المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

ومَن قال: عِفْرِيةٌ جَمَعَهُ عَفاري (1) ، والتاء فِي عِفْرِيتٍ زائدة كزيادتها - البستان في إعراب مشكلات القرآن - جـ ١

[ابن الأحنف اليمني]

فهرس الكتاب

- ‌كلمة مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية

- ‌مقدِّمة

- ‌ومن الأسباب التي دفعَتْني إلى تحقيق هذا الكتاب:

- ‌الجِبْلِيُّ وكتابُهُ "البُسْتانُ في إِعرابِ مُشْكِلاتِ القُرْآنِ

- ‌الفصل الأول الجِبْلِيُّ - حياتُهُ وآثارُهُ

- ‌المبحث الأول كُنْيتُه واسْمُهُ ونَسَبُه ولقَبُه

- ‌1 - كُنْيته واسْمُهُ ونَسَبُه:

- ‌2 - لقَبُه:

- ‌المبحث الثاني مولدُه

- ‌المبحثُ الثالث عصرُه

- ‌1 - الحياةُ السياسيّة:

- ‌2 - الحياةُ العِلميّة:

- ‌3 - المدارس التي أُنشئت في مدينة جِبْلةَ:

- ‌4).4 -اهتمامُ الدّولة الرَّسُوليّة بالعلم والعلماء:

- ‌5 - تأثُّر اليمنيِّين بالنَّحوِّيين المَشارِقة والمصريِّين:

- ‌المبحث الرابع شيوخه وتلاميذه

- ‌1 - شيوخه:

- ‌2).2 -تلاميذُه

- ‌المبحثُ الخامس مَنْزلةُ الجِبْليِّ العلميّةُ وثناءُ العلماءِ عليه

- ‌المبحثُ السادس آثارُه ووفاتُه

- ‌1 - آثاره:

- ‌2 - وفاتُه:

- ‌المبحثُ السابع موقفُ الجِبْليِّ من أصول النَّحو

- ‌المطلبُ الأول: موقفُه من السَّماع:

- ‌أولًا: موقفُه من الاستشهاد بالقرآن الكريم وقراءاتِه

- ‌1 - موقفه من القراءاتِ الصّحيحة:

- ‌أ - ارتضاء الجِبْلِيِّ القراءاتِ الصحيحةَ:

- ‌ب - اعتراضاتٌ للجِبْلِيِّ على قراءاتٍ صحيحة:

- ‌جـ - مفاضلةُ الجِبْليِّ بين قراءاتٍ صحيحة:

- ‌2 - موقفُ الجِبْلي من القراءات الشّاذّة:

- ‌3 - نظراتٌ في استشهاد الجِبْلِّي بالقراءات:

- ‌ثانيًا: موقفُ الجِبْليِّ من الاستشهاد بالحديث:

- ‌ثالثًا: موقفُ الجِبْليِّ من الاستشهاد بكلام العرب

- ‌أولًا- استشهاد الجِبْليِّ بالأمثال والأقوال:

- ‌ثانيًا - استشهاد الجِبْليِّ بالشعر:

- ‌ نظراتٌ في استشهاد الجِبْليِّ بالشعر:

- ‌ مآخذُ على استشهاد الجِبْلي بالشِّعر:

- ‌المطلب الثاني: موقفُ الجِبْلي من القياس:

- ‌ القياسُ عند الجِبْلي:

- ‌المطلبُ الثالث: موقفُ الجِبْلي من الإجماع

- ‌المبحثُ الثامن مذهبُه النَّحْويُّ واختياراتُه

- ‌فمن أمثلة ما اختار فيه مذهبَ البصريِّين:

- ‌ومما اختار فيه مذهبَ الكوفيِّين:

- ‌الفصلُ الثاني كتابُ البُستان في إعرابِ مشكلاتِ القرآن

- ‌المبحث الأول عنوانُ الكتاب، وتوثيق نِسبتِهِ للجِبْلي، وموضوعُه

- ‌المطلبُ الأول: عُنوانُ الكتاب:

- ‌المطلبُ الثاني: توثيق نِسبتِهِ للجِبْلي:

- ‌المطلبُ الثالث: موضوعه:

