المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب ما جاء فيها من الإعراب - البستان في إعراب مشكلات القرآن - جـ ١

[ابن الأحنف اليمني]

فهرس الكتاب

- ‌كلمة مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية

- ‌مقدِّمة

- ‌ومن الأسباب التي دفعَتْني إلى تحقيق هذا الكتاب:

- ‌الجِبْلِيُّ وكتابُهُ "البُسْتانُ في إِعرابِ مُشْكِلاتِ القُرْآنِ

- ‌الفصل الأول الجِبْلِيُّ - حياتُهُ وآثارُهُ

- ‌المبحث الأول كُنْيتُه واسْمُهُ ونَسَبُه ولقَبُه

- ‌1 - كُنْيته واسْمُهُ ونَسَبُه:

- ‌2 - لقَبُه:

- ‌المبحث الثاني مولدُه

- ‌المبحثُ الثالث عصرُه

- ‌1 - الحياةُ السياسيّة:

- ‌2 - الحياةُ العِلميّة:

- ‌3 - المدارس التي أُنشئت في مدينة جِبْلةَ:

- ‌4).4 -اهتمامُ الدّولة الرَّسُوليّة بالعلم والعلماء:

- ‌5 - تأثُّر اليمنيِّين بالنَّحوِّيين المَشارِقة والمصريِّين:

- ‌المبحث الرابع شيوخه وتلاميذه

- ‌1 - شيوخه:

- ‌2).2 -تلاميذُه

- ‌المبحثُ الخامس مَنْزلةُ الجِبْليِّ العلميّةُ وثناءُ العلماءِ عليه

- ‌المبحثُ السادس آثارُه ووفاتُه

- ‌1 - آثاره:

- ‌2 - وفاتُه:

- ‌المبحثُ السابع موقفُ الجِبْليِّ من أصول النَّحو

- ‌المطلبُ الأول: موقفُه من السَّماع:

- ‌أولًا: موقفُه من الاستشهاد بالقرآن الكريم وقراءاتِه

- ‌1 - موقفه من القراءاتِ الصّحيحة:

- ‌أ - ارتضاء الجِبْلِيِّ القراءاتِ الصحيحةَ:

- ‌ب - اعتراضاتٌ للجِبْلِيِّ على قراءاتٍ صحيحة:

- ‌جـ - مفاضلةُ الجِبْليِّ بين قراءاتٍ صحيحة:

- ‌2 - موقفُ الجِبْلي من القراءات الشّاذّة:

- ‌3 - نظراتٌ في استشهاد الجِبْلِّي بالقراءات:

- ‌ثانيًا: موقفُ الجِبْليِّ من الاستشهاد بالحديث:

- ‌ثالثًا: موقفُ الجِبْليِّ من الاستشهاد بكلام العرب

- ‌أولًا- استشهاد الجِبْليِّ بالأمثال والأقوال:

- ‌ثانيًا - استشهاد الجِبْليِّ بالشعر:

- ‌ نظراتٌ في استشهاد الجِبْليِّ بالشعر:

- ‌ مآخذُ على استشهاد الجِبْلي بالشِّعر:

- ‌المطلب الثاني: موقفُ الجِبْلي من القياس:

- ‌ القياسُ عند الجِبْلي:

- ‌المطلبُ الثالث: موقفُ الجِبْلي من الإجماع

- ‌المبحثُ الثامن مذهبُه النَّحْويُّ واختياراتُه

- ‌فمن أمثلة ما اختار فيه مذهبَ البصريِّين:

- ‌ومما اختار فيه مذهبَ الكوفيِّين:

- ‌الفصلُ الثاني كتابُ البُستان في إعرابِ مشكلاتِ القرآن

- ‌المبحث الأول عنوانُ الكتاب، وتوثيق نِسبتِهِ للجِبْلي، وموضوعُه

- ‌المطلبُ الأول: عُنوانُ الكتاب:

- ‌المطلبُ الثاني: توثيق نِسبتِهِ للجِبْلي:

- ‌المطلبُ الثالث: موضوعه:

- ‌المبحثُ الثاني مصادرُه

- ‌أولًا: مصادرُ بصَرْيّةٌ، ومنها:

- ‌ثانيًا: مصادرُ كوفيّة، ومنها ما يلي:

- ‌ثالثًا: مصادرُ بغداديّةٌ:

- ‌رابعًا: مصادرُ مِصريّة:

- ‌خامسًا: مصادرُ أخرى:

- ‌المبحثُ الثالث منهجُ الجِبْليِّ في البستان

- ‌1 - خُطّةُ الكتاب:

- ‌2 - نُقولُه عن العلماء:

- ‌3 - اهتمامُه باللغة:

- ‌4 - اهتمامُه بتوضيح التصحيف:

- ‌5 - استطرادُه في ذكر أشياءَ بعيدةٍ عن موضوع الآية التي يشرحها:

- ‌6 - ترْكُه آياتٍ بدون إعراب أو شرح:

- ‌7 - تأثُّرُه بِلُغةِ الفقهاءِ والمتكلِّمين:

- ‌9 - أشعارٌ في الزهد والحِكمة:

- ‌المبحثُ الرابع المصطَلحاتُ النَّحوّية في البستان

- ‌المبحثُ الخامس العلّة النَّحويّةُ في البستان

- ‌العلّة البسيطةُ والمركَّبة:

- ‌أولًا- العِلَلُ البسيطة:

- ‌ثانيًا- العِلَل المُركَّبة:

- ‌المبحثُ السادس ملحوظاتٌ على الكتاب

- ‌أولًا: ملحوظاتٌ على المنهج:

- ‌أ- أخطاءٌ في النُّقول عن العلماء:

- ‌ب - آراءٌ منسوبةٌ خطأً:

- ‌جـ - نَقْلُهُ عن العلماء من كتُبِ غيرِهم:

- ‌ثانيًا: ملحوظات على الأسلوب:

- ‌1 - إيهامُ كلامِه خلافَ المراد:

- ‌2 - وقوعُ التناقُض في كلامه:

- ‌3 - ملحوظاتٌ نَحْويّة:

- ‌خاتمةُ الدِّراسة

- ‌ التحقيق

- ‌1 - وصفُ نُسخةِ المخطوط

- ‌2 - منهَجُ التحقيق

- ‌3 - نماذج مصوَّرة من المخطوط

- ‌سورةُ الأنبياء عليهم السلام

- ‌بابُ ما جاء في فَضْل قراءتها

- ‌بابُ ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصلٌ

- ‌فصلٌ

- ‌فصل

- ‌فصلٌ

- ‌فصلٌ

- ‌سورةُ الحجِّ

- ‌بابُ ما جاء في فضل قراءتها

- ‌بابُ ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصلٌ

- ‌فصلٌ

- ‌‌‌فصلٌ

- ‌فصلٌ

- ‌فصلٌ

- ‌سورةُ المؤمنين

- ‌بابُ ما جاء في فَضْل قراءتها

- ‌بابُ ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصلٌ

- ‌فصلٌ في معنى الآية

- ‌فصلٌ

- ‌فصلٌ في ذِكْرِ وجوهِ الحكمةِ في خَلْقِ اللَّهِ تعالى الخَلْقَ على الاختصار

- ‌سورةُ النُّور

- ‌بابُ ما جاء في فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصلٌ

- ‌فصلٌ

- ‌فصل

- ‌فصلٌ

- ‌فصلٌ

- ‌فصلٌ في معنى المشكاةِ والمِصباح والزَّجاجة والشَّجرة

- ‌فصلٌ

- ‌فصلٌ

- ‌فصل

- ‌فصلٌ

- ‌سورةُ الفرقان

- ‌بابُ ما جاء في فَضْل قراءتها

- ‌بابُ ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصلٌ

- ‌فصلٌ

- ‌فصلٌ

- ‌فصلٌ

- ‌سورةُ الشُّعراء

- ‌بابُ ما جاء في فَضْل قراءتها

- ‌بابُ ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصلٌ

- ‌فصل

- ‌سورةُ النمل

- ‌باب ما جاء في فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورةُ القَصَص

