الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم "ما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إلا وله مَنْزِلَانِ: مَنْزِلٌ في الجنة ومَنْزِلٌ فى النار، فإن مات ودَخَلَ النّارَ وَرِثَ أَهْلُ الجنةِ مَنْزِلَهُ، وذلك قوله -تعالَى-: {أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ} "
(1)
.
وَرُوِيَ عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "خَلَقَ اللَّهُ ثلاثةَ أَشْياءَ بيده: خَلَقَ آدَمَ بِيَدِهِ، وكَتَبَ التَّوْراةَ بِيَدِه، وغَرَسَ الفِرْدَوْسَ بِيَدِهِ، ثُمَّ قالَ: وَعِزَّتِي، لَا يَدْخُلُها مُدْمِنُ خَمْرٍ وَلَا دَيُّوثٌ"، قالوا: يا رسول اللَّه: قد عرفنا مُدْمِنَ الخَمْرِ، فَما الدَّيُّوُثُ؟ قال:"الذي يُقِرُّ السُّوءَ لأهْلِهِ"
(2)
.
قوله تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ} يعني: آدم {مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ (12)} من الأرض، قيل
(3)
: إنه سُلَّ من كلِّ تُرْبةٍ، وقيل
(4)
: أراد بالإنسان: ابن آدم، وهو اسمُ الجنس يقَعُ على الجميع، وقوله:{مِنْ سُلَلَةٍ مِنْ طِينٍ} أراد: من صَفْوةِ ماءِ آدَمَ الذي هو من الطين ومَنِيِّهِ، والعربُ تُسَمِّي نُطْفةَ الرجلِ وَوَلَدَهُ سُلَالةً
(1)
رواه ابن ماجه في سننه 2/ 1453 كتاب الزهد: باب صفة أهل الجنة، وينظر: الكشف والبيان 7/ 40، الوسيط 3/ 285.
(2)
رواه البيهقي في الأسماء والصفات ص 403، وقال:"هذا مرسل، وفيه -إن ثبت- دلالة على أن الكَتْبَ هاهنا بمعنى الخلق، وإنما أراد: خلق رسوم التوراة، وهي حروفها"، وينظر: جامع البيان 18/ 3، الوسيط 3/ 285.
(3)
حكاه الأزهري عن الفراء في "التهذيب": "سلل" 12/ 292، وينظر: غريب القرآن لابن قتيبة ص 296، معانِي القرآن للنحاس 4/ 446.
(4)
حكاه النحاس عن مجاهد في معانِي القرآن 4/ 447، وبه قال الأزهري في "التهذيب" 12/ 292.
وَسَلِيلةً؛ لأنهما مسلولان منه
(1)
، قال الشاعر:
21 -
فجاءَتْ بِهِ عَضْبَ الأَدِيمِ غَضَنْفَرًا
…
سُلالةَ فَرْجٍ كانَ غَيْرَ حَصِينِ
(2)
وقال آخر:
22 -
وَهَلْ كُنْتُ إِلا مُهْرةً عربيّةً
…
سَلِيلةَ أَفْراسٍ تَجَلُّلَها نَغْلُ
(3)
والسُّلالة: كلُّ لطيفٍ يُستخرَجُ من غليظٍ، كالخمرِ من العنب.
قوله: {ثُمَّ جَعَلْنَاهُ} يعني: الإنسان {نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (13)} يعني: الرَّحِم مَكَّن فيه الماءَ بأن هيَّأ الاستقرارَ فيه إلى بلوغ أمدِه الذي جُعل له، {ثُمَّ
(1)
من أول قوله: "أراد: من صفوة ماء آدم. . . " إلى هنا قاله الثعلبي في الكشف والبيان 7/ 42.
(2)
البيت من الطويل لحسان بن ثابت، وهو بيت مفرد في ملحقات ديوانه.
اللغة: العَضْبُ: القَطْعُ، والأَعْضَبُ من الرجال: الذي ليس له أَحَدٌ، وقيل: الذي مات أخوه، والمَعْضُوبُ: الضعيف، الأديم: القرابة والوسيلة إلى الشيء، الغَضَنْفَرُ: غليظ الخَلْقِ.