- ‌المبحثُ الثاني مصادرُه

- ‌أولًا: مصادرُ بصَرْيّةٌ، ومنها:

- ‌ثانيًا: مصادرُ كوفيّة، ومنها ما يلي:

- ‌ثالثًا: مصادرُ بغداديّةٌ:

- ‌رابعًا: مصادرُ مِصريّة:

- ‌خامسًا: مصادرُ أخرى:

- ‌المبحثُ الثالث منهجُ الجِبْليِّ في البستان

- ‌1 - خُطّةُ الكتاب:

- ‌2 - نُقولُه عن العلماء:

- ‌3 - اهتمامُه باللغة:

- ‌4 - اهتمامُه بتوضيح التصحيف:

- ‌5 - استطرادُه في ذكر أشياءَ بعيدةٍ عن موضوع الآية التي يشرحها:

- ‌6 - ترْكُه آياتٍ بدون إعراب أو شرح:

- ‌7 - تأثُّرُه بِلُغةِ الفقهاءِ والمتكلِّمين:

- ‌9 - أشعارٌ في الزهد والحِكمة:

- ‌المبحثُ الرابع المصطَلحاتُ النَّحوّية في البستان

- ‌المبحثُ الخامس العلّة النَّحويّةُ في البستان

- ‌العلّة البسيطةُ والمركَّبة:

- ‌أولًا- العِلَلُ البسيطة:

- ‌ثانيًا- العِلَل المُركَّبة:

- ‌المبحثُ السادس ملحوظاتٌ على الكتاب

- ‌أولًا: ملحوظاتٌ على المنهج:

- ‌أ- أخطاءٌ في النُّقول عن العلماء:

- ‌ب - آراءٌ منسوبةٌ خطأً:

- ‌جـ - نَقْلُهُ عن العلماء من كتُبِ غيرِهم:

- ‌ثانيًا: ملحوظات على الأسلوب:

- ‌1 - إيهامُ كلامِه خلافَ المراد:

- ‌2 - وقوعُ التناقُض في كلامه:

- ‌3 - ملحوظاتٌ نَحْويّة:

- ‌خاتمةُ الدِّراسة

- ‌ التحقيق

- ‌1 - وصفُ نُسخةِ المخطوط

- ‌2 - منهَجُ التحقيق

- ‌3 - نماذج مصوَّرة من المخطوط

- ‌سورةُ الأنبياء عليهم السلام

- ‌بابُ ما جاء في فَضْل قراءتها

- ‌بابُ ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصلٌ

- ‌فصلٌ

- ‌فصل

- ‌فصلٌ

- ‌فصلٌ

- ‌سورةُ الحجِّ

- ‌بابُ ما جاء في فضل قراءتها

- ‌بابُ ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصلٌ

- ‌فصلٌ

- ‌‌‌فصلٌ

- ‌فصلٌ

- ‌فصلٌ

- ‌سورةُ المؤمنين

- ‌بابُ ما جاء في فَضْل قراءتها

- ‌بابُ ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصلٌ

- ‌فصلٌ في معنى الآية

- ‌فصلٌ

- ‌فصلٌ في ذِكْرِ وجوهِ الحكمةِ في خَلْقِ اللَّهِ تعالى الخَلْقَ على الاختصار

- ‌سورةُ النُّور

- ‌بابُ ما جاء في فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصلٌ

- ‌فصلٌ

- ‌فصل

- ‌فصلٌ

- ‌فصلٌ

- ‌فصلٌ في معنى المشكاةِ والمِصباح والزَّجاجة والشَّجرة

- ‌فصلٌ

- ‌فصلٌ

- ‌فصل

- ‌فصلٌ

- ‌سورةُ الفرقان

- ‌بابُ ما جاء في فَضْل قراءتها

- ‌بابُ ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصلٌ

- ‌فصلٌ

- ‌فصلٌ

- ‌فصلٌ

- ‌سورةُ الشُّعراء

- ‌بابُ ما جاء في فَضْل قراءتها

- ‌بابُ ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصلٌ

- ‌فصل

- ‌سورةُ النمل

- ‌باب ما جاء في فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورةُ القَصَص

- ‌باب ما جاء في فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

الفصل: ومَن قال: عِفْرِيةٌ جَمَعَهُ عَفاري (1) ، والتاء فِي عِفْرِيتٍ زائدة كزيادتها

ومَن قال: عِفْرِيةٌ جَمَعَهُ عَفاري

(1)

، والتاء فِي عِفْرِيتٍ زائدة كزيادتها في طاغُوت، واختلفوا في اسمه، فقيل: اسمه عمرو، وقيل: اسمه كوذن، وقيل: ذكوان

(2)

.