- ‌باب ما جاء في فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

الفصل: ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

‌باب ما جاء فيها من الإعراب

بسم الله الرحمن الرحيم

قوله عز وجل: {طسم (1)} قد تقدَّم تفسيره فِي سورة الشعراء والنمل، فأغنى عن الإعادة هاهنا إذ المعنى واحد، وقوله:{تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ (2)} تقدم أيضًا تفسيره، قال قتادة: مُبِينٌ -واللَّهِ- بَرَكَتَه وهُداهُ ورُشْدَه. فهذا من: بانَ، بمعنى ظَهَرَ، وقال الزجاج

(1)

: مُبِينٌ الحقَّ من الباطل والحلالَ من الحرام، وهذا من: أَبانَ، بمعنى أَظْهَرَ.

وما بعد هذا ظاهر إلى قوله: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ. . . (7)} الآية، قال الأصمعي: مَرَرْتُ بامرأة تَنْزِعُ من بئر وهي ترتجز بهذه الأبيات:

86 -

أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِذَنبي كُلِّهْ

قتلْتُ إِنْسانًا بِغَيْرِ حِلِّهْ

مِثْلَ غَزالٍ كانِسٍ فِي ظِلِّهْ

لِحُسْنِ عَيْنَيْهِ وحُسْنِ دَلِّهْ

وانْتَصَفَ اللَّيْلُ ولمْ أُصَلِّهْ

والْخَمْرُ مِفْتاحٌ لِهذا كُلِّهْ

(2)

(1)

ما قاله الزَّجّاج هو أن بانَ وأَبانَ بمعنى واحد، فقد قال:"يقال: بانَ الشَّيْءُ وأَبانَ في معنى واحد، ويقال: بانَ الشيءُ وأَبَنْتُهُ أنا، فمعنى "مُبِينٌ": مُبَيِّنُ خَيْرِهِ وبَرَكَتِهِ، ومُبَيِّنُ الحقِّ من الباطل، والحلالِ من الحرامِ". معاني القرآن وإعرابه 4/ 131، وينظر:"التهذيب" 15/ 495.

(2)

الأبيات من الرجز المشطور لديك الجن الحمصي، ورواية البيتين الأخيرين في ديوانه:

وانْصَرَمَ اللَّيْلُ. . . . . .

والسُّكْرُ مِفْتاحٌ. . . . . =

ص: 478

فقلتُ: قاتَلَكِ اللَّهُ، ما أفصحَك! ما أفصحَك! جَمَعْتِ المعانيَ في هذه الكلمات، فقالت: يا عَمِّي، وهل تَرَكَ القرآنُ لذي لهجةٍ فصاحةً؟ قال: فقلتُ: أتعرفين القرآن؟ قالت: نعم، أعرفه وأعرف منه آيةً جَمَعَتْ بين أمرَيْنِ ونهيَيْنِ وبِشارتَيْن وخبرَيْن، وهو قوله:{وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ} ، قاله صاحب "نظام الغريب"

(1)

.

قوله تعالى: {فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ} ؛ أي: فأخذه، والعرب تقول لما وَرَدْتَ عليه فجأةً من غير طلب ولا إرادة: أَصَبْتُهُ الْتِقاطًا، ولَقِيتُ فُلانًا الْتِقاطًا

(2)

، ومنه قول الراجز:

87 -

ومَنْهَلٍ وَرَدْتُهُ الْتِقاطا

إذْ لمْ أَكُنْ وَرَدْتُهُ فُرّاطا

(3)

= اللغة: غزال كانس: داخلٌ فِي كِناسِهِ وهو موضعٌ فِي الشجر يَكْتَنُّ فيه ويستتر من الحَرِّ، الدَّلُّ: حُسْنُ المَنْظَرِ.

التخريج: ديوانه ص 185، رسالة الصاهل والشاحج ص 254، ديوان المعانِي 1/ 316، عين المعاني ورقة 97/ ب، تفسير القرطبي 13/ 252.

(1)

نظام الغريب ص 164، وصاحب نظام الغريب هو عيسى بن إبراهيم الرَّبَعِيُّ الوُحاظِيُّ اليَمَنِيُّ، فقيه نحوي لغوي، كان رأس الطبقة في اللغة، وعليه المعول في اليمن، ولد في وُحاظة، وبها توفِّي سنة (480 هـ)، ونظام الغريب معجم في غريب اللغة أفرد فيه ذكر لغات الأشعار واقتصر عليها. [هدية العارفين 1/ 807، معجم المطبوعات 1/ 928، الأعلام 5/ 100].

(2)

ينظر: تهذيب اللغة 16/ 249.

(3)

الرجز لنِقادةَ الأسديِّ، ونسب لَأبِي النجم العجلي، وهو في ملحق ديوانه، ونُسِبَ لرؤبة بن العجاج، وليس في ديوانه، ويُرْوَى الثانِي:

لم أَلْقَ إذْ وَرَدْتُهُ فُرّاطا =

ص: 479

ومنه: اللُّقَطةُ، وهو ما وَجَده ضالًّا فأخذه.

وقوله: {لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا (8)} هذه اللام تسمى لامَ العاقبة ولام الصَّيرورة

(1)

؛ لأنهم إنما أخذوا موسى عليه السلام ليكون لهم قُرّةَ عَيْنٍ، فكان عاقبةَ ذلك أنه كان عدوًّا لهم وحزنًا، قال الشاعر:

88 -

ولِلموتِ تَغْذُو الوالِداتُ سِخالَها

كما لِخَرابِ الدَّهْرِ تُبْنَى المساكِنُ

(2)

والمعنى: فكان لهم عدوًّا، فاللام في موضع الفاء، ومثله قوله تعالى:

= اللغة: المنهل: المورد، وهو عينُ ماءٍ تَرِدُهُ الإبلُ في المراعي، والنَّهَلُ: أولُ الشرب، فُرّاطُ القَطا: مُتَقَدِّماتُها للماء.

التخريج: شعر نِقادةَ الأسدي ص 154، ملحق ديوان أبي النجم ص 302، الكتاب 1/ 371، إصلاح المنطق ص 68، 96، تهذيب اللغة 8/ 58، 16/ 252، مجمل اللغة 4/ 812، الكشف والبيان 7/ 236، تصحيح الفصيح ص 351، المخصص 14/ 226، عين المعاني ورقة 97/ ب، اللسان: رجم، فرط، لغط، لقط.

