الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مقدّمة فى بيان معنى الفصاحة، والبلاغة
(1/ 158) الفصاحة: يوصف بها المفرد (1)، والكلام، والمتكلّم.
(1/ 158) والبلاغة: يوصف بها الأخيران فقط.
فالفصاحة فى المفرد: خلوّه من تنافر الحروف، والغرابة، ومخالفة القياس:
فالتنافر (2): نحو [من الطويل]:
غدائره مستشزرات إلى العلا
(1/ 158) والغرابة (3): نحو [من الرجز]:
وفاحما ومرسنا مسرّجا (4)
أى: كالسيف السّريجى فى الدقة والاستواء، أو كالسراج فى البريق واللمعان.
(1/ 166) والمخالفة (5): نحو [من الرجز]:
الحمد لله العلىّ الأجلل (6)
(1) أى الكلمة المفردة فيقال: كلمة فصيحة، وشرط ذلك أن ينظر إلى الكلمة داخل سياقها، لا كما فعل البلاغيون حيث نظروا إلى الكلمة المفردة معزولة عن سياقها، ثم وضعوا لها ما سوف يتلى عليك قريبا من شروط فصاحتها.
(2)
هو وصف فى الكلمة يوجب ثقلها على اللسان وعسر النطق بها.
(3)
هى كون الكلمة وحشية غير ظاهرة المعنى ولا مأنوسة الاستعمال، يصعب تخريج معناها.
(4)
أورده بدر الدين بن مالك فى المصباح ص 123، وعزاه للعجاج، وأسرار البلاغة 1/ 124.
الفاحم: الشعر الأسود كالفحم. والمرسن: الأنف، ومسرج هى موضع الشاهد لعدم ظهور معناها. وقبله:«ومقلة وحاجبا مزججا» وقد اختلفوا فى تخريج كلمة (مسرّجا) هذه، فقيل:
المعنى وصف الأنف بأنه كالسيف السريجى فى الدقة والاستواء، وسريج اسم حداد تنسب إليه السيوف، أو كالسراج فى البريق واللمعان، أو هو من قولهم: سرج الله وجهه، أى: بهجه وحسنه، وقيل غير ذلك.
(5)
هى أن تكون الكلمة على خلاف قواعد الصرف.
(6)
البيت لأبى النجم الراجز. وبعده: «أنت مليك الناس ربّا فاقبل» والشاهد فيه كلمة (الأجلل) لأن الموافق لقواعد الصرف هو (الأجلّ) بإدغام اللامين.
(1/ 167) قيل (1): ومن الكراهة فى السمع؛ نحو [من المتقارب]:
كريم الجرشّى شريف النّسب (2)
(1/ 168) وفيه نظر (3):
وفى الكلام: خلوصه من ضعف التأليف، وتنافر الكلمات، والتعقيد، مع فصاحتها:
فالضعف (4): نحو: ضرب غلامه زيدا.
والتنافر (5): كقوله [من الرجز]:
وليس قرب قبر حرب قبر (6)
وقوله (7)[من الطويل]:
كريم متى أمدحه أمدحه والورى
…
معي وإذا ما لمته لمته وحدي
(1/ 173) والتعقيد: ألّا يكون الكلام ظاهر الدّلالة على المراد؛ لخلل:
إمّا فى النظم: كقول الفرزدق فى خال هشام (8): [من الطويل]
وما مثله فى النّاس إلّا مملّكا
…
أبو أمّه حىّ أبوه يقاربه
(1) أى قيل: فصاحة المفرد خلوص مما سبق ذكره، وأيضا من الكراهة فى السمع.
(2)
البيت للمتنبى، وهو فى مدح سيف الدولة، والجرشى: النفس. وصدره:
مبارك الاسم أغرّ اللقب
(3)
لأن الكراهة فى السمع هنا من قبيل الغرابة.
(4)
هو أن يكون تأليف الكلام على خلاف القانون النحوي المشهور بين الجمهور، كالإضمار قبل أن يذكر اللفظ.
(5)
هو أن تكون الكلمات ثقيلة على اللسان وإن كان كل منها فصيحا.
(6)
أورده فخر الدين الرازى فى نهاية الإيجاز ص 123 بلا عزو. وقبله: «وقبر حرب بمكان قفر» وهو مجهول القائل. القفر: الخالى من الماء والكلأ.
(7)
البيت لأبى تمام أورده فخر الدين الرازى فى نهاية الإيجاز ص 123 وجاء البيت برواية:
كريم متى أمدحه أمدحه والورى
…
جميعا ومهما لمته لمته وحدى
(8)
خال هشام بن عبد الملك بن مروان أحد ملوك بنى أمية، وخاله الممدوح إبراهيم بن هشام ابن إسماعيل المخزومى.