قوله تعالى: {فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ} في الآية محذوف، تقديره: فدَعا آصِفُ بنُ بَرْخِياءَ اللَّهَ تعالى، فأُتِيَ بالعرش، فلما رآه سليمانُ مستقرًّا عنده ثابتًا بين يديه {قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي} وعطائه ومِنَّتِهِ عَلَيَّ، ونصب {مُسْتَقِرًّا} على الحال، لأنَّهُ من رؤية العين.

‌فصل

واختلفوا في الدعاء الذي دعا به آصِفُ بنُ بَرْخِياءَ ما هُو؟ فقيل

(3)

: هو: يا ذا الجلال والإكرام. وقيل

(4)

: هو: يا حيُّ يا قيوم. وقيل

(5)

: قال سليمان

= ينظر: مختصر ابن خالويه ص 111، المحتسب 2/ 141، تفسير القرطبي 13/ 203، البحر المحيط 7/ 72.

(1)

قاله الفرَّاء في معاني القرآن 2/ 294، وقال النَّحاس:"ومن قال: عِفْرِيةٌ جمعه على عَفارٍ، ومن قال: عِفْرِيتٌ كان له فِي الجمع ثلاثة أوجهٍ، إن شاء قال: عفاريت، وإن شاء قال: عَفارٍ؛ لأن التاء زائدة كما يقال: طَواغٍ في جمع طاغوت، وإن شاء عَوَّضَ من التاء فقال: عَفارِيُّ". إعراب القرآن 3/ 21 وينظر: مشكل إعراب القرآن 2/ 148.

(2)

ينظر في هذه الأقوال: جامع البيان 19/ 197، الكشف والبيان 7/ 210، الكشاف 3/ 148، تفسير القرطبي 13/ 203.

(3)

ذكره الزَّجّاج بغير عزو في معاني القرآن وإعرابه 4/ 121، والواحدي في الوسيط 3/ 378، وحكاه النَّحاس عن مجاهد في معاني القرآن 5/ 133.

(4)

ينظر: معاني القرآن للفرَّاء 2/ 294، الكشف والبيان 7/ 211، الوسيط 3/ 378، تفسير القرطبي 13/ 204.

(5)

ذكره الزَّجّاج بغير عزو في معاني القرآن وإعرابه 4/ 121، والثعلبي في الكشف والبيان 7/ 211، والواحدي في الوسيط 3/ 378، وحكاه القرطبي عن الزهري في تفسيره 13/ 204.

ص: 456

عليه السّلام لصاحب العرش: قد رَأَيْتُكَ تُرَجِّعُ بِشَفَتَيْكَ، فما قُلْتَ؟ قال: قلت: يا إلهي وإلَه كلِّ شيء إلهًا واحدًا لا إله إلا أنتَ، ائْتِ به.

قوله تعالى: {وَصَدَّهَا مَا كَانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ} ؛ أي: منعها الإيمانَ والتوحيدَ الذي كانت تعبد من دون اللَّه، وهو الشمس، قال الفراء

(1)

: معنى الكلام: وصَدَّها من أن تعبد اللَّهَ ما كانت تعبد من دون اللَّه.

و"ما" في محل الرَّفع على هذا القول؛ لأنَّهُ فاعل، وفعله:{صَدَّها} . وقال بعضهم

(2)

: يحتمل أن يكون نصبًا بنزع الصفة تقديره: وصدها سليمانُ عَمّا كانت تعبد من دون اللَّه؛ أي: مَنَعَها، وحالَ بينها وبينه. ولو قيل: وصَدَّها اللَّهُ ذلك بتوفيقها للإسلام، لكان وجهًا صحيحًا

(3)

. فعلى هذين التأويلَيْن يكون محل "ما" نصبًا.

