الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التسمية مبدأ له.
ومنها: الاقتران؛ كقولهم للمعرّس: «بالرّفاء والبنين» أى: أعرست.
(الإطناب)
(2/ 81) والإطناب: إما بالإيضاح بعد الإبهام؛ ليرى المعنى فى صورتين مختلفتين، أو ليتمكّن فى النفس فضل تمكّن، أو لتكمل لذّة العلم به؛ نحو:
رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي (1)؛ فإنّ اشْرَحْ لِي: يفيد طلب شرح لشيء مّا له، وصَدْرِي: يفيد تفسيره، ومنه «باب نعم» على أحد القولين؛ إذ لو أريد الاختصار، لكفى:«نعم زيد» .
(2/ 84) ووجه حسنه- سوى ما ذكر-: إبراز الكلام فى معرض الاعتدال، وإيهام الجمع بين المتنافيين.
(2/ 85) ومنه التوشيع (2)، وهو: أن يؤتى فى عجز الكلام بمثنّى مفسّر باثنين، ثانيهما معطوف على الأول؛ نحو:(يشيب ابن آدم ويشبّ معه خصلتان: الحرص، وطول الأمل)(3).
(2/ 86) وإما بذكر الخاصّ بعد العامّ؛ للتنبيه على فضله؛ حتى كأنه من جنسه؛ تنزيلا للتغاير فى الوصف منزلة التغاير فى الذات؛ نحو: حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى (4).
(2/ 87) وإما بالتكرير لنكتة؛ كتأكيد الإنذار فى: كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (5)، وفى «ثمّ» دلالة على أن الإنذار الثانى أبلغ.
(2/ 88) وإما بالإيغال؛ فقيل: هو ختم البيت بما يفيد نكتة يتمّ المعنى
(1) طه: 25.
(2)
التوشيع فى اللغة: لفّ القطن المندوف، وهو فى الاصطلاح على ما ذكر: «أن يؤتى فى عجز الكلام بمثنى
…
إلخ».
(3)
الحديث رواه مسلم والترمذى وابن ماجة عن أنس بلفظ: (ابن آدم
…
الحديث).
(4)
البقرة: 238.
(5)
التكاثر: 3 - 4.
بدونها؛ كزيادة المبالغة فى قولها [من البسيط]:
وإنّ صخرا لتأتمّ الهداة به
…
كأنّه علم فى رأسه نار (1)
وتحقيق التشبيه فى قوله (2)[من الطويل]:
كأن عيون الوحش حول خبائنا
…
وأرحلنا الجزع الّذى لم يثقّب
وقيل: لا يختصّ بالشعر؛ ومثّل بقوله تعالى: اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْئَلُكُمْ أَجْراً وَهُمْ مُهْتَدُونَ (3).
(2/ 90) وإما بالتذييل؛ وهو تعقيب الجملة بجملة أخرى تشتمل على معناها للتأكيد، وهو ضربان:
ضرب لم يخرّج مخرج المثل؛ نحو: ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِما كَفَرُوا وَهَلْ نُجازِي إِلَّا الْكَفُورَ (4) على وجه.
وضرب أخرج مخرج المثل؛ نحو: وَقُلْ جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً (5)
وهو- أيضا- إمّا لتأكيد منطوق؛ كهذه الآية. وإما لتأكيد مفهوم؛ كقوله [من الطويل]:
ولست بمستبق أخا لا تلمّه
…
على شعث أىّ الرّجال المهذّب (6)
(2/ 92) وإما بالتكميل، ويسمى الاحتراس- أيضا- وهو أن يؤتى فى كلام
(1) البيت للخنساء ديوانها ص 80 ويروى: أغر أبلج تأتم الهداة به، والمصباح ص 230.
(2)
البيت لامرئ القيس ديوانه ص 217، والإيضاح ص 306. والجزع: الخرز اليمانى الذى فيه سواد وبياض.
(3)
يس: 21.
(4)
سبأ: 17.
(5)
الإسراء: 81.