(1)

وتسمى أيضًا لامَ المَآلِ، وهي عند الفرَّاء لام "كَيْ"، وذكر الزَّجّاجي أن البصريين يسمونها لام العاقبة؛ أي: كان عاقبةُ التقاطهم العداوةَ والحزنَ، وأن الكوفيين يسمونها لام الصيرورة؛ أي: صار لَهُم عدوًّا وحزنًا، وإن التقطوه لغيرهما. ولكن من الواضح أن البصريين يستعملون التسميتين بلا تفريق بينهما، ينظر: معاني القرآن 1/ 477، معاني القرآن وإعرابه 3/ 30، إعراب القرآن 2/ 68، 69، 364، المسائل المشكلة ص 188، الصاحبي لابن فارس ص 152، البيان للأنباري 2/ 229، الجنى الدانِي ص 121، مغني اللبيب ص 282 - 283.

(2)

البيت من الطويل، لسابق بن عبد اللَّه البربري، ويُروى:"فَلِلْمَوْتِ. . . . لِخَرابِ الدُّورِ".

اللغة: السِّخالُ: جمع سَخْلةٍ وهو المولود المُحَبَّبُ لأبويه، وهو في الأصل ولد الغنم ساعةَ تضعه أمه.

التخريج: العقد الفريد 2/ 69، الكشف والبيان 7/ 236، زاد المسير 4/ 56، تفسير القرطبي 13/ 252، شرح التسهيل لابن مالك 3/ 146، اللسان: لوم، مغني اللبيب ص 282، خزانة الأدب 9/ 529، 532.

ص: 480

{رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ}

(1)

؛ أي: فَضَلُّوا عن سبيلك

(2)

، قال الشاعر:

89 -

هُمُ سَمَّنُوا كَلْبًا لِيَأْكُلَ بعضَهُمْ

ولو عَلِمُوا ما سَمَّنُوا ذلكَ الكَلْبا

(3)

والمعنى: فأكل، هكذا قاله الخليل رحمه الله

(4)

.

وقوله: {عَدُوًّا وَحَزَنًا} قرأ أهل الكوفة إلّا عاصمًا: {حُزْنًا} بضم الحاء وجزم الزاي، وقرأ الآخرون بفتح الحاء والزاي

(5)

، وهو الاختيار: للتفخيم، مثلَ: العَدَمِ والعُدْمِ، والسَّقَمِ والسُّقْم

(6)

.

(1)

يونس 88.

(2)

كون اللام في هذه الآية بمعنى الفاء هو قول الأخفش، قاله في معاني القرآن ص 347، وينظر أيضًا: المسائل المشكلة للفارسي ص 188. قال المرادي: "ولا حجة لهم في شيء من ذلك؛ لأن اللام في الآيتين لام الصَّيْرُورةِ". الجنى الدانِي ص 188.

(3)

البيت من الطويل، لِمالِكِ بنِ أَسْماءٍ الفَزارِيِّ، وروايته في أكثر المصادر:

وَلَوْ ظَفِرُوا بِالحَزْمِ لم يَسْمَنِ الكَلْبُ

ويُرْوَى:

وَلَوْ عَمِلُوا بالحَزْمِ ما سَمَّنُوا كَلْبا

التخريج: شعر مالك بن أسماء ص 264، الفاخر للمفضل بن سلمة ص 70، الحيوان 1/ 191، المحاسن والأضداد للجاحظ ص 23، جمهرة الأمثال 1/ 428، ثمار القلوب ص 393، محاضرات الأدباء 2/ 591.

(4)

الجمل المنسوب للخليل ص 258، 259، ولم يرد هذا البيت في الجمل، وإنما ورد قول طرفة:

لَنا هَضْبةٌ لَا يَدْخُلُ الذُّل وَسْطَها

وَيَأْوِي إِلَيْها الْمُسْتَجِيرُ لِيُعْصَما

(5)

ينظر: السبعة ص 49 إعراب القراءات السبع 2/ 168، 169، تفسير القرطبي 13/ 252، البحر المحيط 7/ 101، الإتحاف 2/ 341.

(6)

واختار أبو عمرو والخليلُ الحَزَنَ في موضع النصب، كقوله تعالى هنا:{عَدُوًّا وَحَزَنًا} و {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ} ، واختارا الحُزْنَ في موضع الرَّفع والجَّر، كقوله تعالى:{وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ} و {قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ} . العين 3/ 160، 161، إعراب القراءات السبع 2/ 169، الحجة للفارسي 3/ 249.

ص: 481

قوله تعالى: {وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ} آسِيةُ بنت مُزاحم عمّةُ موسى عليهما السلام: {قُرَّتُ عَيْنٍ} ؛ أي: هو قرة عين {لِي وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ (9)} ، فإنّ اللَّهَ أتانا به من أرضٍ أخرى، وليس هو من بني إسرائيل، وإنما لم تَقُلْ:"لا تَقْتُلْهُ" وهي تخاطب فرعون وحدَه؛ لأن هذا خطابُ الجبابرةِ، وكما يخبرون عن أنفسهم

(1)

.

وقرة العين مشتقة من: القَرُورِ، وهو الماء البارد، ومنه قولهم: أَقَرَّ اللَّهُ عَيْنَكَ؛ أي: أَبْرَدَ اللَّهُ دَمْعَتَكَ؛ لأن دمعة السرور باردة ودمعة الحزن حارة

(2)

، ولهذا يقال للمَدْعُوِّ له: أَقَرَّ اللَّهُ عَيْنَهُ، مأخوذٌ من القُرِّ وهو البرد، وقيل للمدعوِّ عليه: أَسْخَنَ اللَّهُ عَيْنَهُ، مأخوذ من السُّخْنةِ وهي الحرارة

(3)

.

قوله تعالى: {وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا} ؛ أي: ساهيًا لاهيًا خاليًا من كل شيء إلّا من ذكر موسى وهَمِّهِ، فهي مقبلةٌ ومدبرة وباكية، تأتي النيلَ مَرّةً، وترجع إلى منزلها مَرّةً، هذا قول أكثر المفسرين. وقيل: معناه: فارغًا من الوحي الذي أوحى اللَّه تعالى إليها حين أمرها أن تلقيَه في البحر، وقرأ ابن مُحَيصِن

(4)

وفَضالة بن عبيد

(5)

: {فَزِعًا}

(6)

بالزاي والعين من غير ألف، مأخوذٌ من الفزع.

(1)

قاله النَّحاس، وهو بنصه تقريئا في إعراب القرآن 3/ 229.

(2)

حكاه الأزهري عن الأصمعي في "التهذيب" 8/ 276، وينظر: غريب القرآن للسجستانِي ص 119، اللسان: قرر.

(3)

أَسْخَنَ اللَّه عَيْنَهُ: أَبْكاهُ، ينظر: اللسان: قرر.

(4)

هو: محمد بن عبد الرحمن بن محيصن السهمي بالولاء، أبو حفص، مُقْرِئُ أهلِ مكة بعد ابن كثير، وأعلمُ قُرّائِها بالعربية، انفرد بحروف خالف فيها المصحف، توفِّي سنة (123 هـ). [غاية النهاية 2/ 167، الأعلام 6/ 189].