وقوله: {إِنَّهَا كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ كَافِرِينَ (43)} استئناف، أخبر اللَّه تعالى أنها كانت من قوم يعبدون الشمس، فنشأت فيما بينَهم، وقُرِئَ:{إِنَّهَا} بالكسر والفتح

(4)

، فمَنْ كَسَرَها فعلى الاستئناف، ومن فتحها فعلى معنى:"لأنَّها"

(5)

.

(1)

معاني القرآن 2/ 295.

(2)

قاله الفرَّاء أيضًا، وعليه فالفاعل: ضمير سليمان أو: ضمير اللَّه عز وجل، وشَبَّهَهُ النَّحاسُ بما أنشده سيبويه من قول الشاعر:

ونُبِّئْتُ عَبْدَ اللَّهِ بالْجَوِّ أَصْبَحَتْ

كِرامًا مَوالِيها لَئِيمًا صَمِيمُها

أي: نبئت عن عبد اللَّه، يَنظر: إعراب القرآن للنَّحاس 3/ 213، وينظر أيضًا: إيضاح الوقف والابتداء ص 817، مشكل إعراب القرآن 2/ 149، الكشاف 3/ 150.

(3)

قاله الطبري في جامع البيان 19/ 204.

(4)

قرأ سعيد بن جبير وابنُ أَبِي عبلة: {إِنَّهَا} بالفتح، ينظر: تفسير القرطبي 13/ 208، البحر المحيط 7/ 75.

(5)

يعني أنه منصوب على نزع الخافض، ويجوز أن يكون الفتح على البدل من "ما" إذا =

ص: 457

قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ (45)} ؛ أي: مؤمنون وكافرون، كل فريق يقول: الحَقُّ معي {قَالَ} يعني: صالِحًا للفريق المكذب {يَاقَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ} يعني: البلاءَ والعقوبة {قَبْلَ الْحَسَنَةِ} يعني: العافية والرحمة، والاستعجال: طلب التعجيل بالأمر، وهو الإتيان به قبل وقته، {لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ}؛ أي: هَلّا تستغفرون اللَّه بالتوبة من كُفْرِكُمْ {لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (46)} فلا تُعَذَّبُونَ فِي الدنيا.

قوله: {قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ} ؛ أي: تَشاءَمْنا بك، وأصله: تَطَيَّرْنا بك، {وَبِمَنْ مَعَكَ} وذلك أن المطر أُمْسِكَ عنهم، وقُحِطُوا، فقالوا: أصابنا هذا البلاء من شُؤْمِكَ وشُؤْمِ أصحابك، يعنون صالحًا عليه السلام ومن آمن معه من قومه، فـ {قَالَ} لهم صالح:{طَائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ} ؛ أي: الشؤم أتاكم من عند اللَّه بكفركم، وهذا كقوله تعالى:{يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَلَا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ}

(1)

، وقوله:{بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ (47)} ؛ أي: تُخْتَبَرُونَ بالخير والشر.

قوله تعالى: {وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ} يَعْنِي: مَدِينةَ ثَمُودَ، وهي الحِجْرُ، {تِسْعَةُ رَهْطٍ} جَمْعٌ لَا واحِدَ لهُ مِن لَفْظِه

(2)

{يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ (48)} يَأْمُرُونَ بِالمُنْكَر، ويَنْهَوْنَ عنِ المعروفِ، ويَظْلِمُونَ النّاسَ، ويَتَتَبَّعُونَ مَعايِبَ

= كانت فِي موضع رفع على الفاعلية؛ أي: صَدَّها عن عبادة اللَّه أنها كانت من قوم كافرين؛ أي: كونها. ينظر: معاني القرآن للفرَّاء 2/ 295، معاني القرآن وإعرابه 4/ 122، إعراب القرآن 3/ 213.

(1)

الأعراف 131.

(2)

يعني بالجمع هنا اسم الجمع؛ لأن الرهط اسمُ جَمْع، وجمعه أَرْهُطٌ، وجمع الجمع أَراهِطُ، قال الأزهري:"قال ثعلب: المَعْشَرُ والنَّفَرُ والرَّهْطُ والقَوْمُ، هؤلاء معناهم الجمع، لا واحد لهم من لفظهم، وهو للرجال دون النساء". "التهذيب" 6/ 174.