(6)
البيت للنابغة ديوانه ص 66، أورده محمد بن على الجرجانى فى الإشارات ص 160، وهو من قصيدة يعتذر فيها للنعمان بن المنذر ويمدحه مطلعها:
أتانى- أبيت اللعن- أنك لمتنى
…
وتلك التى أهتم منها وأنصب
الشعث: التفرق وذميم الخصال.
يوهم خلاف المقصود بما يدفعه؛ كقوله من [الكامل]:
فسقى ديارك غير مفسدها
…
صوب الرّبيع وديمة تهمى (1)
ونحو: أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ (2).
(2/ 94) وإما بالتتميم، وهو أن يؤتى فى كلام لا يوهم خلاف المقصود بفضلة، لنكتة؛ كالمبالغة؛ نحو: وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ (3) فى وجه، أى:
مع حبه.
(2/ 96) وإما بالاعتراض، وهو أن يؤتى فى أثناء كلام أو بين كلامين متصلين [ب] معنى بجملة أو أكثر لا محل لها من الإعراب، لنكتة سوى دفع الإيهام؛ كالتنزيه فى قوله تعالى: وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَناتِ سُبْحانَهُ وَلَهُمْ ما يَشْتَهُونَ، والدعاء فى قوله [من السريع]:
إنّ الثّمانين وبلّغتها
…
قد أحوجت سمعى إلى ترجمان (4)
(2/ 97) والتنبيه فى قوله (5)[من الكامل أو السريع]:
واعلم فعلم المرء ينفعه
…
أن سوف يأتى كلّ ما قدرا
وممّا جاء بين كلامين وهو أكثر من جملة: قوله تعالى: فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ (6)؛ فإن قوله: نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ بيان لقوله: فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ.
(2/ 99) وقال قوم: قد تكون النكتة فيه غير ما ذكر.
ثم جوّز بعضهم وقوعه آخر جملة لا تليها جملة متصلة بها؛ فيشمل التذييل، وبعض صور التكميل. وبعضهم كونه غير جملة؛ فيشمل بعض صور التتميم والتكميل.
(1) البيت لطرفة ديوانه ص 146، والإيضاح ص 310، والمصباح ص 210.
(2)
المائدة: 54.
(3)
الإنسان: 8.
(4)
البيت لعوف بن محلم الشيبانى أورده محمد بن على الجرجانى فى الإشارات ص 163.
(5)
أورده محمد بن على الجرجانى فى الإشارات ص 163.
(6)
البقرة: 222 - 223.
(2/ 100) وإما (1) بغير ذلك؛ كقوله تعالى: الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ (2)؛ فإنه لو اختصر، لم يذكر:
وَيُؤْمِنُونَ بِهِ لأن إيمانهم لا ينكره من يثبتهم، وحسّن ذكره إظهار شرف الإيمان؛ ترغيبا فيه.
(2/ 101) واعلم: أنه قد يوصف الكلام بالإيجاز والإطناب باعتبار كثرة حروفه وقلّتها، بالنسبة إلى كلام آخر مساو له فى أصل المعنى؛ كقوله [من الطويل]:
يصدّ عن الدّنيا إذا عنّ سؤدد
…
ولو برزت فى زىّ عذراء ناهد (3)
وقوله [من الطويل]:
ولست بنظّار إلى جانب الغنى
…
إذا كانت العلياء فى جانب الفقر (4)
ويقرب منه قوله تعالى: لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْئَلُونَ (5) وقول الحماسى [من الطويل]:
وننكر إن شئنا على النّاس قولهم
…
ولا ينكرون القول حين نقول (6)
(1) وقوله: «وإما بغير ذلك» عطف على قوله: «إما بالإيضاح بعد الإبهام» فى أول حديث المصنف عن الإطناب.
(2)
غافر: 7.
(3)
البيت لأبى تمام.
(4)
البيت لأبى سعيد المخزومى.
(5)
الأنبياء: 23.
(6)
البيت للسموأل اليهودى.