(5)

فضالة بن عبيد بن نافذ الأنصاري، أبو محمد الأوسي، صحابِي ممن بايع تحت الشجرة، شهد أُحُدًا وما بعدها، وشهد فتح الشام ومصر، رَوَى عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم خمسين حديثًا، توفِّي سنة (53 هـ). [الإصابة 5/ 283، الأعلام 5/ 14].

(6)

وهي أيضًا قراءة الحسن وأبي الهذيل ويزيد بن قطيب ومحمد بن السميفع وأبي زرعة بن =

ص: 482

وقوله: {إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ} قيل

(1)

: الهاء راجعة إلى موسى عليه السلام، ومعنى الكلام: إن كادت لتبدي به أنه ابنُها من شدة الوجد عليه، وقيل

(2)

: الهاء عائدة على الوحي؛ أي: إن كادت لتبدي بالوحي الذي أوحينا إليها أن نرده عليها، {لَوْلَا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا} فَقوَّيْنا قلبَها

(3)

، فعصمناها وثبتناها، {لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (10)}؛ أي: المصدِّقين الموقنين بوعد اللَّه تعالى.

قوله: {وَقَالَتْ} يعني: أمه {لِأُخْتِهِ} مريم {قُصِّيهِ} ؛ أي: اتْبَعِي أَثَرَهُ حتَّى تعلمي خبره، ومنه القَصَصُ؛ لأنَّهُ حديث يَتْبَعُ فيه الثانِي الأولَ، يقال: قَصَصْتُ الشيءَ: إذا تَتَبَّعْتَ أَثَرَهُ متعرفًا حاله قَصًّا وقَصَصًا، {فَبَصُرَتْ بِهِ}؛ أي: أبصرته {عَنْ جُنُبٍ} ؛ أي: عن بُعْدٍ، قال ابن عباس

(4)

: الجُنُبُ: أن يسمو بَصَرُ الإنسان إلى الشيء البعيد وهو إلى جَنْبِهِ لا يشعر به، قال قتادة: جعلتْ تنظر إليه كأنها لا تريده ولا توهم أنها تراه، وكان يقرأ:{عَنْ جَنْبٍ} بفتح الجيم

= عمرو وأبي العالية، ينظر: مختصر ابن خالويه ص 113، المحتسب 1/ 147، 148، تفسير القرطبي 13/ 255، البحر المحيط 7/ 102.

(1)

قاله ابن عباس وقتادة والفرَّاء وابن قتيبة والزَّجّاج، ينظر: معاني القرآن للفرَّاء 2/ 303، تأويل مشكل القرآن ص 226، جامع البيان 20/ 46، معاني القرآن وإعرابه 4/ 134، الكشف والبيان 7/ 238.

(2)

قاله الأخفش في معاني القرآن ص 43 وينظر: معاني القرآن للنَّحاس 5/ 160، 161، الكشف والبيان 7/ 238.

(3)

قال الزَّجّاج: "والرَّبْطُ على القلب: إِلْهامُ الصبرِ وتشديده وتقويته". معاني القرآن وإعرابه 4/ 134.

(4)

ينظر قوله في جامع البيان 20/ 49، الكشف والبيان 7/ 238.

ص: 483

وسكون النون، وقرأ النعمان بن سالم

(1)

: {عَنْ جانِبٍ}

(2)

؛ أي: عن ناحية، {وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (11)} أنها أخته.

قوله تعالى: {وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ} وهي جمع مُرْضِعةٍ {مِنْ قَبْلُ (12)} أي: من قَبْلِ مجيءِ أُمِّهِ، وذلك أنه كان يُؤْتَى بِمُرْضِعٍ بعد مُرْضِعٍ، فلا يَقْبَلُ ثَدْيَ امْرَأةٍ، فهَمَّهُمْ ذلك حتَّى دَلَّتْهُمْ أختُهُ مريمُ على أمه، فلما جاءت إليه أمه وجد ريحها، فقَبِلَ ثَدْيَها.

قوله تعالى: {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ} قال الكلبي

(3)

: الأَشُدُّ: ثمانيَ عشْرةَ سنة، وقال سائر المفسرين

(4)

: الأشُدّ: ثلاث وثلاثون سنة، وقوله:{وَاسْتَوَى} يعني: بلغ أربعين سنة {آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا} يعني: الفقه والعقل والعلم في دينه ودين آبائه، فحَكَم موسى وعَلِم قبل أن يُبعَث نبيًّا، {وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (14)} يعني: الصابرين على الثواب، تفسيرها في سورة يوسف.

قوله تعالى: {وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا} قيل: هو نصف

(1)

تابعيٌّ من أهل الطائف، ثقة صالح الحديث، روى عن ابن عمر وابن الزبير، وروى عنه سِماك ابن حرب وداود بن أبي هند وشُعْبةُ. [تهذيب الكمال 29/ 448، الجرح والتعديل 8/ 445].

(2)

قرأ ابن عباس وقتادة وزيد بن علي والحسن والأعرج: {عَنْ جَنْبٍ} ، وقرأ النعمان بن سالِمٍ:{عَنْ جانِبٍ} ، ينظر: مختصر ابن خالويه ص 113، المحتسب 2/ 149 - 150، تفسير القرطبي 13/ 257، البحر المحيط 7/ 103.

(3)

ينظر قوله في الكشف والبيان 7/ 239، وبغير عزو في معاني القرآن للنَّحاس 6/ 449.

(4)

ينظر: جامع البيان 8/ 113، 12/ 230، 231، معاني القرآن وإعرابه 4/ 135، معاني القرآن للنَّحاس 3/ 408، 5/ 164، 6/ 448 - 449، الكشف والبيان 7/ 239، القرطبي 7/ 134، 135.

ص: 484

النهار عند القائلة، وقد خلت الطرق {فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ} من بني إسرائيل {وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ} من القِبْطِ، أراد تسخير الإسرائيلي ليحمل له حطبًا إلى مطبخ فرعون، {فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ}؛ أي: فاستنصر الإسرائيليُّ موسى على القبطي {فَوَكَزَهُ مُوسَى} ؛ أي: دفعه ولم يتعمَّدْ قَتْلَهُ {فَقَضَى عَلَيْهِ (15)} ؛ أي: قتله وفرغ من أمره. وكل شيء فرغتَ منه فقد قضيتَه وقضيت عليه

(1)

، والوَكْزُ: الدفع، قيل

(2)

: بِجُمْعِ الكَفِّ، وقيل: بأطراف الأصابع، قاله الفراء

(3)

وأبو عُبيد

(4)

، وفي مصحف عبد اللَّه:"فنَكَزَهُ" بالنون

(5)

، والوَكْزُ والنَّكْزُ واللَّكْزُ واللَّهْزُ بمعنًى واحد، ومعناها: الدفع

(6)

.

قوله تعالى: {فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ} ينتظر الأخبار، والترقُّب: انتظار المكروه، والمعنى: أنه ينتظر متى يُؤْخَذُ فيُقْتَلُ بِالقِبْطِيِّ، {فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ}؛ أي: يستغيثه، وأصله: من الصُّراخِ، كما يقال: يا لَبَني فلان، يا صَباحاهُ! {قَالَ لَهُ مُوسَى إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ (18)}؛ أي: لَمُضِلٌّ بَيِّنٌ، قتلتُ أمسِ بسببك رجلًا، وتدعونِي اليوم إلى آخَرَ، وعلى هذا الغَوِيُّ: فَعِيلٌ

(1)

قاله ابن قتيبة في تفسير غريب القرآن ص 330.