ص: 458

النّاسِ، ولا يُقِيلُونَ عَثَراتِهم، ولا يَسْتُرُونَ عَوْراتِهم، وأسماؤُهُم: قُدارُ بنُ سالِفٍ، ومِصْدَعُ بنُ مِهْرَجٍ -وقيلَ: مِهْزَعٌ- وأَسْلَمُ، ودَهْماءُ، ودُهَيْمٌ، ودَعْمَى، ودُعَيْمٌ، وقُتالٌ، وصُدافٌ، رَأْسُهُم قُدارٌ ومِصْدَعٌ، وهُمُ الَّذِينَ عَقَرُوا النّاقةَ

(1)

.

قوله: {قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ} يعني: التسعةَ الرَّهْطِ؛ أي: تَحالفوا باللَّه، وموضع {تَقَاسَمُوا}: جزم على الأمر، وقيل: محله نصب على الفعل الماضي

(2)

.

وقوله: {لَنُبَيِّتَنَّهُ} ؛ أي: لنهْلِكَنَّهُ {وَأَهْلَهُ} بياتًا يعني ليلًا بالقتل، وأراد صالِحًا وأهله، [وهو] جواب القسم، وقرأ حمزة والكسائي:{لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ} بالتاء

(3)

فيهما على فعل خطاب الجماعة، فمن قرأ بالتاء جعل {تَقَاسَمُوا} أَمْرًا، ومن قرأ بالنون جعل {تَقَاسَمُوا} فعلًا ماضيًا لجمع المذكر

(4)

، ولفظ الأمر ولفظ الماضي سواء في جمع "تَفاعَلَ" و"تَفَعَّلَ".

وقوله: "لِوَلِيِّهِ" يعني ذا رَحِمِ صالِحٍ إِنْ يَسْأَلُونا عنه: {مَا شَهِدْنَا مُهْلَكَ

(1)

ينظر في أسمائهم: المُحَبَّرُ لمحمد بن حبيب ص 357، جامع البيان 8/ 296، الكشف والبيان 7/ 216، الكشاف 3/ 152، عين المعاني 96/ ب، وهذا الضبط لأسمائهم نقلًا عن عين المعاني.

(2)

يعني: البناء على الفتح، وإذا كان {تَقَاسَمُوا} فعلًا ماضيًا فـ {قَدْ} مقدرة معه؛ أي: قد تقاسموا، والجملة فِي موضع الحال؛ أي: قالوا متقاسمين، ينظر: معاني القرآن للفرَّاء 2/ 296، كشف المشكلات للباقولي 2/ 193، الفريد للهمداني 3/ 688.

(3)

وهي أيضًا قراءة ابن مسعود وخلف والأعمش والحسن، ينظر: السبعة ص 483، إعراب القراءات السبع 2/ 154، حجة القراءات ص 530، إتحاف فضلاء البشر 2/ 330.

(4)

ويجوز على قراءة {لَنُبَيِّتَنَّهُ} بالنون أن يكون {تَقَاسَمُوا} أمرًا أيضًا، معاني القرآن للفرَّاء 2/ 296، معانِي القراءات 2/ 242، الحجة للفارسي 3/ 240، مشكل إعراب القرآن 2/ 150 - 151.

ص: 459

أَهْلِهِ}؛ أي: ما ندري مَن قَتَلَ صالحًا وأهله، وما نعرف الذين قتلوه، {وَإِنَّا لَصَادِقُونَ (49)} بما نقول.

والْمُهْلَكُ يجوز أن يكون مصدرًا بمعنى: الإهلاك، ويجوز أن يكون الموضع، ورُوِيَ عن عاصمٍ:{مَهْلَكَ} بفتح الميم واللام يريد: الهلاك، يقال: هَلَكَ يَهْلِكُ مَهْلَكًا، ورَوَى حَفْصٌ عنه بفتح الميم وكسر اللام

(1)

، وهو اسم المكان على معنى: ما شهدنا موضعَ هلاكهم ومكانه.

