الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وتضع كل ذات حمل حملها كذلك، أو تضع كل ذات حمل أثقالها بالغيبة في ربها، وترى الناس سكارى من خمر المحبة، وما هم بسكارى من شراب الدَّوالي «1» ، لكن من خمر الكبير المتعالي، كما قال الششتري في الخمرة الأزلية- بعد كلام:
لَا شَرابَ الدَّواليِ إِنَّها أَرْضِيَّة
…
خَمْرُهَا دُون خَمْرِي، خَمْرَتِي أَزَلِيّة.
ولكن عذاب الله- الذي قدمه قبل دخول جنته المعنوية وحفت به، وهي جنة المعارف- شديد، ولكنه يحلو في جانب ما ينال بعده، كما قال الشاعر:
والنَّفْسُ عَزَّتْ، ولكنْ فيكَ أبْذُلُهَا
…
والذُّلُّ مرٌّ، ولكن في رضاكَ حَلَا
يا مَنْ عذابِيَ عَذْبٌ في مَحَبَّته
…
لَا أشْتكِي منك لا صَدّاً ولا مللا.
ثم ذكر حال من أنكرها، «2» ولم يتأهب للقائها، فقال:
[سورة الحج (22) : الآيات 3 الى 4]
وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطانٍ مَرِيدٍ (3) كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلَاّهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلى عَذابِ السَّعِيرِ (4)
قلت: (وَمِنَ النَّاسِ) : خبر، و (مَن يجادل) : مبتدأ، و (بِغَيْرِ عِلْمٍ) : حال من ضمير «يُجادل» ، و (أَنَّهُ) : نائب فاعل (كُتِبَ)، أي: كتب عليه إضلال من تولاه، و (فإنه) : مَنْ فتح: عنده خبر عن مبتدأ مضمر، أي: فشأنه أن يضله، والجملة جواب «مَن» ، إن جعلتها شرطية، وخبر، إنْ جعلتها موصولة متضمنة لمعنى الشرط، ومن كسر: فخبر، أو جواب «مَنْ» .
يقول الحق جل جلاله: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ ويخاصم فِي اللَّهِ أي: في شأنه، ويقول مالا يليق بجلال كبريائه وكمال قدرته، ملابسًا بِغَيْرِ عِلْمٍ، بل بجهل عظيم حمله على ما فعل. نزلت فى النضر ابن الحارث، وكان جَدلاً، يقول: الملائكة بنات الله، والقرآن أساطير الأولين، ولا بعث بعد الموت، والله غير قادر على إحياء من بَلى وصار رميمًا «3» . وهي عامة له ولأضرابه من العتاة المتمردين، وكل من يخاصم في الدين بالهوى. وَيَتَّبِعُ في ذلك كُلَّ شَيْطانٍ مَرِيدٍ عاتٍ متمرد، مستمر في الشر. قال الزجاج: المَريد والمارد: المرتفع الأملس، أي: الذي لا يتعلق به شيء من الخير، والمراد: إما رؤساء الكفرة الذين يدعونهم إلى الكفر، وإما إبليس وجنوده.
(1) أي: العنب. وراجع التعليق على إشارة الآية 219 من سورة البقرة.
(2)
أي: الساعة.
(3)
ذكره البغوي فى تفسيره (5/ 365) . [.....]