(2)

قاله الخليل وأبو عبيدة والزَّجّاج، ينظر: العين 5/ 394، مجاز القرآن 2/ 99، معاني القرآن وإعرابه 4/ 137، وحكاه النَّحاس عن مجاهد في معاني القرآن 5/ 166، وجُمْعُ الكفِّ: مِلْؤُها حين تَقْبضُها.

(3)

قال الفرَّاء: "وقوله: {فَوَكَزَهُ مُوسَى} يريد: فَلَكَزَهُ". معاني القرآن 2/ 304، هذا ما قاله الفرَّاء، ولم يذكر أن الوكز هو الدفع بأطراف الأصابع أو بغيرها.

(4)

ينظر قوله في الكشف والبيان 7/ 241.

(5)

قرأ ابن مسعود أيضًا: "فَلَكَزَهُ" باللام، ينظر: مختصر ابن خالويه ص 114، تفسير القرطبي 13/ 260، البحر المحيط 7/ 105.

(6)

حكاه الأزهري عن الكسائي في "التهذيب": "نكز" 10/ 100، 101، و"وكز" 10/ 322.

ص: 485

بمعنى: المُغْوِي، كالوجيع والأليم، ويجوز أن يكون بمعنى الغاوي

(1)

؛ أي: إنك غاوٍ فِي قتالك من لا تطيق دفعَ شرِّه عنك.

قوله تعالى: {وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ} ؛ أي: من آخرِها وأبعَدِها {يَسْعَى} يُسرع في مشيه، قيل: هو حِزْقِيلُ بن صُورِيّا مؤمن آل فرعون، وكان ابنَ عَمِّ فرعونَ، أقبل يمشي على رجليه لينذر موسى {قَالَ يَامُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ} يعني: يأمر بعضُهم بعضًا، نظيره قوله تعالى:{وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ}

(2)

، وقال النَّمِر بن تَوْلَب

(3)

:

95 -

أَرَى النّاسَ قد أحدَثُوا شِيمةً

وفي كُلِّ حادِثةٍ يُؤْتَمَرْ

(4)

وقوله: {فَاخْرُجْ} يعني: من هذه القرية {إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ (20) فَخَرَجَ مِنْهَا} يعني: من مدينة فرعونَ {خَائِفًا يَتَرَقَّبُ (21)} ؛ أي: ينتظر الطلبَ أن يأخذوه فيقتلوه بالقِبطي الذي قتله موسى عليه السلام، وقد تقدم نظيره، ونصب {خَائِفًا} هاهنا على الحال، والذي قبله على خبر {أَصْبَحَ} والضمير اسمها.

(1)

أي: أنه بمعنى "فاعل"، وهذا الوجه الثاني قاله النَّحاس في إعراب القرآن 3/ 233، والوجهان ذكرهما ابن الجوزي في زاد المسير 6/ 209، وينظر: الفريد 3/ 710، تفسير القرطبي 13/ 265.

(2)

الطلاق 6.

(3)

النمر بن تَوْلَبِ بن زهير بن أُقَيْشٍ العُكْلِيُّ، شاعر مخضرم، كان جوادًا، لم يَمْدَحْ وَلم يَهْجُ أحدًا، أدرك الإسلام كبيرًا، فأسلم ووفد على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، وتوفي سنة (14 هـ). [الشعر والشعراء ص 315، الإصابة 6/ 370، الأعلام 8/ 48].

(4)

البيت من المتقارب، والشيمة: الخُلُقُ والطبيعة.

التخريج: ديوانه ص 64، مجاز القرآن 2/ 100، الكشف والبيان 7/ 242، المحرر الوجيز 4/ 282، عين المعاني ورقة 98/ أ، تفسير القرطبي 13/ 266، البحر المحيط 7/ 106، الدر المصون 5/ 337، المقاصد النحوية 1/ 565.

ص: 486

قوله تعالى: {وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ} ؛ أي: نَحْوَها وقَصْدَها ماضيًا إليها هاربًا من فرعون، يقال

(1)

: دارُهُ تِلْقاءَ دارِ فلان: إذا كان مُحاذِيَها، وهو منصوب على الظرف، وقيل: على المصدر، وقيل: مفعول، وأصله من اللقاء، ولم تصرف "مَدْيَن" لأنها اسم بلدة معروفة نُسِبَتْ إِلَى مَدْيَنَ بنِ إبراهيمَ عليه السلام، قال الشاعر:

91 -

رُهْبانُ مَدْيَنَ لو رَأَوْكِ تَنَزَّلُوا

والعُصْمُ مِنْ شَعَفِ الجِبالِ الفادِرِ

(2)

{قَالَ عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ (22)} ؛ أي: يرشدني قَصْدَ الطريق إلى مَدْين، وقوله تعالى:{وَلَمَّا وَرَدَ} يعني: موسى عليه السلام {مَاءَ مَدْيَنَ} وهو بئرٌ كانت لهم {وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً} جماعةً {مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ} مواشيَهم {وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ} وهما: ابنتا شُعيب {تَذُودَانِ} ؛ أي: تحبسان وتمنعان أغنامهما عن الماء حتَّى يَفْرُغَ الناسُ، وتَخْلُوَ لهُم البئر، ومعنى الذَّوْدِ في اللغة: الطَّرْدُ والكَفُّ والدَّفْعُ، ومعنى {تَذُودَانِ} تدفعان

(1)

قاله أبو عبيدة في مجاز القرآن 2/ 101، وينظر: جامع البيان 20/ 65، الكشف والبيان 7/ 243.

(2)

البيت من الكامل لجرير، ورواية ديوانه:"من شَعَفِ العُقُولِ"، ويُرْوَى:"الفادِرُ" بالرفع، ونُسِبَ لِكُثَيِّرِ عَزّةَ.

اللغة: التَّنَزُّلُ: النُّزُولُ في مهلة، العُصْم: جمع أَعْصَمَ وهو الوَعِلُ أو الظبي الذي في ذراعيه بياض، الشَّعَفُ: جمع شَعَفةٍ وهي أعلى كل شيء، وشعف الجبال: رءوسها، الفادر: المُسِنُّ من الوعول.

التخريج: ديوان جرير ص 308، ملحق ديوان كثير ص 531، معاني القرآن للفرَّاء 2/ 304، الكشف والبيان 7/ 243، تفسير القرطبي 6/ 258، 13/ 268، معجم البلدان: مدين، المذكر والمؤنث لابن الأنباري 1/ 541، 2/ 118، اللسان والتاج: رهب.

ص: 487

وتكفان، {قَالَ} لهُما مُوسَى {مَا خَطْبُكُمَا} ابتداءٌ وخَبَرٌ

(1)

؛ أي: ما شَأْنُكُما لا تَسْقِيانِ مواشِيَكُما مَعَ الناس؟! {قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ} ؛ أي: حتَّى يُصْدِرُوا مَواشِيَهُم من وِرْدِهم.