قوله: {وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا} ؛ أي: جازيناهم جَزاءَ مَكْرِهِمْ بتعجيل عقوبتهم {وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (50)} بمكر اللَّه بهم، {فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ} ، {عَاقِبَةُ}: رفع على اسم {كَانَ} ، ولم يَحْتَجْ إلى خَبَرٍ؛ لأنَّهُ بمعنى: وَقَعَ وحَدَثَ، ويحتمل أن يكون خبره {كَيْفَ} مقدم على {كَانَ}

(2)

.

وقوله: {أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ} ؛ أي: أهلكناهم، يعني: التسعةَ رهطٍ {وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ (51)} نَصْب على الحال والقطع والتوكيد، قرأ الحسن وأهل الكوفة والأعمش وابن أبي إسحاق ويعقوب:{أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ} بفتح الألف

(3)

، ولها

(1)

قرأ السُّلَمِي وأبو بكر عن عاصم: {مَهْلِكَ أَهْلِهِ} بفتح الميم واللام، وروى حفص عن عاصم:{مَهْلِكَ} بكسر اللام، وقرأ الباقون:{مُهْلَكَ} بضم الميم وفتح اللام، ينظر: السبعة ص 483، إعراب القراءات السبع 2/ 154، 155، الحجة للفارسي 3/ 240، حجة القراءات ص 531، التيسير ص 144، إتحاف فضلاء البشر 2/ 330.

(2)

ويجوز أن يكون الخبر {أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ} كما سيذكر المؤلف بعد قليل، وإذا كانت "كان" تامة فـ "كيف" في موضع نصب على الحال، ينظر: معاني القرآن وإعرابه 4/ 124، إعراب القرآن 3/ 215، 216، مشكل إعراب القرآن 2/ 151.

(3)

قرأ عاصم وحمزة والكسائي ويعقوب وخلف والحسن والأعمش وابن أَبي إسحاق: =

ص: 460

وجهان، أحدهما: أن يكون {أَنَّا} في محل الرفع رَدًّا على العاقبة

(1)

، والثاني: النصب على خبر {كَانَ} ، تقديره: كان عاقبةُ مكرهم التدميرَ، واختار أبو عُبيد هذه القراءة؛ اعتبارًا لحرف أُبَيٍّ:{أَنْ دَمَّرْنَاهُمْ} ، وقرأ الباقون:{إِنَّا} بكسر الألف على الابتداء.

قوله: {فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً} يعني: خَرِبةً، قرأه العامة بالنصب على الحال، وقال الفرَّاء والكسَّائي وأبو عُبيدة

(2)

: على القطع، مجازه: فتلك بيوتهم الخاويةُ، فلما قُطِعَ عن الألف واللام نصب، كقوله تعالى:{وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا}

(3)

، وقرأ عيسى بن عمر:{خَاوِيَةٌ} بالرَّفع

(4)

على الخبر.

قوله تعالى: {وَلُوطًا} ؛ أي: واذكر لوطًا {إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ} وهي: الفِعْلةُ القبيحة الشَّنيعة {وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ (54)} قيل: كانوا يَرَوْنَ بعضُهم بعضًا، وكانوا لا يستترون، عُتُوًّا منهم وتَمَرُّدًا.

= {أَنَّا} بفتح الهمزة، وقرأ أُبَيٌّ وحده:{أَنْ دَمَّرْنَاهُمْ} ، وقرأ الباقون:{إِنَّا} بكسر الهمزة، ينظر: السبعة ص 483، 484، إعراب القراءات السبع 2/ 156، حجة القراءات ص 532، التيسير ص 168، تفسير القرطبي 13/ 217، البحر المحيط 7/ 82، الإتحاف 2/ 330.

(1)

يعني أنه بدل من العاقبة، وفيه وجوه أخرى تنظر في معاني القرآن للفرَّاء 2/ 296، معاني القرآن وإعرابه 4/ 124، إعراب القرآن 3/ 215، 216، الفريد للهمدانِيِّ 3/ 689، 690، البحر المحيط 7/ 82، الدر المصون 5/ 320.