أى: ليس مثله فى الناس حىّ يقاربه إلا مملّكا أبو أمّه (1) أبوه.
(1/ 176) 2 - وإمّا فى الانتقال (2): كقول الآخر (3)[من الطويل]:
سأطلب بعد الدّار عنكم لتقربوا
…
وتسكب عيناى الدّموع لتجمدا
فإن الانتقال (4) من جمود العين إلى بخلها بالدموع، لا إلى ما قصده من السرور.
(1/ 179) قيل (5): ومن كثرة التّكرار، وتتابع الإضافات؛ كقوله [من الطويل]:
سبوح لها منها عليها شواهد (6)
وقوله [من الطويل]:
حمامة جرعا حومة الجندل اسجعى
…
وفيه نظر!
(1/ 182) وفى المتكلّم (7) ملكة يقتدر بها على التعبير عن المقصود، بلفظ فصيح.
(1/ 184) والبلاغة فى الكلام: مطابقته لمقتضى الحال، مع فصاحته.
(1) مملكا: أى رجل أعطى الملك وهو هشام المذكور، وأبو أمه: أى أبو أم هشام أى أبو الممدوح وهو خال هشام، وحاصله الإخبار بأن الممدوح لا مثل له فى الناس إلا ابن أخته الذى هو المملك.
(2)
أى لخلل واقع فى انتقال الذهن من معنى اللفظ الأصلى إلى معنى آخر ملابس للأصلى قد استعمل اللفظ ليفهم منه ذلك الملابس على وجه الكناية أو المجاز.
(3)
هو العباس بن الأحنف الشاعر المشهور. والشاهد فى قوله: لتجمدا.
(4)
أى انتقال الذهن المعهود من جمود العين إلى بخلها بالدموع إنما يكون فى حالة الحزن والبكاء لا فى حالة الفرح والسرور.
(5)
أى فصاحة الكلام ترجع أيضا إلى خلوصه من كثرة التكرار
…
إلخ.
(6)
مثال لكثرة التكرار. والبيت للمتنبى وصدره: وتسعدنى فى غمرة بعد غمرة، وسبوح أى فرس حسن الجرى لا تتعب راكبها، كأنها تجرى فى الماء.
(7)
أى الفصاحة الكائنة فى المتكلم.
وهو (1) مختلف؛ فإنّ مقامات الكلام متفاوتة:
فمقام كلّ من التنكير، والإطلاق، والتقديم والذكر: يباين مقام خلافه.
ومقام الفصل: يباين مقام الوصل.
ومقام الإيجاز: يباين مقام خلافه.
وكذا: خطاب الذكى مع خطاب الغبىّ، ولكلّ كلمة مع صاحبتها مقام.
(1/ 188) وارتفاع شأن الكلام فى الحسن والقبول بمطابقته للاعتبار المناسب (2)، وانحطاطه بعدمها، فمقتضى الحال: هو الاعتبار المناسب.
(1/ 191) فالبلاغة؛ راجعة إلى اللفظ باعتبار إفادته المعنى بالتركيب، وكثيرا ما يسمّى ذلك فصاحة- أيضا- ولها (3) طرفان:
أعلى: وهو حدّ الإعجاز وما يقرب منه.
وأسفل: وهو ما إذا غيّر الكلام عنه إلى ما دونه، التحق عند البلغاء بأصوات الحيوانات.
وبينهما مراتب كثيرة، وتتبعها وجوه أخر تورث الكلام حسنا.
وفى المتكلم: ملكة يقتدر بها على تأليف كلام بليغ.
فعلم: أنّ كلّ بليغ فصيح، ولا عكس.
(1/ 197) وأنّ البلاغة مرجعها:
1 -
إلى الاحتراز عن الخطأ فى تأدية المعنى المراد.
2 -
وإلى تمييز الفصيح من غيره:
والثاني (4): منه ما يبيّن فى علم متن اللغة، أو التصريف، أو النحو، أو يدرك بالحسّ، وهو ما عدا التعقيد المعنوىّ.
(1) أى مقتضى الحال.
(2)
أى للحال والمقام.
(3)
أى بلاغة الكلام.
(4)
أى تمييز الفصيح من غيره.
(1/ 198) وما يحترز به عن الأوّل (1): علم المعانى.
وما يحترز به عن التعقيد المعنوىّ: علم البيان.
وما يعرف به وجوه التحسين: علم البديع.
وكثير (2) يسمّى الجميع: علم البيان.
وبعضهم يسمّى الأول: علم المعانى، والأخيرين: علم البيان، والثلاثة:
علم البديع.
***
(1) أى عن الخطأ فى تأدية المعنى المراد.
(2)
أى كثير من الناس.