قرأ أبو عبد الرحمن السُّلَمِيُّ والحسن وابن عامر وأبو عَمْرو وأبو جعفرٍ وأيوب بن المتوكل

(2)

: {يَصْدُرَ}

(3)

بفتح الياء وضم الدال، جعلوا الفعل للرِّعاءِ؛ أي: حتَّى يرجِعوا هم عن الماء، وقرأ الباقون بضم الياء وكسر الدال؛ أي: حتَّى يصرفوا مواشيَهم عن الماء

(4)

، والرِّعاء: جمع راعٍ، مثل: تاجر وتِجار، ومعنى الآية: نحن امرأتان لا نستطيع أن نزاحم الرجال، {وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ (23)} لا يقدر أن يسقي ماشيته من الكبر.

{فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ} يعني: ظلِّ شجرة مثمرة، {فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ}؛ أي: طعام {فَقِيرٌ} ؛ أي: محتاج، وكان عليه السلام لم يَذُق الطعام منذ سبعة أيام، قال قطرب

(5)

: واللام في قوله: {لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ} بمعنى "إلى"، تقول العرب: احتجتُ له، واحتجتُ إليه، بمعنى واحد.

(1)

في الأصل: " {قَالَ} لهما موسى ابتداء وخبر {مَا خَطْبُكُمَا}؛ أي: ما شأنكما؟ ".

(2)

من أهل البصرة إمام ثقة ضابط له اختيار تَبِعَ فيه الأثرَ، قرأ على الكسائي ويعقوب الحضرمي، روى عنه عليُّ بنُ المديني ويحيى بن معين، وتوفِّي سنة (200 هـ). [غاية النهاية 1/ 172، الثقات 8/ 126، تاريخ بغداد 7/ 7، 8].

(3)

وهي أيضًا قراءة شيبة وقتادة، ينظر: السبعة ص 492، حجة القراءات ص 543، البحر المحيط 7/ 108.

(4)

فحذف المفعول اختصارًا، ينظر: إعراب القراءات السبع 2/ 169، 170، الحجة للفارسي 3/ 249.

(5)

ينظر قوله في الكشف والبيان 7/ 244.

ص: 488

قوله تعالى: {ذَلِكَ} يعني: الشرط {بَيْنِي وَبَيْنَكَ} ، وَتَمَّ الكلام، ثم قال:{أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ} يعني: من الثمانِي حِجَجٍ أو العَشْرِ، ونَصَب أَيًّا بـ {قَضَيْتُ} ، و"ما": زائدة للتوكيد، وخفض الأجلين بإضافة "أَيٍّ" إليهما، قال الفراء

(1)

: "ما": صلة، وهي في قراءة عبد اللَّه بن مسعود:"أَيَّ الأَجَلَيْنِ ما قَضَيْتُ"

(2)

أي: أتممت وفرغت منه، {فَلَا عُدْوَانَ عَلَيَّ}؛ أي: لا ظلم عليَّ بأن تطالبَني بأكثر منه {وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ (28)} شهيد وحفيظ فيما بيني وبينك.

قوله تعالى: {فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ} يعني: السنينَ العشْر {وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ} ؛ أي: أَبْصَرَ ورَأَى، ويقال: أَحَسَّ {مِنْ جَانِبِ الطُّورِ نَارًا} يعني: النور بالأرض المقدسة {قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا} ، قرأ حمزة بضم الهاء

(3)

، وكسرها الباقون، {إِنِّي آنَسْتُ}؛ أي: رأيت {نَارًا لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ} يعني: أثر الطريق، وكان قد تَحَيَّرَ ليلًا، فإن لم أجد أحدًا يخبرنِي عن الطريق أتيتكم بجذوةٍ، يعني: قطعة وشعلة {مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ (29)} ؛ أي: لكي تستدفئوا من البرد.

وفي قوله: {أَوْ جَذْوَةٍ} ثلاث لغات: فتح الجيم -وهي قراءة عاصم- وضَمُّها -وهي قراءة حمزة

(4)

- وكَسْرُها، وهي قراءة الباقين. والجذوة:

(1)

معاني القرآن 2/ 305.

(2)

ينظر: تفسير القرطبي 13/ 279، البحر المحيط 7/ 110.

(3)

ينظر: إعراب القراءات السبع 2/ 28، الكشف لمكي 2/ 95، التيسير ص 150، الإتحاف 2/ 342.

(4)

قرأ عاصم والسلمي وزر بن حبيش: {جَذْوَةٍ} بفتح الجيم، وقرأ حمزة وخلف والأعمش وطلحة وأبو حيوة بضم الجيم، ينظر: السبعة ص 493، تفسير القرطبي 13/ 281، البحر المحيط 7/ 111، الإتحاف 2/ 342.

ص: 489

قطعة ذاتُ لهب

(1)

، والجَذْوُ: القَطْعُ، وقيل

(2)

: الجذوة: العود الذي قد احترق بعضه، وجمعه: جِذًا، قال ابن مُقبِل

(3)

:

92 -

باتَتْ حَواطِبُ لَيْلَى يَلْتَمِسْنَ لها

جَزْلَ الجِذا غيرَ خَوّارٍ ولا دَعِرِ

(4)

الخَوّارُ: الذي يَتَقَصَّفُ، والدَّعِرُ: الذي فيه ثقب

(5)

.

قوله تعالى: {وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ} وكانت من ورقِ آسِ الجنةِ، هبط بها آدم معه من الجنة، وكانت عند إبراهيم حتَّى وصلت إلى شعيب عليهما السلام، وكان طُولُها عَشَرةَ أَذْرُع، وكان لا يأخذها غيرُ نَبِيٍّ إلّا أَكَلَتْهُ

(6)

. قال ابن عباس:

(1)

قاله ابن قتيبة والنَّحاس، ينظر: غريب القرآن لابن قتيبة ص 332، معاني القرآن للنحاس 5/ 177.

(2)

قاله قتادة ومقاتل، ينظر: الكشف والبيان 7/ 248، عين المعاني ورقة 98/ أ.

(3)

تميم بن أُبَيِّ بن مقبل، من بني العجلان من عامر بن صعصعة، شاعر جاهلي أدرك الإسلام فاسلم، وكان يُهاجِي النَّجاشِيَّ الشاعرَ، تُوُفِّيَ بعد سنة (37 هـ). [الشعر والشعراء ص 462، الإصابة 1/ 496، الأعلام 2/ 87].

(4)

البيت من البسيط، لتميم بن أُبَيِّ بنِ مقبل، ويُرْوَى:"يَقْتَبِسْنَ".

اللغة: الجِذا: أصول الشجر العظام التي بَلِيَ أعلاها وبَقِيَ أسفلُها، واحدتها جَذاةٌ، والجَزْلُ: الحطب الكثير اليابس الغليظ، الخوار: الضعيف، الذعِرُ: ما احترق من الحطب فطُفِئَ قبل أن يشتد احتراقه، واحدها: دعِرةٌ.

التخريج: ديوانه ص 80، مجاز القرآن 2/ 103، "التهذيب" 2/ 203، 11/ 167، إعراب القراءات السبع 2/ 172، مقاييس اللغة 2/ 283، المخصص 11/ 23، 15/ 156، الكشف والبيان 7/ 248، أساس البلاغة: جذو، الكشاف 3/ 174، المحرر الوجيز 4/ 286، شرح شواهد الإيضاح ص 449، عين المعاني 98/ أ، القرطبي 13/ 281،

اللسان: جدًّا، دعر، البحر المحيط 7/ 98، الدُّر المصون 5/ 340.