(2)

لم أقف على قول الفرَّاء في المعانِي، ولا على قول أبي عبيدة في المَجاز، وإنما حكى الثعلبيُّ قول ثلاثتهم في الكشف والبيان 7/ 217، وينظر: تفسير القرطبي 13/ 218. على أن مصطلح القطع عند الكوفيين مرادف لِمصطلح الحال عند البصريين، فهما يطلقان على معنًى واحد، ينظر: مصطلحات النحو الكوفِي ص 57 - 60.

(3)

النحل 52.

(4)

قرأ بالرَّفع أيضًا: نصر بن عاصم وعاصمٌ الجحدريُّ، ينظر: مختصر ابن خالويه ص 111، تفسير القرطبي 13/ 218، البحر المحيط 7/ 82.

ص: 461

قوله تعالى: {فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ} قد مضى ذِكْرُ نظيره وتفسيره، وكذلك مضى ذكر نظير الآيتَيْن قبلَها فِي سورة الأعراف

(1)

، فأغنى عن الإعادة هاهنا، إذ المعنى واحد.

قوله عز وجل: {قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى} قيل

(2)

: الخطاب في قوله: {قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ} لِلُوطٍ عليه السلام، وقيل

(3)

: لمحمد صلى الله عليه وسلم، و {الَّذِينَ اصْطَفَى} قيل: هم الأنبياء عليهم السلام، وقيل: أصحاب محمد عليه السلام، وقيل: هم أُمَّتُهُ اصطفاهم اللَّه لمعرفته وطاعته، ومعنى السلامِ عليهم: أنهم سَلِموا ممّا عذب اللَّه به الكفار.

ثم قال إلزامًا للحُجة: {آللَّهُ خَيْرٌ} القراءة به ممدودة، وكذلك كل استفهام لَقِيَهُ أَلِفُ وَصْلٍ

(4)

، مثلَ قوله:{آلذَّكَرَيْنِ}

(5)

و {آلْآنَ}

(6)

، جُعِلَتِ المَدّةُ عَلَمًا بين الاستفهام والخبر، وذلك أنهم لو قالوا: اللَّهُ خيرٌ، بلا

(1)

الأعراف 80 - 84، وهي في القسم المفقود من هذا الكتاب.

(2)

قاله الفرَّاء في معاني القرآن 2/ 297، وينظر: تفسير القرطبي 13/ 220.

(3)

قاله أكثر العلماء، قال النَّحاس:"وهذا أَوْلَى؛ لأن القرآن منزل على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، وكل ما فيه فهو مخاطب به، عليه السلام، إلّا ما لم يصح معناه إلا بغيره". إعراب القرآن 3/ 217، وينظر: جامع البيان 20/ 4، الكشف والبيان 7/ 218، المحرر الوجيز 4/ 266، تفسير القرطبي 13/ 220.

(4)

ليس كُلُّ أَلِفِ استفهام بعده ألفُ وَصْل يُمَدُّ كما قال المؤلف، وينظر: معاني القرآن للفرَّاء 2/ 354، معاني القرآن للأخفش ص 7، 8، إيضاح الوقف والابتداء ص 191 - 193.

(5)

قوله تعالى: {قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ} . الأنعام 143، 144.

(6)

في قوله تعالى: {آلْآنَ وَقَدْ كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ} . يونس 51، وقوله:{آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ} . يونس 91.

ص: 462

مَدٍّ، لالتبس الاستفهامُ بالخبر، وأنشد الفراء

(1)

:

83 -

آلْحَقُّ إِنْ دارُ الرَّبابِ تباعَدَتْ

أوِ انْبَتَّ حَبْلٌ أنَّ قلبَكَ طائِرُ

(2)

وقوله: {أَمّا تُشْركُونَ (59)} محَلُّه: رفع عطف على {آللَّهُ} ، وهو جواب استفهام {آللَّهُ} ، أو {أَمْ} بمعنى: ألف الاستفهام؛ أي: أهو خيرٌ أم ما تشركون؟، وكذلك في سائر الآيات.

ومعنى الآية: آللَّهُ الذي صنع هذه الأشياءَ خيرٌ أم ما تشركون يا أهل مكة من الأصنام؟ أي: آللَّه خير لِمَن عَبَدَهُ أم الأصنامُ لِعُبّادِها؟ وهذا إلزامٌ بالحجة على المشركين.

