا تركه، وقال الشارح المحقق: الإيماء إلى وجه بناء الخبر هو الإيماء إلى طرزه وطريقه، وإلى أنه من أي جنس، أمن جنس الثواب أو العقاب؟ وحاصله أن يأتي بالفاتحة على وجه ينبه على الخاتمة، كالإرصاد في علم البديع، ويرد عليه أنه لا بد من فارق بينه وبين الإرصاد حتى لا يكون جعله من البلاغة، وجعل الإرصاد من توابعها تحكما، ورده السيد السند بأن المتبوع هو الخبر لا بناؤه، فلفظ البناء مستدرك

- والمصباح (16)، ديوانه (155)، والمفتاح (97)، وشرح المرشدي على عقود الجمان (1/ 59) والإرشارات والتنبيهات (38)، والتبيان للطيبي (1/ 156)، ولطائف التبيان (50). كلاهما بتحقيق د/ عبد الحميد هنداوي.

وقوله: سمك: بمعنى رفع، ودعائم البيت: عماده، والواحدة: دعامة.

(1)

الأعراف: 92.

(2)

البيت لعبدة بن الطبيب، أورده الجرجاني في الإشارات والتنبيهات (38)، والمفتاح (97)، شرح المرشدي على عقود الجمان (1/ 59)، وكوفة الجند هي: مدينة الكوفة وروى أبو زيد (بكوفة الخلد) على أنه موضع، وقال الأصمعي: إنما هو (بكوفة الجند) والأول تصحيف، والغول: حيوان خرافي، وضرب البيت بالكوفة والهجرة إليها فيه إيماء إلى أن طريق بناء الخبر أمر من جنس زوال المحبة، وهو مع هذا يحقق زوال المودة، ويقره حتى كأنه دليل عليه.

ص: 307

وإن أريد به الخبر المبني عليه، إذ لا فائدة في وصفه بالمبني عليه، هذا على أن لفظ المفتاح يأبى عن هذا التأويل لأنه قال: وجه بناء الخبر الذي نبه عليه، وبأن الإيماء إلى وجه الخبر بهذا المعنى لا يكون وسيلة إلى تعظيم الخبر، بل تعظيمه إنما يحصل من استناده إلى المعلوم بهذه الصلة، قدم على المسند إليه أو أخر، وكذا تعظيم غيره وإهانة الخبر، وإهانة غيره، مع أنه جعل الإيماء المذكور وسيلة.

ويمكن أن يقال أن تلك الأمور كما تحصل من الاستناد تحصل من معرفة كونه من جنس الصلة، فكما يحصل التعظيم بكونه فعل من رفع السماء، يحصل بكونه من جنس رفع السماء، وأنه إذا كان يحصل من الاستناد، فإذا علم من الموصول جنس المستند إليه حصل التعظيم أو لا إهانة، نعم يحصل من نفس الاستناد أيضا فيمكن أن يجعل الإيماء ذريعة، وأن يجعل نفس الموصول ذريعة، لكن لا يخفى أن الواضح الخالي عن التكلف كون الموصول مفيدا للتعظيم، فالإعراض عنه والإقبال إلى الاستفادة من الإيماء تكلف وتعسف، واختار السيد السند جعل الوجه بمعنى العلة، وفسره بعلة إسناد الخبر إلى الموصول يومئ إلى علة إسناد الخبر إلى المسند إليه، وربما يجعل ذلك الإيماء وسيلة إلى أمور ذكرت. وفيه أن ذلك الإيماء لا يخص الخبر، بل يشمل كل مسند، فتخصيصه بالخبر من غير مخصص، وكيف وقولك: بنى لنا بيتا الذي سمك السماء أيضا يومئ إلى وجه إسناد البناء إلى ذلك المسند إليه.

وأيضا تعظيم المسند إنما يحصل من الإسناد إلى هذا الموصول، لا من إيماء الموصول إلى أن علة الإسناد قيام مضمون الصلة به، وإن أمكن جعله وسيلة إلى التعظيم، لكن مع كون الإسناد وسيلة إليه مما لا يلتفت إليه فضلا عن أن يرجح على الإسناد في ذلك، وحمل جعل الإيماء إلى علة بناء الخبر، وسيلة على جعل ذكر علة بناء الخبر وسيلة لا بيان أنه علة البناء، كما يفهم من كلام السيد السند.

بعيد عن الفهم، على أن تعليق الحكم بالموصول بالمشتق يومئ إلى علة ثبوت المسند لا إلى علة إثباته، ومنهم من فسره بعلة الثبوت، ولم يلتفتوا إليه لأن كثيرا في أمثلة المفتاح للإيماء لا يساعده.

(ثم إنه) أي الإيماء المذكور (وربما جعل ذريعة إلى التعريض بالتعظيم

ص: 308