(5)

قاله السجاوندي في عين المعاني ورقة 98/ أ.

(6)

ينظر: الكشاف 3/ 174، تفسير القرطبي 11/ 190، 261، مجمع البيان 7/ 18، والآسُ: شَجَرةٌ وَرَقُها عَطِرٌ.

ص: 490

وكان في رأسها مكتوبٌ بالعربية وبالسُّريانية: هَيُوها هَيا شَراهَيا، وفَسْرُها: أنا الأول وأنا الآخَر وأنا الحي الذي لا أموت أبدًا

(1)

.

قوله: {فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ} وهي الحية، من سرعة حركتها {وَلَّى مُدْبِرًا} منها {وَلَمْ يُعَقِّبْ} يعني: ولم يَرْجِعْ، ونصب {مُدْبِرًا} على الحال، فنودي:{يَامُوسَى أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ (31) اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ} يعني: أَدْخِلْ يَدَكَ اليمنى في جيبك {تَخْرُجْ} جواب الأمر {بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ} ؛ أي: بَرَصٍ، بل نور يتلألأ كشعاع

(2)

الشمس، ومحل {بَيْضَاءَ}: نصب على الحال، وقد تقدم نظيرها فِي سورة النمل

(3)

.

قوله: {وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ} ؛ أي: يدك {مِنَ الرَّهْبِ} ، قرأ حفص بفتح الراء وجزم الهاء، وقرأ أهل الكوفة -إلّا حفصًا- وأهلُ الشام: بضم الراء وجزم الهاء، وقرأ الباقون بفتح الراء والهاء

(4)

، ودليلها قوله تعالى: {وَيَدْعُونَنَا

(1)

ينظر: اللسان: شره، هيه، ورَوَى ابنُ كثير عن عبد اللَّه قال:"لَمّا بَعَثَ اللَّهُ، عز وجل، موسى إلى فرعون فقال: ربِّ أي شيء أقول؟ قال: قل: هيا شراهيا، قال الأعمش: فَسْرُ ذلك: أنا الحي قبل كل شيء والحي بعد كل شيء". تفسير ابن كثير 3/ 155.

(2)

في الأصل: "شعاع".

(3)

النمل 12.

(4)

قرأ حفصٌ عن عاصمٍ، وأبو عبد الرحمن السلميُّ وعيسى بنُ عمر وابنُ أبي إسحاق:{مِنَ الرَّهْبِ} بفتح الراء وإسكان الهاء، وقرأ أبو بكر عن عاصم، وابنُ عامر وحمزةُ والكسائيُّ وخَلَفٌ والشَّنَبُوذِيُّ:{مِنَ الرَّهْبِ} بضم الراء وإسكان الهاء، وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وأبو جعفر ويعقوب:{مِنَ الرَّهْبِ} بفتح الراء والهاء، ينظر: السبعة ص 493، حجة القراءات ص 544، الكشف عن وجوه القراءات 2/ 173، تفسير القرطبي 13/ 284، الإتحاف 2/ 343.

ص: 491

رَغَبًا وَرَهَبًا}

(1)

، وكلها لغات بمعنى: الخوف والفَرَقِ

(2)

، ومعنى الآية: إنْ هالَكَ يا موسى أَمْرُ يَدِكَ وما ترى من شعاعها، فأدخلها فِي جيبك تَعُدْ إلى حالتها الأولى.

وقوله: {فَذَانِكَ} يعني: العصا واليدَ البيضاء {بُرْهَانَانِ} ؛ أي: حُجَّتانِ {مِنْ رَبِّكَ (32)} على صدقك، قرأه العامة:{فَذَانِكَ} بتخفيف النون، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو ورُوَيْسٌ

(3)

بتشديد النون

(4)

، وهي لغة قريش

(5)

، وفي وجهه أربعة أقوال، قيل

(6)

: شَدَّدُوا النونَ عوضًا من الألف الساقطة، ولم يُلْتَفَتْ إلى التقاء الساكنَيْن، وقيل

(7)

: التشديد للتأكيد كما أدخلوا اللام في

(1)

الأنبياء 90.

(2)

وقال قتادة وأبو عمرو الشيبانِي وابن الأعرابِيِّ: الرُّهْبُ بالضم: الكُمُّ، ينظر: إصلاح المنطق ص 86، تهذيب اللغة 6/ 291، 292، معانِي القراءات 2/ 251، إعراب القراءات السبع 2/ 173، 174.

(3)

هو: محمد بن المتوكل اللؤلؤي، أبو عبد اللَّه البصري، مقرئ ضابط مشهور، أحد رواة قراءة يعقوب، ومن أحذق أصحابه، روى عنه محمد بن هارون التَّمّارُ، توفِّي سنة (238 هـ). [غاية النهاية 2/ 234].

(4)

ورُوِيَ عن أبِي عمرو أنه كان يُخَفِّفُ ويُثَقِّلُ، ورُوِيَ عن ابن كثير:{فَذَانِيكَ} خفيفة النون بياء، وهي قراءة ابن مسعود وعيسى بن عمر، ينظر: السبعة ص 493، تفسير القرطبي 13/ 285، البحر المحيط 7/ 113، الإتحاف 2/ 343.

(5)

قاله أبو عمرو، ينظر: جامع البيان 20/ 92، الكشف والبيان 7/ 249، الوسيط 3/ 398، أمالِيُّ ابن الشجري 3/ 55.

(6)

يعني: عوضًا من ألف "ذا" التي سقطت عند التثنية، وهذا القول حكاه النَّحاس عن أبي حاتم في إعراب القرآن 3/ 237، وبه قال ابن جني ومكي بن أبي طالب، ينظر: سر صناعة الإعراب ص 487، مشكل إعراب القرآن 2/ 160.

(7)

قاله الأخفش وأبو عبيدة، ينظر: معاني القرآن للأخفش ص 433، مجاز القرآن 2/ 104، وحكاه الأزهري عن الأخفش في التهذيب 15/ 34.

ص: 492

"ذلك"، وقيل

(1)

: شددت فَرْقًا بينها وبين النون التي تسقط للإضافة، لأن "ذانِ" لا يضاف، وقيل

(2)

: للفرق بين تثنية الاسم المتمكن وبينها.

قال أبو عبيد

(3)

: وكان أبو عمرو يَخُصُّ هذا الحرفَ بالتشديد دون كل تثنية في القرآن، فأحسبه فَعَلَ ذلك لِقِلّةِ الحروف في الاسم، فقرأه بالتثقيل، وقال الزجاج

(4)

: التشديد تثنية "ذلك"، والتخفيف تثنية "ذاك"، جُعِلَ بَدَلَ اللامِ في "ذَلِكَ" تشديدُ النون في "ذانِّكَ".