قرأ عاصم وأهل البصرة: {يُشْرِكُونَ} بالياء، وقرأ الباقون بالتاء

(3)

، ولا خلاف في الثانِي أنه بالياء

(4)

، وكان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم إذا قرأ هذه الآية قال:"بل اللَّهُ خَيْرٌ وأبقى وأَجَلُّ وأَكْرَمُ"

(5)

.

(1)

إنشاد الفرَّاء حكاه ابن الأنباري في إيضاح الوقف والابتداء ص 193، وليس البيت في معاني القرآن للفرَّاء.

(2)

البيت من الطويل، لعمر بن أَبي ربيعة، ونُسِبَ لجميل بثينة، ولكُثَيِّرِ عَزّةَ، وهو في دواوينهم، وروايته في ديوان عمر:

أَحَقًّا لَئِنْ دارُ الرَّبابِ تَباعَدَتْ

اللغة: انْبَتَّ: انقطع، طار القلب: فَزِعَ وذُعِرَ.

التخريج: ديوان عمر بن أبي ربيعة 1/ 124، ديوان جميل بثينة ص 47، ديوان كثير عزة ص 131، الكتاب 3/ 136، شرح التسهيل لابن مالك 3/ 467، خزانة الأدب 10/ 277.

(3)

ينظر: إعراب القراءات السبع 2/ 159، حجة القراءات ص 533، البحر المحيط 7/ 84، الإتحاف 2/ 332.

(4)

يعني قوله تعالى: {تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} ، على أن أبا حيان نَصَّ على أن بعضهم قرأ:{تُشْرِكُونَ} بالتاء، ينظر: البحر المحيط 7/ 86.

(5)

ينظر: الكشاف 3/ 154، عين المعاني ورقة 97/ أ، تفسير القرطبي 13/ 221.

ص: 463

قوله تعالى: {أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ} قال أبو حاتم

(1)

: فيه إضمارٌ، كأنه قال: أآالِهَتُكُم خيرٌ أم الذي خلق السماوات والأرض

(2)

؛ {وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ} يعني: بساتين، جمع: حديقة، {ذَاتَ بَهْجَةٍ}: بدلٌ من {حَدَائِقَ} -أي: ذاتَ منظر حسن، وقيل:{ذَاتَ} نعت لـ {حَدَائِقَ} ، والبهجة: الحُسْنُ يَبْتَهِجُ به من رآه، قال الفراء

(3)

: الحديقة: البستان المُحاطُ عليه، فإن لم يكن عليه حائط فليس بحديقة.

وقوله: {مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا} ؛ أي: ما ينبغي لكم ذلك؛ لأنكم لا تقدرون عليها، ومحل "أَنْ": رفع اسم "كان".

ثم قال مستفهمًا منكرًا عليهم: {أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ} ؛ أي: هل معه معبودٌ سواه، وهو رفع بالابتداء حيث كان

(4)

، {بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ (60)} ابتداء وخبر؛ أي: يشركون باللَّه غيرَه، يعني: كفار مكة.

قوله تعالى: {أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ} ؛ أي: يرشدكم إلى مقاصدكم {فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ (63)} يعني: قُدّامَ

(1)

هو: سهل بن محمد بن عثمان الجشمي، أبو حاتم السجستاني، نحوي لغوي عروضي مقرئ، روى عن أبِي زيد وأبِي عبيد والأصمعي، وأخذ عنه المبرد وابن دريد، توفي بالبصرة سنة (248 هـ)، من كتبه: اختلاف المصاحف، إعراب القرآن، القراءات. [إنباه الرواة 2/ 58 - 64، بغية الوعاة 1/ 606، الأعلام 3/ 143].

(2)

ينظر قول أبِي حاتم في الكشف والبيان 7/ 219، تفسير القرطبي 13/ 221.

(3)

معاني القرآن 2/ 297.

(4)

يعني: حيث كان في هذه الآيات، ويجوز النصب في مثله فِي غير القرآن، وقد قُرِئَ به كما ذكر الزمخشري، والنصب على معنى: أَتَدْعُونَ إِلَهًا؟ ينظر: الكشاف 3/ 155، الفريد 3/ 693 البحر 7/ 85، الدر المصون 5/ 223.

ص: 464