التخريج: ديوان حسان ص 396، مجاز القرآن 2/ 56، 131، الكشف والبيان 7/ 42، عين المعاني ورقة 87/ ب، 102/ أ، تفسير القرطبي 12/ 109، البحر المحيط 6/ 364، اللسان: سلل.
(3)
البيت من الطويل، لهند بنت النعمان بن بشير تهجو رَوْحَ بنَ زِنْباعٍ من رجال الدولة الأموية، ونسب لأختها حُمَيْدةَ بنت النعمان بن بشير، ويروى:"وَهَلْ أَنا إِلّا مُهْرةٌ"، ويُرْوَى:"بَغْلُ" بالباء.
اللغة: السليلة: بنت الرجل من صلبه، تجلل الفحل الناقة: علاها، النغل: الخسيس من الناس والدواب، وأصله "نَغِل" بكسر الغين ثم خفف بتسكينها.
التخريج: مجاز القرآن 2/ 55، المحاسن والأضداد للجاحظ ص 136، أدب الكاتب ص 35، تهذيب اللغة 6/ 60، الكشف والبيان 7/ 42، الاقتضاب 2/ 28، 194، 3/ 49، شرح أدب الكاتب للجواليقي ص 111، شرح شواهد الإيضاح ص 398، عين المعاني 87/ ب، محاضرات الأدباء 2/ 210، التذكرة الحمدونية 5/ 169، القرطبي 12/ 109، اللسان: سلل، هجن، التاج: كفأ، سلل.
خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا} قَرأَ ابنُ عامرٍ وأبو بكرٍ كلاهما: {عَظْمًا} على الواحد، وقرأها الباقونَ على الجَمْع
(1)
، قال الزَّجّاج
(2)
: التوحيدُ والجَمعُ جائزان، والواحد يدُلُّ على الجمع، كما قال الشاعر:
23 -
في حَلْقِكُمْ عَظْمٌ وقد شَجِينا
(3)
يريد: في حُلوقِكم عظامٌ، والشَّجا: عَظْمٌ يعتَرض في الحلق.
وقوله: {ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ} ؛ أي: خلقناه خلقًا آخر، يعني: لَمّا نَفَخَ فيه الرُّوحَ صار خلقًا آخَر، وهو منصوبٌ على المصدر
(4)
، {فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ (14)} المُصَوِّرِينَ والمُقَدِّرِينَ، والخَلْق في اللغة: التقدير، يقال: خَلَقْتُ الأَدِيمَ: إذا قِسْتَهُ لِتَقْطَعَ منه شيئًا
(5)
.
(1)
قرأ "عَظْمًا" بالإفراد ابنُ عامر وأبو بكر عن عاصم وقتادةُ وأبان والمفضل والحسن والأعمش ومجاهد وابن محيصن، وقرأ الباقون وحفصٌ عن عاصم {عِظَامًا} بالجمع، ينظر: السبعة ص 444، الكشف 2/ 126، النشر 2/ 328، البحر 6/ 368، الإتحاف 2/ 282.
(2)
معاني القرآن وإعرابه 4/ 8، 9،
(3)
الرجز للمُسَيَّبِ بنِ زيدِ مَناةَ الغَنَوِيِّ، ونسب لطُفَيْلٍ الغَنَوِيِّ، وليس في ديوانه.
التخريج: الكتاب 1/ 209، مجاز القرآن 1/ 79، 2/ 44، 195، معاني القرآن للأخفش ص 230، المقتضب 2/ 170، معاني القرآن وإعرابه 1/ 83، 2/ 74، 4/ 9، 5/ 93، جمهرة اللغة ص 1041، شرح أبيات سيبويه 1/ 145، المحتسب 1/ 246، 2/ 87، البيان للأنباري 1/ 52، 2/ 447، زاد المسير 2/ 128، 5/ 408، 8/ 103، عين المعاني ورقة 87/ ب، تفسير القرطبي 1/ 190، اللسان: أمم سمع، شجا، عظم، مأى، نهر.
(4)
هو مفعول مطلق من معنى العامل، قال النحاس:"لأن معنى أنشَأْناهُ: خلقناه". إعراب القرآن 3/ 112.
(5)
قاله الأزهري في "التهذيب" 7/ 26، وينظر: اللسان: خلق.