قوله تعالى: {قَالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْسًا فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ (33) وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ} ابتداءٌ وخبر {مِنِّي لِسَانًا} ؛ أي: أحسن مني بيانًا، وهو نصب على التفسير، وإنما قال ذلك للعُقْدةِ التي في لسانه من قِبَلِ الجَمْرةِ التي تناولها {فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا (34)}؛ أي: مُعِينًا، يقال: أَرْدَأْتُهُ؛ أي: أَعَنْتُهُ

(5)

، ترك هَمْزَهُ أهلُ المدينة وعيسى بن عمر طلبًا للخفة

(6)

، وهَمَزَهُ الباقون، وهو

(1)

هذا القول حكاه الأزهري عن الفرَّاء فِي "التهذيب" 15/ 34، وللفرَّاء في اللسان:"ذاك، ذلك"، ولم أقف عليه في معاني القرآن، ولبعض نحوي الكوفة في جامع البيان 20/ 92، وهو بغير نسبة في إعراب القرآن 3/ 237، 238، الكشف والبيان 7/ 249، مشكل إعراب القرآن 2/ 161، البيان للأنباري 2/ 232.

(2)

هذا القول حكاه الأزهري عن الكسائي في "التهذيب" 15/ 34، وللكسائي في اللسان:"ذاك وذلك"، وهو لبعض نحوي الكوفة في جامع البيان 20/ 92، وبدون نسبة في الكشف والبيان 7/ 249، مشكل إعراب القرآن 2/ 161، البيان للأنباري 2/ 232.

(3)

حكاية أبي عبيد عن أبِي عمرو في الكشف والبيان 7/ 249، تفسير القرطبي 13/ 286.

(4)

معاني القرآن وإعرابه 4/ 143.

(5)

قاله ابن السكيت وابن قتيبة، ينظر: إصلاح المنطق ص 155، غريب القرآن لابن قتيبة ص 333، وينظر: تهذيب اللغة 14/ 167.

(6)

قرأ نافع وأبو جعفر وورش: {رِدًا} بحذف الهمزة ونقل حركتها إلى الدال، ولكن أبا جعفر =

ص: 493

منصوبٌ على الحال، وقوله:"يُصَدِّقُنِي" قرأه العامة بالجزم، وقرأه عاصمٌ وحمزة بالرفع

(1)

، وهو اختيار أبِي عبيد، فمن جزمه فهو على: جواب الأمر للدعاء، ومن رفعه فعلى: الحال؛ أي: رِدْءًا مصدقًا خالصَ التصديق

(2)

، كقوله تعالى:{أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا}

(3)

؛ أي: كائنة، حالٌ صُرِفَ إلى الاستقبال.

قوله تعالى: {فَلَمَّا جَاءَهُمْ مُوسَى بِآيَاتِنَا بَيِّنَاتٍ} جمع بَيِّنةٍ، والتاء في موضع نَصْب على الحال {قَالُوا مَا هَذَا}؛ أي: الذي جئتنا به {إِلَّا سِحْرٌ مُفْتَرًى} افتريتَهُ من قِبَلِ نفسك {وَمَا سَمِعْنَا بِهَذَا} الذي تدعونا إليه {فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ (36)} .

قوله تعالى: {وَأَتْبَعْنَاهُمْ} يعني: قومَ فرعون {فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً} يعني: الغرق {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ (42)} يعني: المُبْعَدِينَ الملعونين، مأخوذ من القبح وهو الإبعاد، قال أبو زيد

(4)

: يقال: قَبَحَ اللَّهُ فُلانًا قَبْحًا

= يبدل من التنوين ألفًا في الوصل والوقف، ينظر: السبعة 494، الكشف عن وجوه القراءات 1/ 83، 2/ 174، البحر المحيط 7/ 113، الإتحاف 2/ 43.

(1)

ينظر: السبعة ص 494، الكشف عن وجوه القراءات 2/ 174، تفسير القرطبي 13/ 288، البحر المحيط 7/ 113، الإتحاف 2/ 343.

(2)

جوز النحاس في جملة {يُصَدِّقُنِي} أن تكون نعتًا، وأن تكون حالًا، وإذا كانت حالًا فصاحب الحال هو: الضمير المستتر في {رِدْءًا} ؛ لأنَّهُ مؤول بالمشتق، فهو بمعنى "مُعِينًا"، ينظر: إعراب القرآن للنَّحاس 3/ 236، معاني القراءات للأزهري 2/ 252، 253، الحجة للفارسي 3/ 255.

(3)

المائدة 114.

(4)

هو: سعيد بن أوس بن ثابت، أبو زيد الأنصاري البصري، أحد أئمة اللغة والأدب، كان يرى رأي القدرية، كان سيبويه إذا قال: سمعت الثقة عَنَى أبا زيد، توفِّي سنة (215 هـ)، من =

ص: 494

وقُبُوحًا؛ أي: أَبْعَدَهُ من كل خير

(1)

، وقال ابن عباس

(2)

: يعني: المشوَّهين الخِلقةَ بسواد وجوههم وزُرْقةِ أعينهم في النار، وعلى هذا التأويل يكون {الْمَقْبُوحِينَ} بمعنى: المُقَبَّحِينَ، قال أهل اللغة

(3)

: يقال: قَبَحَهُ اللَّهُ يَقْبَحُهُ: إذا جعله قَبِيحًا.

وانتصب "يومَ" على أنه مفعولٌ به على السَّعة، كأنه قال:"وَأَتْبَعْناهُمْ فِي هذه الدنيا لعنة وَلَعْنةَ يَوْمِ القِيامةِ"، ثم حذف اللعنة الثانية لدلالة الأولى عليها، وقام "يوم" مقامها فانتصب بانتصابها، ويجوز أن ينصب اليوم على أن تعطفه على موضع {فِي هَذِهِ الدُّنْيَا} ، كما قال الشاعر:

93 -

إذا ما تلاقَيْنا منَ اليوْمِ أو غدا

(4)

ويجوز نصبه على أنه: ظرف للمقبوحين؛ أي: وهم من المقبوحين يوم القيامة، ثم قُدِّمَ الظرفُ

(5)

.

= كتبه: النوادر، الهمز، لغات القرآن. [إنباه الرواة 2/ 30: 35، بغية الوعاة 1/ 582 - 583، الأعلام 3/ 92].

(1)

ينظر قول أبِي زيد في "التهذيب" 4/ 75، زاد المسير 6/ 224، اللسان: قبح.

(2)

ينظر قول ابن عباس في الكشف والبيان 7/ 251، مجمع البيان 7/ 440، تفسير القرطبي 13/ 290، عين المعاني ورقة 98/ أ.

(3)

قاله أبو زيد كما سبق، وهو قول أبي عبيدة في مجاز القرآن 2/ 106، وهو للأخفش فى مجمع البيان 7/ 440.

(4)

هذا عجز بيت من الطويل، لكعب بن جُعَيْلٍ، وصدره:

أَلَا حَيٍّ نَدْمانِي عُمَيْرَ بنَ عامِرٍ

التخريج: الكتاب 1/ 68، المقتضب 4/ 112، 154، شرح أبيات سيبويه 1/ 233، المحتسب 2/ 362، مشكل إعراب القرآن 2/ 162، الإنصاف ص 335، البيان في غريب إعراب القرآن 2/ 234، 333، الفريد للهمداني 3/ 718، البرهان للزركشي 2/ 162.

(5)

من أول قوله: "وانتصب "يوم" على الظرف" قاله مَكِّيٌّ في مشكل إعراب القرآن 2/ 162، =

ص: 495